دمشق: أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
رغم أن اليمن «المقاوم» أعلن مرات عديدة، قبل معركة «طوفان الأقصى»، أنه سيكون من ضمن ساحات التصدي للعدو الصهيوني، في أي مواجهة معه، أو في أي عدوان يشنه على الشعب الفلسطيني، أو على أي جبهة أخرى، لكن تنفيذ الوعد اليمني، مع عملية «طوفان الأقصى»، كان له وقع وصدى، وتأثير كبير، على تطورات الصراع مع العدو الصهيوني، وفي المنطقة ككل.
فالمشاركة اليمنية في التصدي للعدوان، عبر توجيه الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة، إلى أهداف داخل فلسطين المحتلة، والسيطرة على سفينة شحن صهيونية، وضرب سفن صهيونية وأمريكية أخرى، أحدث الكثير من التغيرات، في موازين القوى والقوة في المنطقة، لأن آثارها الاستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية، تتجاوز بكثير النتائج المادية لهذه العمليات، وهذه النتائج لا تقتصر على  العدو الصهيوني فقط، وإنما تطال العدو الأمريكي، وتؤثر حتى على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية، في الصراع الجاري، لتحديد موازين القوى والقوة، الإقليمية والعالمية، في المنظومة الدولية، التي تتشكل، على الساخن والبارد، والتي ستنقل العالم، من عالم القطب الواحد، برأسه الأمريكي الفاسد، الذي ملأ العالم حروبا ودماء ودماراً، إلى عالم متعدد الأقطاب، يكون أكثر احتراما لاستقلال الدول، وحرية شعوبها في بناء مستقبلها.
ولأن سورية، ليست فقط في قلب محور المقاومة، وإنما عموده الفقري، وهي التي تزود فصائل المقاومة، بالسلاح الذي تواجه به العدو الصهيوني، فهي معنية بالدور اليمني في هذا الصراع.
وإذا كان حجم وشكل المشاركة السورية، في عملية «طوفان الأقصى»، أو في التصدي للتواجد الأمريكي غير الشرعي في سورية، وفي عموم المنطقة، مرتبطا بقرار غرفة عمليات المقاومة، لكنها هي في قلب هذا الصراع، ونقطة قوته الرئيسية.
صحيفة «لا» استطلعت آراء عدد من الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين السوريين، للوقوف على الموقف السوري، ورأي الشارع السوري، من المشاركة اليمنية في معركة «طوفان الأقصى»، وفي التصدي للعدوان الصهيوني، وصولاً إلى اقتلاعه من جذوره، وفي التأثيرات الجيوسياسية للدور اليمني.

أهمية عسكرية واستراتيجية
المحلل العسكري والاستراتيجي العميد الركن المتقاعد هيثم حسون يقول: «رغم الأهمية الكبيرة لدخول اليمن، على ساحة الصراع مع العدو الإسرائيلي، من الناحية العسكرية المباشرة، إلا أن نتائج تلك المساهمة، تتخطى ساحة الميدان العسكري، لتعيد صياغة المشهد، في كامل منطقة غرب آسيا، والخليج العربي، وتخلط الأوراق، بالنسبة لموازين القوى، في الممرات البحرية الهامة، في باب المندب، والخليج العربي، والبحر الأحمر».
ويعدد العميد حسون، مجموعة من الجزئيات الهامة، التي تسهم في بناء المشهد الكلي، للمشاركة اليمنية في «طوفان الأقصى» وأهمها:
- تأكيد فشل العدوان، السعودي الأمريكي الصهيوني، في تحقيق أهدافه الجيوسياسية لليمن، والتحكم ببناء مؤسساته.
- عودة اليمن، ليلعب دوراً مهماً في السيطرة على الممرات البحرية الحيوية، وذات التأثير الكبير على الاقتصاد العالمي، والتي كانت أحد أسباب الحرب على اليمن.
- ترسيخ دور ومكانة اليمن، كعنصر مهم وفاعل في محور مقاومة الغطرسة الأمريكية، والعدوانية الصهيونية، والعمالة التي تمارسها أنظمة عربية.
- التأكيد على الانتماء العروبي النقي للشعب والقيادة اليمنية، وفشل محاولات عزل اليمن، وإبعاده عن قضايا العرب وتحديداً فلسطين.
- ظهور حدود القوة المبالغ بها، للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وسقوط فكرة الردع، التي كان العدو يعتقد أنه يمتلكها، في ساحة مهمة، مجاورة للخليج، وقريبة من إيران، ومشرفة على جزء مهم من طرق التجارة العالمية البحرية.
- إسقاط مشروع صهينة الخليج العربي، من خلال إظهار حدود القوة الهزيلة للكيان الصهيوني، غير القادر على حماية وسائط نقله البحرية.
- توجيه ضربة قوية، لمسار التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكشف ما تبقى من مكامن العري التي حاولت بعض الأنظمة المطبعة إخفاءها.
- وضع قواعد اشتباك، تراعي مصلحة الشعب اليمني، والقضية الفلسطينية، وفرضها بالقوة على العدو الصهيوني والأمريكي.
ويختم العميد حسون بالقول: «كل ذلك يضع القيادة الصهيونية، السياسية والعسكرية، في حالة حرج شديد أمام جبهتها الداخلية، ويؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الصهيوني، الذي يعاني ما يعانيه بسبب الحرب، ليُضاف إليها نتائج إغلاق الممرات البحرية وتوقف حركة سفنه في البحر الأحمر وباب المندب، والخليج».

أول من جسد شعار «وحدة الساحات»
الدكتور حسام الدين خلاصي الأستاذ في جامعة تشرين، ورئيس الأمانة العامة للثوابت الوطنية في سورية، يرى أن اليمن قدمت سابقاً في تصديها للعدوان، الذي شن عليها من قبل تحالف إرهابي، مثالاً في الدفاع عن السيادة، وقوة القرار، ولجمت هذه العنجهية بقوة، وفرضت معادلتها الوطنية.
واليوم يقف اليمن، ببسالة مع الشعب الفلسطيني، وبدون أدنى تردد، بالفعل والقول، متوعداً القوى العظمى، الداعمة للكيان الصهيوني بمزيد من التصعيد، بضربات نوعية استهدفت الكيان وحلفاءه، وبتهديد صريح لتوسيع الاستهداف في حال الاستمرار بالعدوان على غزة.
وعند الحديث عن وحدة الساحات، كان اليمن من أول المطبقين لهذا النداء المقاوم، ووضع كل طاقته في خدمة الشعب الفلسطيني، في مؤشر واضح على تلاحم المسار اليمني والفلسطيني ضد همجية الكيان الصهيوني.
وفي الختام يؤكد الدكتور خلاصي، أن لليمن خصوصية عقائدية، تجعل الاستشهاد ونصرة المظلوم فوق كل اعتبار، ومن هنا ينبع مصدر القوة للفعل اليمني، الذي عرى الأنظمة العربية الشريكة في العدوان على الشعب الفلسطيني.

دور تاريخي في نصرة الحق والقيم
د. سمير أبو صالح، الباحث الإعلامي، والمختص في الصراعات الدولية، والإعلام المضاد، وهو ابن الجولان السوري المحتل، وأمضى عدة سنوات أسيراً في سجون الاحتلال الصهيوني، ينظر إلى الموضوع من زاوية تاريخية ووجدانية ويقول: «عندما امتشق الإنسان اليمني سيف الحق منذ آلاف السنوات، وبنى حضارته الأكثر أصالة وتأثيرا إيجابيا على مسار الإنسان عموما، ومنطقتنا خصوصا، منذ تلك الحقب الموغلة في التاريخ، كان لليمن العظيم بصمات حفرت عميقا في تاريخ المنطقة والعالم، ولعلنا في هذا الإطار، نقف عند دور هذا الشعب، وتلك الجغرافيا، في نصرة الحق والقيم، دفاعا عن الإنسانية، وليس فقط عن الأقربين نسبا أو دينيا، ولذلك نسأل سؤال العارف، ما الذي دفع بثورة اليمن العظيم، وبثوارها الأعظم، ليمتشقوا نفس ذاك السيف، الذي امتشقه أجدادهم، منذ آلاف السنين، نصرة لغزة هاشم؟ نعم، إنها الحقيقة بكل معانيها القيمية والأخلاقية والإيمانية، هي تلك التي تقف وراء هذا الموقف الثوري للشعب الذي طافت عطاءاته من سد مأرب، لتصل ناراً ونوراً، وتتحد مع طوفان القداسة، وذلك بالرغم من أن يمننا شعبا ودولة وثورة ما لبثوا يصارعون الشيطان الأكبر وأدواته في منطقتنا وخارجها، وهم يدعون تحالفات جهنمية تحت مسميات براقة، ولكنهم خابوا وتاهوا وتعروا بقوة الله وبقوة سيف الحق اليمني».
ويخاطب د. أبو صالح الشعب اليمني قائلاً: «ما أجملكم، وأنتم ترسلون قبلاتكم، الى إخوتكم من شعب فلسطين، على أثير صواريخكم المباركة، لتهبط قوة، وعنفوانا ودمارا، على رؤوس أعداء الأمة، من الصهاينة، وحماتهم من الأمريكيين والأوروبيين، وزبائنهم من الأعراب. وما أجملكم يا أبطال ثورة اليمن، وأنتم تشاركون في حرب مقدسة، ضد عدو الله والإنسان، في وقت بعض الأعراب مازالوا يسبحون في بترولهم الأسود كقلوبهم، مكتنزين المزيد من ذهبيات، يتغير بريقها، لمجرد تسليمها لهم، وجمعها في خزائن بنوك الشيطان الأكبر. ما أجملكم، وأنتم تتشاركون مع أبناء الحياة من أمتكم، في صناعة النصر العظيم، مع حلف المقاومة، وتدكون بصواريخكم، وعزيمة إرادتكم، حصون الطغاة، وتتطلعون وأنتم قادرون، على إيصال قوتكم، ووهج إيمانكم، الى ما هو أبعد، وقد فعلتم، عقابا للخارجين المأجورين، في عواصم قريبة وبعيدة».