دمشق - حاوره:أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
العميد المتقاعد هيثم حسون، من المحللين العسكريين والاستراتيجيين الذين برزوا على الساحة الإعلامية السورية والعربية، خلال الحرب العدوانية على سورية، خاصة وأنه كان في الخدمة العسكرية عندما بدأ العدوان على سورية عام 2011 فشارك في ردع العدوان، والحرب ضد الإرهاب، حتى تسريحه من الخدمة العسكرية عام 2015.
كما شارك سابقاً في عمليات الجيش العربي السوري في لبنان، مما أعطاه تجربة غنية، وميزة خاصة، في رؤيته للواقع الميداني والعسكري والسياسي للملف السوري، كمقاتل وكمراقب.
تطوع في الجيش العربي السوري عام 1983 ودرس في الكلية الحربية، وحصل على شهادة ماجستير في العلوم العسكرية، من الأكاديمية العسكرية العليا، وعمل في تشكيلات مختلفة في الجيش العربي السوري، وتسلم قيادة فوج النقل الاستراتيجي في الجيش العربي السوري، كما عمل مدرساً في الأكاديمية العسكرية العليا للجيش.
صحيفة «لا» التقت العميد هيثم حسون في دمشق للوقوف على رأيه في التطورات العسكرية التي يشهدها الميدان السوري خصوصاً وفي المنطقة عموماً.

أهداف اقتصادية وسياسية للاحتلال
 سيادة العميد هيثم حسون.. التساؤل اليوم حول الوضع في شمال شرق سورية، ليس هل تقع الحرب، وإنما متى ستقع؟ هل أنت مع هذا الرأي أم أن لك تقديرا آخر؟
ما يجري الآن في الشمال السوري، هو عبارة عن تبادل رسائل التهديد والإنذار، بين قوات الاحتلال الأمريكي، والجانبين الروسي والسوري.
فالولايات المتحدة تريد الحفاظ على حالة التوتر والضغط الأقصى على سورية، عسكرياً وأمنياً، من خلال إبقاء الاحتلال للأرض السورية، ودعم المليشيات الكردية الانفصالية، ونشر ودعم مجموعات «داعش» الإرهابية في البادية السورية، وإنشاء مجموعات إرهابية جديدة، باسم جيش تحرير سوريا.
واقتصادياً من خلال الاستمرار في نهب الثروات السورية النفطية والغازية والمحاصيل الزراعية، والتنسيق مع تركيا لقطع مياه الشرب، وتخفيض الوارد من مياه الفرات ودجلة، وتقوية الحصار على سورية، من خلال الحدود البرية مع العراق والأردن ولبنان.
بالتأكيد هناك أهداف سياسية، تشمل محاولة إغلاق الحدود السورية مع العراق، وبالتالي مع إيران ولبنان وفلسطين المحتلة.

اللعب على حافة الهاوية
  بعد هذا الكلام هل ترى حرباً في المدى المنظور في المنطقة؟ وكيف هي موازين القوى؟
أعتقد أن احتمال نشوب حرب غير ممكن في المديين القريب والمتوسط، فالوضع الحالي يخدم أهداف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا أخطار تتعرض لها قواتها، ولا تدفع ثمن الاحتلال مادياً أو عسكرياً، وهي تتحكم بمسار الأحداث في المنطقة الشرقية، وبنقاط تلاقي الحدود السورية مع تركيا والعراق والأردن، بالإضافة لإبقاء سورية ساحة تبادل رسائل مع روسيا والصين وإيران.
أما الجانب الآخر، فسورية منفردةً غير قادرة على شن حرب ضد قوات الاحتلال الأمريكية، والتركية، والمنظمات الإرهابية.
وأصدقاء سورية غير جاهزين للاشتراك في أي معركة، حيث روسيا منشغلة بحربها في أوكرانيا، وإيران تحاول مقاومة الضغوط الاقتصادية والسياسية الأمريكية والغربية عليها، والروسي والأمريكي في هذه المرحلة يلعبان على حافة الهاوية، مع تجنب الوصول للدفع باتجاه الهاوية.

«قسد» حمولة زائدة
هناك من يقول إن «قسد» تؤكد أنها لن تتواجه مع الجيش السوري، فيما لو شنت الحرب، وهناك من يقول إن مجموعات مسلحة أخرى تقول ذلك، فما هي معلوماتكم حول هذا الموضوع؟
تنظيم «قسد الإرهابية»، وورقة بيد الأمريكي، وعدم الاشتباك مع الجيش السوري، لا يرجع لأخلاقيات ذلك التنظيم، وانتمائه، وإنما لرغبة القيادة السورية في إبقاء خيط وصل مع الديموغرافيا الكردية، التي تتحكم بمصيرها تلك المليشيات، ولقناعة تلك المليشيات أن الأمريكي سيرميها كحمولة زائدة عند أول مواجهة.

ترابط جبهات المقاومة
 برأيك كيف سيكون تأثير أي حرب في شمال شرق سورية على بقية نقاط الاشتباك في المنطقة وخاصة في اليمن؟
أي اشتباك في أي نقطة، يؤثر على باقي النقاط في المنطقة، وهذا أمر حتمي، لأن العدو واحد، ومصدر التهديد ذاته، وبالتالي هزيمة الولايات المتحدة في سورية، سيكون لها نتائج إيجابية على كل الجبهات، وتحديداً الجبهة اليمنية، التي ستكون ساحة المواجهة التالية، ويكون أثر الهزيمة ومفاعيلها قد فعلت فعلها، لدى صانعي القرار في واشنطن.

تشابه بين حالتي مأرب وإدلب
 برأيك هل أخطأ الإخوة اليمنيون بوقف معركة تحرير مأرب قبل إنجازها؟ مع العلم أنها كانت قاب قوسين أو أدنى.. وهو ما ينطبق على الوضع في سورية عندما توقف الجيش السوري عن تحرير إدلب، وكانت في متناول يده!
لا يمكن الحديث عن أخطاء في القرار أو الفعل، فما حصل هو حاصل تقدير موقف من القيادة اليمنية في موضوع مأرب، والسورية في حالة إدلب، وتلك القرارات هي انعكاس لموازين القوى.
وعندما نتحدث عن معركة تحرير إدلب، فقد دخلت تركيا المعركة بكل قواتها، ما أدى لتغير موازين القوى، وتردد أصدقاء سورية الذين تربطهم بتركيا علاقات مصالح واسعة، وهذا ما دفع القيادة للتوقف على الخطوط التي وصلت إليها، وأعتقد أن شيئاً مشابهاً قد حصل في اليمن.
 
لاتزال ذات نفوذ
 برأيك هل يمكن أن نشاهد قريباً منطقة بدون الأمريكيين.. أم أن الأمريكيين سيكون لهم رأي آخر ويحققون ما يخططون له؟
طرد الولايات المتحدة وإخراجها من المنطقة، هنا يجب أن نتحدث بالواقع وليس الأمنيات. فالولايات المتحدة رغم خسارتها بعض نفوذها، إلا أنها مازالت تمتلك نقاط قوة متعددة، تتمثل بالقواعد العسكرية، والسطوة السياسية على قرار معظم أنظمة دول المنطقة، ومازالت القوة العسكرية والاقتصادية الأكبر في العالم، بالرغم من ظهور مؤشرات على حصول تغيرات في كل تلك المعايير أو معظمها.