بشرى الغيلي / لا ميديا -
مع بدايةِ كل عامٍ دراسي تزداد معاناة أولياء أمور الطلاب بتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، والتي يلجأ إليها الكثير بسبب أن المدارس الحكومية لم تعد منضبطة بالتدريس، أو عدم وجود مدرسي مواد معينة في ظل انعدامِ المرتبات المقطوعة، فيلجؤوا لتسجيلهم وإلحاقهم بتلك المدارس الأهلية، 
إلا أن أغلبية من شاركوا معنا في هذا الاستطلاع أكدوا أنها صارت مجرد دكاكين للتجارة واستفزاز مشاعر الفقراء الذين لا يستطيعون توفير رغيف الخبز، ما بالك بتلك الرسوم المُبالغ فيها.. الكثير من التفاصيل ضمن السياق التالي:

أين الرقابة؟
بداية مع هاشم العماد الذي وضع نقاطا مهمة على الحروف، وقال: “كل المدارس الخاصة رفعت الرسوم وبشكل كبير، بالذات المدارس الثانوية، ثانياً بعض المدارس الخاصة فتحوا التسجيل قبل الموعد المحدد برسوم عالية، وعندما جاء وقت التسجيل الرسمي نزلوا رسوما محددة لكل مدرسة خاصة من قبل مكتب التربية بالأمانة، ولكن للأسف أصروا على الرسوم المحددة من إدارات المدارس الخاصة، وقاموا بالتسجيل قبل الموعد الرسمي”.
وتساءل العماد: “أين الرقابة على المدارس الخاصة؟!”. وأضاف: “صحيح أن المدارس الخاصة تود أن تثبت جدارتها بسبب انعدام التدريس في المدارس الحكومية، وأيضا بسبب انعدام المرتبات، والكثير من أولياء الأمور لجؤوا إليها مضطرين لهذه الأسباب، ولكن الكثير من أولياء الأمور ليس لديهم قدرة على دفع الرسوم المكلفة والتي لا تحتملها أوضاعهم المعيشية الصعبة”.

استفزاز مشاعر الفقراء
أميرة المقطري، تعبر عن رأيها حول رفع الرسوم في المدارس الخاصة بالقول: “تلك المدارس لم تفتح أبوابها بغرض التعليم، وإنما أصبحت دكاكين للتجارة واستفزاز مشاعر الفقراء الذين لا يستطيعون دفع تلك الرسوم الباهظة، وللأسف حتى المدارس الحكومية صارت ترفع رسوم التسجيل من 500 ريال إلى 8000 ريال، وجميعنا نعيش أوضاعا اقتصادية وحصارا”.
واختتمت مداخلتها: “نتمنى أن تصل أصوات معاناتنا إلى وزارة التربية وأن يعيدوا هيبة التعليم الرسمي بدلا من الاستغلال الذي يحدث لنا من قبل هذه المدارس التجارية التي ليس لها هم سوى كيف تجمع الأموال في ظل أزمات أهلكت الجميع”.

من أمن العقوبة أساء الأدب
وتحدث عصام الخالد، مستشار مكتب التربية بأمانة العاصمة، لـ”لا” بالقول: “بداية دعونا نسترجع المثل القائل: من أمن العقوبة أساء الأدب.. هذا ما ينطبق على معظم المدارس الأهلية المخالفة والتي بعضها تكرر المخالفة كل عام، لأنه وبكل اختصار لم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضدها من أول مخالفة حتى تكون لها ولغيرها رادعا لأنه كما يقولون: رأس المال جبان.. ولهذا وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من التفشي لظاهرة ارتفاع الأسعار دون قانون”.
ويضيف الخالد: “أيضا قلة الوعي المجتمعي في رفض أي تجاوز أو مخالفة من أي مدرسة ويكون هناك وعي من أولياء الأمور بأن يتم الإبلاغ عن المدارس المخالفة، هذا العام خرج الوضع عن السيطرة من بعض المدارس ورفعت الرسوم إلى مستوى خيالي تجاوز لدى البعض مائة ألف ريال وأكثر، هذا الوضع جعل مكتب التربية بأمانة العاصمة يتعامل بحزم تجاه بعض هذه المدارس إلا أن هذه الإجراءات لا ترتقي إلى المستوى المطلوب من جعل بعض هذه المدارس عبرة لغيرها وذلك من خلال الإغلاق وسحب التراخيص. وفي كل الأحوال نحن ننتظر ماذا سيتم من إجراءات في الأيام القليلة القادمة”.

مصادر للموارد المالية
كما تحدث أيضا لـ”لا” مصطفى أحمد المروني، مستشار وزارة التربية والتعليم قائلا: “كنا نتمنى أن تصحو ضمائر بعض ملاك المدارس الأهلية الذين جعلوا من هذه المرافق مصادر مالية وتحقيق مصالحهم الشخصية متناسين أو متجاهلين الهدف الذي من أجله فتحت هذه المدارس والمتمثل في تقديم الأفضل من مخرجات العملية التعليمية والتربوية، لكن للأسف الشديد فقد حادت بعض هذه المدارس عن تلك الغاية النبيلة من خلال الكذب والتضليل الذي يمارسه ملاكها، وعدم التزامهم بالقرار الوزاري، وهو ما يعد مؤشرا على أن هناك الكثير من الاختلالات والتقصير والتفريط، بل والأنانية المسيطرة على نفوس بعض مدراء المدارس”.

العمل بجد وتصحيح الأخطاء
وتساءل المروني: “ما يمنع الإخوة مدراء المناطق التعليمية من أن يقوموا بواجبهم في متابعة تنفيذ القرار الوزاري والتخفيف من معاناة الناس من خلال المتابعة المستمرة وكشف التلاعب والتضليل؟ إذ بإمكانهم استخدام أكثر من وسيلة وطريقة للوصول إلى الحقيقة والعمل بجد وإخلاص لتصحيح الأخطاء سواء بإغلاق المدارس المخالفة والمتلاعبة أو بتصحيح وضعها حسب المعايير والقرار الوزاري، كما نتساءل ما الذي يمنع من تحفيز وتكريم المدارس الملتزمة بالقرارات والمبادرة والمتجاوبة التي تراعي ظروف الناس وتقدم تعليما بجودة أفضل؟”.

ضمير غائب
ختم بقوله: “لكن للأسف الشديد لايزال الضمير غائبا لدى الكثير دون إحساس وشعور بمعاناة المواطن، ونود أن نؤكد لهؤلاء المسؤولين أن عليهم القيام بواجبهم ومسؤوليتهم على أكمل وجه دون تهاون وخصوصا فى هذا الوضع الاستثنائي وفى حال عدم قدرتهم فأرى أن الأشرف لهم أن يقدموا استقالتهم لإتاحة الفرصة لمن هو أفضل”.
ودعا المروني قيادة الدولة والحكومة إلى ترك مساحة للإعلام الرسمي والوطني كي يقوم بوظيفته ودوره في خدمة قضايا الناس وفضح الفساد والفاسدين وفضح الاختلالات والعمل بشفافية وحياد “على الأقل لمعرفة مكامن الخلل وإصلاحه وكلٌ من موقعه مسؤول”.

المدارس الخاصة ترفض التصريح
حاولنا التواصل مع مدراء المدارس الخاصة ومعرفة أسباب رفع الرسوم وطرح مبرراتهم إن كان لديهم مبررات، رغم وجود تعميم وزاري رسمي، إلا أن ردودهم كانت “لدينا توجيهات عليا بعدم التصريح لأي وسائل إعلامية” أو “هاتوا لنا تصريحات من الوزارة”.. إلى آخر تلك الردود المتنصلة من توضيح الحقيقة للرأي العام.

شكاوى كثيرة
ولمعرفة رأي المختصين في قطاع التعليم الأهلي بالوزارة تواصلت “لا” مع وليد أحمد العميسي، نائب مدير إدارة التعليم الأهلي والخاص بمكتب التربية في محافظة صنعاء، والذي تحدث قائلاً: “في البداية نرحب بصحيفة “لا” وطرحها هذا الموضوع، طبعاً عند بداية كل عام دراسي تزداد شكاوى أولياء أمور الطلاب في هذه الفترة لعملية القيد والتسجيل والضغط الحاصل للزيادة المستمرة في الكثافة الطلابية للمدارس الأهلية في مديريات الطوق محافظة صنعاء ونحن في إدارة التعليم الأهلي عملنا ومن وقت مبكر وقبل بداية العام الدراسي بتعميم الضوابط والتعليمات والإجراءات المنظمة لعمل مدارس التعليم الأهلي بالمحافظة عطفا على القرار الوزاري رقم 178 لسنة 1443، وتفعيلا للإشراف والرقابة المستمرة لعمل المدارس الأهلية”.

غرفة عمليات خاصة
ومن ضمن النقاط التي قامت بها الوزارة بحسب العميسي: “إيجاد غرفة عمليات خاصة تتلقى جميع الشكاوى من الإخوة أولياء أمور الطلاب على أرقام عمليات المكتب (77767756 و770900006)، وتكليف لجان رقابية ولجان تقييم وتصنيف على مستوى مدارس التعليم الأهلي بالمحافظة والنزول الميداني إلى كل مدرسة للتأكد من التزام المدارس بالرسوم المحددة والوضع القانوني المرخص لها ولتنفيذ ما ورد في التعميم الوزاري رقم 340 المتعلق بالرسوم الدراسية وتعليق “لوحة الشفافية” الدليل التعريفي للطالب وولي الأمر حسب النموذج الموحد المعمم به من اليوم الأول لعملية القيد والتسجيل في جميع المدارس، وقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المدارس المخالفة”.
وأكد العميسي أنه وبموجب ذلك: “استمر تنفيذ النزول الميداني للمدارس وتعزيز عملية الرقابة لضبط المخالفة منها، وقد تم اتخاذ إجراءات ضد عدد من المدارس بينها إغلاق نتيجة مخالفتها للرسوم الدراسية والوضع القانوني المرخص لها”.
وختم العميسي تصريحه لـ”لا” بالقول: “ندعو جميع أولياء الأمور إلى التواصل بالأرقام المحددة أعلاه والإبلاغ عن أية مخالفة أو زيادة في الرسوم الدراسية لأي مدرسة أهلية، ونحن جاهزون للتجاوب مع أي بلاغ للمواطن وولي أمر الطالب في أي لحظة”.