ليزا جاردنر / لا ميديا -
أجد الحروف اليتيمة تتسكع في أوراقي البيضاء، فتقفز الأحرف لترسم الجروح الملتهبة من رصاص الحروب، لإخماد ثورة الضعفاء على جسدي، ولتسبح حروفي مكبلة بأوجاع جزيرة مثقلة تحت وتر العود المكسور.
قد نتلو القرآن، وندق الأجراس، ونترنم بصمت لنشرب من عبق الخمر المعتق في كؤوس الشوك بنشوة من السكر ولتدق طبول القلوب...! 
نحبو كالأطفال على أطراف مقطوعة، فتنتشلنا أصابع الندم، ونسترق النظرة الشرعية قبل عقد الزواج وقبل الإنجاب...!
سيتخرج الشباب من شركة صناعة السيارات فنجد إطاراتها تبكي، وحزام أمانها الكاذب يضحك ويحكي قصص بطولات جوجل وسيفه البارق!
يا جدتي! هل تعرفين أن ريحانكِ ملأ العالم بالخير؟!
لقد حملت خصيلات شعرك في ذرات أحلام السحاب اليابسة البائسة تحت وطأة رحمة صحراء الربع الخالي.
ألم أخبرك يا جدتي بأني كبرت، وضِعت ولم أقرأ الخريطة، ولم أستشعر حضور أمطار السحاب العقيم، ولم أستمع لأحاديثك عبر أثير يوتيوب...؟!
يا جدتي! لقد جارت علينا الساعات واختفت بعيدا، بعيدا...
فرجاء، لا تجبريني على ارتداء طاقية الإخفاء!
 فنحن العرب جميعنا حفاة عراة.
حتى وإن تواريت أو هربت عن روحي، عن وطني، حتى وإن احتلني من لا يخافكِ يا جدتي ولا يرحم ضعفي، فإنك رغم ذلك ما زلت تحت التراب تنبضين بدقات مسموعة ومثيرة للوجع وللألم، ما زلت تتحسسين الضوء على الأرض المسلوبة؛ أرضنا، أرض اليمن، تدور كجزء من الكرة الأرضية، تدور مثل باقي الدول!
لا عليك أيها القدر؛ فحفنة من القهوة تكفيني! نسائم ريحك ترويني، وغصن الزيتون الذي ينمو في بطني يحقق بعضا من حلمي ويوقظ في أحشائي طعم الخبز ولذة الأمل! 
جدتي! إني أسمع ضجيج الصمت يستعد لانتفاضة الأفكار المزعجة! هل تتذكرين رسالتي القديمة التي حكيت لك فيها قصة بطلة قابعة على كرسي متحرك تناضل لتحرير العالم من كابوس القهر والقمع؟!
لكن يا جدتي العزيزة يبدو أنهم التهموا الأرض ولم يبقوا لي شيئا!
الجميع يتفرج بعين الحكم في مباراة اللاجئين! 
عزيزتي! هات كرتك، هيا لنركض نحو المخيم ونعبر كل الخطوط الحمراء الممنوعة والمحرمة، ونراقص الكلمات المزيفة، ونرتشف منها أنواع الخذلان، ونخلع رداء القومية... وأهرب إليك يا جدتي في المخيم البارد، وأنادي بأعلى صوتي: فكوا الحدود واكسروا القيود وارسموا واقعاً حراً،
واقعاً مراً،
واقعاً حراً...!
هيا يا جدتي لنبحر إلى رحاب الحرية، لنعانق ذاك الحلم وذاك الخيال الخصيب والولاد؛ خيال وطن مقيد ينشد التحرر من الظلم والقهر...
خيال حدود معدومة، ومجلس أمن من حجر...!
ولكن هل يا ترى المجتمع الدولي من البشر؟!

كاتبة إنجليزية من أصول يمنية