اليمن بالحبر الغربي -
تحركت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حصانة سيادية ضد تداعيات الأمر بقتل جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018.
ويعد قرار الحكومة أحدث إشارة إلى أن إدارة بايدن لن تحاسب ابن سلمان على قتل وتقطيع أوصال أحد المقيمين في الولايات المتحدة.
وفي أيلول/ سبتمبر، أصدر ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز أوامر بإعادة تشكيل مجلس الوزراء ليتولى محمد بن سلمان رئاسة مجلس الوزراء، وهو المنصب الذي كان يشغله الملك في العادة. ويبدو أن الدافع الأساسي وراء القرار هو الدعوى القضائية المعلقة في الولايات المتحدة.
ويمكن القول إن الوضع الجديد لولي العهد كرئيس للوزراء يمنحه حصانة سيادية تلقائياً. لكن القرار الأخير كان مخيبا للآمال؛ لأنه يعكس نمطاً لفشل الإدارة الأمريكية في محاسبة ابن سلمان بأي شكل من الأشكال.
وأحبط الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جهود الكونجرس لمعاقبة السلطات السعودية، وسلطت الاحتجاجات العالمية التي أثارها القتل الوحشي لخاشقجي المخاوف الحالية بشأن دور الولايات المتحدة في دعم الحرب الكارثية في اليمن والتي أطلقها بن سلمان عندما كان وزيرا للدفاع في عام 2015.
وبالفعل، أنهى الكونجرس عمليات تزويد المقاتلات السعودية والإماراتية بالوقود في الجو. لكن ترامب استخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرار الكونجرس بشأن سلطات الحرب، الذي كان سينهي كل تورط أمريكي في الحرب التي تقودها السعودية.
وفي البداية، بدا أن بايدن سيعيد التفكير أخيراً في العلاقة الأمريكية السعودية. وكان بايدن قد شن حملة لجعل ابن سلمان منبوذاً بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان. لكن منذ توليه منصبه، أعطى بايدن الأولوية للحفاظ على العلاقات الأمريكية السعودية.
وفي شباط/ فبراير 2021 بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، رفضت إدارة بايدن تحميل ابن سلمان المسؤولية عن مقتل خاشقجي، رغم تقرير للمخابرات خلص إلى أن ابن سلمان هو المسؤول بالفعل.
وفي الآونة الأخيرة، تراجع بايدن عن التزامه المعلن بعدم لقاء ولي العهد عندما سافر إلى جدة في تموز/ يوليو وصافحه على أمل تشجيع المملكة على ضخ المزيد من النفط للسيطرة على الأسعار المرتفعة نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا.
لكن بدلاً من ذلك، أعلن تكتل «أوبك+»، الذي تهيمن عليه الرياض، خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً في تشرين الأول/ أكتوبر. وأثار هذا غضباً في واشنطن، خاصة بين الديمقراطيين، الذين انتابهم القلق على الأغلبية في الكونجرس مع اقتراب الانتخابات النصفية.
ورغم أن الإدارة وعدت في البداية بـ»عواقب» على السعودية، صرح مستشار الأمن القومي لبايدن لاحقاً بأنه سيتم إعادة تقييم العلاقة بطريقة «منهجية واستراتيجية». في غضون ذلك، يبدو أن الغضب الأولي من الكونجرس قد تلاشى، خاصة بعد أن ظهر أداء الديمقراطيين أفضل من المتوقع في الانتخابات النصفية.
لكن هل تم إعادة تأهيل ابن سلمان بالكامل؟ من الناحية النظرية، يمكن لابن سلمان حاليا العودة إلى الولايات المتحدة إذا اختار ذلك، في حين كان السؤال في السابق حول ما إذا كان القيام بذلك سيعرضه لخطر قانوني.
ومع ذلك، لم يعد ابن سلمان إلى المملكة المتحدة بعد، حتى أنه غاب عن جنازة الملكة إليزابيث الثانية، وهو الحدث الذي جذب الملوك وأولياء العهد من جميع الممالك العربية الأخرى.
لكن بشكل عام، يبدو أن معظم العالم قد قرر التغاضي عن مسؤولية ابن سلمان عن جريمة القتل البشعة، ناهيك عن انتهاكاته العديدة الأخرى لحقوق الإنسان. ورغم أن التحرك الأخير للإدارة الأمريكية ليس مفاجئاً، إلا أنه يطرح السؤال: متى تشعر واشنطن أنها مضطرة لإعادة التفكير في علاقتها مع الرياض؟

أنيل شلين 
«ريسبونسبال ستيتكرافت»