أحمد الشريفي / لا ميديا -
استبشر اليمنيون بانطلاق أول رحلة طيران من مطار صنعاء بناء على الهدنة التي شارفت على الانتهاء دون جدوى حقيقية من قبل العدوان للالتزام بها كما ينبغي، واختلفت التوقعات ما بين من يرى أن انطلاق الرحلة 648 قد تكون مؤشرا على تمديد الهدنة ومن ثم مشاورات تفضي إلى حلول مستدامة، وبين من يرى توخي الحذر وعدم الركون إلى هدنة -سبقتها سلسلة من المغالطات والمكائد السياسية لدول العدوان- وذلك خشية من نقض تحالف العدوان كما هو ديدنه مع كل مبادرة أو هدنة.
صحيفة «لا» استطلت آراء نخبة من السياسيين والأحزاب لمعرفة آرائهم حول انطلاق أول رحلة لطيران اليمنية تحمل رقم 648 بعد سنوات طويلة من إغلاق مطار صنعاء.. وكانت الحصيلة كالتالي:

إعادة ترتيب أوراق العدوان
بداية يقول الرئيس الدوري لأحزاب المشترك والوزير في حكومة الإنقاذ محمد الزبيري: «إن هذه الهدنة ليست نهاية الحرب وقد اقتضتها ظروف موضوعية للعدوان أولها الضربة الصاروخية وضربات الطائرات العسكرية اليمنية والقدرات الاستخبارية في تحديد المواقع المراد استهدافها وعدم قدرة العدوان على التصدي لها والتي على إثرها أدرك تحالف العدوان أن الاستمرار في العدوان سيعرض منشآته الاقتصادية للضرر الكبير، لهذا كان لا بد له من البحث عن مخرج يبيض وجهه ويحافظ على سمعته فكانت الهدنة التي رأى فيها الطريقة الأمثل لإعادة ترتيب أوراقه مستفيدا من الزمن، وقد كان أحد المخرجات هو تجميع قواه وعقد اجتماع الرياض لتشكيل مجلس القيادة ليس للتفاوض أو الحوار وإنما لنقل المعركة إلى الداخل اليمني لجعلها حربا أهلية مدعومة سعوديا».

فشل الحل العسكري والحصار
فيما يرى نائب رئيس الدائرة السياسية بالمؤتمر الشعبي العام يونس هزاع أن «انطلاق أول رحلة للخطوط الجوية اليمنية إلى خارج اليمن يعني لنا الكثير.. يعني أولاً: أن الحصار والحل العسكري قد فشل في تحقيق أهداف العدوان. وثانياً: أن قطار السلام بدأ التحرك في الاتجاه الصحيح وعلى جميع القوى السياسية التعاطي معه بإيجابية حتى لا يفوتها القطار».
ويضيف هزاع: «يجب أن يتغير الخطاب الإعلامي والسياسي من الآن وصاعدا بحيث يركز على التهدئة وتحويلها إلى سلام مستدام..».

تعويض الرحلات
وإذا كان يونس متفائلا فإن المتحدث الرسمي لتحالف القوى المناهضة للعدوان عارف العامري يرجع مسألة التمديد، والنجاح إلى مدى صدق تحالف العدوان وجديته حيث يقول: «بالنسبة لتمديد الهدنة من عدمه، فهذا متوقف على إبداء حسن نوايا العدوان، بداية بالتعويض عن الرحلات التي لم تسير خلال ثلاثة أرباع فترة الهدنة المعلنة، أما إذا ما استمر في تماديه وإمعانه الشرير في ارتكاب الجرائم بحق الشعب اليمني، فلن يكون هناك رغبة في استمرار هدنة تخدم مصلحة العدوان وتضر بمصالح الشعب العليا».

مقدمة لإنهاء العدوان والحصار
من جانبه يقول وزير الدولة في حكومة الإنقاذ حميد المزجاجي: «فكرة الهدنة لم تأت فجأة فقد مرت بمخاض عسير وكان لها عاملان أساسيان، محلي ودولي، حتى تم الاتفاق على الهدنة، من وجهة نظري فالعامل الأول هو استطاعتنا بعون الله تعالى استهداف مصادر الطاقة في عمق دولتي العدوان السعودية والإمارات، بدليل أن السعودية صاحت أخيراً وقالت لأمريكا بأن مصادر الطاقة لديها في خطر من صواريخ ومسيرات قوات صنعاء وأنها ليس باستطاعتها حماية الطاقة، وكأن الطاقة هي ملك الغرب لا المسلمين. والعامل الآخر هو حرب روسيا مع أوكرانيا مما جعل الغرب يضطر إلى الضغط على دول العدوان بعمل قيادة جديدة بما يسمى المجلس الرئاسي وطلب الهدنة لوقف العمليات العسكرية في اليمن لتحويل نفقات العدوان على اليمن إلى الحرب ضد روسيا ومد أوكرانيا بالسلاح والمال لمواجهة روسيا هناك، 
 فهذان العاملان هما من أجبرا دول العدوان على طلب الهدنة والموافقة على شروطنا منها فتح مطار صنعاء وقبول الجوازات الصادرة من حكومة الإنقاذ الوطني وتسهيل دخول المشتقات النفطية والمواد الغذائية والطبية وغيرها».
ويوضح المزجاجي أن «الهدنة نتاج تضحيات وصمود الشعب اليمني الصابر والمقاوم ضد العدوان وهيأ الله هذه الأسباب التي جعلت دول العدوان هم من يطلبون الهدنة، وستستمر بإذن الله تعالى، بل هي مقدمة لإنهاء العدوان والحصار الجائرين على بلدنا».

نحو تمديد الهدنة
وهناك من يرى أن الهدنة في طريقها للتمديد رغم المعوقات التي ترافقها، ومنهم عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الدكتور علي محمد الزنم، الذي يقول: «انطلاق أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي لا شك بأنها خطوة إيجابية ومهمة، وكانت الهدنة مهددة بالانهيار في حال لم تتنفذ أهم بنودها وهو فتح المطار والميناء، وبرأيي الشخصي هذه الخطوة حافز كبير لتمديد الهدنة المعلنة لمدة شهرين، وعلى حد معلوماتي هناك جهود تبذل من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها والمبعوث الأمريكي من جهة، وحكومة الإنقاذ ووفدها المفاوض، وما يسمى بمجلسهم القيادي الرئاسي».
ويضيف الزنم: «طبعاً كل ذلك يجري بهدف تمديد الهدنة وبرعاية واهتمام كبير من قيادة سلطنة عمان الشقيقة، وبالتالي نستطيع القول، وبرغم الخروقات المتكررة من دول العدوان وحلفائهم وكذا تعذر تنفيذ باقي البنود حتى الآن كتبادل الأسرى وفتح المعابر بين المحافظات وغير ذلك، لكن باعتقادي الأمور تتجه نحو تمديد الهدنة لإعطاء فرصة أخرى لتنفيذ باقي بنودها إن شاء الله».

سرعة وقف العدوان
لكن وكيل وزارة حقوق الإنسان علي تيسير له وجهة نظر أخرى قد تختلف عن الزنم، حيث يقول: «ما عاد الشعب بحاجة إلى هدنة تمدد من حين إلى آخر، الناس بحاجة إلى سرعة وقف العدوان نهائياً ورفع الحصار، وصرف رواتب الموظفين بأثر رجعي، والجلوس على طاولة المفاوضات (حكومة الإنقاذ الوطني ودول العدوان ممثلة بالسعودية والإمارات).. مع أهمية إنهاء الاحتلال في كامل المحافظات المحتلة».

انتصار للقيم وعدالة القضية
هناك من يعتقد أن الرحلة كانت انتصارا للقيم الإنسانية أولاً، وهو ما أكده ناطق المجلس الأعلى لإدارة الشؤون الإنسانية طلعت الشرجبي، حيث يقول: «الرحلة الأولى للطيران من مطار صنعاء توجت انتصار القيم والمبادئ وعدالة القضية التي نادينا بها وطالبنا بها وعززت الإرادة السياسية الصلبة التي أسقطت كافة مزاعم العدوان ومحاولاته البائسة في استمرار إغلاق المطار، 
وفي الأخير وجد نفسه هو ومرتزقته من الخاسرين وأجبروا على الاستجابة لعدالة القضية المتمثلة بحقنا الأصيل في فتح المطار، لذلك هو انتصار لكل الأحرار ولكل الذين تسبب الإغلاق في فقدان آلاف المواطنين حياتهم نتيجة عدم قدرتهم على السفر لتلقي العلاج أو أولئك الذين فقدوا حياتهم حين أجبروا على التنقل برا للسفر من عدن أو سيئون وتعرضوا للقتل أو النهب والسلب أو الاعتقال والإخفاء القسري، هو انتصار لهم جميعاً وسقوط لكافة الخونة والمرتزقة».
اختتمت «لا» استطلاعها برأي العميد عبده فازع الصيادي، مدير مركز بحوث كلية الشرطة الذي لخص الموضوع بالقول: «إذا لم يكن المجتمع الإقليمي والدولي صادقاً وجاداً في إنهاء العدوان والحرب في اليمن ومعالجة آثارهما المدمرة وغير المبررة فسيقف أمام فشل آخر وسيفقد مصداقيته وثقة اليمنيين وشعوب العالم كما حدث في المرات السابقة..».