فريدريك شناترير..الموقع: "العالم الفتيّ" (jungewelt)
ترجمة  خاصة عن الألمانية: نشوان دماج / لا ميديا -
الرئيس الأمريكي يلقي باللوم على الآخرين بخصوص الوضع في أفغانستان. نفوذ السياسة الخارجية لواشنطن آخذ في التضاؤل.
لقد أصبح الاستيلاء السريع على السلطة من قبل حركة طالبان الإسلاموية في أفغانستان مشكلة متزايدة بالنسبة للرئيس الأمريكي جوزيف بايدن. في ضوء الهجمات المتزايدة من صفوف الجمهوريين وكذلك من حزبه، شعر بايدن يوم الاثنين (بالتوقيت المحلي) بأنه مضطر لأن يقدم في البيت الأبيض وجهة نظره حول الأمور، وكان الأمر صعباً للغاية.
حتى عندما أنهى بايدن خطابه، الذي استمر 18 دقيقة، بكلمات أن المسؤولية تقع عليه كرئيس للولايات المتحدة، فإن تصريحاته السابقة سارت في الاتجاه المعاكس. فحوى التحدي أن اللوم يقع على الأفغان في ما وصلت إليه بلادهم من وضع مأساوي. هكذا أعلن رئيس الدولة التي احتلت أفغانستان 20 عاماً أن القيادة السياسية للبلاد، والمتمثلة بالرئيس الحالي أشرف غني ورئيس مجلس المصالحة عبد الله عبد الله، قد فشلت. وبالتالي فإن واشنطن حثت جميع القادة السياسيين على التوحد ومحاربة الفساد والاستعداد لخوض حرب أهلية مع طالبان. لكنهم "لم يقوموا بأي من تلك الأمور". وبدلاً من ذلك، استسلموا وفروا من البلاد.
أما تأكيد "غني" أن جيشه سيقاتل حركة طالبان التي كانت تواصل تقدمها، فقد تبين أنه "خطأ واضح"، بحسب نقد بايدن. حيث إن "الجيش الأفغاني انهار كليا، وأحياناً دون أي محاولة للقتال". ولذا كان قرار سحب الجيش الأمريكي من البلاد هو القرار الصحيح. فـ"القوات الأمريكية لا تستطيع ولا ينبغي لها أن تقاتل في حرب وأن تموت في حرب ليست قوات الأمن الأفغانية على استعداد لخوضها بنفسها". ما كان ملفتاً في خطاب بايدن هو محاولته عبثاً إلقاء اللوم على طالبان.
حتى الحذاء، الذي من المفترض أن يكون مناسباً للبذلة، لم يتسن لبايدن لبسه يوم الاثنين. "أنا أؤيد قراري بالكامل"، والهدف الأصلي للاحتلال الأمريكي، وهو إلحاق الهزيمة بالقاعدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 تم تحقيقه. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت العمليات في الصومال واليمن، على سبيل المثال، أن الولايات المتحدة يمكن أن "تحارب بفاعلية" الجماعات الإرهابية الإسلامية في بلد ما حتى بدون وجودها العسكري. على أي حال، لم يكن بناء الديمقراطية في أفغانستان هدف التدخل العسكري.
وإذا كان بايدن حتى وقت قريب، قد خاض صراعا مع سلفه دونالد ترامب للاعتراف بقرار الانسحاب من أفغانستان، فإنه الآن يحاول إلقاء اللوم عليه في فشله الواضح. حيث زعم في خطابه أن يديه مقيدتان بموافقة ترامب على سحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول الأول من مايو. وبالتالي فإن التمديد الذي حدده بايدن إلى ما بعد 11 سبتمبر، لن يؤدي إلا إلى "تصعيد" الصراع.
قبل خمسة أسابيع لا أكثر، أكد بايدن أن القوات الأفغانية -التي بلغ قوامها حتى وقت قريب حوالي 30 ألفاً من ضباط الشرطة والجنود، سيتولون وفق التقديرات مواجهة حوالي 60 ألف من مقاتلي طالبان الأردأ من حيث التجهيز- ستؤدي دورها بشكل جيد في مواجهة الإسلاميين بمفردهم. علاوة على ذلك، أكد الرئيس الأمريكي حينها أنه لن يكون هناك تكرار لمشاهد سايغون عام 1975، عندما اضطرت الولايات المتحدة إلى مغادرة فييتنام على عجل. ولكن ذاك هو بالضبط ما يشعر به الكثيرون. وفي تحليلها يوم الاثنين، قارنت وكالة "أسوشيتد برس" أزمة الحكومة الأمريكية التي أثارتها الأحداث في أفغانستان بالوضع بعد الغزو الأمريكي الفاشل لخليج الخنازير الكوبي عام 1961.
ليست أفغانستان وحدها التي تظهر أن نفوذ واشنطن في العالم آخذ في التضاؤل، بل إن ذلك هو ما يتم تسجيله أيضاً من قبل الأطراف المقابلة للولايات المتحدة الأمريكية. حيث علقت وكالة أنباء الصين (شينخوا) يوم الاثنين بالقول إن "قضية كابول تدق نواقيس الموت بالنسبة لتراجع الهيمنة الأمريكية". أما صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية اليومية فعلقت بالقول إن هزيمة الولايات المتحدة كانت "أوضح دليل على العجز الأمريكي".