خاص / لا ميديا -

سقط القناع المزيف عن أكذوبة "المثالية والمدنية" وفضح وجهها القبيح بالصوت والصورة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن انتشرت المظاهر المسلحة بين أوساط المواطنين وبشكل لافت مع احتدام السباق إلى البيت الأبيض بين دونالد ترامب وجو بايدن، في صورة توحي للمشاهد بأنها من مدينة تعز المحتلة وليس من الولايات المتحدة.
وهم المدنية التي كانت مادة للدعاية الإعلامية، وصورة أمريكا الوردية التي طالما تم التغني بها، أصبحت سرابا، كما أن قوانين حقوق الإنسان والديمقراطية بدت مزيفة وأكذوبة كبرى، ولا أساس لها على أرض الواقع.
تعتبر أمريكا أكثر دول العالم معاناة من ظاهرة انتشار الأسلحة الشخصية، حيث فقدت الولايات الأمريكية سيطرتها على إدارة الأسلحة النارية، وبات استخدام السلاح الناري يودي بحياة الآلاف سنوياً، وخصوصاً الشباب والأطفال، ففي 2014 فقط تم قتل 460 طفلاً (بالرصاص فقط) في سن 14 عاماً.. وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 84 بندقية أو مسدساً لدى كل 100 شخص، ولذلك تعاني أمريكا من أسوأ موجات عنف على مستوى العالم، وتتخطى فيها معدلات الجريمة بكل أنواعها المعدلات العالمية، وتنتشر الجرائم الوحشية وعمليات القتل المروع وتمزيق الجثث وقطع الرؤوس وغيرها من الجرائم، فمثلاً يشهد المجتمع الأمريكي جريمة قتل كل 22 دقيقة. أما عمليات الاختطاف والاغتصاب للأطفال والنساء، فهناك حوالي 100 ألف جريمة اغتصاب يُبلغ عنها سنوياً، وذلك طبقاً للأمم المتحدة، بخلاف الجرائم والاعتداءات التي لا يُبلغ عنها، وقد أعلن مركز الوقاية ومكافحة الأمراض الأمريكي في أحدث تقاريره عن تعرض ما يقرب من 20% من الأمريكيات للعنف الجنسي والاغتصاب، وكشفت مجلة "تايم" الأمريكية أن امرأة من 5 سيدات في أمريكا قد تعرضت للاغتصاب في حياتها، وتزداد مشكلة العنف الجنسي حدة في السن الأصغر، فأكثر من نصف الضحايا ذكرن أنهن تعرضن لانتهاكات قبل أن يبلغن الـ25، وتُرتكب كل هذه الاعتداءات الجنسية في كل مكان بما فيها المواقع العسكرية الأمريكية مثل البنتاجون. في حين تُعد الجريمة المنظمة أبرز تلك الجرائم بخلاف جرائم السطو المسلح، وهناك مدن في أمريكا لا يعلو صوت فيها على صوت الجريمة، وهناك حوالي 500 ألف جريمة سرقة تقع شهرياً.

تزايد المظاهر المسلحة 
وذكر تقرير لمنظمة "مشروع بيانات النزاعات المسلحة ومواقعها وأحداثها"، ومقرها مدينة ماديسون في ولاية ويسكونسن، وموقع "مليشيا ووتش"، مقره في ولاية جورجيا، أن هناك تصاعدا في وتيرة 80 مليشيا مسلحة في الولايات المتحدة بين 24 مايو و17 أكتوبر من العام الجاري، غالبيتها من اليمين المتطرف.
ومن بين هذه المليشيات: "حراس القسم"، و"قوات الدفاع المدني"، و"الأقدام الخفية"، وهناك جماعات أخرى اشتهرت بانخراطها في الشجارات، مثل "الأولاد الفخورون" و"الصلاة الوطنية".
وتستعد المجتمعات للاحتجاج بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، وإذا تحولت المظاهرات إلى أعمال عنف وفاقت قدرات الشرطة المحلية، فمن شبه المؤكد أن حكام الولايات سوف يستدعون الحرس الوطني، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وفي مقال للكاتبة أولغا خزان بموقع "ذا أتلنتيك"، تشبه الوضع في أمريكا حاليا بما كان عليه في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، حيث ينتشر الغضب والتوتر والمظاهر المسلحة على نطاق واسع، قائلة إن ذلك يقلق علماء السياسة بشأنه بشدة.
ويقول توماس زيتزوف، أستاذ السياسة بالجامعة الأمريكية: نحن أكثر استقطابا من أي وقت مضى منذ الفترة التي سبقت الحرب الأهلية. لدينا احتجاجان مختلفان وكبيران؛ الاحتجاجات ضد عنصرية الشرطة، والمليشيات اليمينية المتطرفة. ولديك رئيس يستعد ويجهز مؤيديه لنزع الشرعية. قبل بضعة أشهر فقط، تجمع متظاهرون مسلحون في مبنى الكابيتول بولاية ميشيغان للاحتجاج على أوامر البقاء في المنزل التي تهدف إلى تقليل الوفيات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد.
ويعلق زيتزوف قائلا: "إذا رأيت ذلك في بلد آخر، مجموعة من الأشخاص يظهرون في مقر حكومي بأسلحة نصف آلية؟ من المؤكد أن هذه الأشياء يمكن أن تتصاعد". من المرجح أن تؤدي الانتخابات حال التنازع على نتائجها أو شابها شيء من الغموض، إلى الاحتجاجات والعنف، بحسب المقال.
وتقول خزان: "كما هو الحال في اللحظات التي يربط فيها الناس هوياتهم بالكامل مع حزبهم السياسي، تصبح عواقب خسارة الانتخابات لا تطاق، وقد يشعر بعض الناس أنهم بحاجة إلى إنقاذ أمتهم من خلال عمل بطولي".

17 مليون قطعة سلاح بيعت العام الجاري
وزادت عمليات شراء الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال العام الجاري، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية التي يخوضها الرئيس دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن.
وكشفت إحصائية نشرتها صحيفة "لوس أنجليس تايمز"، أن الأمريكيين اشتروا نحو 17 مليون قطعة سلاح خلال الأشهر المنقضية من عام 2020، أكثر من أي عامٍ آخر.
ويقول دريو ميلر، ضابط استخبارات متقاعد بالقوات الجوية وكاتب لصحيفة "واشنطن بوست"، إن سيناريو الحرب الأهلية ليس بمرجح، لكنه ذكر بالحرب العالمية الأولى، قائلا: "تم تصعيد الأمور إلى أن خرجت عن السيطرة. لدي أشخاص قلقون من أن كل ما يتطلبه الأمر هو انتخابات غير محسومة النتيجة مع بعض الغش".