يوخن ميتشكا
مـوقـع: Kenfm.de

ترجمة  خاصة عن الألمانية: نشوان دماج / لا ميديا -

من المهم معرفة أن الحكومة الألمانية تحاول من خلال عملية تسلح فريدة من نوعها، لاسيما في أوقات يتعين فيها إعادة بناء الاقتصاد بعد كارثة كورونا، أن تلعب "دوراً في العالم مرة أخرى". غالبية الألمان ليس لديهم مصلحة في ذلك، إنما لا أحد يسألها. ففي نهاية المطاف لدينا ديمقراطية برلمانية. وهذا يعني أنه بالانتخابات يمنح صاحب السيادة، الشعب، كل السلطة للبرلمان. والبرلمان مهيمَنٌ عليه من قبل أحزاب تُحكم قبضتها القوية على الدولة بأكملها، من البرلمانات، إلى الحكومات إلى المحاكم العليا وحتى المحكمة الدستورية. وفي النهاية يتحكمون بجزء كبير من وسائل الإعلام من خلال هيمنتهم على الجهات الخدمية العامة. ويوحدها إجماع حديدي: لا يجوز لأحد المساس بأولوية الأحزاب. وهكذا يحدث ألا أحد يمنع الحكومة من شن حروب عدوانية، والمشاركة في أسوأ جرائم حقوق الإنسان، فيما يزعم ممثلو الأحزاب بالإجماع أن ألمانيا لا تفعل إلا ما هو إنساني، وتقوم بكل شيء في سبيل حماية حقوق الإنسان والقانون الدولي، وقبل هذا وذاك حماية الناس.
وهكذا يدعو كبار الساسة من حزب الخضر إلى التظاهر لأن مواطناً أسود في الولايات المتحدة كان ضحية لوحشية جهاز الشرطة. بينما كان سياسيون إلى قبل فترة وجيزة من ذلك يدعون أن كل من سيتظاهر سيكون مصيره الوفاة بـ"كوفيد 19". ثم انتشر الكثير من التحريض والإقصاء لدرجة أنه كان هناك بالفعل اعتداءات ضد منتقدي الحكومة. عشرات الآلاف لبوا نداء الأحزاب، ودعموا مجموعة من الأوليغارشية (حكم القلة) في الولايات المتحدة في حربهم ضد مجموعة أخرى من الأوليغارشية اعتقدوا أنها تتظاهر ضد العنصرية. وما هو مؤكد: انقسام الأسود ضد الأبيض يضمن عدم تحول الأسود والأبيض ضد الأوليغارشية. وما هو مثير للشفقة بشكل خاص: أن سياسياً بارزاً من حزب الخضر قام بالترويج للحرب العدوانية وغير القانونية على صربيا، شن حملة، من باب الاستعراض طبعاً، بأن قصف الصرب لم يكن عنصرياً، بل القنابل هي التي كانت ضد العنصرية، حتى وقد تبين لاحقاً أن السبب كان مجرد كذبة.
فبالإضافة إلى الحرب على سوريا، والحرب التي لاتزال مستمرة ضد ليبيا، والحرب ضد الفلسطينيين، ها هي ذي ألمانيا تدعم أيضاً الحرب على اليمن. واحد من أفقر بلدان العالم يراد إعادته إلى العصر ما قبل الحجري بذلك العدد الهائل من القنابل لدرجة أن واحدة من أغنى دول العالم، المملكة العربية السعودية، أصبحت بفضل انخفاض أسعار النفط تواجه صعوبات اقتصادية.
مراراً وتكراراً تتحدث وسائل الإعلام في ألمانيا وغيرها من دول الناتو عن "حرب أهلية معقدة"، وأن الهدف هو إعادة الرئيس "المعترف به دولياً" إلى منصبه. في الواقع، أصبح هذا الرئيس غير شرعي منذ فترة طويلة، لأنه، خلافاً للدستور، كان المرشح الوحيد عندما تم انتخابه، وببساطة لم يسمح بإجراء انتخابات جديدة بعد فترة من ولايته. ثم قام الحوثيون وحلفاؤهم بطرده من العاصمة في حرب تحرير عام 2014، فاستقال، وتقاعد في السعودية. عندها تخلى الحوثيون عن سلطتهم لحكومة وحدة وطنية، تم إضفاء الشرعية عليها والمصادقة عليها من قبل نواب منتخبين. غير أن ذلك التحالف الوطني تم تدميره من خلال الفساد وعمليات الاغتيال المستهدف للقادة. فاستولى الحوثيون على السلطة مرة أخرى. وحتى يومنا هذا، لايزال "الرئيس المعترف به" منصور هادي دمية خالصة للسعودية، دون أن يكون له أي تأثير على ثروات البلاد.

الحرب وأبطالها
دعونا نلق نظرة على تحالف الحرب الذي يشن حربه على اليمن لإدخال "الديمقراطية والحرية":
السعودية (ديكتاتورية)، الإمارات (ديكتاتورية)، البحرين (ديكتاتورية)، الكويت (ديكتاتورية)، الأردن (ديكتاتورية)، مصر (ديكتاتورية)، السودان (ديكتاتورية)، المغرب (ديكتاتورية)، السنغال (ديكتاتورية)، قطر [حتى يونيو 2017] (ديكتاتورية).
قد تتساءلون لماذا أضفت كلمة "ديكتاتورية" هنا. في الواقع، لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة كل تلك البلدان بالديمقراطية، بغض النظر عن شكل حكوماتها. هذه الإلماحة تهدف إلى توضيح أن الدكتاتوريات تشن حرباً ضد دولة فتية حررت نفسها من النفوذ الأجنبي من خلال الثورة، وشكلت، في بعض الأحيان على الأقل، حكومة وحدة وطنية.
السعودية هي المحرك الرئيسي والممول للحرب على اليمن. إنها تسعى بقوة لبناء خط أنابيب، والسيطرة عليه من مناطق إنتاج النفط في البلد حتى خليج عدن، وبالتالي هي بحاجة إلى السيطرة على اليمن. بدون خط الأنابيب هذا، سيكون تصدير النفط السعودي عبر مضيق هرمز في خطر، إذا ما حدثت حرب ما ضد إيران. دول أخرى، بما فيها داعمة ما تسمى القيم الغربية، لديها مصالح اقتصادية متفاوتة في الحرب. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن السعودية، من خلال مئات الملايين من الدولارات التي تدفعها للمواد الحربية في هذه الأثناء، هي أكبر زبون. ناهيك عن المبالغ التي تدفعها السعودية لتزويد المقاتلات الأمريكية بالوقود والقنابل واستخدام القوات الخاصة الأمريكية في المناطق الحدودية، أو التي تدفعها لشركات المرتزقة الأمريكية. 
ألمانيا هي أيضاً، الأمر بالنسبة لها عبارة عن صفقة مليارية. فبالإضافة إلى كميات الأسلحة الخفيفة، ثمة مجموعة متنوعة من المنظومات، ليس أقلها السفن الحربية، تساعد في إبقاء الحرب على اليمن.

عواقب الحرب
دعونا نلق نظرة فاحصة على الحرب. لقد تم شنها منذ 26 مارس 2015 ضد جنود الحوثيين الحفاة، دون تحقيق أي نجاح في شتى محاولات التوغل. مراراً وتكراراً، كان لزاماً على القوات البرية، بالرغم من تفوقها المطلق في الجو، أن تنسحب مهزومة. وهكذا راح التحالف يشن حرب قنابل وإرهاب، فقد فيها البلد معظم بنيته التحتية، مثل الجسور والأسواق والمصانع وشريانات الطرق المهمة، وحتى محطات معالجة مياه الصرف الصحي وأنظمة إمدادات مياه الشرب. وبالمثل، المدارس والمستشفيات وصالات الزفاف والعزاء. وإذا كنتم لا تصدقون ذلك، شكاً منكم في دعاية الحرب المعتادة التي تستخدم وراء مزاعم مماثلة ضد الحكومة السورية، فعلي أن أخيب ظنكم. تلك المزاعم صحيحة.
ولأنه غير كاف لذلك البلد، الذي يعد واحداً من أفقر بلدان العالم، إنما وأكثرها أنفة وشموخاً، إلا أن يتم تركيعه، فقد مورس ضده حصار مطبق. أدى ذلك، بحسب الأمم المتحدة، إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. والنتيجة هي أكبر وباء للكوليرا في تاريخ البشرية، وعشرات الآلاف من الأطفال يعانون المجاعة، ومئات الآلاف من حالات سوء التغذية، وخصوصاً الأطفال، بالإضافة إلى تفشي وباء حمى الضنك في 2019. في المقابل، لايزال عدد ضحايا وباء كورونا في البلاد غير ضار نسبيا.
إن الحصار يعوق المساعدات الإنسانية بشكل صارخ، ويتزايد بشكل يومي عدد الضحايا، الذين يعانون من سياسة غض النظر في الغرب عن الحرب على اليمن واستثمارها.

الأسلحة
مرارا وتكرارا، يتم بالزعم أن حركة الحرية يأتي سلاحها من إيران. والحقيقة هي أن كمية الأسلحة المهربة من إيران ودول أخرى إلى اليمن سخيفة، مقارنة بالكميات التي استولى عليها الحوثيون في حرب التحرير.
في 1990، طلبت الحكومة المركزية في اليمن آنذاك من الولايات المتحدة مساعدتها بالأسلحة، والتي وصلت بعد ذلك بكميات كبيرة، بل ضخمة. لم تستخدم الحكومة هذه الأشياء لمحاربة مقاتلي القاعدة المتوغلين، بل للانقلاب على مقاتلي الحرية في بلادهم. هذه الأسلحة الآن بملك الحوثيين. بالإضافة إلى تلك التي أخذها "مقاتلو خشب الصندل" من الغزاة. الأمر الذي أدى إلى حقيقة أن بوسعك اليوم أن ترى G36 الألمانية مرارا وتكرارا بحوزة مقاتلي اليمن، بل والمركبات المدرعة الحديثة.
تلعب إيران في هذه الناحية دوراً بالنسبة للثوار في اليمن من حيث إنهم النموذج الذي يمكن لأية دولة أن تتحدى به أقوى دولة حرب في تاريخ البشرية. إنه ليس التأثير الديني المفترض للإسلام الشيعي. ذلك لأن الزيدية الحوثيين لا يشتركون معها إلا في عدد قليل من الأمور. إن الحركة الاجتماعية المجتمعية ضد تصنيفهم كعدو وضد الاستعمار الجديد، هي التي دفعت اليمن إلى أن تكون جزءاً مما يسمى محور المقاومة، جوهره إيران. ويُعرف أيضاً باسم هلال المقاومة، لأنه جغرافياً يشبه الهلال الممتد من اليمن فإيران والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.
أما المساعدات المادية، كتلك التي تقدمها إيران، فذات أهمية محدودة فقط. يمكن الافتراض أن المهندسين الإيرانيين شاركوا في إعادة بناء وتحسين الصواريخ التي استولت عليها اليمن، وأن اليمن الآن لديها أيضاً طائرات بدون طيار.

الإرهابيون
الإرهاب الدولي هو أيضاً يحارب الحوثيين. فمن المعروف منذ فترة طويلة في أوساط ما يسمى "منظري المؤامرة" المزعومين، أن ذلك عبارة عن تقرير لأحد وسطاء الجودة. حيث أفادت وكالة أسوشيتد برس (AP) أن حلفاء الولايات المتحدة يشكلون تجارة مع القاعدة. إنهم يتصيدون مقاتلين للحرب على اليمن، ويدفعون للقاعدة لتتجنب طريقهم أو لتنفذ أوامر لهم.
"تحالف عسكري، بقيادة السعودية ودعم الولايات المتحدة، أبرم صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة، ودفع للبعض، من أجل أن يغادروا المدن والمراكز الرئيسية التي استولى عليها المسلحون في اليمن، وترك البعض الآخر ينسحبون بأسلحتهم ومعداتهم ورزم الأموال المسروقة، بحسب تحقيق لوكالة أسوشيتد برس. تم تجنيد مئات المقاتلين الآخرين في التحالف". أجل، فالقاعدة هي المنظمة التي يفترض أنها نفذت الهجوم على الأبراج الثلاثة لمركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة في 11 سبتمبر.
وهذا لا يؤكد تعاون الحكومة القديمة مع القاعدة فحسب، بل ويؤكد أيضاً أن سلطة الحماية السعودية، ومعها الولايات المتحدة، المتورطة بشكل وثيق في الحرب، ليست متسامحة مع الأمر فحسب، بل وتنتهج حتى تلك السياسة.
يصف تقرير وكالة "أسوشييتد برس" كيف أن الولايات المتحدة هي أيضاً أوقفت ضربات طائرات الدرون عندما كانت في طريق المفاوضات. وذكر أن هناك أدلة على أن أموال الولايات المتحدة ذهبت إلى متشددي القاعدة. يوحي التفسير بأن الحد من نفوذ إيران أكثر أهمية من محاربة إرهابيي القاعدة.
إرهابيون، مدرجون في قائمة الإرهاب الأمريكية، يحصلون على أجور من الإمارات. أحد أمراء الحرب الدوليين (عدنان رزيق) الذي دُفع له 12 مليون دولار من قبل الرئيس اليمني السابق للدمية، للمشاركة في الحرب على حركة الاستقلال اليمنية، لديه شخصية معروفة في تنظيم القاعدة كأقرب مستشار.
ومسألة أن مرتزقة أمريكيين نفذوا حملة اغتيالات ضد سياسيين في اليمن وقفوا في طريق خطط حاكم دولة الإمارات ليست أيضاً نظرية مؤامرة، بل تم الحديث عنها في وسائل الإعلام الأمريكية الرائدة. ومع ذلك هذا لا يمنع سياسيين ألماناً من مغازلة الدولة "كعامل استقرار".
"في اجتماعها الأخير لمجلس الأمن الاتحادي (BSR)، وافقت الحكومة الألمانية على المزيد من صفقات أسلحة بملايين الدولارات مع كل من السعودية ومصر. وهذا نابع من قائمة عرضتها وزارة الشؤون الاقتصادية على البوندستاغ يوم الخميس".
أما كيف للحكومة الألمانية أن تتوافق مع قانونها الأساسي في تصدير الأسلحة لاستمرار تلك الحرب فأمر لا يجوز بحثه لدى مدعين عموم معتمَدين من قبل وزير العدل.
لذلك، في حين أن السعودية مستمرة في قصف البلد بمساعدة أهم دول الناتو، محمية من إجراءات الأمم المتحدة في مجلس الأمن من قبل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن تحالف العدوان يلقي قنابل هي من القوة لدرجة أن هناك إشاعات عن أسلحة نووية وعن قنابل نيوترونية قيل إنه تم اختبارها في اليمن. بل حتى لو لم تكن سوى قنابل تقليدية "فقط" تأكدت في حالتين موثقتين على الأقل، فإن ذلك يُظهر رغبة تدميرية وحشية لا تصدق لدى المهاجمين.
وبحسب الممثل الخاص لأمين عام الأمم المتحدة في ملف الأطفال والصراعات المسلحة، فإن 75٪ من المدنيين الذين قتلوا كانوا من الأطفال. وها هي ذي "هيومن رايتس ووتش"، التي وجهت نقدها فجأة للسياسة الخارجية الأمريكية منذ رئاسة دونالد ترامب، تنتقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لإخفائه تقريباً الجرائم والعدوان الوحشي الذي ارتكبه تحالف الحرب السعودي ضد الشعب اليمني.
وفقاً لليونيسيف في اليمن عام 2015، لم يتمكن 19.3 مليون شخص من الحصول على مياه الشرب النظيفة بسبب الحرب. لم يتحسن الوضع في هذه الأثناء.

الرؤية اليمنية
في غضون ذلك، قامت القيادة الثورية للبلد بتطوير رؤية استراتيجية كان من المقرر تحقيقها بحلول عام 2030. حيث يتحتم مكافحة عقود من الفساد وجرائم الدولة وانعدام مساءلة السياسيين. وأي استغلال للبلد من قبل القوى الأجنبية ممنوع. وعلى الناس أن يكونوا في قلب تنمية البلد، وقبل الجميع: النساء والفقراء والمهمشون.
وإليكم بعض المقتطفات من الرؤية:
المصالحة الوطنية الشاملة والتوافق السياسي: يركز الموضوع الأول على استقرار البلاد من خلال المصالحة السياسية بين مختلف الفصائل اليمنية والأحزاب السياسية.
نظام الحكومة: الهدف الثاني للرؤية الوطنية اليمنية يتضمن كل ما تدعي واشنطن دعمه، لكنها في الواقع العملي لا تفعل: نظاماً حكومياً يقوم على أسس تقدمية وديمقراطية. مع وضع هذا الهدف في الاعتبار، سيضع أنصار الله [المسمون سابقاً "الحوثيين"] وحلفاؤهم الأساس لدستور جديد لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد إجراء استفتاء شعبي. وتقع محاربة الفساد وتحسين الشفافية على المستويين المحلي والوطني في صميم هذا الموضوع.
إعادة الهيكلة الاجتماعية: تحت هذا الموضوع الواسع، يخطط أنصار الله لتوحيد وتعافي البلد من الصراعات السابقة والقبلية، مع الحفاظ على الموروث والثقافة اليمنية الأصلية.
تحظى النساء -لاسيما ربات البيوت- ببرامج ائتمان. التعليم إلزامي ومجاني. سيتمكن السكان الفقراء من الوصول إلى برنامج الأمن الغذائي.
الاقتصاد: الهدف هو خلق اقتصاد مكتف ذاتيا يعزز التنمية. والهدف أيضاً هو زيادة نسبة المرأة في الحياة العملية إلى 30٪ على الأقل. واعتباراً من 2018، شكلت المرأة أقل من 6٪ من القوى العاملة.
بالطبع، يخطط أنصار الله لتوسيع رقعة استكشاف النفط والغاز والمعادن في اليمن حتى يتمكن اليمنيون، وليس الشركات الدولية، من جني الفوائد. كما يتضمن هذا الموضوع خططاً لتحسين مصادر الطاقة المتجددة، وتطوير تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية العامة.
التطوير الإداري: كما ستتلقى اليمن نظاماً للضمان الاجتماعي والمعاشات التقاعدية على المدى الطويل.
العدل وسيادة القانون: بالإضافة إلى القضايا القضائية المعتادة، تحتوي الرؤية على بضع نقاط حول تعزيز حقوق النساء والأطفال. فاليمن حالياً هي ثامن أخطر دولة بالنسبة للنساء من حيث الاعتداء الجنسي والعنف والاتجار بالبشر والتقاليد الثقافية (يُذكر أن الولايات المتحدة في المركز العاشر وفقاً للرؤية).
الابتكار والإبداع والمعرفة والبحث العلمي: يجب أن يتمكن الباحثون من الوصول إلى قواعد البيانات العلمية، وسيتم فتح مكتبة وطنية. يخطط أنصار الله لإطلاق برنامج لتطوير المحتوى الرقمي والفكري.
التعليم: لم يحصل الأطفال والبالغون اليمنيون مطلقاً على بلوغ واسع النطاق للتعليم الجيد، والحرب جعلت الوضع أكثر سوءاً. ووفقاً لليونيسيف، فإن حوالي مليوني طفل لا يذهبون إلى المدرسة. يهدف هذا الموضوع إلى توفير تعليم مثالي لجميع أفراد المجتمع.
الصحة: على غرار التعليم، ستقوم الرؤية الوطنية اليمنية بتوسيع وتحديث النظام الصحي الوطني كمسؤولية جماعية عن احتياجات جميع المواطنين. ربما تكون أهم الإصلاحات هي التأمين الصحي الشامل للجميع.
البيئة: لقد دمرت الحرب على اليمن، والتي تدعمها الولايات المتحدة، بيئة البلاد، بطرق لا حصر لها. يريد أنصار الله التركيز على التنمية الخضراء، من خلال إنشاء وكالة لحماية البيئة وتقييم الأضرار الناجمة عن الحرب.
ستعمل استراتيجية الرؤية الوطنية اليمنية على تحسين إمدادات مياه الشرب النقية والصرف الصحي. إن الضربات الجوية السعودية التي ترعاها الولايات المتحدة تدمر عشرات محطات معالجة المياه كل شهر. ووفقاً للتقارير، كان ما يقرب من 30.000 شخص في العام الماضي يصابون بالكوليرا كل أسبوع، وذلك بسبب صعوبة الحصول على مياه الشرب. في 2017، عانى اليمن من أسوأ تفشٍّ للكوليرا في تاريخ العالم: أصيب أكثر من مليون شخص، وتوفي أكثر من 3000 شخص.
الدفاع والأمن: الجيش الوطني القوي سيحمي المواطنين وحرياتهم من التهديدات الداخلية والخارجية. مرة أخرى، التأكيد على حماية المرأة: وحدات الشرطة الخاصة سيكون لها مهمة منع العنف ضد المرأة - وخاصة العنف المنزلي القائم على النوع.
السياسة الخارجية والأمن القومي: ولعل الأهم من ذلك هو أن الرؤية الوطنية اليمنية ستكافح وتزيل أيديولوجية داعش، وهي أيديولوجية تصدّرها الوهابية السعودية والجماعات ذات التفكير المماثل، كالقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
خاتمة: إن ألمانيا حريصة على مساعدة اليمن ليصبح ملكية استعمارية جديدة للسعودية. ولتضعوا ذلك في الاعتبار عندما يتحدث السياسيون الألمان مجدداً عن "الإنسانية" و"تقرير المصير" و"القانون الدولي" و"حقوق الإنسان".

* يوخن ميتشكا، كاتب ألماني، ألف العديد من الكتب التي تنتقد حروب وجرائم وسياسات الغرب، كـ"حروب الظل الإمبراطورية - الحرب على إيران" و"مستقبل فلسطين" و"إسرائيل 2018" و"فينيس جيرمانيا أو ديمقراطية ألمانيا الضائعة"، كما ترجم إلى الألمانية كتاب "الحرب القذرة على سوريا" للأسترالي تيم أندرسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدني.

13 يونيو2020