مروان أنعم / #لا_ميديا -

ثمة أشخاص يتلبسون وجوه البشر، لكن حقيقتهم السادية لا تخفى على أحد. 
إن تفاهة الشر المتأصلة في جينات بني سعود وعسكرهم يتوارثونها جيلاً بعد آخر، فمنذ أن تأسست 
مملكتهم لا حصر لجرائمهم في حق اليمنيين. تلك المملكة الناضحة بالأيديولوجية المتطرفة إلى حد كبير اتخذت من الإهانة والعنف العبثي والممنهج وسيلة للتعامل مع إخوة لهم في الدين واللغة والجوار، فالكثير من اليمنيين بطبيعتهم 
ذاكرتهم ليست مثقوبة تنسيهم الجرائم والانتهاكات التي يقوم بها غلمان بني سعود بين الفينة والأخرى، فالقليل من تلك الجرائم وثقت وكتبت بآلام وآهات أصحابها، ولن تستطع أموال مملكة الرمال أن تمحوها من الذاكرة.

سادية وحشية
من ضمن تلك الانتهاكات الموثقة في حق اليمنيين المغتربين أو من يتطلعون للعمل في السعودية، نستذكر «محرقة خميس مشيط» كشاهد على بشاعة ما يتعرض له المغترب اليمني في الأراضي السعودية. ففي العام 2008، طاردت دوريات الشرطة السعودية 25 يمنياً بينهم أطفال كانوا قد عبروا الحدود اليمنية متوجهين إلى مملكة الرمال وإلى مدينة خميس مشيط تحديداً، باحثين عن فرصة عمل وإن كانت بأجر بسيط.
لم يجد اليمنيون الهاربون والمحاصرون بدوريات الشرطة السعودية مكاناً للاختباء سوى مكب للنفايات يعملون فيه، وهو عبارة عن حفرة كبيرة، ومع ذلك لم تتركهم الدوريات لحالهم هناك، حيث ترجّل الضباط من دورياتهم ليقوموا بإشعال النيران في مكب النفايات بما فيه من بشر، ووقفوا يتلذذون بمشاهد احتراق الأجساد الآدمية، والنتيجة كانت تعرض 18 يمنياً كانوا مختبئين في المكب إلى حروق شديدة.
وإمعاناً في الهمجية والسادية المتوحشة، لم يقم رجال الشرطة السعوديون بنقل المصابين إلى المستشفى، بل تم نقلهم وعبر سيارات الإسعاف إلى قسم الشرطة للتحقيق معهم.

أخذونا للتحقيق بدلا من اسعافنا
منظمة «هيومن رايتس ووتش» كانت قد وثقث شهادات الضحايا وشهود عيان للحادثة في تقرير مطول لها، قالت فيه إن الضحايا كانوا يعملون في مكب للنفايات في منطقة خميس مشيط (جنوب غرب المملكة)، إذ يقومون بجمع ما تيسر من قطع الألمنيوم والكرتون والمواد البلاستيكية بهدف بيعها إلى شركات إعادة تدوير.
وبحسب تقرير «هيومن رايتس ووتش»، يقول ماجد شامي، أحد الضحايا المصابين: «كنا نصرخ من ألم الحروق، ونتوسل إليهم ليقدموا لنا الإسعافات الأولية»، لكن دون فائدة، فلم يقم رجال الشرطة بنقل المصابين اليمنيين إلى مستشفى محلي إلا بعد التحقيق معهم، حيث عولجوا في المستشفى لمدة تسعة أيام، وتم إخراجهم من المستشفى ليتم وضعهم في الحجز لدى الشرطة قبل شفائهم من إصابات الحروق، وبقي اليمنيون في عهدة الشرطة لمدة يومين «بدون علاج أو طعام أو ماء» حسب قول ماجد.
ويضيف: «كنا تقريبا بين الساعة الرابعة والخامسة عصراً نختبئ كالعادة من الشرطة السعودية. حين رأيناهم يقتربون منا، في مكب نفايات بمنطقة تسمى الصناعية، فيها صفيح نختبئ فيه كالعادة بعد مطاردتها لنا، ألقت عناصر الشرطة مادة مشتعلة، أشعلت الحريق، مما جعلنا نخرج من المكان قبل أن تلتهمنا النيران، فخرجنا نحترق بصورة جماعية وقام العسكر بإطلاق الرصاص في الجو حتى لا نهرب».
وهو ما يؤكده أيضاً حمزة محمد، يمني آخر كان شاهداً على ما حدث، حيث يقول: «الشرطة استخدمت مادة بيضاء، على شكل بودرة، أدت إلى زيادة اشتعال النيران».

تعمدوا إحراقنا
المواطنون اليمنيون السبعة الذي تحدثوا مع «هيومن رايتس ووتش» أكدوا أن الشرطة كانت قد شاهدتهم وتعرف أين يختبئون، وأن إشعال النار في المكب لم يكن عن طريق الخطأ. وقال حسن: «حين شاهدنا رجال الشرطة، هربنا منهم واختبأنا، لذلك قاموا بالرد على ذلك بإشعال النار وحرق خشب وأشجار، مما أدى إلى تعرضنا لحروق شديدة».
سعيد حسين حسن، أحد ضحايا تلك الجريمة، يقول: «قام ضباط الشرطة بإجبار كل المجموعة على التوقيع إفادة خطية بأن ضباط الشرطة لم يكونوا مسؤولين عن الحريق والإصابات التي نجمت عنه، وأننا لن نوجه أي اتهامات للشرطة»، وبعد وقت قصير قامت دائرة الأمن الوقائي السعودية بترحيل الأشخاص الـ18 إلى اليمن ضمن مجموعات صغيرة.

مغالطات الحكومة السعودية
هذه الحادثة البشعة أثارت موجة غضب واستياء كبيرة في الشارع اليمني، كما استهجنت واستنكرت عديد المنظمات الإنسانية الدولية هذه الجريمة، موجهة انتقادات لاذعة للحكومة السعودية، التي حاولت التبرؤ من مسؤوليتها عن هذه الحادثة، بل ادعت أنها إنما قامت بإنقاذ الضحايا اليمنيين، بحسب ما صرح به الناطق باسم الداخلية السعودية لصحيفة «عكاظ»، حيث جاء في تصريحه أن دوريات الشرطة قامت بإنقاذ الضحايا اليمنيين من حريق اشتعل بالخطأ في المكب، مشيراً إلى أن مزاعم الضحايا ليست موثوقة، لأنهم مجرد جامعي نفايات لا يحملون وثائق!
لم تعتذر الحكومة السعودية ولم تسعَ لجبر ضرر الضحايا، بل ذهبت بكل عنجهية واستعلاء للحديث عن عدم امتلاكهم وثائق ثبوتية، وكأن النفس الإنسانية لا تساوي شيئاً إن لم تمتلك أوراقاً ثبوتية.
أحمد ناجي، الذي كان مغترباً أثناء وقوع الحادثة، يقول للصحيفة: «أتذكر تماما شعوري بالمرارة والحسرة عند سماعي للخبر في اليوم التالي للمحرقة. الكثير من اليمنيين والسعوديين الشرفاء استنكروا الواقعة رغم محاولة الإعلام السعودي إنكارها وتبييض وجه حكومته بالتقليل من حجم الجريمة».
ويضيف ناجي: «الأمن السعودي يستهتر بأرواح كل الأجانب الوافدين، ويتعامل معهم بانتقاص، وهناك الكثير من قصص الاستهانة بالمغتربين التي لا يتناولها الإعلام».

فيلم هوليوودي بعسير أبطاله 18 يمنياً
بعد محرقة خميس مشيط بحوالي عام، والتي لم يكترث لها نظام بني سعود ولا لضحاياها، جاءت فاجعة أخرى تؤكد التوحش المتأصل في نفوس هذه العائلة الإجرامية وأجهزتها القمعية.
تمثلت هذه الفاجعة بحادثة المطاردة في عسير، والتي كانت الأقرب إلى أفلام الأكشن، وهي ليست الحادثة الأولى التي تفجع فيها أُسر يمنية، فسيناريوهات العنف التي يتلقاها المغتربون اليمنيون من السلطات الأمنية السعودية لا تنتهي. 
مأساة عسير بدأت مع دخول الضحايا اليمنيين إلى الأراضي السعودية بطريقة غير شرعية، كما تزعم السلطات السعودية، لطلب الرزق، فعادوا بإصابات وكسور جسدية ونفسية. ولكن يبدو أن الشعور بالإنسانية متبلد لدى السلطات اليمنية والأمن السعودي على حد سواء تجاه ما يواجهه المغتربون اليمنيون من تعامل سيئ وإهانات في المملكة.
تمثلت حادثة عسير بقيام الدوريات السعودية بمطاردة سيارتين على متنهما 30 يمنيا، في مشهد شبيه بما نراه في أفلام هوليوود، وقد أسفر عن الحادثة إصابة 18 يمنياً بجروح وكسور، فيما توفي سائق إحدى السيارتين اللتين كانتا تقلانهم أثناء المطاردة.
تم إسعاف المصابين إلى مستشفيات منطقة عسير، فيما لقي سائق إحدى السياراتين مصرعه أثناء قيام دوريات تابعة للسلطات الأمنية السعودية بمطاردة السيارتين.
الكثير من اليمنيين المغتربين نالهم صنوف من الإهانة والإذلال على أيدي ضباط وعساكر وكفلاء بني سعود، لكنهم يكتمون في نفوسهم آهات وانكسارات سنوات الغربة مرغمين ومجبرين من أجل لقمة العيش ومن أجل عائلاتهم التي تنتظر تحويلاتهم المالية.
كل ذلك يبعث إلى المواطن السعودي رسالة رسمية مفادها أن الإهانة والإذلال والاستعلاء على الآخرين مباح، وبرعاية من السلطة!