حاوره: طلال سفيان / لا ميديا -

شخصية تبعث كثيراً على الإعجاب لرجل ديناميكي لا يتوقف أبداً.
هو من أشهر نجوم لعبة الكاراتيه في اليمن، خاض معترك التحولات في الحياة لإظهار وتعريف وانتشار هذه اللعبة القتالية الممتلئة بالفن والرقي على الساحة اليمنية.
مغامر وصريح ودبلوماسي في آن.. إنه بطل ومدرب الكاراتيه عدنان الريمي الذي فتح قلبه لملحق صحيفة «لا» الرياضي، وأفاض بحكاياته مع لعبة عشقها حتى النخاع، شارحاً اجتهاده وآلامه وأمنياته.


 بداية نرحب بك كابتن عدنان بملحق «لا» الرياضي.
- حياك الله أخي الكريم، ومرحبا بك وبصحيفة "لا".

أول يمني يحصل على الحزام الأسود
  حبذا لو تعطينا نبذة عن بدايتك في لعبة الكاراتيه؟
- بدأت حكايتي مع لعبة الكاراتيه عندما تم تعيين المرحوم والدي عبدالله حمود الريمي سفيراً لليمن في المملكة المغربية بداية عام 1978، حيث كان والدي -رحمة الله عليه- من نجوم الكرة اليمنية آنذاك، وأحد مؤسسي نادي أهلي صنعاء، ولهذا كان مطلعاً، وبالتالي قام بإلحاقي بالجامعة الملكية المغربية للكاراتيه، حيث كان عمري 13 عاماً، رغبة منه في أن أكون أول يمني يحصل على الحزام الأسود، وكان له ذلك، حيث حصلت على الحزام الأسود في نهاية الفترة التي انتهت فترة عمل والدي، بداية عام 1982. 

استعراض تعريفي
 متى أسست المعهد الخاص بلعبة الكاراتيه؟
- عند العودة لأرض الوطن عام 1982 واجهت صدمة كبيرة.. الناس هنا لا تعرف ما هي الكاراتيه، فبدأت بنادي وحدة صنعاء، ظللت فترة أتمرن وحدي في حوش النادي للتعريف باللعبة، ثم انتقلت إلى نادي الشعب لنفس الغرض، لكن لم يلتحق لاعب واحد، حتى بدأت أيأس، ثم قمت بعمل فقرات استعراضية بين شوطي المباراة النهائية التي كانت تقام آنذاك في دوري كرة القدم، والحمد لله كانت بداية الإقبال وبشكل متواضع جداً.
وثبت الإقبال على هذا المستوى، مما اضطرني للقيام بعمل فقرات تدريبية واستعراضية في حديقة الثورة بشكل أسبوعي كل يوم جمعة، حيث الإقبال الجماهيري الكبير على الحديقة آنذاك، فتحسن الإقبال على اللعبة، ولكن واجهت صعوبة التعصب الرياضي الأعمى آنذاك.

 ممكن توضح لنا ما هو التعصب الرياضي الذي واجهته؟
- بمعنى لا يسجل عندي في نادي وحدة صنعاء إلَّا من مشجعي نادي الوحدة، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس أول نادٍ متخصص للعبة الكاراتيه عام 1986، وأطلقت عليه معهد صنعاء للكاراتيه، وذلك في منطقة نقم.

تأسيس الكاراتيه في الجيش
 كيف يجري معك العمل في المعهد؟
- بسبب المعهد تعرضت حياتي لمخاطر كثيرة ومتاعب مدمرة ومحاربة شرسة، ومع الأسف الشديد لازالت هذه المشاكل قائمة حتى اللحظة.

 وماذا بعد؟
- بعد تأسيس المعهد بفترة وجيزة التحقت بالتجنيد الإجباري بعد الثانوية العامة، وهنا استغللت الوضع، وقمت بعد معاناة ومتابعة بالبدء بتأسيس لعبة الكاراتيه في الجيش اليمني، وذلك بمعسكر الأمن المركزي، حيث تم تخرج دفعة كتيبة كاملة من حملة الأحزمة الملونة المتقدمة في اللعبة، والتي عول عليها في ما بعد بمواصلة التدريب عقب انتهاء فترة التجنيد.
عقب ذلك في جامعة صنعاء وفي كلية التجارة بدأت أدرب طلبة الجامعة بشكل عام من كل التخصصات، وكان ذلك في بداية 1987، حيث تم بذلك تأسيس قسم الأنشطة الرياضية بجامعة صنعاء مع الكابتن المرحوم سمير العقر.
وعندما انتهيت من التعريف باللعبة في الجيش وكذا جامعة صنعاء، حان دور المدارس، إلَّا أنه لم يكن وقتها توجد مدارس خاصة سوى المدرسة الأمريكية في منطقة بشملان، أما المدارس الحكومية لم أتطرق لها. 

نجحنا رغم محاولات البعض إفشالنا
 دشنتم مؤخراً العديد من الأنشطة والفعاليات والمنافسات على مستوى المدارس والمراكز.. ممكن تحدثنا عن هذا الأمر؟
- نعم دشنا بطولة المدارس الأهلية، ومنها البطولة الأولى للكاراتيه بالمدارس الأهلية بمديرية الثورة، والتي كان فيها العمل شاقاً جداً وطويلاً جداً، حيث تم الإعداد لها خلال 3 أشهر، قمنا خلالها بزيارة فصول كل مدارس مديرية الثورة البالغ عددها 60 مدرسة، وذلك من أجل التعريف باللعبة وقواعد المباريات وشروطها، ومن ثم تسجيل الفرق المشاركة من كل مدرسة، حيث بلغ عدد المشاركين 50 مدرسة، تغيبت 4 مدارس وامتنعت 6 مدارس.
وبعد ذلك تم وضع الجدول الزمني لانطلاق البطولة، التي استمرت 5 أسابيع، حيث قسمت إلى 5 مجموعات. وهذه كانت خطوة كبيرة جداً، ولم تحصل في تاريخ اليمن من حيث عدد الفرق أو اللاعبين الذين وصل تعدادهم إلى 300 مشارك.
وبعد نجاحنا الكبير في بطولة المدارس التي أقيم حفل التكريم الختامي في ملعب كرة قدم في حي النهضة، نظراً لحضور 1200 لاعب من جميع المدارس المشاركة وغير المشاركة، شكلوا لوحة أبهرنا بها الجميع، وخاصة من حاول خلال مدة إعداد وتنظيم البطولة توقيفها وإلغاءها بكل الوسائل المتاحة، لكنهم فشلوا أمام إصرار الجميع.
بعد ذلك تم تنظيم بطولة كاراتيه لجميع أندية ومراكز وأكاديميات ومعاهد أمانة العاصمة للكاراتيه، وذلك أثناء مهرجان الملتقى الشتوي الثاني لنادي الوحدة بصنعاء، حيث شارك الجميع عدا أندية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، والتي قامت بدورها بعمل بطولة بنفس الوقت، تعمدا منها لإفشال بطولتنا التي أذهلت الكثيرين من حيث المبدأ، وحضور واسع من جميع الجهات الرسمية والرياضية طوال مدة البطولة التي استمرت أسبوعاً لسبب بسيط هو عدد المشاركين الذي وصل إلى 200 لاعب.

 هل واجهتم صعوبات خلال هذه الفعاليات؟
- الصعوبات عديدة ومتواصلة مثلما ذكرت لك، إلَّا أنها تحدث بشكل كبير، بل تطورت من تحت الطاولة إلى العلن مع الأسف الشديد وبشكل مباشر وصريح وجريء.
ولكننا لا نرضخ لها ولا نعيرها أي اهتمام، فقد تعودنا عليها، وأصبحنا على قدر التحدي الأكبر باستمرارنا بأنشطتنا التي لن تتوقف مهما كانت الظروف والعوامل المؤثرة والنتائج المترتبة عليها، فهناك الكثير من الناس يجعلوننا نتحمس ونندفع للمواصلة من أجلهم.

حباً في اللعبة وليس طمعاً في الربح
 هل تأتي هذه الأنشطة بهدف الربح المادي أم إرساء قواعد اللعبة على المستوى الشعبي؟
- لو أقسم لك بما تحب إن كل الأنشطة والفعاليات التي أقوم بها من حين عرفت نفسي هو حبا للعبة الكاراتيه، وإن أغلبها أغطيها مما أتحصل عليه من اشتراكات اللاعبين، والتي منها أيضاً تذهب لتسديد الإيجارات التي تراكمت عليَّ كثيراً، وكذلك بعض الأساسيات والأدوات اللازمة لكل نشاط وفعاليات، ولا يبقى لي ولله الحمد إلا اليسير منها، وبعضها والله ومنها آخر بطولة نظمتها كانت بحديقة الثورة "بطولة الحدائق العامة الأولي للكاراتيه"، وهذه أول فعالية تقام على مستوى العالم، وكلفتني هذه الفعالية أن أبيع بدلتي الخاصة بالتدريب، وكذا بدلة ابني، حتى أغطي مصاريفها، ولله الحمد نجحت البطولة، وكانت رسالة تحدٍّ لمن راهنوا عليها بالفشل إن لم يكونوا قد سعوا بالفعل لإفشالها، ولكن تحت إصرار وعزيمة الكل انصدموا، وخيب الله آمالهم كسابقتها.

 كيف ترى واقع لعبة الكاراتيه في اليمن حالياً ومستقبلاً؟
- واقع اللعبة وبالذات في هذه المرحلة التاريخية الحرجة، في تحسن مستمر وتطور كبير، خصوصاً الأنشطة العديدة التي أقيمت، وكذا الفعاليات التي تمت بصراحة من قبل عشاق اللعبة في اليمن، وإلا كانت رياضة الكاراتيه قد انتهت.

ابن الوز عوَّام
 قبل فترة بسيطة قام ابنك ضياء بعمل حركة خطيرة في فج يقع بوادي ظهر.. ما هي قصة هذه الحركة التي ألهبت مشاعر الناس؟
- قصة هذه الحركة بدأت لإصرار وإغراء بعض القنوات الفضائية الخارجية بإعادة المحاولة التي أجريتها في الثمانينيات وتصويرها بالفيديو.. رضخت لهذا الطلب، وقلت أولاً أذهب أنا واثنان من المدربين لتصوير ومعاينة المكان بشكل دقيق لتحديد الطريقة والوسيلة التي سيتم بها تنفيذ هذه الحركة، وكيف سيتم التصوير.. قمنا بزيارة المكان في وادي ظهر، ولكن الصدمة هنا كانت عندما بدأت أتسلق الجبل شعرت بخوف شديد وثقل كبير وصعوبة في تسلق الجبل. 

 ما الذي حصل؟
- المرة الأولى طلعت أنا والفريق المكون من 20 لاعباً أعمارهم 7 و9 و13 سنة، وكنت أحمل بعضهم فوق ظهري، لم أشعر بهذا الشكل، فكلما اقتربنا من المكان ازداد الخوف، ما الذي حصل؟ وهنا أخبرت الآخرين بما أحس به، قالوا خلاص لا داعي للمحاولة، وتم العدول، وعند النزول شعرنا بثقل غريب. والله بقينا مرضى أسبوعاً، كيف وماذا حصل، لا أدري. لكن قام ابني ضياء بأداء هذه الحركة في فج يقع في جبل تحته بمئات الأمتار قرية القابل بوادي ظهر. لقد أدى ضياء الحركة بشكل مذهل، فاق بها والده.

 يقال ابن الوز عوام.. وهذا ينطبق على أبنائك بعشقهم للكاراتيه كوالدهم، أليس كذلك؟
- ابن الوز عوَّام صدقت، فأنا لي من الأولاد 3، ومن البنات اثنتان، وجميعهم أبطال في اللعبة، وواحدة من بناتي بطلة على المستويين العربي والآسيوي، والآخرون جميعهم أبطال جمهورية ولاعبو منتخبات.

 ما هي الإسهامات التي قدمتها للعبة الكاراتيه في اليمن؟
- أسهمت كثيراً والحمد لله، ودعني أستعرض أهم إسهاماتي بلعبة الكاراتيه على مستوى بلدنا الحبيب:
1 - شاركنا في تأسيس أول اتحاد للعبة.
2 - تأسيس اللعبة عن طريق العروض والتمارين الرياضية التي كنا نقوم بها في شــــوارع صنعــــاء وحدائقها وميادينها.
3 - نشر وإدخال اللعبة إلى وحدات الجيش والقوات الخاصة.
4 - إدخال اللعبة إلى جامعة صنعاء وتأسيس إدارة الأنشطة فيها.
5 - تأسيس أول صالة متخصصة للعبة باسم معهد صنعاء للكاراتيه.
6 - تنظيم وإقامة أول بطولة في الجمهورية للعبة عام 1989.
7 - تخرج عدد كبير من المدربين الذين انتشروا في أغلب المدارس والجامعات الخاصة وكذا المعسكرات ومن ثم المحافظات.
8 - فتح العديد من الأندية والمراكز الخاصة باللعبة.


 كلمة أخيرة نختتم بها حوارنا معك كابتن عدنان؟
- أشكركم على هذه اللفتة من خلال الحوار، وأود أن أقول إننا في معهد صنعاء للكاراتيه لا نسعى فقط إلى صنع الحدث القريب، بل إن هدفنا وحلمنا التميز وصنع المعجزات في رياضة الكاراتيه للأمد البعيد.. وأتمنى أن يكون الوطن بأمن وسلام.