بشرى الغيلي / لا ميديا - 

حظه ليس أنه من فصيلةِ الطيورِ النادرة فقط، ليجد كل ذلك الاهتمام والصدى الإعلامي الكبير منذ 8 أشهر، هي فترة وجوده في اليمن، فهو من بين 14 نسراً زودت بأجهزة تتبع لأهدافٍ بيئية، وهو نسر ضخم نادر من فصيلة «griffon vulture»، إذ أراد العلماء في مجموعة «صندوق تعقب الحيوانات البرية والنباتات FWFF»، مراقبة الأمكنة التي يحلق فيها، والتحقق مما إذا كان لايزال على قيد الحياة، ومنذ بدأت رحلة نيلسون من بلغاريا تابعوا تقدمه وهو يتجه جنوب الجزيرة العربية، إلا أنهم لم يكونوا قلقين بشأن ذلك، فغالباً ما يقطع هذا النوع من الطيور مسافات طويلة، قبل أن يعود إلى موطنه الأصلي.

تهمة نجا منها
فقدت المجموعة البيئية الاتصال تماما بـ«نيلسون»، في نوفمبر 2018، وبعد عبوره حدود السعودية مع اليمن، علمت في وقت لاحق أن اليمنيين شاهدوه وهو يرفرف فوق تعز، إلا أنه وقع أسيرا لدى مليشيات العميل هادي بتهمةِ التجسس لصالحِ أنصار الله ونقل الأسرار العسكرية من خلال جهاز التعقب الذي اعتقدوا أنه جهاز تجسس، فتم احتجازه لديهم، وبعد ضغوطٍ ومساعٍ لعودته إلى موطنه، تم تسليمه إلى مندوب المنظمة البلغارية لحماية الحيوانات البرية، بناءً على تفويض من المعنيين في  بلغاريا.

«ساند» تسلمه لصندوق الأمم المتحدة
سلّمت منظمة ساند للإغاثة والتنمية، النسر نيلسون، من خلال مؤتمرٍ صحفي حضرته وسائل إعلام محلية ودولية، إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومهدت لنقله إلى موطنه الأصلي.
صحيفة «لا» حضرت المؤتمر الصحفي الذي أكد فيه رئيس منظمة «ساند» محمد حميد الكبوس، أن وجود قسم خاص بالبيئة لدى المنظمة دفعها للاهتمام بقضية النسر البلغاري الذي تكلل بتسليمها إياه من الجهات المختصة التي كان تحت رعايتها طوال الفترة الماضية.
وأشار الكبوس إلى أن «ساند» وقعت اتفاقية شراكة مع منظمة «FWFF» المختصة بالطيور، بتقديم الرعاية للنسر طوال بقائه في اليمن حتى اليوم الذي يتم فيه تسليمه رسمياً للبرنامج البيئي لدى مكتب الأمم المتحدة الإنمائي فـــــــي اليمن، ومهدت لنقله إلــــــى موطنه بلغاريا بالتنسيــــــــق والترتيب مع الجهـــاتِ المعنية لعمليةِ النقل.
وبيّن أن جميع الطيور الكاسرة والجوارح من النسور والصقور والحديات، تعبر من اليمن باعتبار باب المندب الطريق البحري الأقرب للوصول إلى أفريقيا، حيث تقضي الطيور هناك فصل الشتاء، وتعود في الربيع عن طريق الجهة الأخرى من البحر الأحمر، وتعبــــر خليج السويس إلى أوروبا.

على متنِ طائرة أممية
فيما أوضح المنسق الوطني د. عمر علي الصغير ـ يعمل لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بصنعاء، أن رحلة النسر نيلسون ستتم عبر نقله إلى جيبوتي على متن طائرة، لأنها الوسيلة المتاحة والممكنة لوجود منتجع لتأهيل الحيوانات المعاقة، والتي تعاني من مشاكل أثناء الهجرة، وسيبقى في المحمية لفترة حتى يتم تأهيله، وبعدها سيسافر إلـى بلغاريا موطنه الأصلـي، ثم يعاد تركيب جهاز ستلايـت لمتـــــابعته ومساعدته إذا احتاج ذلك، إلـى أن يعاد إطلاقه بشكل نهائي إلى البرية.
أما من ناحية الصعوبات التي واجهتها «ساند» خلال استلام النسر نيلسون، فقال عبدالرحمـن الخولاني، نائب الرئيس التنفيذي للمنظمة، إن متابعـــة ذلك والتواصـــــل مع المعنيين استمر أكثر مــن شهرين، وكان استلامه في 22 سبتمبر 2019م، كون «ساند» وقعت على اتفاقية مع جمعية تهتم بحماية الحيوانات، مؤكداً أن تلك الاتفاقية تلزمها بالعمل الجاد على تنفيذ بنودها، والتي تنص على حماية الحيوانات بكافة أنواعها، والتعاون لتنفيذ برامج ومشاريع مشتركة لتحقيق هذه الاتفاقية.

يا ليتني نيلسون!
قصة النسر نيلسون تركت انطباعا جميلا ومدهشا لدى البعض ممن تابعوا تفاصيلها... تغريد عادل (طالبة جامعية) قالت إن مثل هذا الاهتمام الذي أظهرته بلغاريا بفقدانها أحد طيورها النادرة من مجموعتها البيئية، والاستماتة حتى عودته، يدل على وعي و رقي كبير لديهم، وتساءلت في ختامِ رأيها: إذا كان هذا اهتمامهم بالحيوان فكيف اهتمامهم بالإنسان؟ 
أما سامي عبدالمجيد (رب أسرة) فقد علّق من خلال متابعته لقصة النسر بعد أن أخذ نفسا عميقا مبتسما: ليت وأنا نيلسون، وأحظى بكل هذا الاهتمام والرعاية، واستدرك: لكن للأسف ما نشعر بذلك إلا حين يتضاربوا علينا أصحاب الباصات. 

إنهم رائعون
فيما علّقت نادية فانجيلوفا، من «FWFF»، عن اليمنيين الذين تواصلوا مع المنظمة بعد العثور على رقم الهاتف البلغاري للمجموعة البيئية، ملصقا بجناح النسر: «إنهم أناس رائعون، يهتمون بحياة طائر على الرغم من ظروف الحرب الكارثية التي يواجهونها»، وأضافت: «تواصلوا معنا لأنهم يعلمون أن مساعدة نيلسون ستكون صعبة في بلد يكافح الناس فيه من أجل البقاء، في ظل الحرب والكوليرا والجوع».