هو نجم فوق العادة. هو حالة خاصة. هو قائد محنك. هو موهوب بالفطرة. هو مشوار زاخر في كرة القدم اليمنية، ولاعب قدم الكثير على مدى عشرين عاما، ارتدى خلالها فانيلات ناديي المجد والأهلي والمنتخب الوطني. إنه النجم الكبير، أوناسيس الكرة اليمنية، جمال حمدي، الذي تألق كثيراً وأبدع في ملاعب كرة القدم اليمنية والخارجية.
كانت بداية علاقة الكابتن جمال حمدي مع كرة القدم مبكرة جدا، ففي العام 1976 وعندما كان في الـ15 من عمره، كان هناك موعد لنجومية خاصة للاعب قادم بقوة إلى ملاعب كرة القدم، حباه الله بمقومات ليكون مميزاً بين أبناء جيله، حيث انضم إلى صفوف فريق النجم، أحد أشهر الأندية في ذلك الوقت في مدينة صنعاء، والذي كان يضم لاعبين من حارة واحدة يجمعهم الحب والمودة. ونتيجة لظروف معينة عاشها الفريق رحل نجومه إلى أندية أخرى، ومنهم: جلاعم، سعيد العرشي، والحمامي.
تلك الأوضاع كانت سببا في أفول فريق النجم واختفائه من الساحة الرياضية، فكان لا بد من وجود كيان آخر يحتضن الخبرات والمواهب فسعى جمال حمدي مع مجموعة من اللاعبين إلى تكوين فريق حمل اسم "13 يونيو"، التاريخ الذي حمل في تلك الحقبة خطوة التصحيح للرئيس الفقيد إبراهيم الحمدي في عام 1976.
بعد أن اكتسب جمال الخبرة الكافية في مرحلتين خاضهما في صفوف النجم و13 يونيو، جاءت المرحلة الأبرز وذات التوهج للنجم الكبير، وذلك بدمج فريقي الثورة و13 يونيو في فريق واحد سمي "المجد"، والذي حمل معه مجدا رياضيا مشرقا ابتداء من عام 1979 عندما كان الفريق حاضرا بقوة بنجوم بارزين كان منهم جمال حمدي ومحمد الآنسي والراحل مهدي الحرازي ومحمد القيني، فقارع الفرق الكبيرة وأثبت حضوره في المنافسات ونال بطولتين (بطولة جامعة صنعاء التي كانت تنظم دائما بست فرق، وأيضا بطولة النخبة) على حساب فرق صنعاء المرصعة بالنجوم الكبار. كل ذلك كان في العام 1979 الذي سجل مجدا شخصيا بفوز جمال حمدي بلقب أفضل لاعب في اليمن.
مشوار جمال حمدي مع المجد الذي ابتدأ قويا وهو يقود خط دفاع الفريق ويسجل أهدافا كثيرة، تواصل لسنوات عديدة كان فيها جمال نجما بارزا إن لم يكن الأبرز على الساحة الكروية في صفوف المجد الذي كان أحد الفرق المنافسة دائما على المراكز الأولى في كل البطولات التي كانت تقام على الساحة، وتوج خلالها بكأس الجمهورية الذي يعتبر الإنجاز الأبرز لفريق المجد، الذي كان آخر مشواره معه في عام 1988م عندما غادر الوطن إلى أمريكا للدراسة.
في أمريكا خاض الرهيب جمال حمدي عدة تجارب باللعب مع فرق في المنطقة التي عاش فيها، إضافة إلى تدريبه لفئة سنية هناك نال بها بطولة، وتم تكريمه. وعند عودته إلى أرض الوطن صدم بتراجع فريقه المجد في النتائج وانحداره بعد أن غادره وهو في أحسن حال.
أوضاع المجد رتبت للنجم الكبير موعدا خاصا مع فريق آخر هو أهلي صنعاء في موسم 93-1994م، توج خلاله بطلا للدوري، ليكون ختام مسك لمشوار نادر لنجم سطع وتألق وأبدع مع الكرة على ملاعبنا.
لم تتأخر علاقة الكابتن جمال حمدي مع كرة القدم، فمع بداياته وفي سن مبكرة، وبالتحديد في عام 1978م، كان التواجد الأول في صفوف المنتخب في الدورة العربية السادسة في ليبيا مع مدرب انجليزي يومها، وارتدى جمال حمدي ألوان منتخب اليمن للمرة الأولى ضد منتخب جزر القمر، وشاءت الظروف أن يعود المنتخب لوفاة الرئيس إبراهيم الحمدي.
وفي النيبال كانت مشاركة جمال مع منتخب الشباب في تصفيات آسيا مع المدرب سالم عبدالرحمن.
ثم جاءت فترة علي محسن مريسي والتي غيرت موقع لعب الكابتن جمال حمدي الذي كان يلعب مدافعا فنقله إلى وسط الملعب، ليواصل عطاءه اللافت وظل مصاحبا للتألق في المباريات الكثيرة التي قاد فيها المنتخب ورسم لوحات فردية في إطار المجموعة وفي المحافل العربية والآسيوية، سواء أكان في مشاركات رسمية أم في رحلات ودية كالتي سافر فيها مع المنتخب إلى مصر وخاض مباراتين ضد الزمالك والمقاولين العرب، وكذلك مباريات في صنعاء على الاستاد الرياضي الذي افتتح بمباراة ضد منتخب الجنوب سابقا، فسجل أول الأهداف، ومباريات أخرى ضد الأهلي المصري ومنتخب مصر العسكري وكثير من المباريات التي وصل عددها في مشوار جمال حمدي لما يقارب 90 مباراة دولية سجل فيها أهدافا كثيرة منها أسرع هدف عام 1986 في الإمارات في تصفيات كأس آسيا ضد منتخب تايلاند وانتهت المباراة بالتعادل.
وجود جمال حمدي في فريق المجد لم يكن مانعا أمام انتقائه الدائم من قبل الفرق التي تخرج لتشارك في بطولات خارجية، حيث خاض مع الأهلي مباريات في السعودية وشارك مع الوحدة في كأس اليمن الثانية التي توج فيها بطلا على أرض ملعب الحبيشي عندما فاز الوحدة على شعب صنعاء.
ولأنه كان نجما فوق العادة فإن الكابتن جمال حمدي كان موضع اختيار دائم وسفيراً للكرة اليمنية في شمال الوطن سابقا في التجمعات العربية التي يتم فيها جمع نجوم من كل الدول، فقد شارك في موسم 86-87م في السعودية وفي موسم 88-89م في القاهرة في تجمعين لمنتخب العرب.
في مشواره الرياضي الحافل كان النجم الكبير محظوظا، حيث نال شرف التواجد مع مجموعة من اللاعبين في قوام أول منتخب يمني موحد عام 1989 والذي خاض مباراة على ملعب الشهداء بأبين وأخرى في العاصمة صنعاء.رغم أن الكابتن جمال كان مدافعا ثم لاعبا في خط الوسط، إلا أن علاقة خاصة جدا ربطته بشباك الخصوم في المباريات التي خاضها، فقد كان هدافا للدوري خلال موسمين وهو في صفوف فريق المجد، حتى أنه سجل عام 1986، 30 هدفا. ومن الأهداف التي مازالت مرسومة في الذاكرة للنجم الشهير هدفه وهو يرتدي فانيلة المنتخب في مرمى حارس النادي الأهلي المصري العملاق إكرامي.
في العام 1995 ودع أوناسيس اليمن الملاعب بمهرجان كبير لا يقام إلا للأبطال من أمثاله، ليطوي مشاهد نجم كان أفضل ما أنجبته الملاعب اليمنية.