عبدالملك هادي / لا ميديا -

لا يساوي الدم اليمني عنده برميل نفط واحداً، وما زال يمارس هوايته السادية القديمة فيما أهالي ضحاياه يتوعدونه بالقصاص في حسابات محمد اليدومي الانتهازية، لا يساوي الدم اليمني برميل نفط سعودياً واحداً،  ولا تستحق العائلات اليمنية التي قتلتها طائرات تحالف العدوان أي بيان تضامني أو تنديدي أو حتى تعزية مواساة.

ولا يتوقف محمد اليدومي، أمين عام حزب الإصلاح، عن إصدار بياناته المتباكية على أرواح المدنيين السعوديين، زاعماً أن أنصار الله استهدفوها، كما أنه لا يخجل من مباركته العلنية لمجازر تحالف العدوان بحق اليمنيين وتحريضه الاستمرار فيها.
ليس غريباً على اليدومي إرخاصه للدم اليمني، فهو قاتل بشع، مازال صيته السيء حاضراً كنائب لرئيس جهاز الأمن الوطني الذي أزهق أرواح العديد من المعتقلين قسرياً بعد جرعات تعذيبيه قاسية جداً لم يتحملوها، فكان الموت بالنسبة لهم خلاصاً من جحيم اليدومي.
ورغم محاولة اليدومي تغطية أفعاله الإجرامية الآثمة بارتداء ثوب الواعظ الديني، إلا أن أسر ضحاياه، وهم كثيرون، يعتبرونه «مسخاً» وقد امتلكوا شجاعة نشر جرائمه مؤخراً والمطالبة بملاحقته قضائياً ليقتصوا منه.
وفي حين ظن محمد اليدومي أن جرائمه قد نُسيت وقيدت ضد مجهول، تكفل العديد من النشطاء الحقوقيين بفضحه، وهم في طريقهم لتحريك دعوات لمقاضاته.
ويبدو أن اليدومي اختار خاتمة سيئة لحياة لا تختلف عن تلك التي بدأ بها مسيرته العملية كضابط سيء الصيت في جهاز الأمن الوطني. وليس أسوء من أن يظل في ذاكرة اليمن كمجرم وعميل.
ومنذ بدء العدوان على اليمن نهاية مارس 2015، اختار اليدومي الفرار إلى السعودية التي احتضنت عمالته، ومن هناك واصل مهمته القذرة في قتل اليمنيين. لقد تشابهت بداية اليدومي ونهايته، غير أنه الآن أصبح مكشوفاً تماماً. وفي هذا التقرير نستعرض بعضاً من جرائمه. 

تصفية الوجرة
نشر مدير عام منظمة شهود، بشير المصباحي، على صفحته في «فيسبوك»، وبالتزامن مع الذكرى الـ29 لتأسيس حزب الإصلاح، تفاصيل اعتقال وقتل واحد من ثوار 26 سبتمبر وأحد الثوار المشاركين في فك حصار السبعين، الشهيد أحمد علي ناصر الوجرة، من وصاب الأسفل في محافظة ذمار.
وقال المصباحي إن الوجرة تم اعتقاله وتصفيته بداية عام 1984 من قبل العقيد محمد عبدالله اليدومي، حين كان ضابطاً مسؤولاً بجهاز الأمن السياسي في صنعاء.
وأكد المصباحي أن سبب تصفية الوجرة الدموية خلفيته وثقافته اليسارية ومشاركته في أنشطة الجبهة الشعبية داخل وصاب والمناطق الوسطى. وبعد مقتله، تم إلقاء القبض على أخيه محمد علي ناصر الوجرة بمديرية القفر في محافظة إب، وتعرض للتصفية الجسدية لاحقاً مع بعض رفاقه داخل السجن، وأخفيت جثته ولم تسلم لأهله حتى يومنا هذا.
منشور المصباحي عن الوجرة أثار حفيظة الإصلاحيين، فأمطروا منشوره بوابل من النقد والتكذيب محاولين إبعاد تهمة اغتيال الوجرة عن اليدومي؛ غير أن المصباحي رد عليهم بسرد حقائق تدين اليدومي، حيث قال: «رواية المنتصر زيفت الحقائق للقضاء على قصة نضال ملهمة للأجيال. ومن ضمنها حكاية مقتل الوجرة، حيث استدرج إلى صنعاء وتم اعتقاله وتصفيته بصورة انتقامية على خلفية نضاله وتاريخه وأفكاره وتوجهه السياسي، وكانت الحرب حينها قد هدأت، بل وانتهت تماماً، ولم تكن هناك أي مواجهات، وقتلوا من بعده أخاه بذات الطريقة وتعرضت أسرته وأولاده لمعاملة قاسية».

لطيفة تبكي أخاها
وتناقل نشطاء قصة روتها لطيفة علي، وهي شقيقة لأحد المعتقلين قسرياً في فترة الثمانينيات، واسمه محمد، ذكرت في تفاصيلها كيف كان طلبة جامعة صنعاء من الشباب اليساريين آنذاك يتعرضون لعمليات اختطافات وإخفاء قسري على يد وكيل جهاز الأمني الوطني العقيد محمد اليدومي.
وبحسب ما جاء في قصة لطيفة، فإن أخاها محمد علي الذي كان طالباً في جامعة صنعاء ويعمل صحفياً في صحيفة الأمل تعرض للتعذيب الشديد ثم القتل بالمسدس الشخصي لمحمد اليدومي، حيث قام هذا الأخير بضرب محمد في مؤخرة رأسه وأسقطه قتيلاً.

استنساخ اليدومي في تعز
كان جهاز الأمن الوطني في الثمانينيات حكراً على قيادات إخوانية أدارته بوحشية، كانت متخصصة في تصفية اليساريين والقوميين، ثم تحولت إلى العمل الحزبي والسياسي بعد إعلان الوحدة في تسعينيات القرن الفائت، وفي مقدمتهم اليدومي والقمش وصالح سميع.
الناصريون بدورهم اتهموا اليدومي باستنساخ جهاز للأمن الوطني في مدينة تعز، مدللين على ذلك بسردهم للعديد من عمليات الاختطافات والإخفاء القسري بحق ناشطين ناصريين وآخرين معارضين لسياسة الإصلاح القمعية داخل تعز.
وفي العام 2015، قام حزب الإصلاح باستنساخ جهاز أمني خاص بالحزب في مدينة تعز، شبيه بجهاز الأمن الوطني في ثمانينيات القرن الفائت.
وحول الإصلاحيون مدارس تعز إلى معتقلات سرية تكتظ بالمئات من مدراء المكاتب المحلية، وسياسيين وشخصيات اجتماعية وناشطين معارضين للإصلاح.
وكانت لجنة أمنية قد كشفت عن 43 شخصاً تعرضوا للاختطاف والإخفاء القسري منذ 3 أعوام في تعز على أيدي عناصر تابعة لحزب الإصلاح وتتستر باللجنة الأمنية المشتركة للتغطية على أعمالها القمعية.
وقالت تقارير حقوقية إن 13 من المخفيين تم الكشف عن مصيرهم من قبل ما يسمى الاستخبارات العسكرية في تعز، وأن 21 مخفياً من إجمالي عدد المشمولين بالكشف تم إخفاؤهم قسرياً خلال الأعوام الثلاثة الفائتة.
وما يزال كل من أيوب الصالحي القيادي في الحزب الاشتراكي، وأكرم حميد معتقلين، في سجون الإصلاح السرية منذ أكثر من عامين، الأول على خلفية مناهضته لجميع أشكال المليشيات المسلحة داخل مدينة تعز، والثاني تم اختطافه بسبب قيامه بنشر قضايا فساد قامت بها قيادات عسكرية كبيرة تابعة لحزب الإصلاح.

الخيواني وملف التعذيب
منتصف العام 2014، كشف الكاتب والناشط الحقوقي والصحافي والسياسي الشهيد عبدالكريم الخيواني، في ملف تحقيقي استقصائي، عن ملف التعذيب وجرائم محمد اليدومي في سجون الأمن الوطني وشركائه محمد خميس وصالح سميع.
قبل تقديم الخيواني لملفه ذاك، لم يكن أحد يجرؤ على الحديث عن اليدومي في حقبة الثمانينيات، وما فعله بعشرات أو مئات المعتقلين قسرياً وعلى ذمة قضايا سياسية.
امتلك الخيواني شجاعة فتح ملف في توقيت كان فيه الإصلاح مسيطراً على مفاصل الدولة والحكومة، وقد قدم سفير النوايا الحسنة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان في اليمن ملفاً مهماً انتظرته عائلات الضحايا أكثر من 35 عاماً.
وكان ملف الخيواني يضج بفظائع وممارسات وحشية؛ ومن بينها قصص معتقلين قضوا نحبهم على يد وكيل جهاز الأمن الوطني العقيد محمد اليدومي، ومنهم محمد عبدالقاهر المخلافي والصحفي محمد عبدالله هادي الذي مات أيضاً تحت التعذيب، ولم تسلم جثته لأهله. 
وتضمن الملف شهادات لقيادات بعض الأحزاب، تحفظت على إعلان أسمائها لاعتبارات سياسية، منها تحالفها الجديد مع التجمع اليمني للإصلاح الذي يرأسه اليدومي وكشفت تلك القيادات تعرضها للتعذيب على يد اليدومي وأنه كان يمارس التعذيب بحقهم أثناء التحقيق ليلاً.