د. فوزي الصغير ـ رئيس جامعة صنعاء لصحيفة (لا):
نطالبُ زملاءنا بموقف من العدوان ولن نسمح بعرقلة العملية التعليمية

تثبت جامعة صنعاء على مدى عامين كاملين أنها جبهة صمودٍ أسطوري ستالينجرادي لا يُقهر... تعلّم العالم دروساً في الثباتِ على مبدأ وطنيٍ أذهل الجميع... رغم ما يحدث من دعواتٍ تحريضية لوقفِ الدراسة، وهنا أنهت بعض الكليات امتحاناتها في وقتٍ مبكرٍ، في حين استأنفت كليات أخرى سير العملية الامتحانية بسلاسةٍ وانسيابية، ما يثبتُ أن هناك إدارة قوية تواجه أعتى عدوانٍ يحاول أن يزج بالدراسة في أتونِ السياسةِ التي طالما حرصت الجامعة على إبعادها عنها.. صحيفة (لا) توجهت مباشرةً إلى رئيس جامعة صنعاء الدكتور فوزي الصغير، الذي كان مكتبه يضم الكثير من الأكاديميين عبر اجتماعاتٍ وحلولٍ على مدار الساعة وحتى كتابة هذه السطور، وانتظرته حتى يفرغ من ذلك وظفرت منه بالحوارِ التالي..  
100 مادة..
رغم ما اعترى الحرم الجامعي من أحداثٍ وإرباكات في الآونةِ الأخيرة، ما تقييمكم لسير العملية التعليمية الجامعية؟ وكيف سارت الامتحانات؟ وهل هناك تأثيرات لدعواتِ الإضراب؟
بالرغم من أنه كان هناك دعوات من الهيئة الإدارية للنقابة لوقف العملية التعليمية، لكن نحن بصراحة نشكر زملاءنا من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، والموظفين، والعاملين في الجامعة الذين بوقوفهم استمرت العملية التعليمية بشكل طبيعي حتى وصلنا لمرحلة الامتحانات التي سارت بشكل طبيعي وجيد في معظم الكليات كـ(الحاسوب) و(الآداب) و(اللغات)، وحالياً كلية (الإعلام) مستمرة بها العملية الامتحانية، وكذلك (التربية) التي بلغ عدد المواد التي تم امتحانها فيها 100 مادة في جميع الأقسام، كذلك كلية (الزراعة) بعض الأقسام وقّفت العملية الامتحانية، مع أنها سارت بشكل متسارع في الأسبوع الأول، لكن في الأسبوع الثاني نتيجة لضغوط الهيئة الإدارية للنقابة، ونزولهم أيضاً لقاعاتِ الدراسة والامتحانات، وأيضاً تحريض الطلاب على عدم دخول الامتحانات، فكان هناك امتناع من قبل بعض (الأكاديميين) الذين هم على علاقةٍ بالنقابة بشكلٍ أساسي.

احتكمنا للقضاء
تجيير العملية التعليمية بالجامعة من قبل (بعض) أعضاء هيئة التدريس لخدمة مصالحهم الخاصة والحزبية، وتحويلها إلى أداةٍ للتحريض تحت يافطةِ الحقوق.. ما هي إجراءاتكم بحق من يعملون على إرباك العملية التعليمية في الجامعة؟   
نحن قلنا إنه لا بد من إبعاد العملية التعليمية عن السياسةِ بالذات، وقلنا إن التسييس ليس في صالح العمل الأكاديمي، ولا العملية التعليمية، وأن الجامعة تكون مصدراً لإلهام الطلاب لكثيرٍ من العمليات، سواء كانت تعليمية أو سياسية، ولكننا أكدنا على زملائنا من الأكاديميين في الهيئة الإدارية في النقابة أو الزملاء الآخرين، على تجنيب العملية التعليمية السياسة، والتأثير على وضع الطالب الجامعي، والجامعة بشكل عام، لأن المتضرر الوحيد هو الطالب، وإقحامه في العمل السياسي ينعكس عليه بالضرر، بالتالي نحن اتخذنا بعض الإجراءات، لأن النقابة في معظم بياناتها التي صدرت كانت تتحجج بالقانون، ونحن حالياً رفعنا دعوى في المحكمةِ بالنسبةِ لبعض الإجراءات القانونية التي اتخذناها سواءً ضد النقابة، أو من يعرقل العملية التعليمية داخل الجامعة، وهذه الإجراءات الآن في القضاء وستأخذ مجراها، ونحن أيضاً في الأخير سنحتكمُ للقضاء.

يتطاولون على الوطن
الدور الغائب (لبعض) الأكاديميين، وهو الدور الوطني الذي يفترض أن يضطلعوا به في مواجهةِ العدوان، ولكن يصر البعض على تسييس العمل الأكاديمي وإفراغه من مضمونه... ما تعليقكم على ذلك؟
لا ننكر أن الكثير من الأكاديميين يتبعون أحزاباً معينة، وبالتالي الالتزام الحزبي يفرض عليهم أيضاً أن تكون لهم توجهات بالنسبةِ لمواقفهم ولأحزابهم، لكن نحن جميعاً من صمد في الداخل نطالبُ زملاءنا الموجودين والصامدين معنا في الميدان بأن يكون لهم صوت للدعوةِ إلى إيقافِ هذا العدوان، وأن يكون لهم صوت أيضاً بأن هذا العدوان الظالم استهدف الجميع، وليس فئة معينة بذاتها، بل استهدف الوطن بشكل كامل، لذلك نحن طرحنا على بعض الزملاء الذين ينشرون بعض الكتابات، أن ما يُكتب في اليمن من قِبلهم لو تمت كتابته ونشره في السعودية لزجُّوا بهم جميعهم في السجون، سواء في (فيسبوك)، أو على الصفحاتِ الشخصية لبعضِ الأكاديميين، أو لآخرين، ولكن قلنا للجميع أن يكتب بحرية داخل اليمن ولا يوجد من يمنعهم، لذلك نحن عندما نطلبُ من الجهاتِ المختصة أن تتخذ بعض الإجراءات، ليس لشيء، ولكن لأن هناك من يتطاولون في بعضِ الأحيان على الوطن بشكل كامل.

معركة وجود لليمنيين
بات الكثير يرى أن (البعض) يمارسون أدواراً مشبوهة لصالح أجندات خارجية تستهدف الوطن بمسمياتٍ خادعة... ماذا عملتم حيال ذلك؟  
وضحت الصورة الآن من خلال سنتين من العدوان، وهاتان السنتان أفرزتا الكثير من الجوانب، كمواقف وطنية، وكمواقف لأحزاب سياسية، فكانتا كفيلتين بإفراز جانبين كجانب مع (العدوان)، وآخر مع الوطن، ونحن نؤكد لزملائنا أن تكون المواقف جادة للجميع، لأن الجميع في معركة، والمعركة بمثابةِ مسألةِ وجود لليمنيين ككل، وليس لأشخاص معينين، وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية.

تهديدات مباشرة
يقال إن (بعض) الدكاترة امتنعوا عن طرحِ أسئلة الاختبارات بسبب إضرابهم، فكيف تتم تغطية عمل المضربين، خاصة أن الامتحانات تمت بموعدها الذي أعلنته الجامعة؟
بالفعل نحن أكدنا في مجلس الجامعة على قرارٍ هو بالأساس في إطار قانون الجامعات اليمنية، وأكدنا أنه لا بد من وضع الامتحانات، وأن على الأقسام الموجودة أن تمارس مهامها في إطار القانون، وفي بعض الأقسام التي بها نفس التخصصات للزملاء لا بد أن يكون من يضع السؤال هو المتخصص في بعض الأقسام، وهو ما أكدنا أنه نوع من العصيان المدني يُتخذ نتيجة للتحريض الشديد من النقابة، وأيضاً من التهديدات التي لاقاها بعض الأكاديميين، وهي تهديدات مباشرة كالتشهير بهم عبر المواقع، ومواقع التواصل الاجتماعي، والصحف، وغيرها..

حلولها طويلة الأجل
توقيت ومشروعية الإضرابات هل هي ضرورية الآن؟ ولماذا في هذا التوقيت الذي يمر به البلد؟ لماذا لا يقدرون الظروف الراهنة كما هو حال بقية موظفي القطاعاتِ الأخرى في الدولة؟ وما هي معالجاتكم في الجامعة للراتب كونه المبرر الذي ينشط من خلاله الداعون للإضرابات؟
في ما يخص الراتب.. فعلاً قمنا بمعالجة ذلك يوم 4/12، وكان ذلك من خلال مجلس الجامعة الذي طرحنا من خلاله أن يكون هناك سلفة للأكاديميين بمبلغ 100 ألف ريال، والموظفين 50 ألف ريال، وطُرح الأمر بشكل واضح على أساس أن تكون هذه السلفة من الموارد الذاتية للجامعة، لكن نتيجة لتسارع الأحداث وامتناع البنك المركزي، والمالية عن صرف الموازنات التشغيلية للجامعة، اضطررنا إلى أن نتأخر قليلاً بالنسبة للصرف من الموارد الذاتية، لأنها أصبحت لا تكفي لتشغيل الجامعة بشكل أساسي، لذلك حاولنا أن نبحث عن حلولٍ أخرى، وطرحنا أيضاً بعض الحلول مثل البحث عن بنوك تجارية للاقتراض منها، وطرحنا فكرة البنوك التجارية على النقابة كبدائل، فاتجهت النقابة إلى حلولٍ طويلة الأجل، ونحن كنّا بحاجة إلى حلولٍ وقتية وآنية سريعة، وبدورنا وجّهنا رسائل لوزارة المالية على أساس توجّه للبنك المركزي بصرف مرتب شهر أكتوبر على الأقل، بحيث نستطيع أن نقدمه للدكاترة، وأثناء المعالجات التي قدمناها صُرف النصف الثاني من شهر سبتمبر، وهدأت الأمور بعض الشيء، وكنّا نحاول أن يكون شهر أكتوبر صُرف هذه الأيام، ونحن في المراحل الأخيرة الآن تواصلنا مع (كاك بنك) ولديهم تسهيلات كثيرة للجامعة، ويمكن أن يقدموا سلفة على أساس أن تلتزم وزارة المالية بعمل التعزيز المالي بنهايةِ الشهر.

شكراً لمن صمدوا
هل من إضافةٍ تودون طرحها عبر صحيفةِ (لا)، سواءً في ما يتعلقُ بالطالبِ الذي قهر الصعاب والتزم الحضور، أو في ما يخص الأكاديمي الذي صمد حتى هذه اللحظة؟
في نهايةِ هذه المقابلة وعبر صحيفتكم نشكر زملاءنا الأكاديميين جميعاً الذين كان لهم مواقف خلال العامين من الصمود، واستطعنا خلالها أن نسيّر العملية التعليمية بشكل طبيعي وجيد. كما نقدّم الشكر لزملائنا في الكلياتِ التي أنهت الامتحانات، بالإضافة إلى معظمِ الكلياتِ التي هي في طور الإعداد للامتحانات، والتي نتمنى أن تستمر، ثم نجد الحلول المناسبة لاستلام الراتب. أما الطلاب فنقدّم لهم التحية، لأن معظمهم التزموا بالحضور برغم الصعوبات التي واجهوها، كشحةِ الموارد، وصعوبة الوصول إلى الجامعة، وعدم توفر المصاريف اليومية، إلا أنهم كانوا أصحاب مواقف جادة، حتى إن معظم طلابنا ينتظرون الإجازة ليتوجهوا إلى الجبهات، لكن مشكلتنا الآن بتعطيل العمليتين التعليمية والامتحانية، فأصبحوا منتظرين لذلك، ونحن نتمنى أن تستمر العملية الامتحانية بشكل سريع، وبعدها نأخذ جميعاً إجازة، أو ننطلق جميعاً إلى الجبهات.