حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا-

الشعراء المشاركون في برنامج «شاعر الصمود» هم اللبنة الأساسية لانطلاق سيل جارف من الشعراء المواجهين للعدوان، ومشاركتهم في البرنامج شجعت الكثيرين على البوح والكتابة والمشاركة، في الوقت الذي كان فيه أكثر الشعراء يقفون على الحياد، وكل من شارك في البرنامج وضع بصمته بطريقته الخاصة.. ضيفنا اليوم هو الشاعر علي المحاقري «شاعر العِزة»، أحد شعراء الصمود، وهو أيضاً مجاهد ميداني، حيث إنه أحد أبطال معركة حجور. هو شاعر متمكن وسلس المعاني، يكتب بطريقة السهل الممتنع، بطريقة العنفوان والشموخ الذي لايليق إلا باليمنيين. له روح نقية طيبة، بمجرد أن تراه تشعر أنك تعرفه من قبل لما يحمله من قلب مجاهد مؤمن بصدق القضية ودناءة العدوان، لهذا كان لنا شرف الالتقاء به والدردشة معه.

تملكني الشعر مبكراً
 • متى كانت بدايتك مع الشعر؟
منذ مرحلة الدراسة، وخصوصاً المرحلة الثانوية، مع العلم أنني كنت أميل للمواد العلمية أكثر من المواد الأدبية، إلا أن الشعر كان يتملك الجزء الأكبر في تلك المرحلة، حيث كانت قصائدي تتمحور حول الأحداث مع الأصدقاء عند اجتماعنا للمذاكرة عند أحد الزملاء مثلاً، كذلك في التعبير عن بعض المواقف القبلية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، كذلك أيضاً على دعوات الزفاف، وهكذا كانت البداية.

"شاعر الصمود" سلم الصعود
 • ما الذي أضافه إليك برنامج "شاعر الصمود"؟
بصراحة هذا البرنامج أضاف لي الكثير والكثير، فأنا لا أكذب ولا أجامل أحداً عندما أقول بأنه لولا هذا البرنامج بالنسبة لي على الأقل لما عرفني أحد ولما تعرفت على أحد أيضاً. 
ولا أنكر أيضاً أنني كنت متخوفاً من الظهور على الشاشة لأول مرة وبشكل مباشر، وفى أول حلقة، وأنتهزها فرصة هنا كي أشكر الشعراء الكبار الذين شجعوني على المشاركة، وهم الشاعر الكبير والعملاق معاذ الجنيد، والشاعر الرائع عباد أبو حاتم، لذلك يعتبر هذا البرنامج بالنسبة لي برنامج الصعود، إلى جانب الصمود.

جسر الانطلاق
 • قدمت قصيدة رائعة خلال افتتاح البرنامج، ماذا تعني لك تلك القصيدة؟
افتتاح البرنامج لم يكن بي وحدي، بل كان هناك 5 شعراء كبار، أنا كنت سادسهم، وهم: الشاعر محمد الجرف، الشاعر أحمد درهم المؤيد، الشاعر أحمد عطاء، الشاعر عاقل بن صبر، الشاعر غمدان عيشان، الشاعر علي المحاقري.
أما بالنسبة للقصيدة فقد عنت لي الكثير، إذ كانت بمثابة الجسر الذي بدأت الانطلاق منه.

هؤلاء لبنات صرح الزامل
 • ما رأيك في شعراء الصمود والبرنامج؟
شعراء رائعون جداً، صداهم لايزال يلوح في الأفق حتى اللحظة، 48 شاعراً وشاعرة كانوا هم اللبنات الأولى في بناء هذا الصرح الشامخ للقصيدة والزامل اليمني الأصيل الذي عرّف الناس بالحقائق والأحداث التي كانت ومازالت تدور في اليمن، فهناك من جاهد بالقلم، وهناك من جاهد بالبندقية، وهناك من جاهد بهما معاً، وأعتقد أن هناك شعراء ممن شاركوا في هذا البرنامج أصبحوا شهداء، مثل الشاعرين محمد العراسي وطاهر الفرح.

من صدى أخشام البنادق
 • "يا سلامي من صدى أخشام البنادق".. لديك زامل قوي أنشده الرائع محمد القحوم، حدثنا عنه.
زامل بسيط جداً يحمل أبياتاً شعرية بسيطة، عندما كتبته لم يكن أحد يهتم به لأنه وللأسف الشديد مشكلة القارئ اليمني أنه ينظر الى الكاتب قبل المكتوب، وكذلك ينظر إلى الشاعر قبل القصيدة، فإن كان الشاعر أو الكاتب محبوباً لدى القارئ، أبدى اهتمامه به، وإلا لا يلتفت إليه.
المهم أنه ذات يوم ونحن في بيت الثقافة لحضور فعالية عامين من الصمود في وجه العدوان، التقيت المنشد الرائع محمد القحوم، فقال لي حينها إنه كان بالأمس في إذاعة "وطن" بمعية الشاعر والمنشد والملحن الرائع طلال خصروف، وأثناء حديثهما طلب خصروف منه أن يقوم بزوملة هذه القصيدة التي هي من كلماتي وألحان خصروف، فنالت استحسان المنشد محمد القحوم، وقام بتسجيلها في ما بعد.

زوامل منشدة
 • هل لديك زوامل أخرى تم إنشادها؟
نعم، لدي بعض الزوامل، منها على سبيل المثال زامل أداه المنشد إبراهيم الشرفي، والذي أقول في مطلعه:
صرصر البركـان فـي الجـو صرصر
لا وسـط صـنــعـا سِـمـعـنــا دويّــه
سرّجت جـِده مـن الـبـرق الاحـمـر
واقتلب صــبـح الـسـعـودي عـشـيّـه
وكذلك زامل "عانق المجد" للمنشد أبو مرتضى الشريف، والذي أقول في مطلعه:
عانق المجد واعلن في الميادين بشرى
يا سلاحي وضيّف كل غازي بمعبر
صبّح الخصم من بطن التماتيك حمرا
الـصـبـوح الـبـراكـيـن والـغـداء ما تـيـسّـر
إلى جانب بعض الأعمال في بعض الإذاعات.

لا إطار ناظم يجمعنا
 • لماذا اختفيت من المشهد الثقافي فجأة؟
لم أختف، ولكن هناك مرحلة مرت على جميع الشعراء لم يستطيعوا تحديد إطار ناظم لهم، يجمعهم حتى ليوم واحد فقط في الشهر، كما كان يحصل في مؤسسة "دمون" التي كنا نجتمع فيها على الأقل يوماً واحداً في الأسبوع، حيث كان من خلال هذا اليوم تظهر أعمال كثيرة جداً؛ منها على سبيل المثال برنامج "شاعر الصمود".

سؤال للجمهور
 • أين ترى نفسك اليوم من الفيضان الشعري الهائل وكثرة الشعراء خصوصاً في هذه المرحلة؟
هذا السؤال ليس من حقي الإجابة عليه، بل من حق جمهوري، فهو الوحيد الذي يحق له الإجابة على هذا السؤال.

الشعر يجري في عروقي
 • ماذا يعني لك الشعر؟
يعني لي الكثير والكثير، فالشعر لي بمثابة الوطن للمغترب العاشق لوطنه، بمثابة الطير العائد إلى عشه في آخر النهار.
الشعر هو الدم الذي يجري في عروقي، الشعر هو ذلك الرصاص الذي نراه في جماجم الأعداء في كل الجبهات على الأقل في هذه المرحلة؛ مرحلة الدفاع عن الوطن.

الفضل للعدوان
 • من الذي شجعك واكتشف فيك روح الشعر؟
كما ذكرت لك آنفاً كيف كانت بدايتى الشعرية، إلا أن الذي شجعني وزاد من قريحتي الشعرية هو العدوان الجائر الذي حاول ومازال يحاول تدميري، هو الوحيد الذي أخرج ما بداخلي، وفجرها على شكل شظايا شعرية.

دور كبير وفعّال
 • كيف ترى دور الشعراء خصوصاً في ظل هذا العدوان الجائر؟
لا يخفى على أحد أن أهل اليمن آمنوا برسالة النبي الأعظم (صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين) التي أرسلها مع الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو الشعب نفسه الذي استجاب للدفاع عن عرضه بقصيدة من شاعر، وهبَّ إلى الجبهات بخطاب من السيد القائد سلام ربي عليه، فمتى ما كانت الرسالة صادقة والقصيدة صادقة، والخطاب صادقاً، تجد الشعب اليمني يتقبلها بثقة وإيمان.
لذا فإن الشعر كان له دور كبير وفعّال، خصوصاً عند العرب الأقحاح اليمنيين، أصل العروبة.

تخليص البيت الحرام من الدنس
 • ما الذي تتمناه كشاعر يمني؟
لا تسألني هذا السؤال، لأن إجابته تتطلب سرد يوم كامل، ولكن سوف أعطيك بعض تلك الأمنيات كمواطن يمني وليس كشاعر يمني، ومنها، أن أجد جميع الشعب اليمني في صف الحق ضد العدوان متماسكين متراحمين متكاتفين متعاونين، أن يوصلني الله إلى بيته الحرام حاجاً معتمراً وفاتحاً ومخلصاً للبيت من دنس اليهود وبني سعود.

الإخلاص أساس النصر
 • ما هو الموقف الذي لن تنساه طول عمرك؟
مشاركتي في معركة حجور، حيث كتب الله لنا النصر بمجرد وصولنا، فما هو إلا أسبوع واحد فقط حتى فتحنا الطريق المؤدي إلى سوق العبيسة. متى ما أخلص الإنسان في عمل ما لله، فإن الله لا يمكن أن يجعله يذهب سدى.

أميل للقصيدة العاطفية والغزلية
 • هل تكتب القصيدة العاطفية أم أنك حربي فقط؟
بالطبع أميل للقصيدة العاطفية والغزلية، وما من شاعر إلا وهو مائل إليها مهما حاول أن يظهر عكس ذلك.. ولكن ومن وجهة نظري، وهناك الكثير ممن يساندني الرأي، أن وقتها ليس الآن على الأقل في هذه المرحلة.

 • هل أنت راض عن مستواك الشعري اليوم؟
لا، ولكن أطمح للمزيد، وهذه الإجابة ليست إجابتي وحدي، بل إجابة كل شاعر، بحسب اعتقادي من يجيب بنعم فقد وصل إلى مرحلة الغرور.

فاوض عدوك بالسلاح
 • ما هي القصيدة التي كتبتها وترددها باستمرار؟
فاوض عدوك وانت قابض للسلاحْ
فاوض وعينك في السواحل ساهره
فاوض وسيفك في يمينك والرمـاحْ
حتى ولو شفت أن الأوضاع سـابـره
ليست هي الوحيدة التي أرددها دائماً، لكن على الأقل هي القصيدة المواكبة للأحداث في المرحلة الراهنة، فلولا زرانيق تهامة، الأبطال الأشاوس لكان الوضع اليوم في حال لا يحسد عليه.

الحلقة الأضعف
 • ما هي رسالتك لشعراء العدوان وما يُسمى "الشرعية"؟
قبل أن أجيب على هذا السؤال، أريد هنا أن أوجه سؤالاً للعالم بأكمله، زوامل من تلك التى وصلت وجابت العالم دولة دولة، زواملنا أم زواملهم؟ قصائد من تلك التي سافرت دول العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قصائدنا أم قصائدهم؟ بالرغم من بساطة الكلمات عند بعض شعرائنا، وكذلك بساطة الألحان، إلا أن الروح الصادقة والنابعة والصادعة بالحقيقة موجودة في تلك الأبيات. أما رسالتي لشعراء العدوان فهي رسالة واضحة: من غرّد خارج الصف الوطني هو الحلقة الأضعف.

 • هل هناك سؤال نسيت أن أسألك إياه؟
في الوقت الراهن، لا.

 • كلمة أخيرة تود قولها؟
سعدت بلقائكم كثيراً، وأتمنى من الله تعالى أن أعيد هذا اللقاء معكم مرة أخرى، ولكن في محافظة الرياض أو محافظة أبوظبى أو حارة البحرين.
اللهم احفظ اليمن وأهله، اللهم انصر المجاهدين في الجبهات، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم سدد ضرباتهم ورمياتهم، اللهم ثبت أقدامهم وزلزل الأرض من تحت أقدام أعدائهم.