بشرى الغيلي/ لا ميديا

منبتها الشوق، ومأتاها الحرمان، ومتنفسها البوح، وأفقها البعد، فتخصب الوجدان، وتتدفق القريحة في كتابتها.. إذ يسكن المحبوب في منطقة اللايقين، ليكتسب ألقه وتوهجه، فتأتي الكلمات على الرسالة عذبة ومعذّبة في آن معاً... كانت نسيانًا جميلًا للذاكرة، وحدائق خلفية يعود إليها المُحب كلّما أعيته الأيّام.. تلك هي رسائل الحب بين العشاق على مرّ تاريخ البشرية كوصل لإدامة الحياة.. وفي ظل الثورة المعلوماتية تغيّرت الأساليب والطرق في التعبير عن 
المشاعر... وبات الواتسآب، والماسنجر، والتيليجرام، والإنستجرام، والسناب شات، والفايبر... وغيرها من تطبيقات التواصل الاجتماعي التي حلّت بديلاً عن الحمام الزاجل، والبريد المرسل على الورق، وحيل المحبين في إيصال رسائلهم لمن يحبون خوفاً من الوشاة والرقباء، وخوف الفضيحة والعار. الكثير من التفاصيل حول ذلك ناقشتها (لا) مع إعلاميين، وأدباء، وأخصائيين اجتماعيين، تحدثوا عن ذلك ضمن سياقنا بين أيديكم.. 

ورد بلاستيكي
الحب يقيم في اللغة عندما يكون الواقع عصيًا، وهو ما يؤدي أحيانًا إلى الإفراط في استعمال الأدوات اللغوية عند التعبير عن الحب، والمحمل الذي تركبه اللغة سواء كان ورقيًا أو إلكترونيًا أو شفويًا، يبقى دوماً جهة محايدة في علاقة عاطفية تربط الذكر بالأنثى، حسب وجهة نظر للأخصائية النفسية التونسية أميرة العروي، وتضيف: المسألة مرتبطة في كل الأحوال بجهاز الذاكرة الذي يخزن اللحظات المؤثرة في حياة الإنسان، بما في ذلك حالات الحب ورسائل العشق الورقية التي تظل جزءًا من ذاكرة بصرية لحالات نفسية بعضها مؤلم أحيانًا، مشيرة إلى الدور الذي باتت تلعبه التكنولوجيا في إدارة العلاقات العاطفية التي تؤدي إلى التعلق الذي نسميه الحب، إذ يكمن الخطر في تحول العلاقات من الواقع إلى الافتراضي، حسب رأيها، في انتفاء أركان العلاقة الأساسية، وهي لقاء الأجساد، ولقاء العيون، والتخاطب المباشر، ما يعني زوال اللهفة، وبالتالي يتحول التعبير عن المشاعر إلى مناخ يحمل بعض الجفاف الشبيه بالورد البلاستيكي، كما تقول.

خط اليد والجانب النفسي
من جانبه، أحد النفسانيين يقول رأياً مغايراً: نحن لا نستحمّ في نفس النهر مرّتين، بمعنى نحن لا نعود إلى الوراء لنقيم في لحظات من الماضي. وهو يقدّر أنه لا بدّ أن يتطور التواصل بين المحبّين، ويخضع لمقولة التاريخ، حسب تعبيره، لتوجد طرق جديدة تختلف عن طرق الآباء والأجداد. ولذلك يعتبر أن التكنولوجيا لعبت دورًا وسائطيًا هامًا في مستوى التواصل بين العاشقين، وهو ما من شأنه أن يكسب العلاقات نكهات جديدة، حسب تعبيره.
ويقول آخر: الرسالة المكتوبة تعطي مساحة للتعبير الوجداني أكثر من الوسائل الإلكترونية، فهي تجعل الجهاز العصبي يفرز هرمونات تساعد على خفض التوتر، لاسيما إن كان لدى المرء شوق وقلق أو سؤال عن أي شيء. واعتبر أن الجهاز العصبي يعكس الحالة النفسية، وبالتالي فإن خط اليد الموجود في الرسالة يعكس مدلولات نفسية يمكن أن يكتشفها من يعرف قراءة الخط، لاسيما أن هدفها الأساسي هو التواصل بين الأفراد.

بريد القلب
الإعلامية سامية العنسي لها رؤية حول ذلك، تقول: لم تكن الكلمة حياة إلاّ في زمن التراسل الورقي والرسائل المكتوبة بمداد الروح، كيف لا وهي القادمة من بريد القلب وعاطفته وبراءة مشاعره ونبض تعابيره الصادقة.. لم نكن نفتح الرسائل لنقرأ حروفها، وإنما لنتتبع بين سطورها نبضات قلب متسارعة تكاد أن تفضح عفوية الحياء وخجل الإحساس الذي يستقوي لحظتها على كل شيء فينا، فننزوي بعيداً عن الأعين إن كانت حميمية المعنى.. أما إذا كانت إنسانية أخوية فالكل يستمع إلى قارئها أو كاتبها بدموعه لا بعيونه.. لهذا لم تكن الرسائل سوى قلوب نابضة حتى ولو كانت من ورق. 

كنتُ مرسال حب
تحكي العنسي بطرافة أنها أسهمت في طفولتها في التقريب بين حبيبين وإن لم يتوفقا: استثمار البراءة في أمسنا البعيد كان من أجمل ما كان كجسر لتوصيل المشاعر وحل الخلافات وتقريب القلوب، وكنت أنا على ما أتذكر أحد الأطفال الذين كان لهم الفضل في تقريب قلبين تزوجا، لكنهما سرعان ما اختلفا. وتضيف: لا يمكن أن أنسى تلك الهرولات من بيته إلى بيتها، وأنا أتشبث برسالة، كأن الحياة بين يديّ.
وفي جزئية أخرى تضيف الإعلامية العنسي: لن أبالغ إذا قلت إن ظاهرة الخيانة لم تكن لافتة أو متسيدة لروح العلاقات آنذاك، لأن الحب بالنسبة لجيل الأمس البعيد كان إحساساً بريئاً متطهراً من أي غرض أو مصلحة، وقائماً على الأمانة والمسؤولية وأخلاق الرجولة.

زمن اللهاث
تختم العنسي: إننا نعيش في زمن اللهاث وفقر القلوب وارتفاع صوت المصالح وأنانية النفوس، وتضيف في هذه الجزئية: لا يصح أن نشوّه فضيلة الحب وقيمة العاطفة، ونضعها على ميزان المقارنة العاطفية في علاقات اليوم، فانقلاب موازين القيم والأخلاق والتربية هي مأزقنا في هذا العصر. فكلما هيمنت حاجات النفس ومتطلبات الحداثة، خفتت حاجات الروح وانزوت، وجعلت الرغبات المادية هي شوكة الميزان لعلاقات اليوم العاطفية، فكان التصحر الوجداني والإفلاس القيمي والجفاف الفكري هو وحده قاعدة العواطف والمشاعر في جوف الكثير من الأشخاص، إلاّ من رحم ربي. ولا ألوم حداثة العصر وثوراته التكنولوجية، لأن الإنسان هو المعجزة الروحية التي تتلاشى أمامها كل المؤثرات السلبية لتلك التطورات، هذا إذا أدركنا أن الإنسان من روح الله، وأن قلبه من ذهب، كلما شوهته رواسب العلاقات أعاد تجديده ولمعانه بماء الإنسانية وأخلاقها.

يحب (واحدة)... ويكلم عشـراً
بمجرد أن ينهي دردشته مع حبيبته ويقول لها "تصبحين على خير"، يظل "أونلاين" حتى الفجر، يحادث هذه، ويسلم على تلك، ويفتح مواضيع مع ثالثة، إلخ... لا حب، ولا "محبابة"، حسب تعبير شمس عبدالقوي (باحثة) التي أبدت امتعاضها من عشاق آخر زمن، كما أطلقت عليهم، وتبرر ذلك بأن اختلاف وسائل التعبير بين المحبين أفقدت الكثير من القيم التي كان يتحلى بها القدماء، كالإخلاص، والصدق، والوفاء، وأنهم كانوا الأنقى، والأصدق برسائلهم البسيطة، حسب إمكانيات الزمن الذي عاشوا فيه، أما عصر كبسة زر ختمت بقولها: "خليني ساكتة أحسن".

لكل زمان أدواته العشقية
فارس العليي (أديب وناشط حقوقي) يرى أن لكل زمان وسائله وأدواته (العشقية) في عملية التواصل بين حبيبين، وتسهل هذه الوسائل محكومة بثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده وخصوصياته، يضرب مثلاً على ذلك: كأن يلتقي عشاق مديرية منبه في محافظة صعدة وجهاً لوجه، بل يذهب للرعي معها ومرافقتها للحقول وجلب المياه، وقد ينام في بيتها لأشهر، إلا أنه عشق طاهر وعفيف، ويستجيب للثقة المطلقة بينهما، التي تعززها أُسر المجتمع هناك، بينما يستحيل هذا في أغلب المجتمعات اليمنية، وهذه الوسيلة أو الطريقة في اليمن فريدة من نوعها. ويضيف العليي أن المراسلة القديمة بالخطابات البريدية أو عبر وسيط تحكمها نفس العلاقات الاجتماعية والثقافية وعادات وتقاليد المجتمع، وهي طريقة لها معنى في ذاكرة الناس لحظة إرسالهم وتلقيهم أسئلة وأجوبة الرسائل الغرامية والتعبيرات الوجدانية، لكنها محكومة بالمخاطر بحسب وعي المجتمعات وثقافتها.

جرأة المرأة مقرونة بوعي المجتمعات
استهجان جُرأة المرأة في إرسالها للرسائل الغرامية مقرون بإيمان المجتمعات بمعنى وأهمية الحب كعلاقة قبلية ممهدة للارتباط بين حبيبين، ورؤية كلا الطرفين لطبيعة العلاقة، وكيف أنها مقدمة للتعارف والتواؤم وتطبيع علاقتهما، ومن ثم تبدأ -ولا أقول تنتهي- بالزواج، حسبما أضاف في هذه الجزئية العليي، ويعلل أن هذا ما يجب أن يحدث في الواقع، ثم يستدرك: لكن للأسف أن الأمر هنا غالباً ما يحدث بطريقة مختلفة، تنتهي بالفشل، لأسباب كثيرة، أهمها الوعي وثقافة المجتمع والأفراد ونظرتهم تجاه علاقات من هذا النوع المعتمدة على ارتباط قبلي، خصوصاً في مجتمع ذكوري كمجتمعنا اليمني.
ويضيف العليي: يمكن للعذر باعتباره في العالم الافتراضي غير حقيقي تماماً أن يحكم هذه العلاقة، ويتملص منها باعتبار أن علاقة حب وغرام عبر الفضاء السبراني محكومة بإمكانية اختراق الحساب، كتملص يمكن أن يطرحه أي حبيب أو حبيبة للتخلص من الآخر، كما أن فهم واستيعاب سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام متدنٍّ، وغير مأخوذ على محمل الجد، وبذلك لا يتم اعتقال أو إدانة الناس في القوانين اليمنية، ما يعطي مؤشراً مريحاً للمستخدم في التلاعب بما يمارسه أو يقوله، وأنه غير ملزم به، كما يعطي أي اختراق لشبكات أو مواقع أو مستخدمي العالم الافتراضي من قبل "الهكر" فرصة لممارسة هذا الخرق الخطير، لذا تقل شكاوى من هذا النوع في اليمن، وتحتكم إلى الواقع الحقيقي في الممارسة التقليدية التي تؤمن بها المجتمعات كفعل حقيقي معترف به.
يختم العليي: كل هذا يخلق فضاء نفسياً آمناً رغم فوضويته لممارسة المحادثات والدردشات التي لا تطرح في الحسبان قبل ضغط زر الإرسال أثناء تبادل المشاعر والتعابير أياً كان نوعها، والفضيحة الإلكترونية غيرها في الواقع، لأنه يبقى ثمة عذر للتملص أو الاحتجاج به، حتى لو تم تسريب صورة إباحية يمكن القول إن أحدهم فقد هاتفه أو أنها فوتوشوب وليست حقيقية، والناس لا يدققون أو يهتمون بمتابعة أية نتيجة من هذا النوع أو هذا المنحى. لكن مع الزمن سيصبح استخدام هذا النوع من التقنيات في ممارسة الحب كعلاقة شيئاً محسوباً وله ثمن وعواقب.

زواج بالغصب.. خوفاً من العار
عبدالجليل اليوسي (صحفي وناشط حقوقي) يقول: كان التواصل بين العشاق والمحبين راقياً وجميلاً جداً، وله طعم ورونق مختلف، وقد ترنم شعراء كثر في الرسائل كقول أحدهم: كتب العذارُ ويا له من كاتب. ويستشهد بقصة الأميرة ولّادة بنت المستكفي بالله وابن زيدون، أشهر قصة غرامية في الأندلس، وكانوا يستخدمون الحمام الزاجل أيضاً في تبادل الرسائل، علاوة على العبيد والجواري. 
يضيف اليوسي: إذا عرف الأهل بالرسائل، فإن بها أموراً عكسية ستحدث، فيزوجون المرأة بالغصب خوفاً من العار وكلام الناس، وقد حدث ذلك ونحن معايشون له في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم. أما اليوم فقد تغير الوضع جذرياً، فإفرازات الثورة التكنولوجية والمعلوماتية من الهاتف الثابت إلى المحمول إلى التطبيقات الذكية بأنواعها، حطمت الجدران والأسوار، وصار كل شيء لحظياً وبثوانٍ معدودة، ولكن تغيرت قيم الوفاء والمشاعر والأحاسيس، ولم تعد كالسابق، فسلبية هذه التطبيقات والمواقع، غيرت قيماً كثيرة، وإيجابياتها سهلت الصعيب، ورعى الله من أنصف حبيبه، ووفى بعهده ووعده في زمن حب الاستهلاك ومشاعر المصالح.

جبران ومي أنموذجاً لرسائل الحب
الإعلامية منى الطشي تتحدث من منظور آخر، وتقول: مشاعر الانتظار واللهفة بين المحبين كانت ذات شجن، ولها معانٍ راقية، وكانت تؤصل لمعنى الحب وتجذره، وتجعله أكثر عمقاً وأكثر قوة، وأطول عمراً من الآن، وكثيراً ما سمعنا عن قصص حب خالدة في الماضي لمحبين كانت بينهم مسافات بعيدة، وكان تواصلهم محدوداً، ولكن حبهم كان قوياً وراسخاً وحقيقياً، مثل قصة حب الشاعر الكبير جبران خليل جبران، والأديبة اللبنانية مي زيادة، واللذين رغم بعدهما وسكن كل منهما في بلد آخر، إلا أنهما كانا يتواصلان عبر رسائل البريد، وكان كل منهما ينتظر رسائل الآخر بشوق وحنين، وما تزال الأجيال تدرس هذه القصة الرائعة التي تظهر كل معاني الحب والوفاء بين المحبين رغم المسافات وقلة التواصل.

محاذير في مجتمع محافظ
الإعلامي عبدالكريم الشيباني يرى أن العلاقات بين العشاق قبل ثورة التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية، تحفها الكثير من المحاذير في مجتمع محافظ كاليمن مثلاً، وغالباً ما كان العشاق أو لنقل المحبين (الشاب والشابة) يقتنصون الفرصة لأخذ نظرة عابرة أو بضع كلمات سريعة بعيداً عن عيون الناس، والقليل منهم يتبادلون الرسائل المعبرة عن حرارة الشوق والحب العفيف عن طريق وسطاء أقارب من الفتيات أو الأطفال... ويضيف الشيباني أن الكثير من تلك العلاقات كانت تبوء بالفشل ليذهب كل منهما مع شريك حياة آخر، ويبرر أن الأسباب كثيرة، منها على سبيل المثال: الفارق الاجتماعي، أو الوضع المادي لهذا الطرف أو ذاك، لكن ما هو مؤكد أن تلك العلاقات كانت في منتهى العفة والسمو في المشاعر والهدف: الزواج.
يختم الشيباني: كانت وسائط التواصل تقليدية، وبالتالي ظلت العلاقات بين الجنسين محدودة جداً، وكانت المشاكل أو التجاوزات والأخطاء وحتى الجرائم على خلفية تلك العلاقات، ليست بالحجم الذي نسمع ونشاهد في عصرنا الحالي الذي قرب البعيد، وبدد المسافات بين الناس، فأصبح من السهل التواصل بين الشبان والشابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في أي وقت، دون موانع أو حواجز، باستثناء موانع الدين والضمير لدى الأفراد.

كاريزما الورقية
إيمان الهميس (أخصائية اجتماعية) تستشهد بمقولة عربية: "أحب شيء إلى الإنسان ما مُنع"... وتقول: ‏عندما كان هناك صعوبة في إرسال الرسائل بين المحبين قديماً، كان للرسائل كاريزما خاصة، وكانَ الشعور صادقاً، ومشوقاً، وممتعاً ونبيلاً، لأنها تصل بصعوبة خوفاً من الفضيحة والعادات والتقاليد، كانت ت?كتب بصدق وبإحساس طاهر غير مبتذل، وكانَ هناك تحفظ، ومن العار أن تمتلك المرأة هاتفاً، أو يُسمح لها بالانفتاح، لأن كثرة تواجد الشيء تُقلل من قيمته. وتستطرد الهميس: أما حالياً الرسائل والمحادثات لا قيمة لها، فهي سهلة ومبتذلة بحكم كثرة البرامج التي تتم المراسلة بها، تطورنا في القرن الحادي والعشرين، وإشراك المرأة في كافة المجالات، حصل نوع من تقبل المجتمع لوجود المرأة واختلاطها بالرجل، لذلك أصبح الحب سهلاً ورخيصاً، حسب قولها، ومن السهل خداع أي اثنين تربطهما علاقة عبر النت، وتختتم: ففي النت لا تترك سندريلا فردة حذائها للأمير سهواً، فهي تتركها متعمدة، بكل خبث وكيد وتخطيط! في النت ليلى لا يأكلها الذئب، يأكلها صاحب قلم لديه خبرة عظيمة بشعاب النت، والعذارى والأحلام والقلوب! في النت لم تمت "سنو وايت" مسمومة بالتفاحة، ماتت مسمومة بقصيدة ووعد كاذب وشاعر يتّبعه الغاوون! في النت لا تكتفي "سنو وايت" بأقزامها السبعة، إذ يتجاوز عدد الأقزام السبعة بكثير.

آخر الأوراق..
أثناء تحرير هذه المادة هناك من باحوا بأساليب نجحت كثيراً في إيصال رسائلهم الصادقة، كأحدهم الذي قال إنه ما يزال يحتفظ بعلبة فيها مجموعة كبيرة من كروت الاتصال، كلما حن للذكرى أخرجها في وجه زوجته مبتسماً، ويقول لها: هل تذكرين فترة خطوبتنا كم (خسرتيني) من كروت؟! بينما أخرى تقول إنها كانت تستخدم حيلةً لا تخطر على بال: كأن تأخذ الورقة وترميها من فوق سطح منزلهم إلى منزل الجيران، الذي يقطن فيه حبيبها. وغيرها من القصص التي لا يتسع المقام لذكرها. وتبقى رسالة الحب سواء كانت ورقية أو إلكترونية، هي علامة نفسية بالنسبة للإنسان، وكذلك علامة اجتماعية نقف من خلالها على قيم التواصل داخل المجتمع، وكذا علامة حضارية في مستويات إنثروبولوجية وتاريخية. وستبقى رسائل الحب حاضرة ما بقي الحب على وجه الأرض.