كشف وزير الاقتصاد السوري أديب ميّالة أن الدول التي شاركت في تدمير سوريا تضع عيونها اليوم على إعادة الإعمار محاولة التسلل عبر شركات تابعة لها أسستها في الدول المجاورة لسوريا مثل لبنان وفي دول التزمت الحياد في الأزمة، أو من خلال إنشاء صناديق غير حكومية وغير رسمية كما هو حال صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا الذي أنشأه الائتلاف المعارض، مؤكداً أن دمشق متنبهة لهذا الأمر جيداً.
وفي مقابلة خاصة مع الميادين ضمن الحوار الاقتصادي شدد ميّالة على وجود شروط سياسية من أجل السماح لهذه الدول بالمشاركة في عملية إعادة الإعمار من بينها الاعتذار للشعب السوري والتكفير عن ذنوبها والاعتراف أمام شعوبها بأنها أخطأت.  

ميّالة أوضح أن الأولوية في هذه العملية هي للدول الحليفة لسوريا وفي مقدمها روسيا والصين وإيران، حيث وقعت دمشق مع الأخيرة خمس اتفاقيات في الأسبوعين الماضيين اثنتان منها في قطاع النفط واثنتان في قطاع الزراعة وأخرى في الاتصالات، فضلاً عن وجود مباحثات مع الجانب الصيني المتقدم في مجال التكنولوجيا، موضحاً أن اتفاق استخراج الغاز مع موسكو ليس جديداً بل يعود إلى عام 2013 وتم الإعلان عنه في حينه. لكن وزير الاقتصاد السوري شدّد على أن مشاركة هذه الدول ستكون في إطار خطط سورية تضعها حكومة مركزية قوية قادرة على إدارة حركة إعادة الإعمار ما بعد الأزمة، معتبراً أن التعاون مع إيران يعدّ نموذجاً استثمارياً يمكن أن ينسحب على شكل التعاون بين دمشق والدول الأخرى.  

الوزير السوري شكك في المقابل بما يروّج له البنك الدولي من خطط لإعادة إعمار سوريا وتمويلها نافياً الاطلاع على أي خطة في هذا الاتجاه. وقال ميّالة إن "التجارب في كل دول العالم تؤكد أن القروض والإعانات كلها مرتبطة ببرامج تنموية قد لا تتناسب مع أوضاع البلدان فضلاً عن أنها غالباً ما تقرن بتنازلات سياسية تمسّ سيادية الدولة" مؤكداً أنه "لا يوجد في تاريخ سوريا مثل هذه التنازلات". ودعا ميّالة رئيس البنك الدولي الذي عبّر عن قلقه لعدم وجود أموال كافية لإعادة إعمار سوريا إلى الاطمئنان لأنه توجد "أموال السوريين والدول المستعدة للاستثمار في البلاد".  
وبالرغم من أنه لا توجد حتى الآن إحصائيات دقيقة بحجم الأضرار وتكلفة إعادة الإعمار التي قدرها البنك الدولي بقرابة 180 مليون دولار، إلا أن القطاعات الأكثر تضرراً بحسب وزير الاقتصاد السوري هي البنية التحتية والجسور وقطاع النفط. أما لجهة المناطق فتعدّ حلب الأكثر تضرراً ومن ثم تليها حمص.

ولفت ميّالة إلى أن الحكومة السورية أقرت في اجتماعها الأخير وثيقة مهمة جداً هي وثيقة "سوريا ما بعد الأزمة" وضعت فيها المبادئ الرئيسية للإعمار وما بعد انتهاء الأزمة، والتي ستعتمد على القوى الوطنية بالدرجة الأولى، مؤكداً على أهمية استكمال المصالحة الوطنية كجزء أساسي يسهّل عملية إعادة الإعمار.
وأعلن وزير الاقتصاد السوري عن دورة جديدة لمعرض دمشق الدولي المتوقف منذ أربع سنوات في آب/ أغسطس المقبل. وقال ميّالة إن "المعرض الذي يعود الى 1954 ليس تظاهرة اقتصادية فقط بل يعكس العلاقات سياسية بين سوريا والدول الأخرى".