صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي
إنه اليمّ الشاسع الذي تهدر أمواجه، بدرر على شواطئ الإبداع، قصائده ينابيع رقراقة تنساب من ذرى الوجدان، محملة بصور شفافة ذات ألوان وظلال لا حصر لها، تؤكد قدرته على رسم الصورة بالكلمة الحية.
كما أنه إحساس مرهف بالإيقاع، وعبر ذائقة موسيقية متكاملة، ووعي دقيق بمستلزمات التواشج بين الصورة والإيقاع، لخلق قصيدة تواكب الحدث.
فالقصيدة عنده شحنة من التحدي والصمود، يخلقها ويصوغ حروفها، فنراها تمشي متزنة بالخطى، وكذلك نحس بما وراءها من قلب ينبض بحب الوطن، ومن روح تعصر صموداً ضد العدوان السعودي وعملائه.
إنه الشاعر الذي نجح في رسم صورة شعرية متميزة، وأضاف للشعر الشعبي رصيداً قوامه صورة مرسومة بالكلمة.. تتميز قصائده بسرعة النفاذ إلى الملتلقي من خلال التقاطه لكل التفاصيل، كما أن لها رونقاً خاصاً، فتضفي جرساً بديعاً، مما يكون لها أكبر الأثر في الإصغاء إليها.. كما أن شعره يزحف على قوافٍ مختارة وألفاظ منتقاة كأنها قدمت له.. إنه شخصية إنسانية وإبداعية ووطنية بامتياز.
إنه الشاعر رياض الصايدي..

القلم يملي على الشاعر وليس العكس
 من هو الشّاعر الحقيقي؟
الشّاعر الحقيقي هو الشّاعر الذي إذا فرح أضحكك، وإذا حزن أبكاك، إذا مدح قدّس، وإذا ذمّ دنّس، إذا تفاءل بعثك من جديد، وإذا تشاءم قتلك بالوعيد. وهو ملتزم دائما في ما يقدمه بالأساسيات في بناء النّص كالوزن والخيال والشجاعة الأدبية، والارتقاء بطرحه ولغته وأخلاقه وقناعاته.
وعموماً، أرى أن الشّاعر الحقيقي، هو الشّاعر العفوي البعيد عن التّكلّف، المعبّر عن مشاعره الحقيقية وأحاسيسه المختلجة، الذي يكتب ما يمليه عليه القلم ولا يملي هو على القلم، فيكتب قصيدته مهما كان نوعها، وأيّاً كان موضوعها، بمقاييسها الخاصّة بها.

فضول أدبي
 ماذا أضاف لك الشعر؟
الشعر أضاف لي الكثير على المستوى الشّخصي، أما على المستوى العام فساعدني على الفضول الأدبي والمعرفي للإحاطة بما لدى الآخرين، والاطلاع على ما يدور من حولي في هذا العالم، لتنمية التفكير الإيجابي والصحيح في اتخاذ القرارات المنطقية والمعقولة. كما أنه سهّل عليَّ مهمة اقتحام قلوب النّاس، وكسب محبّتهم ورضاهم.
والشِّعر أولاً وأخيراً البوابة التي استطعت من خلالها أن أقدم شيئاً لوطني وأمتي، وأتخذ منها سيفاً للذود عن كرامة وحرّية واستقلال شعبي ووطني الحبيب.

لا ضمان لاستمرار القصيدة الشعبية
 هل نستطيع أن نقول بأن القصيدة الشعبية برزت كما ينبغي؟ وهل اكتملت لها كل المقومات الضرورية لكي تبقى وتستمر؟
سؤال مزدوج وموفق، قد نستطيع القول بأن القصيدة الشعبية في الأعم الأغلب برزت كما ينبغي، ولكن مقوماتها الضرورية لم تكتمل بعد، ولذلك لانستطيع أن نضمن بقاءها واستمرارها.

ما زلت في البداية
 هل أنت مقتنع بما قدمته أم مازال الدرب أمامك طويلاً؟
أعتز جداً بما وفقني الله لتقديمه حتى الآن، ولكن هذا لايكفي، فأنا لازلت أطمح وأطمع بالمزيد. وفي الواقع لايوجد أصلاً ما يدعو الى مجرد التفكير في الاكتفاء بما قدمته في ما مضى، بحكم صغر سنّي، وتفاؤلي بالمستقبل الحافل بالكثير من الأحداث، والواعد بالكثير من الأمنيات والإنجازات. وأستطيع القول إنك أجبت على سؤالك في السؤال نفسه، أعني أن الدرب لايزال طويلاً أمامي، وأستطيع أن أقدم الكثير والكثير إذا لم يسلبني الله توفيقه، ولن يسلبني إياه إن شاء الله.

تلميع لتزييف الوعي
 تلمع أحياناً بعض الأسماء في عالم الشعر بحكم ظروف ومراحل مختلفة، ثم تختفي.. لماذا برأيك؟
لأنها لم تكن لامعة في حقيقتها، إلا القليل من تلك الأسماء، أما الكثير منها فهي لم تكن لامعة بالمطلق، ولكن هناك عوامل ومؤثرات أخرى ساعدت على تلميعها وإبرازها للنّاس، لغايات محددة، أبرزها تزييف وعي العامة من النّاس، وشدّ أنظارهم الى أسماء يمكن تسييرهم من خلالها، كما يحصل اليوم في كثير من البلدان، ومنها اليمن.

شهرة استهلاكية واسترزاق رخيص
 ما هو الجرح الذي يؤرقك كإنسان وكشاعر؟ وعندما تكتب هل تحاول إرضاء فئة معيّنة؟
الجرح الذي يؤرقني كإنسان هو قتل الإنسانية واستحمارها، والدوس عليها بحذاء البترودولار، على مرأى ومسمع وبتخطيط وتنفيذ وبرعاية ممن يفترض أنه حاميها (الإنسان)، أما ما يؤرقني كشاعر فهو السّرف الشعري وكتابة الأبيات والنصوص التي لا يجوز أبداً نسبها الى الشعر والأدب، لكثرة عيوبها وجفاف شاعريتها. وما يؤرقني أكثر من هذا كله، هو استخدام الشعر للاسترزاق الرّخيص، واستخدام الشعر لصنع النجومية الزائفة والوصول الى الشهرة الاستهلاكية والعظمة الانفصامية. أما إذا كان هناك من أحاول إرضاءه بكتابتي، فهو الله تعالى، ونفسي وشاعريتي، فأنا أكتب ما يبعدني عن غضب القدير وتأنيب الضمير، ويستوعبه الكبير والصّغير.

العقاب بأيدي أبطال اليمن
 ما يقارب العامين من العدوان السّعودي على بلادنا، برأيك من سيحاسب النّظام السّعودي على كل جرائمه؟
سيحاسبه الله، والله سريع الحساب، وسيعاقبه الله، والله شديد العقاب، وسيكون ذلك الحساب والعقاب الإلهي على أيدي جنود الله وأوليائه من أبطال اليمن الميامين، بإذنه تعالى.

الدفاع عن المستضعفين
 عمل شعري تعتز به كثيراً؟
كل أعمالي الشعرية أعتز بها، لاسيما الأعمال التي وقفت فيها موقف المدافع عن المظلومين والمستضعفين، وواجهت بها قتلة الإنسانية.

الزامل لن يصل أبعد من المحلية
 هل يستطيع الزّامل أن يخاطب العالم؟
للأسف، هناك من يظن ذلك، إما تعصباً منه لموروثه الشعبي، أو لتخلفه الثقافي.. أما أنا فأقول لك: قطعاً لايستطيع، فالزامل بإمكانه مخاطبة الداخل اليمني، وله تأثير بسيط في المحيط المجاور، لم يصل الى أبعد من ذلك، ولا أعتقد أنه سيصل الى أبعد من ذلك، لأنه أولاً وأخيراً تراث يمني وفن شعبي، وهو مؤثر بيننا كيمنيين، لأنه تراثنا وفننا، أما بقية البلدان فلكل منها تراثه وفنونه الشعبية، وإذا أردنا أن نخاطبهم، فيجب أن نخاطبهم بلسانهم، ومن خلال تراثهم وفنونهم، لتصل رسالتنا بالشّكل المطلوب، وتؤدي مفعولها.. وغير صحيح أبداً أننا نكتفي بالزامل لنصل الى كل العالم، لأنه لنا نحن اليمنيين فقط، ولن نستطيع إجبار الآخرين على فهمه أو القبول به. لذلك أقول دائماً إنه يجب علينا تطوير الأداء وتنويع الأساليب، والاطلاع على ثقافة العالم من حولنا، لنعرف كيف نتخاطب معه، وهذا هو الأسلوب الصحيح والسبيل المتاح لمخاطبة العالم وإيصال رسالتنا إليه.

من لا يكتب القصيدة العاطفية  عديم الإحساس
 هل تكتب القصيدة العاطفية؟
نعم ومليون نعم، وأي شاعر يكتب القصيدة العاطفية ما لم يكن مخدوش العاطفة عديم الإحساس، أو مستعبد الذات ضعيف الشخصية. وإلا فالشاعر مهما كانت أيديولوجيته وانتماؤه العقائدي والثقافي أو حتى القبلي والمجتمعي، هو في الأخير إنسان يحب ويكره، يرضى ويغضب، يضحك ويحزن... وهكذا، طبعاً هذا في الظروف العادية، لكن في مثل هذه الظروف التي يمر بها شعبنا وأمتنا، لا أكتب العاطفي، لأن الأحداث والواقع والوقائع لم تترك لنا مجالاً ولو لمجرّد التفكير بالعاطفة.

ثقافة بلا إسفاف
 سؤال غفل عنه عبد الرقيب هو ماذا يتمنى الشاعر رياض الصّايدي؟
أتمنّى أن أكون عند حسن الظن بي، أتمنّى أن ينهض الشعراء بمسؤوليتهم، بل أتمنّى أن ينهض كل بمسؤوليته، أتمنّى أن يكون الناس بمستوى الأحداث، أتمنّى أن يترفع البعض عن الإسفاف الثقافي، أتمنّى أن يتقبل البعض ما طرحته في هذا اللقاء، أتمنّى ألا أكون مخطئاً من خلال ما قدمته في لقائي هذا، وإن حصل فأنا الأخ الأصغر للجميع، ومستعد في أي وقت لتقبل أي نقد أو اقتراح أو تعديل.
وأخيراً أتمنى لصحيفتكم الرائعة وكادرها الموقر برئاسة الأستاذ صلاح الدّكاك، ولك أخي عبد الرقيب، دوام الرقي والتألق، وأنتم متألقون دائماً.
وأخيراً أقول للجميع، وبالأخص المؤمنين المظلومين المستضعفين، أقول لهم قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).



(أمير البعارين)

اليوم قــد ودف أميـر البعارين
وبقي مــعه حـــلّين مــــــابش زيادةْ
حلّين محتاجه إلى إحدى قرارين
إما امتداد الحـــــرب وإلا انخمادهْ
فإن قــرر التمديد قبله دمارين 
تدمير عـــرشـــه أو دمــار اقتصادهْ
وإن قــــــرر إيقافه كأحلى الأمــريـــن
يعني فشـــل ما قدر يحقق مـرادهْ
يعني في الحاليـن هو بين عاريـــن
عار انخماد الحرب وإلا امتدادهْ
واحنا في الحالين بين انتصارين
نصر القضية وانـتـصــــار الإرادةْ
لابد ما نقتص منه لثــارين
ثار الدم الزاكــي وثار السيادةْ
يا شعبنا ما قـبلنا إلا مسـارين
إما مـسار الحزن وإلا السعادةْ
بالحرب أرادوا حشــرنا بين نارين
إما الحياة بذل وإ? ا?بادةْ
واحنا نواجههم على إحدى خيارين
إما الحياة بعز وإ? الشهادة