حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا

شاعر رائع متمكن، ويحمل القصيدة بحب منذ طفولته، لهذا بادله الشعر الوفاء وأغدقه بالقوة والجزالة. حينما تطلع على قصائده تكتشف ماهية الروح التي يحملها هذا الشاعر، رغم وجود شعراء كثيرين في ذمار، إلا أنه استطاع شق طريقه بحرفة الذي لامس عنان الشموخ وناطح به أعداء الوطن، غير أن ما ينقصه هو أن يلقى ما يستحق من الاهتمام وإظهاره كما يجب، ليتسنى للناس أن يتعرفوا ويستمتعوا بهذا الإبداع اللامتناهي من الجمال، وبمثله يرسخ الشعر الشعبي ويأخذ موقعه في جبهات الشرف محفزاً ومدافعاً عن الأرض والعرض. إنه الشاعر يوسف الجبري.

 أهلاً بشاعرنا الجميل. 
أهلاً بك وبصحيفة (لا) التي ينسج جمالها الشاعر العظيم صلاح الدين الدكاك.

 هل لك أن تُعرّف القراء من يكون الشاعر يوسف الجبري؟
يوسف يحيى أحمد حزام الجبري، من ذمار مغرب عنس بني جبر. 

 بداية مبكرة
 من أين ابتدأت أولى أبجديات روحك الشاعرية؟
بدأت في مرحلة الدراسة الإعدادية والثانوية العامة، حيث كانت تنظم برامج إذاعية وكنت آخذ فيها فقرة الشعر في ذاك الوقت، وسمعني الأستاذ القدير أحمد محمد الحاج، أستاذ اللغة العربية، وهو شاعر كبير جداً فصحى وشعبي، يمتاز أكثر بالفصحى، لم يكن في ذاك الوقت يدرسني، وإنما كان موجهاً، وكان يغطي بعض الوقت في التدريس، فسمع مني وبعض الزملاء، وأعجب بنا رغم أننا كنا مبتدئين، لكنه شجعنا وأعطانا بعض التحفيز والنصائح، فكانت بمثابة جواز عبور إلى المحيطات الشعرية، وكسر حواجز عدم المعرفة بمواهبنا الشعرية.

اكتشاف الشاعر
 من الذي اكتشف الشاعر بداخلك؟
الاكتشاف تم بمراحل متتالية، وإن كانت متأخرة، لكنها بدأت بمواقف وزوامل متبادلة بيني وبين صديقي ورفيق الدرب الشاعر المجاهد أبو عاطف رشاد الجبري، كانت زوامل عن الصحبة والصداقة، ومواقفها كثيرة جداً، وأيضاً أتت بعدها من بعض الأصدقاء الشاعر وليد الحاج، ورفيق الدرب محمد المفراع كان من أكثر المحفزين لي على الاستمرار في الكتابة والتشجيع وإعجابه بما أكتب رغم أنها كانت مفردات بسيطة وقصيرة جداً، وأتت بعدها مرحلة تلو الأخرى، حتى الآن ما زلت أكتشف الشاعر بداخلي كل وقت أكثر من قبل كلما لقيت إعجاباً بما أكتب من المحيطين وغيرهم.

ظروف الغياب 
 لماذا أنت غائب اليوم عن الساحة الوطنية؟
لست الغائب الوحيد، هناك الكثير والكثير من الشعراء غائبون عن الأضواء والساحة الثقافية رغم امتلاكهم قريحة ونضج الموهبة الشعرية لكل واحد منهم، بفعل عدة ظروف وأسباب، إما لعدم وجود المكتشف الحقيقي (الإعلام)، أو الانشغال بالمعيشة، أو عدة أسباب. وبالنسبة لي فقد كان تركيزي في الفترة السابقة على المجال الدراسي، وأتى بعدها مجال العمل، فأهملت الشعر كثيراً، وغيري الكثير، خاصة أن الشعر والقصة والأدب بشكل عام مهمل جداً في بلدنا، حيث لا يوفر شيء للشاعر. 

سيف الشعر ومدفعية القلم
 الشعر الشعبي هو الأبرز في هذه المرحلة.. برأيك ما هو الواجب الذي يقع على عاتق الشعراء تجاه ما يحدث من عدوان على الوطن؟
الشعر الشعبي يعتبر جبهة وطنية لا تقل شأناً عن غيرها من الجبهات، كانت قتالية أو إعلامية، فالواجب على عاتق كل وطني حر شريف الدفاع عن وطننا الحبيب كلٌ في مجاله، قتالي، ثقافي، معنوي، طبي، تحشيد، والشعراء يشملون كل ذلك، فهم رسالة متكاملة لكل مجالات الدفاع، ويعتبر الشعر موجة أدرينالينية ذات فاعلية مدوية في عقلية وفاعلية ونفسية مجاهدينا الأبطال، وأيضاً سلاح قاتل لمعنوية وإحساس وروح العدو، فكل شاعر عليه أن يسل سيف شعره ومدفعية قلمه وطيران هاجسه لمواجهة هذا العدوان الهمجي المنتهي بإذن الله وتأييده، وبعزم وشجاعة أبطالنا المجاهدين.

لهم دينهم
 يكثـر الشعراء الوهميون أو المتوهمون بشاعريتهم في هذا الوقت.. ما هي رسالتك إليهم؟
لهم دينهم ولنا ديننا.. لكني أعتقد أنهم معجبون بأنفسهم ومغرورون، فالغرور هو الانتكاسة للإنسان.

لم ينشر سوى القليل
 نصوصك المجابهة للعدوان ليست ظاهرة للعلن.. ترى ما هو سبب ذلك؟
ليست فقط المجابهة للعدوان، كل ما أكتب لا يتم نشره إلا القليل، يعود ذلك لندرة استخدامي لوسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها، وبتوقفي عن الكتابة في كثير من الأوقات بسبب الانشغال التام بالمجال العملي (الصيدلة) التي -كما تعرف- تأخذ كل مجهود الشخص الفكري والذهني والحسي، أثناء العمل. ولقد كتبت كثيراً من القصائد المجابهة للعدوان، وتم نشر بعضها. 

 قلة الاهتمام بالمواهب
 كيف تنظر إلى الواقع الشعري اليوم؟
الواقع الشعري مهضوم ومختفٍ جداً لأسباب مختلفة، إما لعدم وجود اهتمام كبير من قبل الجهات المعنية، أو قلة الإمكانيات المتاحة رغم وجود وسائل التواصل الاجتماعي من واتس وفيس وتلجرام وإيمو وماسنجر وفيبر وغيرها، التي أعطت الكثير من التشجيع والتأمل للنشر والمجابهة، وزادت القدرة الإفرازية للمواهب، لكن هناك النقص الأساسي، عدم وجود جهة حاضنة وراعية ومهتمة اهتماماً حقيقياً.

 أنت دكتور صيدلاني، كيف تستطيع التوفيق بين إبداعك واهتمامك الدوائي؟
الحقيقة إن المجال الصيدلاني أخذ مني الكثير من الاهتمام والتركيز، وأشغلني عن الشعر وغيره، ولكن أحاول جاهداً أن أخلق بعض الوقت وأوفق بينهما. 

النقابة في مواجهة العدوان
 أنت المسؤول المالي في نقابة شعراء اليمن المؤسسة حديثاً.. لماذا غاب صوت النقابة عن مواجهة العدوان على الوطن؟
من قال إن النقابة غائبة عن مواجهة العدوان.. النقابة دعت للتصالح والتسامح بين الأطراف الداخلية، ووقف الاقتتال الداخلي، والوقوف صفاً واحداً لمواجهة العدوان، ونظمت لذلك فعاليات في عدة محافظات في صنعاء وإب وذمار ويريم، وما زالت مستمرة في ذلك، ولكن بحكم قلة الإمكانيات وعدم توفر وشحة أبسط لوازم العمل وتسليط الأضواء على أعمالها، لأنها تأسست بمجهودات فردية وشخصية من بعض الأشخاص القليلين جداً أمثال المؤسس النقيب همدان الكهالي، وتعاون آخرين بعدد الأصابع.
وأيضاً عدم وجود الجهات الراعية المختصة لتوفير أقل شيء ممكن، حتى توفير المقرات الرسمية لم يحدث، ومع ذلك النقابة لديها الكثير من الأعضاء المتواجدين في الجبهات القتالية، مثل أبو هكام الحشيشي، أبو ياسر القحيط، أبو عاطف الجبري، أبو ريدان الجبري، أبو شامخ جميل جعفر، ومحمد الحربي، والكثير ممن سلوا أقلامهم وكتاباتهم لمجابهة العدوان، أمثال الشيخ عزيز الردماني وعبدالقوي البطل، والكثير من الشعراء الذين لا يتسع المجال لذكرهم، والغائبون عن الأضواء والساحة الإعلامية كثيرون جداً جداً.
النقابة أُسست لتشمل جميع شعراء الجمهورية، مهما اختلفت توجهاتهم، فتوجه الشاعر يمثل نفسه ولا يمثل النقابة.

 حظوظ الظهور إعلامياً وفنياً
 لماذا لم نسمع لك زاملاً بالرغم من أن لديكم في النقابة منشدين وشعراء كباراً؟
كما تعلم أن المنشدين والفنانين وأيضاً الإعلام ينظر إلى اسم الشاعر قبل النظر إلى نصوصه وكتاباته، من هو ظاهر وذاع صيته تتركز عليه كل الأنظار... هناك الكثير من الشعراء الفطاحلة جداً لم ينالوا حظاً للظهور إعلامياً وفنياً.

 كيف تنظر إلى مستقبل النقابة بالوقت الحالي؟
النقابة لم تلق اهتماماً من الجهات المسؤولة كغيرها من المؤسسات والقطاعات المختلفة، لكن إن شاء الله مع الإصرار وعزيمة رجالها، سوف تصل برؤيتها وأهدافها مستقبلاً.

العاطفي والوطني
 تكتب القصيدة العاطفية بسلاسة وتكتب الحربية بشراسة.. كيف استطعت التوفيق بين هذين الأمرين؟
القصيدة العاطفية لها حسها وشجون حروفها المفعمة ونسيمها المتنفس من الإحساس والتجاوب الروحي.. والقصيدة الحربية تتميز بالحس الوطني المتوفر والمولود من جحيم معاناة الوطن، فالعدوان أعطى طفرة شعرية لمواجهته.

جبهة شعرية
 من هو قدوتك الشعرية والذي تراه مذخراً شعرياً في الوقت الحالي؟
قدوتي الشعرية الشيخ المرحوم علي ناصر القردعي، أما من أراه مذخراً شعرياً فهم كثيرون في هذا الوقت، الشاعر بسام شانع أنا شخصياً من المعجبين جداً به، وأيضاً أمين الجوفي، وكذلك الشاعر المجاهد معاذ الجنيد، هذا جبهة شعرية لوحده، والشاعر عزيز الردماني، وغيرهم كثير..

 وطن خالٍ من العمالة
 ما هو حلمك الذي تتمناه دائماً؟
العدوان سلب أحلامنا ككل، أصبحنا لا نتطلع لشيء غير تصحيح ووضع أسس وطنية لبناء وطن خالٍ من العمالة والارتهان الخارجي، والارتقاء بأسس صحيحة تجعل وطننا الحبيب شامخاً كشموخ وعزة أهله.

 كلمة أخيرة تود قولها..؟
شكراً من الأعماق لصحيفة (لا) التي تسلط الضوء على الكثير من الشعراء المخفيين إعلامياً، وأيضاً تقدس المبدعين، وترفع من مقام مهنتها الوطنية وتقديمها بحرفية عالية..
والنصر إن شاء الله قريب، فأنا واثق كل الثقة، مهما كثر الضغط والتحايل وتزييف الحقائق، أن الله تعالى ينصر أصحاب الحق مهما تكاثر أهل الباطل. الصبر الصبر والجد في التوجه والمواجهة.
قال أبو الحجاج يا نفس اصبري لا البحر هاج 
وهاجت الأمواج ورج الرعد في الدنيا رجيج 
ماشي على منهاج كتاب الله لي أكبر علاج 
ما هم كثر إزعاج هذا الوقت وزداد الضجيج 
وشكراً لكم..