عندما يحتكم بحر الشعر إلى ساقية لجنة التحكيم
الشاعر أمين الجوفي: (شاعر الصمود) خسرني
لا يشرفني أن يتغنى بقصائدي الفنانون الخليجيون
تسلط النظام السعودي وظلمه على المقيمين عالقاً في ذهني



نحن أمام رجل وازن موقفاً وشعراً بكل دلالة الكلمة، بحيث تحار من أي زواياه المكتنزة فذاذة وإبهاراً تتناوله، فمن حيث الموقف جازف ضيف حوارنا بحياته وثروته معلناً رفضه العدوان على بلده وشعبه من عقر المملكة وجهاً لوجه مع جبروت بني سعود، تماماً كما كبَّر أبو ذر الغفاري في صحن الكعبة ذات زمن غض من عمر الثورة المحمدية، غير عابئٍ بوخامة العاقبة.
أما من حيث شاعرية ضيفنا فهو سبيكة يمانية أصيلة تماهت فيها أنفس علائق الشعر العربي من (قفا نبك.. وعيون المها بين الرصافة والجسر..) إلى (القدس عروس عروبتكم.. وحاصر حصارك لا مفر)، كما تآلفت في حنجرته أبعد الحناجر الشعرية غوراً من (امرئ القيس والمتنبي) إلى (الشبثي والإرياني والشهيد النمري) إلى (النواب ودرويش والبردوني)، فأكسبت حنجرته قدراً متكافئاً من الرهافة والصلابة يضاهي حال المهند تثنياً بلا انقصاف ومضاءً بلا مَيْل.
صدع شاعرنا بموقفه الرافض للعدوان، عبر دفق من التكبيرات الشعرية التي نشرها دون مواربة على حائطه في (فيسبوك) من مقر إقامته في (جدة) فصعقت كلاب الأقبية السعودية العالقة على تشمم الضمائر ونسائم الحرية وجهات هبوبها ليل نهار، واندفعت من كل صوب لتنهش أوتار الحنجرة المكابرة، لكن أشداقها انطبقت على غيظها واصطكت أنيابها على الفراغ، فشاعرنا كان قد أفلت إثر مكالمة صديق (قطع فيه الجميل ـ حد تعبيره)، مقامراً بموقعه الرغيد المرموق كمقول عقاري، وبـ(مليون ريال سعودي) هي قوام مستحقاته العالقة في قبضة المملكة كحصيلة لسنوات غربته.
يكتب (أمين الجوفي) القصيدة بحساسية رفيعة إزاء التفاصيل الحياتية الصغيرة والدافئة التي تجعل شعره نسيجاً مفعماً بالنبض وجريان الروح كما في قصيدته (عرس سنبان)، التي تطوف بقارئها ـ حقيقة ـ في رماد المجزرة صاعدةً من حناء العروس إلى بندقية المقاتل، ومن حطام خدر الزفاف المغدور إلى هيجاء المجابهة والثأر في جبهات القتال، ومن نثيث دمع الفجيعة إلى مطر الدم والنار ونقع غبار المعركة..
مثلما يبرعم جلمود النقا مشيَّا وسهاماً أو كما تشق قطرات الماء كبد الصخر الجلمد فيعشب ويبرعم، يستولد شاعرنا من نزيف الجراح حساماً صقيلاً، ومن الحسام الصقيل كاذية وكرزاً وبناً، وذلك هو جوهر المغايرة الفذة في شعر أمين الجوفي، علاوة على براعته المذهلة في نقل كل هذه الدراما الحية بدفئها ونبضها إلى أثير مسموع ومرئي ومحسوس، من خلال أدائه الصوتي كموهبة أخرى يفتقر إليها غالبية الشعراء الكبار.

إنه لمن المفارقة الصادمة للقارئ أن يعرف ـ بعد كل هذه ـ أن (أمين الجوفي) كان أحد الشعراء الذين خسروا السباق على لقب برنامج (شاعر الصمود) الرمضاني على الفضائية اليمنية، الموسم الفائت، وعلى الرغم من جدارة الشاعر الكبير (نشوان الغولي) الفائز باللقب، فإن الموضوعية كانت تقتضي من لجنة التحكيم أن تضع كلا الشاعرين في المصاف الأول مشاطرة، بالحد الأدنى..
لقد احتكم البحر إلى ساقية فكانت النتيجة على هذا النحو، وخسرت لجنة التحكيم شرف تقديم أمين الجوفي ضيف حوارنا الذي أجزم أنه ـ غير بعيد ـ سيتربع موضعاً رفيعاً مائزاً في سدة النخبة الشعرية باليمن.. فإلى حوارنا معه..
أفتخر بيمنيتي
 لم أكن أشعر بأن الأسئلة الاعتيادية ستكون هي الخيار الأفضل مع شخصية إبداعية ووطنية، ورغم ذلك تجدني أطرح أكثر الأسئلة اعتيادية يمكن أن تجدها في حوار: لنبدأ هذا اللقاء من هو أمين الجوفي؟
أمين الجوفي: مواطن يمني حب اليمن يسري في عروق دمه، عندما يسمع اسم اليمن يشعر بأن رأسه يعانق غمامات السحب فخراً وعزة، شاعر شعبي بالفطرة من أبناء قبيلة قيفة رداع محافظة البيضاء، من مواليد 1982، أب لولدين وبنت.

  متى بدأ ولعك بكتابة القصيدة؟
بدأ ولعي بالقصيدة منذ الصغر، وكتبت أول قصائدي وأنا بالصف الرابع الابتدائي. 

غادرت السعودية بسبب قصيدة
 كتبت قصيدة كانت سبب خروجك من السعودية.. لو تحدثنا عنها..
كتبت قصيدة بعد بداية العدوان الغاشم بشهرين، وأنا مغترب في السعودية، وأعمل في مجال المقاولات، وقد تأثرت كثيراً وآلمنى ما يتعرض له بلدي اليمن من عدوان، وقمت بنشر القصيدة على صفحتي في (فيسبوك)، لكن ما قمت به أثار حفيظة الكفيل السعودي الذي طلب مني حذفها، وهددني بالإبلاغ عني إذا لم أحذفها، لكني رفضت حذفها حتى وإن وصل بي الأمر لخسارة كل شيء، وبالفعل حدث ما لم أكن أتوقعه، حيث قام الكفيل بالإبلاغ عني للسلطات متهماً إياي بالإرهاب.. أحد المحبين اتصل بي وأبلغني بما فعله الكفيل، ونصحني بمغادرة المملكة سريعاً، ونظراً لخطورة التهمة في بلد محكوم بعنجهية آل سعود، اضطررت للرحيل، مخلفاً ورائي كل ما كنت أملكه من أموال ومعدات باهظة الثمن. ورغم حجم الخسارة، فإن خسارتي لا تساوي قطرة دم واحدة سفكها العدوان في اليمن..

رديف توشكا وبركان
 بعض المتابعين لك يقولون بأن قصائدك وأشعارك كانت تحكي كثيراً عن الياسمين والغياب، واليوم يقولون بأنها أصبحت رديفاً للتوشكا والكورنيت والبركان.. هل توافقهم الرأي؟
فعلاً قبل العدوان كانت قصائدي تختلف كثيراً عما أكتبه أثناء العدوان. كانت قصائدي تغازل الوطن والحبيب بطريقة عاطفية، تحكي عن الشوق والحنين، وأصبحت بعد العدوان تتغزل في  التوشكا والكورنيت والبركان، وتشيد بدور الجيش واللجان الشعبية من رجال الرجال، وتفضح جرائم آل سلول وحلفائهم وأذنابهم ومرتزقتهم في الداخل والخارج، من باعوا ضمائرهم بحفنة من المال المدنس.

رفضت الظلم على وطني وشعبي
 تركت خلفك مليون ريال سعودي لتتسابق في (شاعر الصمود) على 3 ملايين ريال يمني.. كيف تفسر ذلك؟
تركت كل ما أملك من أجل الوطن، من أجل اليمن، من أجل العزة، من أجل الكرامة، رفضت الظلم على وطني، على أهلي وناسي وشعبي، قلت للظالم (أنت ظالم) في عقر داره، تكلمت وكتبت في بلد يسبح شعبه بحمد الأسرة الحاكمة، لم يتجرأ أحد أن يكتب أو ينتقد أي تصرف مهما كان، وإنما عليه السكوت والانصياع لقراراتهم التعسفية واللاإنسانية، ضاقت بي الأرض وأنا أشاهد أبناء بلدي يذبحون ويحرقون بعاصفة رعاة الإبل، أمام صمت عربي وإسلامي وعالمي مخزٍ، وأبيت الضيم، وأصررت إلا أن أكتب ولو كلفني ذلك حياتي.. لم أتركه من أجل مسابقة (شاعر الصمود)، ولم أعلم أنها ستقام مسابقة، والموقف أكبر من ذلك. 

استللت قلمي في الوقت المناسب
 طيلة إقامتك في السعودية ألم يكن هناك متسع لعرض موهبتك؟ وإذا كان قد ذاع اسمك هناك، فهل تلقيت عروضاً فنية؟
لم يكن في الوقت متسع لي لكتابة القصيدة أو استعراض الموهبة، نظراً لانشغالي بالعمل في مجال المقاولات (الأعمال الإنشائية) للمنازل وغيرها من البناء والإعمار، وهي إحدى هواياتي التي برعت فيها وأتقنتها، ولكني برغم انشغالي كنت أكتب، ولم أكن مهتماً كثيراً بأن يذيع اسمي، أو أن أتلقى عروضاً فنية من قبل أحد، لاستغنائي بمجال عملي، ولكن عندما أتى الوقت المناسب لكتابة القصيدة، استللت قلمي وصارعت به أعداء وطني وقاتلي أبنائه في عقر دارهم، وتركت مجال المقاولات، وغادرت بعد أن سئمت العيش في بلد نظامه يسفك دماء أطفال ونساء بلد عمره منذ بداية التاريخ، ويدمر كل مقومات حياته، دون مراعاة حقوق الجار لجاره.

(شاعر الصمود) خسرني
 أيهما خسر الآخر أمين الجوفي خسر برنامج (شاعر الصمود) أم البرنامج خسر الشاعر؟
برنامج (شاعر الصمود) خسرني، وخسر الكثير من الشعراء المبدعين والمميزين.. 

الخليجيون يشعرون بالنقص أمام اليمني
 ينظر الخليجيون بصفة عامة والسعوديون بصفة خاصة، نظرة دونية الى اليمن واليمنيين، رغم اتصال اليمن فنياً وثقافياً وعمرانياً.. برأيك ما سر هذه النظرة؟ وهل نحن مسؤولون بمستوى ما عن هذه النظرة؟
الخليجيون والسعوديون على وجه الخصوص يشعرون بالنقص في أنفسهم، والامتعاض عندما يدركون أن اليمن مهد الحضارات وبيت العرب الأول وقبلة ألف جيل ومنارة العلم والمعرفة ومنجم الرجال وحاضنة الأبطال، ويقارنون بين تاريخنا وحضارتنا وبين تاريخهم وحضارتهم التي لم تتعد الـ100 عام، فمن الطبيعي أن تراهم ينظرون إلينا بتلك النظرة، فكم تمنوا أن يكونوا ذات يوم يمنيين. 

سأدخل السعودية مجاهداً
 هل ستزور السعودية مرة أخرى؟
إن شاء الله، ولكن ليس لغرض العمل، سأدخلها في صفوف رجال الرجال، لكي نأخذ بثأرنا، فنحن أصحاب قضية عادلة.  

لكل ظالم نهاية
 ما هي الذكريات التي بقيت عالقة في ذهنك عن فترة إقامتك في السعودية؟
الذكريات العالقة كثيرة، ولكن أبرزها هي تسلط النظام السعودي وهيمنته وظلمه وجشعه على المقيمين بزيادة رسوم التجديد والسفر والنقل، وإنزال أشد العقوبات بهم لمخالفتهم بأبسط الأشياء، ومقاسمتهم لقمة عيشهم، والنظر إليهم بازدراء ودونية وتكبر، وكأنهم ليسوا إلا عبيداً لديهم، ولكن ربك لايغفل عما يعمل الظالمون، ولكل ظالم نهاية. 

الشاعر جبهته تحدٍّ وصمود
  ما هو دور الشاعر من وجهة نظرك؟
الشاعر جبهة طالما وقلمه يكتب عن العدوان ويفضح جرائمه، فهو جبهة من جبهات التحدي والصمود، لا يقل دوره عن دور من هم في خطوط التماس، لما للشعر من أهمية كبيرة في رفع معنويات المقاتلين، واستنهاض الأمة للذود عن الكرامة والعزة ودحر الغزاة، وخاصة عندما تكون كلمات الشاعر موجهة وهادفة، وفيها من الهدى والثقة بالله بالنصر المؤزر لدماء الأطفال الرضع والشيوخ الركع.

الشاعر يصنع نفسه ولست مغروراً
 ما هي العوامل التي يمكن أن تصنع شاعراً حقيقياً؟
العوامل لا تصنع شاعراً، ولكن الشاعر من خلال العوامل يصنع شعراً حقيقياً. 

  إلقاؤك للقصيدة يدهش كل من يستمع إليك.. هل تشعر بالغرور؟
شعوري بالكلمة التي أنطقها تصل للسامع بنفس الشعور الذي يستمتع به المستمع، والغرور ليس في قاموسي.

 ما هو الكنز الذي أعطتك إياه الحياة وتفخر به؟
الدين والوطن. 

لا يشرفني أن يتغنى خليجي بقصائدي
 هل تمنيت أن يتغنى بقصائدك فنانون خليجيون أو يمنيون؟
بالنسبة للخليجيين لا يشرفني أن يلحن أحدهم قصائدي، واليمنيون أتمنى أن ينشد قصائدي المنشد عيسى الليث أو المنشد عبدالخالق النبهان، بالرغم من أن عيسى الليث أنشد لي أحد الزوامل بعنوان (طوفان قيفة). 

  بماذا يحلم الشاعر أمين الجوفي؟
يحلم بوطن آمن مستقر ومزدهر يتساوى مواطنوه في الحقوق والحريات. 

(سنبان) أم قصائدي
 ماذا تعني لك قصيدة (النقش بالحناء)؟
قصيدة (النقش بالحناء) ملحمة من أجمل القصائد التي كتبتها، بل أعتبرها أم قصائدي.. هي تعتبر لوحة فنية ومسلسلاً درامياً استطعت بوقائعها أن أمزج بين الحزن والفرح والجهاد والزحف.  

دكهم يا دكاك دك
 سؤال غفلت عنه ولم أسألك إياه، لك أن تفتح الذاكرة وتكمل الناقص من الحوار..
غفلت عن سؤالي عن المحايدين والمنبطحين الذين لم تحرك ضمائرهم جرائم العدوان الغاشم على بلادهم، ولكني أرد السؤال عليك: ما رأيك فيهم؟
وفي الأخير، أشكرك، وأشكر صحيفة (لا) وجميع العاملين فيها، وأخص بالذكر رئيس تحريرها الأستاذ القدير والشاعر الكبير صلاح الدكاك، منجم الثقافة وسيل المعرفة وقاموس اللغة والأدب، وأهديه وأهدي الصحيفة وجميع أساتذتها وكتابها وقرائها هذه الأبيات:
 قلت (لا) للظلم وأنا بوسط المملكةْ
جيت و(الدكاك) يصدر صحيفة باسم (لا)
قال (لا) للمملكة قال (لا) للأمركةْ
الولا قال الولا للوطن ثم الولا
القلم سيفه وبيض الصحايف معركةْ 
والحروف النارية والكتاب المنزلا 
دك يا دكاك دكدك أبتهم دكدكةْ
والخلا من ديرتي قل لسلمان الخلا




نـقـشة الحناء
أمين الجوفي

عــلـى تـراتـيـل نـفـحـات الـضـحى والـفـلقْ
فــزيـت وانــه يـذكـرهم بــرص الـصـفوفْ
وضــيــت روح الـمـشـاعر بــعـد لـيـلـة أرقْ
صـوت (إف سـتعش) وأصوات الطرب والدفوفْ
الـلـيـل عــطـف خـيـامه والـصـباح انـفـلقْ
وهـاجسي حـول مـحراب القصيدة يطوفْ
خـرجـت والـبـين فــي ذهـني غـرابه نـعقْ
مـا بـين صــوت الـنوايح واصـطفاق الـكفوفْ
هــرعـت مــذعـور مـتـلـحف شـعـور الـقـلقْ
وصـلت والـناس حـول أنـقاض وأشلا وقوفْ
مـن هـول مـنظر رعـاف الـدم وقـت الشفقْ
شـمس الـوجيه الـمشعة مـعتريها الكسوفْ
الــــدار بــأدواره الـعـلـيا جــثـم وانـطـبـقْ
عـلـى الـعروسة ونـسوان الـعرس والـضيوفْ
تــسـابـق الــــدم والــحـنـا عـلـيـهـا ســبــقْ
واتـزاحـم الـعـود والـبـارود تـحت الـسقوفْ
فـسـتـانـها والــجـواهـر والــحـلـي والــحـلـقْ
وعـطـرهـا والـمـشـاقر دانــيـات الـقـطـوفْ
وفـرحـة الـعـمر والـحـلم الـجميل احـترقْ
بـنـار شـيـطان مـا كـبده عـلـى حــد تـروفْ
تـجـمـهـر الــحــي كــلاتــه وشــكــل فــــرقْ
كـلاً يأخذ مـن ركـام الـحزن حـمل الكتوفْ
بـيـن الـرماد اخـتلط سـيل الـدما والـعرقْ
جـبـال الاسـمـنت واشـلاء الـبشر والـرفوفْ
غـمـامـة الــحـزن تــرعـد والأمــل مـا بـرقْ
والأفــئــدة مـزقـتـهـا مـرهـفـات الـسـيـوفْ
تــلاشـت افـــراح لـيـل الـبـارحة واصـطـفقْ
بـاب الأمـل والـفرح فـي وجـه زوج الهنوفْ
نــهـاره اطـبـق ظـلامـه مـثـل لـيـل الـغـسقْ
واتـبـدد الـنـور مــن عـينه وعـينه تـشوفْ
لـيـلة ســرق فـاتـحة روحــه كـبير الـسرقْ
صلت جروحه على احلامه صلاة الخسوفْ
قــبـل الــعـزا فــز وابــرز بـنـدقه وانـطـلقْ
لـبـس حــزام الـكـرامة والـتحق بـالزحوفْ
وعـــاهـــد الله لـــــو مــا بــاقـي إلا رمـــــقْ
مـا عـذر مـا يـسقي الـعدوان كأس الـحتوفْ
ســـرى وشــربـه وزاده فـــي جـيـوب الـيـلقْ
حـافي عـلى الشوك كنّه فوق سجاد صوفْ
والــنــار شــبــت مـنـاكـفـها رمـــاة الــحـدقْ
أحــفـاد حـمـير رجــال الله شــم الأنــوفْ
غـطـوا جـبـل دود والـخـوبة بـسـيل الـغرقْ
يـوم امـطرت في ربـوعة مـثل مزن القنوفْ
فــاضـت نـهـوقـة وطـوفـان الـحـثيرة زفــقْ
وشـــق واغـــرق ودقــدق دورهــا والـكـهوفْ
وفــي الـمـهدف وفــي الـدخان سـيله دفـقْ
وفـي الـمحرق وفـي الـمشنق غرفها غروفْ
أبـــراج تــركـع والابــرامـز الـمـدرع شـهـقْ
وبــرادلـي بـالـمـوجه طـعـفـروها شـــدوفْ
وصــوت تـوشـكا وقـاهـر فــي سـمـاه صـعقْ
الــغـازي أوى مـصـنـدق والـضـحـايا ألـــوفْ
فــي كــل خـنـدق تـمزق جـيشه الـمرتزقْ
وسـكـود في الـعمق حـقـق فـكره الـفيلسوفْ
حـلم الـتحالف على صخر الصمود اشتنقْ
وقـــوة الــبـاس دفـــت عـاصـفتهم دفــوفْ
مــن أكـبـر اللـجـع يــا بـدو الـخيام اخـتنقْ
وعــرش بـلـقيس فـوق الـدرعية والـهفوفْ
ومــن فـطـوره عـلـى كـبـسة سـحـوره مــرقْ
واحـنا عـلى الـعز والناموس صمنا عطوفْ
وبـالـمذلق لـفـقنا الـجـرح ذي مــا الـتـفقْ
واهــل الـخـيانات مـا سـووه بـطـن الـكـشوفْ
فــي مـعـركة فـاصـلة مـا بـين بـاطـل وحـقْ
والـنجم بـين الـظوافر رغـم كـل الـظروفْ
طـرقـت طـرقـي وهـاجـوسي بـفكره طـرقْ
صــاغ الـقـلايد فـرايـد مـذهبات الـحروفْ
واهـديـتـها لـلـسـعيدة مــرفـدة فــي طـبـقْ
مــن عـاصـمة سـام زفـيت الـبشاير زفـوفْ
وارويـــت مـــن دم قـلـبي مـجـدبات الــورقْ
يـوم اورقـت نـقشة الـحنا وهـي في الكفوفْ