حلمي الكمالي/ لا ميديا

أعلن تحالف العدوان مؤخراً أن هجومه العسكري على الحديدة هدفه إنساني بحت، وأن الحاجة أصبحت ماسة جداً لتخليص ميناء الحديدة من الحوثيين، حد قولهم.. والسيطرة عليه من قبل التحالف لاستخدامه في استقبال المساعدات الإنسانية اللازمة لإغاثة الشعب اليمني.. هذا الهدف الذي أعلنه تحالف العدوان يتناقض تماماً مع كل ما قام ويقوم به هذا التحالف منذ أكثر من 3 أعوام، من قتل وتجويع وتدمير في حق أبناء الشعب اليمني.. كما أن واقع الحال في المنافذ البرية والبحرية والجوية التي تقع تحت سيطرة قوى تحالف العدوان في جنوب الوطن، يفضح زيف الادعاءات التي يتبجح بها التحالف لاحتلال الحديدة ومينائها. ولتوضيح الصورة أكثر نسلط الضوء على الحالة التي تعيشها حركة الموانئ والمطارات والمؤسسات الحيوية في المحافظات الجنوبية في ظل الممارسات الفجة لقوات الغزو، في التقرير التالي:

مشروع السيطرة والاستغلال 
عقب دخول قوات الاحتلال الإماراتية السعودية محافظة عدن في يوليو 2015، سعت تلك القوات للسيطرة على كافة المنشآت الحيوية في المحافظات الجنوبية. 
وتسيطر قوات الاحتلال الإماراتي على 5 موانئ يمنية تجارية ونفطية من أصل 8 موانئ، إلا أنها أغلقتها جميعاً أمام المواطنين والتجار اليمنيين، وتستخدمها لعمليات عسكرية واقتصادية خاصة بها، واتخذت وفق مصادر رسمية وتجارية، على مدى أكثر من 3 أعوام، إجراءات تهديدية من شأنها دفع التجار والمستثمرين اليمنيين إلى مغادرة اليمن، بهدف سحبهم إلى دبي وجبل علي. 

أهم أهداف العدوان المخفية 
وكشفت مصادر مقربة من العدوان، في تصريحات لمواقع إخبارية محلية وعربية أنه تم تسجيل 2000 شركة يمنية بالمنطقة الحرة في جبل علي، و1000 شركة في المنطقة الحرة بدبي، خلال العامين الماضيين، كما أكد تجار يمنيون لموقع (العربي الجديد)، في تقرير نشر العام الماضي، أن 90% من واردات البلاد في المناطق المحتلة تأتي من المنطقة الحرة في جبل علي بمدينة دبي.
ويؤكد محللون سياسيون أن أحد أهم أهداف العدوان المخفية على اليمن هو تجميد الأهمية الاستراتيجية للموانئ البحرية اليمنية، والسيطرة على طريق الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والسواحل المطلة عليه، وكذا الجزر الواقعة ضمن طريق التجارة العالمية ميون وسقطرى التي أصبحت اليوم قواعد عسكرية أمريكية إسرائيلية بفعل الاحتلال. 

تحويل المطارات إلى سجون تعذيب 
وعلاوة على إغلاق قوات الاحتلال الإماراتي للموانئ البحرية في المحافظات الجنوبية، فإنها أغلقت المطارات وحولتها إلى معتقلات سرية وسجون تعذيب.. منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في تقرير لها منتصف العام الماضي، أن الإمارات حولت مطار الريان الدولي في مدينة المكلا إلى معتقل كبير يضم آلاف المواطنين المعتقلين قسراً، مشيرة إلى أن المعتقلين يتعرضون لأشد أنواع التعذيب. وكانت منظمة العفو الدولية أكدت في تقرير لها الأسبوع قبل الماضي، أن جنوداً وضباطاً إماراتيين يمارسون جرائم الاغتصاب بحق المعتقلين في عدن وحضرموت، من ضمنهم الموجودون في سجن الريان.

معسكر للجماعات الإرهابية 
وتشير معلومات خاصة إلى أن الإمارات حولت الريان إلى مطار عسكري سري يستخدم في نقل عناصر من القاعدة وداعش من جنسيات مختلفة على متن طائرات عسكرية سعودية إلى حضرموت.

مغلق في وجه الفار 
قوات الاحتلال الإماراتي الأمريكي لم تغلق المطارات والموانئ في وجه المواطنين وحسب، وإنما في وجه قواديها، وعلى رأسهم الفار هادي، حيث منعت طائرة الأخير من الهبوط مرتين: الأولى في مطار الريان بالمكلا، والثانية في مطار عدن الدولي، في يناير الماضي.

تعطيل الموانئ البحرية 
وظلت الموانئ البحرية الواقعة تحت سيطرة قوات الاحتلال محل خلاف وصراع دائم بين فصائل العدوان، وهو صراع تغذيه الإمارات لشق اللحمة الجنوبية وخدمة مصالحها.
ميناء عدن الذي يعد من أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، وتم تصنيفه في الخمسينيات من القرن الماضي كثاني ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك لتزويد السفن بالوقود، أصبح اليوم في ظل سيطرة قوات الاحتلال، غير قادر على تأدية الخدمة بعد تعطيل العدو لـ75% من طاقته التشغيلية والاستيعابية بحسب تصنيف الشركة العالمية MSC المصنفة للموانئ البحرية. مع ذلك فإن الـ25% من طاقته الاستيعابية لا تفعلها قوات الاحتلال إلا بشكل استثنائي يخدم مصالحها. 
حيث منعت قوات تحالف العدوان دخول السفن التجارية إلى الميناء عشرات المرات، آخرها منع 13 سفينة تجارية في 18 يناير الماضي، من الدخول إلى الميناء، بعد أن ظلت قرابة 4 أشهر في منطقة الانتظار، بالرغم من أن رصيف الميناء فارغ من السفن، بحسب ما أكدته حينها مؤسسة موانئ خليج عدن، في بيان رسمي.

موجة احتجاجات لموظفي الموانئ 
في السياق نفسه، شهدت موانئ خليج عدن وحضرموت موجة احتجاجات عارمة للموظفين والعاملين فيها خلال الفترة الماضية والحالية بسبب الممارسات الإماراتية التعسفية بحقهم وبحق الموانئ.. حيث شهدت هذه الموانئ ما يقارب الـ62 احتجاجاً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتي كانت بحسب المعلومات لأسباب مختلفة، أهمها منع قوات العدوان الإماراتية الأمريكية دخول السفن التجارية للتجار، وفتح المجال أمام مجموعة من المرتزقة التابعين لها الذين يقومون بعمليات استيراد للمواد المخدرة، بحسب ما ذكرته صحف أجنبية.

مسرح للإرهاب 
وعلاوة على ذلك، منحت قوات الاحتلال الضوء الأخضر لتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية المسلحة بالسيطرة على الموانئ كما حدث في ميناء عدن مطلع العام 2016، بعد عدة أشهر من قيام مسلحي التنظيم بالسيطرة على ميناء المكلا بتسهيل أمريكي إماراتي سعودي.

اعتقال 70 صياداً في حضرموت
من جانبه أكد رئيس المكتب السياسي للحراك الثوري الجنوبي، فادي باعوم، في تصريح له في 25 مايو الماضي، أن قوات الاحتلال الإماراتي اعتقلت 70 صياداً من أبناء منطقة شحير القريبة من مطار الريان، مشيراً إلى أن أسباب الاعتقال تعود إلى تظاهر عدد من الصيادين أمام مقر القوات الإماراتية في حضرموت للمطالبة بالسماح لهم بالاصطياد.

تهريب الآثار ونهب الثروات 
وإضافة إلى ما سبق، فإن قوى العدوان استغلت سيطرتها على المطارات والموانئ والمياه اليمنية لتهريب الآثار ونهب موارد النفط والغاز واصطياد الأسماك. وذكرت وكالة (رويترز) للأنباء، في تقرير نشرته مطلع العام 2016، أن البوارج البحرية المصرية المشاركة مع تحالف دول العدوان في الحصار البحري على اليمن، كانت مزودة بمعدات لاصطياد الأسماك في البحرين الأحمر والعربي، مشيرة إلى أنها نقلت عشرات آلاف الأطنان من مختلف أنواع الأحياء البحرية إلى مصر، وهو ما يعد اختراقاً للقوانين الدولية.

التعسف في المنافذ البرية 
بجانب ذلك، لم تسلم المنافذ البرية من تعسف قوات الاحتلال ومرتزقتها، فلقد سيطر أذنابها على كافة المنافذ البرية في المحافظات الجنوبية، ومارسوا فيها أبشع جرائم السرقة والحرابة بحق المواطنين، وعلى سبيل المثال تناقلت وكالات إخبارية عالمية أخباراً تصف الظلم الذي يتعرض له المسافرون في منفذ الوديعة بحضرموت، والذي يسيطر عليه القيادي الإصلاحي هاشم الأحمر الذي يجني مبالغ مالية تصل إلى 17 مليون ريال يومياً عبارة عن إتاوات يتم أخذها من المسافرين وأصحاب الناقلات بدون أدنى مسوغ قانوني.  

نظرة أبواق الارتزاق 
ممارسات قوات الاحتلال الإماراتي في المحافظات الجنوبية قوبلت ببعض الاستهجان والتنديد من قبل الكثير من المرتزقة، خصوصاً من المنتمين لحزب الإصلاح الذين وصفوا التدخل الإماراتي في الجزر اليمنية احتلالاً. قد لا يبدو هذا الأمر غريباً إلا حينما ترى هؤلاء المرتزقة هم أنفسهم من يباركون هجوم تحالف العدوان على مدينة الحديدة، وسعيه للسيطرة على مينائها، فماذا يعني ذلك؟ تساؤل يجيب عنه الناشط السياسي عبدالرحمن سلطان، قائلاً: أبواق الارتزاق تؤدي مهام معينة كما يملى عليها، فهي تصف أي تحرك للعدو هنا أو هناك بحسب ما يريده المحرك الأول العدوان أمريكا. 

لا وجه للمقارنة
لا وجه للمقارنة بين الموانئ والمطارات والمؤسسات الواقعة تحت سيطرة قوات الاحتلال، وبين تلك الواقعة ضمن مناطق الجيش واللجان الشعبية، وما يتحدث عنه تحالف قوى العدوان عن تدخل إنساني لتبرير هجومه الأخير على مدينة الحديدة، يعد أمراً سخيفاً للغاية بحسب الوقائع والشواهد التي ذكرت سابقاً بحق موانئ ومطارات المحافظات الجنوبية التي تتعرض من قبل قوات الغزو لسياسة استغلال وتهميش وتجويع لأبنائها في صورة وحشية فاضحة.