بشرى الغيلي/ لا ميديا 

العلاقات الافتراضية التي تربط أصدقاء من الخليج مع أصدقائهم في اليمن، هي علاقات منذُ قديم الزمن لها تاريخها، خاصة العلائق الثقافية والأدبية والإعلامية، حتى بدأت دول الخليج بشن عدوانها على اليمن، وسقطت أقنعتهم كما أكدها من التقتهم صحيفة (لا)، بل إن البعض منهم يتحدث خفية ومن خلف الكواليس، ولا يستطيع أخذ حريته في الكلام إلا عبر الخاص، أو إذا كان مغترباً خارج الخليج، لأن سياسة تكميم الأفواه هي الأعلى، وتتم مراقبة مواقعهم الاجتماعية من فيس، توتير، إنستجرام، تيليجرام، وواتس، وغيرها، ومنهم صنف آخر برر مجازر عدوانهم حسب السياسات الإعلامية التي دأبت على تزييف الحقائق، وتجهيل الوعي الجمعي، بأن ما يحدث في اليمن هو إنقاذ لليمن، كونوا مع السياق..

حظرتهم من حسابي!
صارت عملية التواصل مع أصدقاء خليجيين تحملُ أكثر من بعد، فالبعض قد لا يتواصل مع أصدقائه في اليمن خوفاً وخشيةً من أنظمةِ بلدانهم التي تستخدم القمع، وتقوم بالتجسسِ على مكالماتهم، ورسائلهم، فيجعلهم ذلك شديدي الحذر، كحالاتٍ صادفها خالد الروحاني ـ المدير التنفيذي لمؤسسة إعلام اليمنيين الإعلامية والثقافية، الذي قال: يوجد لديّ أصدقاء، هناك من تجده معارضاً سياسة بلاده وحربها الظالمة، ومنهم لا تجد رأياً منه بسبب خوفهم وتكميم أفواههم، لدرجة أن البعض منهم يقول لي: (خليني بعيداً عن السياسة)، ومنهم من يؤيد عدوان بلاده على اليمن.
ويضيف الروحاني: رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي سبب في التعارف بين جميع الجنسيات، إلا أن الكثير منهم نقص، خاصة المؤيدون والخائفون من أنظمةِ بلدانهم، فقمت بحظرهم غير مأسوفٍ عليهم، لأني ضد حربهم الظالمة التي استهدفت البشر، والشجر، والحجر في بلادنا.

نشرتُ صور العدوان فحظرتني!
نبيل القانص (شاعر) يقول: كان لديّ أصدقاء من مختلف دول الخليج في (فيسبوك)، لكنهم لا يبدون أي اهتمام بما يحصل في اليمن، وتقريباً يهتمون فقط بالأدب أو الفنون، يضيف: كما أنهم قليلون جداً في حسابي الفيسبوكي، أما (تويتر) فليس لدي حساب فيه. يختم القانص: حين قمت بنشرِ جرائم العدوان، ومجازره على صفحتي الخاصة، حظرني الكثير من أصدقائي، وصديقاتي الخليجيين/ات، وقاموا بحذف صداقتي، وأتذكر أن شاعرة سعودية شتمتني في تعليقٍ على أحد منشوراتي، وقامت بحظري.

في ظل العدوان سقطتْ أقنعتهم!
جميع الأصدقاء الخليجيين خففوا من تواصلهم المباشر وغير المباشر معي لموقفي الرافض للعدوان ومناهضته، والبعض منهم بخجل فضل أن تجمد العلاقة بيننا نظراً لحساسية المرحلة وديكتاتورية أنظمتهم، بهذه المداخلة بدأت الفنانة التشكيلية سبأ القوسي، وأضافت: خف تفاعلهم على صفحات التواصل الاجتماعي الجروبات الأدبية والثقافية، وعلى ذكر الثقافة تقول سبأ إن إحدى الكاتبات السعوديات راسلتها بتويتر، وأخبرتها أنها لاقت رسائل كثيرة تنصحها بحظر سبأ، رغم إعجابها بتغريداتها في إطار الأدب والثقافة، وأخبروها أن سبأ ذات انتماء مذهبي متطرف، وأنها قالت لها تلك الكاتبة السعودية: لولا متابعتي لكِ من السابق لصدقتهم من هول مبالغتهم ووصفهم.
تختم سبأ: في ظل العدوان سقطت الأقنعة، وظهر الأصدقاء على حقيقتهم، فمنهم من حافظ على صداقتنا رغم اختلافنا، ومنهم من فَجَر بها وكفر، لأننا لم نقف معهم في صف العدوان.

 لم أفكر بأصدقاء من الدولِ المعتدية!
البعض من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تحدثوا لصحيفة (لا) أن صداقاتهم تقتصر على أصدقاء من دول الشام، وأن الخليجيين نادرون جداً في قائمةِ الأصدقاء... كما تحدثت أمة الملك الخاشب (ناشطة): لا يوجد معي أصدقاء خليجيون إلا ما ندر، والنادر لا حكم له، قد أكون أنا لا أهتم بهم، وأعتقد أنه من الضروري أن نشكل علاقات معهم كي نعرفهم بما يرتكبه تحالفهم في اليمن من مجازر وجرائم يندى لها الجبين.. تضيف: أغلب صداقاتي العربية من لبنان، والعراق، وتونس، ومصر، وحتى لم أفكر لماذا لا يوجد لدي أصدقاء من الدول المعتدية!
تختم الخاشب: في ظل العدوان زاد عدد الأصدقاء العرب، وزادت أعداد الجروبات العربية، لأني أنقل لهم عبر مواقع التواصل صورة من مظلومية الشعب اليمني، وهذا أقل واجب يجب أن يهتم به كل يمني حر، كما يجب أن يكون للشعوب دور في الضغط على حكامها في إيقاف نزيف الدم اليمني، وفي إيقاف المعاناة والظلم والحصار.

يبررون لعدوانهم!
صنفٌ آخر ممن التقتهم (لا)، يؤكدون أن أصدقاءهم يُصرون أن تحالفهم جاء ليحرر اليمن، حسبما تمليه عليهم وسائلهم الإعلامية، يقول يحيى عسكران (وكالة سبأ): أصدقائي من السعودية والبحرين يحكون عن الوضع في اليمن، ولكن بطريقتهم التي يرونها، ويبررون أن العدوان على اليمن أتى من أجل الشعب، لينقذ البلاد من الفرس والروافض، وغير ذلك من المسميات، حد تعبيرهم، وهذا غير صحيح، وسبق أن بيَّنا لهم أن التحالف السعودي أخطأ في عدوانه على اليمن، وارتكب خطأً فادحاً بقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير البنية التحتية للشعب اليمني منذ ما يقارب 3 سنوات.
يختم عسكران: اختلاف وجهات النظر بيننا كزملاء أسهم في عدم التواصل، وابتعادنا عن بعضنا نتيجة الحرب الراهنة والعدوان الحاصل على الشعب اليمني من قبل جيرانه في الخليج باستثناء سلطنة عمان الشقيقة.

أغلب أصدقائي مستاؤون مما يحدث
فيما البعض من الخليجيين يعرفون جيداً أن بلدانهم على باطل، ولكنهم لا يجرؤون على الحديث مباشرة عن ذلك، خاصة ممن لهم علاقة بالأدب والكتابة، لأنهم يدركون أن إعلامهم يضلل الحقائق، ولكنهم يتحفظون عن قولِ ذلك مباشرة كما حدث مع الشاعر عبدالوهاب الديلمي الذي قال: أصدقائي من كل دول الخليج، وبالنسبة لمقاربتهم للوضع في اليمن فهم على ثلاثة أقسام: القسم الأول (وهم الأغلب) مستاء جداً من هذه الحرب، لكنه صامت بسبب البيئة السياسية التي تحيط به، ولا يعبر عن استيائه إلا تلميحاً أو عند مناقشته على الخاص، وقسم ثانٍ مؤيد بل متعصب لهذه الحرب، ويراها السبيل الوحيد لخلاص اليمن والحفاظ على أمن دول الخليج، ويأتي هذا القسم في المرتبة الثانية من حيث الكم، وقسم ثالث معارض صراحة لهذه الحرب ولأهدافها وطريقة إدارتها، ولكنه يعبر عن رأيه من مكان إقامته خارج دول الخليج، أو يستخدم اسماً مستعاراً.
وختم الديلمي عن تأثر عدد من أصدقائه الخليجيين بهذه الحرب، قائلاً: بالنسبة لي العدد تقريباً ثابت، والزيادة أو النقصان لا تتحكم فيهما ظروف الحرب، لكوني شاعراً وأديباً تختلف معايير اختياري للأصدقاء عن غيري.