لم يكن الإعلام بمنأى عن المخطط التآمري الذي سعى تحالف العدوان الأمريكي السعودي إلى تنفيذه في صنعاء الأسبوع الماضي، وتفجير الوضع فيها وفي بقية المحافظات الخارجة عن سيطرته، عبر مليشيا خيانة تزعمها الرئيس الأسبق ونجل شقيقه.. فقد عملت وسائل الإعلام التابعة له مع أدوات العدوان الإعلامية في استديو واحد لبث كل ما من شأنه تأجيج الخلاف بين أبناء الشعب وإثارة الفتنة في أوساطهم، في أخطر مشروع سعى الأعداء لتنفيذه منذ بدء عدوانهم.
(اليمن اليوم) من الوطنية إلى الخيانة
غادرت قناة (اليمن اليوم) طوعاً منبر الإعلام الوطني الذي يخوض معركة إعلامية شرسة ضد إعلام العدو، وتحولت إلى صنارة صيد لقنوات (العربية) و(الحدث) و(سكاي نيوز) وغيرها من القنوات والصحف والمواقع السعودية والإماراتية، تصطاد بها في المياه العكرة ما يشق الصف الوطني، ويزعزع أمن واستقرار العاصمة والمدن التي تسيطر عليها القوى الوطنية.
فمنذ 29 نوفمبر ووسائل إعلام تحالف العدوان تستشهد بما تعرضه (اليمن اليوم) على شاشتها لبث السموم في وعي الشارع اليمني بدءاً من تناول ما حدث في مسجد الصالح يومها من اشتباكات بين حراسته التابعة لطارق عفاش وأجهزة الأمن على أنه اعتداء من قبل أنصار الله على مقرات حزب المؤتمر ورئيسه ومنازل قياداته، ولم تتورع عن تحريض أبناء الشعب على الاقتتال في ما بينهم بما سمته (انتفاضة صنعاء).
واستغلت وسائل إعلام تحالف العدوان بياناً للمؤتمر قرأته قناته في نفس اليوم، واستغربه شريكه، لتأليب قواعد الأول على الأخير باستخدام محلليها المقيمين في الرياض والقاهرة وغيرهما، والذين قالوا إن الشراكة بين المكونين وصلت إلى مفترق طرق، واستمروا في التحريض وإثارة الفتنة، ومن بينهم عضو الأمانة العامة للحزب عادل الشجاع، الذي تعمدت قنوات العدو الفضائية تضمين مداخلاته كونه من أبرز أبواقها.
في اليوم التالي تصاعدت وتيرة التحريض، وتصاعدت معها أعمال العنف التي قامت بها مليشيا طارق عفاش ضد المواطنين المشاركين في احتفالية ذكرى المولد النبوي، وصلت حد قنصهم أثناء عودتهم من الاحتفالية، ما استدعى أجهزة الأمن إلى التحرك لضبط الوضع، ولكن ما إن وصلت حتى هاجمتها تلك العناصر الخارجة عن القانون، ما اضطرها للرد عليها، إلا أن هذه القنوات تناولت ذلك باعتباره مواجهات قالت إنها بين (شريكي الانقلاب)، في إشارة إلى المؤتمر وأنصار الله.

تصعيد إعلامي وميداني
تزامنت مع الاشتباكات التي اندلعت بين أجهزة الأمن وعناصر الفتنة في اليوم الذي تلى بيان حزب المؤتمر، حملات إعلامية مضللة في القنوات التابعة لتحالف العدوان ومرتزقته، ومنها قناة (اليمن اليوم)، حيث ادعت أن عناصر مسلحة تابعة لأنصار الله حاصرت منزل العميد الخائن طارق عفاش، وباشرت بإطلاق النار عليه، مطالبة المؤتمريين بالنفير لوضع حد لتصرفات من وصفتهم بالحوثيين.
ودعت شخصيات تنظيمية وإعلامية محسوبة على المؤتمر ومنخرطة ضمن المخطط، قواعد وأنصار الحزب لأداء صلاة الجمعة في مسجد الصالح الذي لم تسلم خطبتاها فيه من التحريض وزرع الفتنة والفرقة في أوساط اليمنيين، وكان من ضمن من أدّاها طارق عفاش الذي قيل إن مسلحين من أنصار الله يطوقون منزله.
وما إن أكمل المصلون صلاتهم، وخرجوا من المسجد، حتى باشروا شن اعتداءات على سيارات المواطنين التي كانت مطلية باللون الأخضر الدال على مشاركتهم في الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وقد قامت الوسائل الإعلامية التخريبية بتوظيف هذه التصرفات لتوتير الوضع بين أنصار المكونين الوطنيين.
ومع كل تلك الهجمات الإعلامية الداعية لنشر الفتنة، التزمت وسائل الإعلام الوطنية الرسمية أو التابعة لأنصار الله الصمت، ولم تنجر للرد على تلك الادعاءات كي لا تصب النار على الزيت وتمكن تحالف العدوان من الوصول إلى غايته.
غير أن الاشتباكات اندلعت ليلة الجمعة، وتزايدت وتيرتها صباح السبت مع حملة إعلامية ممنهجة ومدروسة ساندت بها وسائل إعلام العدو قناة (اليمن اليوم) ومنشورات الصحفيين المنتمين لمليشيا الفتنة التابعة لطارق عفاش.

غرفة عمليات واحدة
حالة من الاستنفار شهدتها استديوهات لفيف قنوات تلفزيونية تابعة لتحالف العدوان ومرتزقته، ولكن هذه المرة بقيادة (اليمن اليوم)، أعادت إلى أذهان المواطنين صبيحة الـ26 من مارس 2015، واتخذت منشورات مفسبكي طارق عفاش مصادر استقت منها أخباراً تفيد قيام من سمتها قوات المؤتمر بإسقاط معسكرات القوات المسلحة وأهم مؤسسات الدولة، وتجاوزت المنطق بإسفاف عندما تناولت أنباء عن سيطرة مليشيا الخيانة على محافظات ذمار وإب وحجة والمحويت، ومحاصرة الرئيس الصماد في القصر الجمهوري، وما زاد الطين بلة هو ما بثته (اليمن اليوم) تحت مسمى (بيان 1) للحزب دعا فيه أنصاره إلى الاقتتال مع إخوانهم في حركة أنصار الله.
واستبقت تلك القنوات بمصادرها تحركات مليشيا طارق والمواقف التي سيظهر عليها عمه، في دليل واضح على أن غرفة العمليات واحدة يديرها تحالف العدوان على اليمن، أكدته تصريحات سفير مملكة قرن الشيطان لدى حكومة عملاء الرياض.
ومع استمرار تجاوزات مليشيا الفتنة صباح السبت 2 ديسمبر، ألقى قائد الثورة كلمة ناشد فيها رئيس المؤتمر الشعبي العام والقيادات الشريفة في حزبه درء الفتنة وعدم تمكين العدوان من تحقيق أهدافه، غير أن قناة (اليمن اليوم) وإعلامييها تداولوا المناشدة في مواقع الأخبار وصفحات التواصل الاجتماعي وشاشات قنوات تحالف العدوان، على أنها نبعت من موقف ضعف، واستمروا في تحريض المواطنين على الخروج في ما سموها (الانتفاضة الشعبية).

سقوط القناع يغير الخطاب
استمرت الأبواق الإعلامية التابعة للمليشيا بتحقيق الانتصارات على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تزامناً مع هجمات شنها مسلحوها على عدد من أقسام الشرطة والمعسكرات، لم تلق رداً من أجهزة الأمن واللجان الشعبية، لأنها لم تتلقَّ أوامر بذلك، وبعد كلمة السيد القائد بحوالي ساعتين خرج رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح، في خطاب متلفز أشعل فيه نار الفتنة، ولم يأخذ بمناشدة السيد عبدالملك الحوثي، طالباً من اليمنيين الاقتتال في ما بينهم، ومن موظفي مؤسسات الدولة عدم الامتثال لأوامر المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، ومعلناً فتح صفحة جديدة مع تحالف العدوان الأمريكي السعودي.
وبذلك الخطاب تحول ملقيه في قنوات (العربية) و(الحدث) و(سكاي نيوز) و(الغد) وغيرها من القنوات، من رئيس مخلوع يحظى بحب شعبه نتيجة موقفه الوطني ضد أعدائه، إلى رئيس سابق فقد شعبيته بسبب خيانته دماء أبناء الشعب الذين استشهدوا بفعل غارات طيران تحالف العدوان، حتى إنها وصفت عملية التمرد تلك بالانتفاضة كما وصفها لسان زعيم مليشيا الخيانة، وجعلت لها وسماً في شاشاتها سمته: #صنعاء_تنتفض.

الإعلام الوطني يفضح زيف العدو ومليشياته
بعد أن أظهر رئيس المؤتمر موقفه من الفتنة وتزعمه لها وإدارتها، تحركت أجهزة الأمن للسيطرة على الموقف، ووضع حد لتماديه، لا سيما وأن صبرها وعدم انجراراها للمواجهة أقام الحجة عليه، وما هي إلا دقائق حتى تهاوت تلك الانتصارات، وأعلنت القنوات الوطنية أن الدولة بدأت الضرب بيد من حديد، واستعادت في وقت وجيز كل مؤسسة ومعسكر ومقر تابع لها من أيدي المليشيات التخريبية التي افتضح قائدها الحقيقي والمتخفي بقناع مواجهة العدوان طيلة 3 سنوات.
أصيبت تلك القنوات بإرباك نتيجة الضربات التي تلقتها من وسائل إعلام الوطن، وفضحت بالدليل المصور زيف ادعاءاتها السابقة عن سيطرة المليشيا على معسكرات ومرافق الدولة، إلا أنها استمرت في التضليل والتزييف ونقل بيانات تحالف دول العدوان ومرتزقته المرحبة بموقف زعيم المؤتمر الذي خان فيه جماهير حزبه، وقالت بأنه عاد إلى الحضن العربي، وكذلك ترحيب عملاء الرياض بتحركه كونه التحق بركبهم.

فشل المخطط ومقتل منفذه
48 ساعة فقط هي المدة التي احتاجتها أجهزة الأمن واللجان للقضاء على مليشيا الخيانة، كان الداعم الرئيس لنجاحها وعي الشعب، خصوصاً المؤتمريين، وعدم انجرارهم لما دعا له رئيس الحزب في خطابه، ففي يوم الاثنين الماضي أعلنت وزارة الداخلية، في بيان لها، مقتل علي عبدالله صالح وانتهاء أحداث الفتنة، وأكثر من أصيب بالإحباط هي قنوات الفتنة السعودية والإماراتية وغيرها، حيث تلبسها الضعف وتحولت في خطاباتها، حيث عادت بعضها لتسمية رئيس المؤتمر بعد مقتله الرئيس المخلوع، وقد كانت قبلها تسميه الرئيس الأسبق.
وانتقلت من بقعة الفرح بانتصارات وهمية إلى بقعة تحريض الشارع المؤتمري الشريف على الانتقام لمقتل من كان زعيمهم وقام بخيانتهم إرضاء لأعدائهم، كما أنها غادرت صنعاء التي أسقطتها كذباً في ساعات إلى مناطق أخرى تدعي تقدم قواتها ومرتزقتها فيها، وكذلك انضمام وحدات من الجيش إليها انتقاماً لمقتل زعيم الخيانة وانتهاء مشروع الفتنة.