تضاعـــــــف عـــــــدد المعاقـــــــين بنسبـــــــة 100%
مركز الأطراف الصناعية. يصل ما بترته غارات العدوان




بين حطام العدوان على اليمن ينتصب المركز الوطني للأطراف الصناعية شامخاً وسط العاصمة، ليرمم مآسي أبرياء بتر الطيران أطرافهم، وأجبرهم على المضي بأعمارهم مستندين على أطراف من خشب وحديد، فقد ارتفع عدد المعاقين المحتاجين لخدمات المركز بنسبة 100% قياساً بما كان عليه الوضع قبل العدوان.
معاقون يفوقون عدد سكان دولة خليجية
قناة (دويتش فيله) الألمانية تحدثت عن وجود أكثر من 3 ملايين و700 ألف معاق في اليمن، وأشارت القناة في تقرير تناولت من خلاله أوضاع المعاقين في اليمن، إلى أن عدد المعاقين في هذه البلاد يساوي عدد سكان دولة خليجية، وذكر التقرير أن العدوان على اليمن خلف ما يقارب 92 ألف معاق، وأن تقديرات أعداد المعاقين تبدو متواضعة في بلد يفتقر للإحصائيات الدقيقة حول نسبة المعاقين، وأكد أن الأرقام المتعلقة بالمعاقين تسجل ارتفاعاً مستمراً نتيجة للعدوان، وأن شريحة المعاقين لم تحظ بأية رعاية منذ بدء العدوان والحصار الجائر على اليمن.
ونقل التقرير عن رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين عثمان الصلوي، قوله إن قصف الطيران يخلف يومياً عشرات المعاقين، إضافة إلى المواجهات الميدانية في مناطق متفرقة من اليمن.
وأضاف الصلوي أن هناك 350 جهة متخصصة بتقديم الرعاية الصحية للمعاقين، قد توقفت عن العمل منذ بداية العدوان وفرض الحصار.

مجمع الفاجعة
وتشير إحصائيات وزارة الصحة حتى منتصف نوفمبر الماضي، إلى وجود 1650 شخصاً أصيبوا بإعاقات دائمة (بتر أطراف) نتيجة غارات تحالف (معاقي الأرواح) على المدنيين، منذ بداية العام 2016، ويمكن ملاحظة حجم الكارثة في المركز الوطني للأطراف الصناعية بصنعاء، عبر مشاهدة أناس من مختلف الأعمار رجالاً ونساء، شباناً وأطفالاً، من شتى المحافظات، وقد انضموا قهراً إلى قائمة ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن فقدوا أيديهم أو أقدامهم، أو مشلولين على كراسي متحركة، سلبوا حياتهم الطبيعية، وأصبح لزاماً عليهم التردد على مركز الأطراف بصفة (معاق).

تحديات قدم صغيرة
الطفلة حياة ناصر (6 سنوات)، حصلت على فرصة جديدة لحياة شبه طبيعية، بعد أن بترت قدمها اليمنى في غارة من طيران تحالف أعداء الحياة استهدفت منزل أسرتها في مدينة عمران قبل أشهر، وحكم على حياة أن تعيش مرتبطة بمركز الأطراف، وقبل كل شيء أن تتعود الطفلة على إعاقتها الجديدة التي ترفض الإقرار بها، مصرة على التحرك وممارسة الحياة مثل الجميع، إلا أن القدم المستبدلة بطرف صناعي تحول دون ذلك، مما تسبب بجرح نفسي لطفلة وأسرتها قبل جرح عضو بتره العدوان.

ارتفاع العدد بنسبة 100%
خلال تجولنا في صالات المركز التقينا بالدكتور محمد جياش، المدير الفني في المركز، والذي قدم لنا شرحاً سريعاً حول الأعباء التي بات يتحملها المركز في ظل العدون، قائلاً: تضاعفت أعداد الحالات بسبب العدوان، والحرب القائمة في البلاد، حيث تستقبل الإدارة الفنية لوحدها بين 90 و100 حالة يومياً، في حين بات قسم العلاج الطبيعي بقسمي الرجال والنساء يستقبل من 200 إلى 300  حالة في اليوم الواحد، وهي أعداد مرتفعة بنسبة 100% قياساً بما كان عليه الوضع قبل العدوان.

عمل بلا كلل أو ملل
وحول ما إذا كانت الأعداد المرتفعة قد أثرت على القدرات الاستيعابية للمركز، أفاد الدكتور جياش أن المركز لم يتوقف عن تقديم خدماته للمعاقين منذ أول يوم للعدوان، وأنه يعمل بكل طاقته وقدراته.
وقال إن ارتفاع عدد الحالات المستفيدة من خدمات المركز، يؤثر على المواد الخام المكونة للأطراف الصناعية، والأجهزة التعويضية، وهي مواد يقوم المركز باستيرادها من ألمانيا، وخلال الفترة الماضية لم يستورد المركز أي شيء من تلك المواد، بسبب الحصار.

نقص المواد الخام
وناشد الدكتور محمد جياش، المدير الفني لمركز الأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي بصنعاء، المنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، القيام بتوفير المواد الخام المطلوبة للمركز حتى يستطيع أداء خدماته، لجميع المعاقين والمرضى المشلولين الذين يتوافدون على المركز من جميع أنحاء اليمن، بدون استثناء، حيث يعتبر مركز الأطراف والعلاج الطبيعي هو المركز الأول في الجمهورية اليمنية للتعامل مع المعاقين، بشكل عام، سواء الذين أصيبوا بالعدوان أو مرضى الإعاقات.

حديد نابض
في ورش المركز الوطني للأطراف، يأخذ الحديد والجبس والخشب قيمة أخرى نابضة بالحياة، غير تلك التي تم التعود عليها، فالحديد قد يتحول إلى ساق، والخشب يرتقي ليصبح ذراعاً مجازاً، والسيليكون يكتسي لوناً بشرياً كونه أصبح جلداً، وهي مواد تلتصق بجسد المعاق لتصبح جزءاً منه إلى آخر العمر، حيث تصنع الأطراف في 5 ورش تؤدي عملها بانسجام، ابتداء بورشة المقاسات التي يعتمد عملها على مادة الجبس، ثم ورشة الأطراف الصناعية، تليها ورشة الجلد التي تستخدم السيليكون، وأخيراً ورشة الأحذية الطبيعية. بينما تقوم ورشة الحديد بصناعة الكراسي المدولبة والعكازات.

أرض مثقوبة ومآسٍ متعددة
عند النظر لوجه الخارطة المثقوب بأرض اليمن في عيون المجتمع الدولي، نجد هناك أشكالاً متعددة للمآسي التي يصنعها تحالف العدوان بحق الشعب اليمني، وليس المعاقون سوى وجه واحد من مظاهر كوارث العدوان المتعددة التي يتعامل معها المجتمع الدولي باعتبارها قد ابتلعت في الأرض التي تبتلع الجرائم السعودية في بلاد اليمن.