موقع إنترسبت الإخباري
حكمت المحكمة العليا في المملكة المتحدة لصالح الحكومة البريطانية للسماح باستمرار مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، على الرغم من المخاوف الواسعة النطاق بشأن انتهاكات القانون الإنساني الدولي في حملة القصف التي تشنها السعودية على اليمن.
وفى طعن قانوني بقيادة منظمة مكافحة تجارة الأسلحة التي تتخذ من لندن مقراً لها، قال اثنان من كبار القضاة، الاثنين، بأن الحكومة (لم تكن غير عقلانية وغير قانونية) في قرارها بالموافقة على تراخيص التصدير للمملكة السعودية. وخلص الحكم الصادر في 58 صفحة، الى أنه لا يوجد (خطر حقيقي) بوجود (انتهاكات خطيرة).
وقالت اللجنة في بيان لها إنها (تشعر بخيبة أمل) للحكم، وتعتزم مواصلة الاستئناف. ووصفت المنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن الحكم بأنه (يوم مظلم لشعب اليمن). وأغلقت أكثر من نصف جلسة الاستماع التي استمرت 3 أيام في قضية المراجعة القضائية التي عقدت في فبراير، أمام منظمة مكافحة تجارة الأسلحة والصحافة والجمهور. وذكر القضاة أن حكومة المملكة المتحدة لديها (مصادر معلومات أكثر تطوراً) من هيئة المخابرات المركزية، بيد أنها قالت إنه لا يمكن الكشف عن المعلومات في محكمة علنية (لأسباب أمنية قومية).
وقد رخص مسؤولو الحكومة البريطانية بيع 4.2 مليار دولار (3.3 مليار جنيه إسترليني) من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، في الأشهر الـ12 الأولى من حملة القصف التي تقودها السعودية في اليمن، والتي هي الآن في عامها الثالث. واعتباراً من يناير من هذا العام، كانت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة تراقب بحد ذاتها 252 حالة انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في أعقاب الغارات الجوية التي شنها التحالف السعودي على اليمن.
وقال محامو منظمة مكافحة تجارة الأسلحة إن الحكومة تنتهك قانون المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ومعاهدة تجارة الأسلحة، التي صدقت عليها المملكة المتحدة عام 2014، والتي تنص على أنه إذا كان هناك (خطر من أي انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي)، فإنه (لا ينبغي إعطاء السماح والتراخيص بتصدير السلاح).
وتعليلاً للسبب في حكمهم، قال قاضيان كبيران إن المملكة العربية السعودية قد عالجت المخاوف بإنشاء هيئة تحقيق خاصة بها. إلا أن فريق تقييم الحوادث المشتركة السعودية أصدر النتائج الأولية للتحقيق في 20 غارة فقط، بما في ذلك الهجمات على مرفقين طبيين تدعمهما منظمة أطباء بلا حدود في شمال اليمن. وفي 14 من الغارات الـ20، حمل المحققون التحالف ارتكاب المخالفات أو المسؤولية عن الانتهاكات المزعومة.
وقد أدانت مجموعة من المنظمات الدولية - بما في ذلك لجنة من خبراء الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي والجماعات الإنسانية وحقوق الإنسان - مراراً وتكراراً الهجمات الجوية المستمرة ضد اليمن، معتبرة أنها غير قانونية. إلا أن الحكومة البريطانية رفضت مرتين محاولات اقترحها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لإقامة تحقيق غير سعودي حول الانتهاكات للقانون الدولي.
وقال السير فينس كابل، وهو وزير سابق بالحكومة البريطانية، لموقع (إنتربست) الإخباري، عقب قرار الاثنين: (إنني أشعر بخيبة أمل من الحكم. إن اعتماد المملكة المتحدة على الصادرات إلى السعودية لا يصح أن يوجه سياستنا الخارجية). الجدير بالذكر أن كابل وقع في وقت سابق على مبيعات الأسلحة من المملكة المتحدة للمملكة العربية السعودية كوزير للعمل عام 2015، وهو العام الأول من الحرب. ولكنه ادعى في وقت سابق أنه (تم تضليله بشكل خطير) من قبل وزارة الدفاع في عملية اتخاذ قراره بشأن ما إذا كان سيتم منح الإذن للمبيعات إلى السعودية.
كما أعرب مارك جولدرينغ، رئيس منظمة أوكسفام الخيرية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، عن عدم رضاه عن الحكم. وقال غولدرينغ: (لقد قدم الكثير من الأدلة في هذه الحالة عن الأثر المدمر على اليمن من بيع الأسلحة إلى السعودية). (هناك قضية أخلاقية واضحة للحكومة لتعليق مبيعاتها).
ووصفت هيومن رايتس ووتش، التي وثقت العديد من حالات جرائم الحرب المحتملة في اليمن، الحكم بأنه (نكسة خطيرة للجهود الرامية إلى مساءلة الحكومة البريطانية)، مضيفة أن الحكم رفض الأدلة التفصيلية التي جمعت على الأرض.
وقد صدر الحكم في ظل أزمة إنسانية سريعة التدهور في اليمن، حيث يواجه 7 ملايين شخص مجاعة وشيكة، وقد تسبب تفشي الكوليرا في وفاة أكثر من 1700 شخص منذ أبريل، وهي أزمة وصفها ستيفن أوبراين، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، بأنها (كارثة من صنع الإنسان) نتيجة للصراع. ويتزايد عدد حالات الكوليرا فى اليمن بأكثر من ضعف المعدل الذي توقعته سابقاً منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، حيث وصل عدد الإصابات الى 300 ألف.
أما صحيفة (الإندبندنت) فقد نقلت عن مسؤولين في حكومة تيريزا ماي، أن الحكومة لا تخرق القانون ببيع الأسلحة إلى السعودية، وأنه لا يمكن نشر الأدلة المستخدمة في رفض الطعن القانوني، لأسباب تتعلق (بالأمن القومي).
وقد أثار ناشطون من حملة مكافحة تجارة الأسلحة تحدياً قانونياً ضد الإدارة المسؤولة عن تحديد الأسلحة بعد استمرار تدفق الأسلحة البريطانية إلى الحكم الاستبدادي في المملكة السعودية، على الرغم من أنها تشن حملة عسكرية دموية في اليمن.
وقد اتهمت الأمم المتحدة ومراقبون آخرون المملكة السعودية بقتل أعداد كبيرة من المدنيين، بما في ذلك عن طريق التفجيرات التي وقعت في المستشفيات والمدارس وحفلات الزفاف في البلد المجاور لها، حيث تدخلت ضد الحوثيين.
وقالت المنظمة التي رفعت الطعن القانوني إنها ستستأنف القرار. وقال أندرو سميث من حملة مكافحة تجارة الأسلحة: (هذا حكم مخيب للآمال للغاية، ونحن سنواصل النداء. وإذا تم تأييد هذا الحكم، فسيتم اعتباره ضوءاً أخضر للحكومة لمواصلة تسليح ودعم الدكتاتوريات الوحشية ومنتهكي حقوق الإنسان مثل المملكة العربية السعودية التي أظهرت تجاهلاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي).
وأضاف: (كل يوم نسمع قصصاً جديدة ومروعة عن الأزمة الإنسانية التي لحقت بشعب اليمن. وقد لقي الآلاف مصرعهم، بينما دمرت البنية التحتية الحيوية لإنقاذ الأرواح. هذه الحالة تستدعي مزيداً من التدقيق في العلاقة المسمومة للحكومة البريطانية مع المملكة العربية السعودية. إنها علاقة تحتاج أكثر من أي وقت مضى لفحصها والتحري فيها. على مدى عقود كانت المملكة المتحدة متواطئة في قمع الشعب السعودي، وهي الآن متواطئة في تدمير اليمن).
وخلصت منظمة العفو الدولية ومنظمات غير حكومية أخرى وهيئات تابعة للأمم المتحدة إلى أن النهج السعودي للهجمات في جميع أنحاء اليمن يثير مخاوف جدية بشأن تجاهل واضح للحياة المدنية.
وقد أدى عدم اتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنيب المدنيين، على النحو الذي يقتضيه القانون الإنساني الدولي، إلى مقتل وإصابة المدنيين وتدمير منازل المدنيين وهياكلهم الأساسية.
وقد قصفت المملكة العربية السعودية المستشفيات والمساجد والأسواق وغيرها من الهياكل الأساسية المدنية، وكثيراً ما نفذت هجمات غير متناسبة وعشوائية قتلت وجرحت مدنيين.
وقالت منظمة العفو الدولية في مارس إن الولايات المتحدة وبريطانيا باعتا بأكثر من 5 مليارات دولار أسلحة إلى نظام الرياض منذ بداية الحرب، أي أكثر من 10 أضعاف المبلغ الذي قيل إنهم قد أنفقوه للمساعدة في إنقاذ المدنيين اليمنيين.
حيث تقصف السعودية اليمن منذ مارس 2015 في محاولة لهزيمة الحوثيين وإعادة تثبيت الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي. وقد قصفت الطائرات الحربية السعودية اليمن ليلاً ونهاراً، مما أسفر عن مقتل أكثر من 12.000 شخص، من بينهم العديد من النساء والأطفال، وتشريد أكثر من 3 ملايين آخرين.