العمل الفني له مولده وحياته المديدة أو القصيرة، وهناك أعمال فنية كبرى تولد وتبقى، تولد يوماً بعد يوم، وتتجدد، وهناك أعمال فنية تولد ميتة.. إن وراء العمل الفني فناناً أو منشداً مبدعاً كالمنشد عبدالله الخولاني، الذي أغلب أعماله تأخذ شكل السلاسة وعمق اللحن وبساطة الكلمة، كما تتميز بالعمق والثراء والمتعة والفائدة، وأكاد أضيف إليها الديمومة والخلود.. إن صوته نادر، ويتمتع بمزايا عديدة تكفي كل مزية لتجعل منه منشداً عظيماً.. إن صوته مليء بالإحساس، دافئ حالم رقيق قوي صادر عن ألحانه المتطورة، كما أن صوته أضفى على أعماله مذاقاً سحرياً وجذاباً، وأتاح لموشحاته من الشهرة والذيوع والدوران على الألسنة، ما لم يتح لمعظم الموشحات الأخرى.. فبعض أعماله ترتقي إلى مستوى الأعمال العربية الكبيرة.
المنشد والملحن عبدالله الخولاني محب لفنه، يختار كلماته بسخاء، ويتميز بصدق الأداء..
 لنتحدث عن دور الأنشودة وعن تأثيرها في هذا الوقت..
تعتبر الأنشودة توجيهاً دينياً وإرشادياً، ويعتبر النصح والوعظ فيها أسهل من الخطب والمحاضرات وغير ذلك، لأنها تصل إلى المستمع مغناة وملحنة، ولهذا فالمستمع ينسجم معها ويتلذذ بها.

 لا زالت الموشحات تعيش في الذاكرة والوجدان، ويفوح عطرها بين البيوت.. لماذا قلت هذه الموشحات؟
قلت بسبب العدوان الذي يتعرض له اليمن، فاتجه المنشدون بشكل كبير إلى الزامل.

 هل يرجع السبب في قلة الموشحات إلى ندرة شعرائها؟
اليمن غنية بالمبدعين، ولكن نحن نعيش مرحلة العدوان.

 بعض المراقبين الفنيين يقولون إن أعمالك من الموشحات ترتقي إلى مستوى الأعمال العربية.. هل توافقهم الرأي؟
أتمنى ذلك، وأتمنى أن أدخل بلون جديد للساحة اليمنية.

 كيف تنظر إلى الفضاء الفني اليوم؟
الفضاء الفني اليوم مليء وبكثافة بالمبدعين، وقبل هذه الفترة لم يصلوا إلى ما وصلنا إليه، والكثير من المبدعين من الشباب يمتلكون إمكانيات كبيرة.

 ماذا يعني لك زامل (القرار الحاسم)؟
يعتبر روح نبض عبدالله الخولاني ومحمد رسام والشاعر ماجد الصانع.

 مع من تعاملت من الشعراء؟
تعاملت مع الأستاذ ماجد الصانع، ومحمد الجرف، وكثير من الشعراء.

 بمن تأثرت؟
تأثرت بالأستاذ الراحل محمد حسين عامر، ويعتبر المدرسة الأساسية للمنشدين، وكذلك المنشد عبدالرحمن العمري، وصوته أثر فيَّ بشكل كبير.

 أين تجد نفسك في الزامل أم في الموشحات؟
أجد نفسي في الموشحات.

 هناك مبدعون في مجال الإنشاد لهم أعمال مميزة، لكنهم لم يحظوا بنصيبهم من الشهرة.. برأيك لماذا؟
عندما يبذل المنشد جهداً كبيراً، لا بد أن جهده سيثمر بالنجاح، والسبب في عدم شهرتهم قد يكون قصوراً من المنشد نفسه.

 هل تجيد العزف على بعض الآلات الموسيقية؟
أجيد العزف على العود، ولا أحد يعرف ذلك، وهذه أول مرة أكشف ذلك، وأعتبرها مثل المقامات.

 عمل تردده دائماً.
أردد الموشحات باستمرار.

ما هي المقامات التي تتحدى حنجرتك؟
المقامات هي النهاوند والحجاز والسيكا.

 لماذا لا تعزف على آلة العود أمام الكل؟
لا يمكن، لأنني اصطحبتها شخصياً لأجدد من نغم الصوت وأضيف إلى رصيدي ألحاناً، وأنا أيضاً ملحن.

 من هو المنشد الذي ترى أنه يشبهك؟
مررت بمرحلة كنت أقلد المنشد عبدالرحمن العمري، والساحة الفنية تعرف ذلك، ثم بعد ذلك اختفيت عن هذه المرحلة، لأنني وجدت صعوبة في الوصول إلى طبقة المنشد عبدالرحمن العمري، فانفردت بأسلوبي وطابعي الخاص.

 هل تستمع إلى الغناء؟
أستمع وأنسجم مع بعض الأغاني التي تطربني وأخرج باستفادة منها.

 مثل..؟
مثل الأستاذ حمود السمة وحسين محب والبدجي والكثيرين.

 لماذا لا تقترب من الأغنية العاطفية؟
قريباً سيكون لي توجه في مسار أحدده، لأنني لا أمتلك استوديو، ولو كان لي استوديو ستكون لي أعمال في الجانب العاطفي وفي كل القضايا الاجتماعية.

 بماذا يحلم المنشد عبدالله الخولاني؟
أحلم بالمساواة والعدل والإخاء.

 ما الذي يزعجك؟
يزعجني أن كل المنشدين توجهوا نحو الزامل، فهناك الكثير لا يستمعون زوامل.

 ما هي أعمالك الجديدة؟
أجهز الآن عملاً جديداً للتوحيد الإعلامي لكل القنوات الفضائية، وسيكون في كليب، وبمشاركة مجموعة من المنشدين.

 سؤال غفلت عنه ولم أسألك إياه، لك أن تفتح الذاكرة وتكمل الناقص من الحوار.
سأكمل الناقص من الحوار.. فهناك شعر تتوفر فيه الأمثلة النقدية كالأغاني التي كان يغنيها أبو نصار، وهذه لم تتواجد في الساحة الإنشادية، وهذه قضية تعيش في أعماقي، ومستقبلاً سأحاول أن أنشد القصائد التي تجسد هذه الأمثلة، والتي خلت منها الساحة الإنشادية والفنية.

 كلمة أخيرة..
أشكر صحيفة (لا) على استضافتها إياي، وأشكر دورها الثقافي، وأشكر كل من ساهم في تأسيسها وإعدادها، وأشكرك.