حينما يزحف الظلام على العالم، تبقى لامعة عيون الأطفال وأصوات الشعراء.. حين تطغى سيول الأباطيل والزيف، تبقى كلمة الشعراء شامخة كصخرة شاهدة على مجد الإنسان.. حين تُحصى تركات التاريخ وتتراكم أنقاض الحضارات، يبتكر الشاعر لغة جديدة لعالم يولد.. هكذا هو الشاعر عاقل بن صبر، نراه ينسج من مشاهداته اليومية صوراً فنية رائعة دون تكلف، فقصائده ثورية وتنويرية وكاشفة لزيف العدوان السعودي القبيح.. إنه شاعر حقيقي، وعلى يديه تألقت القصيدة الشعبية، كما أنه يتمتع بسعة خيال، وهو عميق بالموروثات وعبقرية اللغة، لهذا استطاع تكوين حس تاريخي، وتعتبر قصائده رديفاً للتوشكا والكورنيت والبركان، ضد العدوان، كما أن إحساسه يعبق بالنضج والخبرة.. إن هذه الحروف تحمل الامتنان لفيض إبداعه الغزير.. إنه شاعر الحرب عاقل بن صبر.
  شاعر الحرب.. كيف منحت هذا اللقب؟ وما هو أول زامل لك؟
أولاً أستهل البداية بالشكر الجزيل لصحيفة (لا) على اهتمامها بالشعر والشعراء، وأتمنى أن يستمر تواصلها بجميع الشعراء ممن قد يضع نفسه في دائرة مغلقة، لايتمكن من الوصول الى مثل هذا المنبر الحر (صحيفة لا).
لقد منحت هذا اللقب كون زواملي وقصائدي تتميز بطابعها الحربي القتالي، وأول زامل لي هو (هاتوا الحرب الحقيقي يا صليات اطبقي.. واسحقي وافني ودقي كل من ضل الطريق).

 القصيده الشعبية أصبح لها حضورها الكبير من خلال الأصوات المبدعة التي باتت تؤثث المشهد بالكثير من النصوص. صف لنا ذلك.
أصبح للقصيدة الشعبية حضورها الكبير وصداها الواسع وأثرها الفعال، فقد أصبح للزامل، ومن خلال الأصوات المبدعة للمنشدين المتألقين الذين يكملون بدورهم ما تنضح وتبوح به قرائح الشعراء، وتصدح به أقلامهم، دوره الفعال في تعزيز النفوس وإثارة الحماس ورفع المعنويات لدى عامة الشعب ولدى الجندي والمقاتل اليمني.
الزامل اليوم يعتبر من أهم وسائل التحشيد الشعبي القبلي، وإعلان الجهوزية القتالية والنفير العام والتعبئة العامة الجهادية المستمرة. فها هو الزامل يرافق البندقية، ويسابق الصاروخ في مواجهة العدوان، مسدداً أهدافه، يرافق المقاتل والجندي اليمني، جنود الله، مجلجلاً بصداه في جميع ميادين وساحات العزة والكرامة والإباء والصمود والحرية، يعزف ألحان الجهاد كما تعزف البنادق رصاص الموت في نحور الأعداء. يشمخ الزامل بشموخ المقاتل اليمني، وينتصر بانتصاره، حيث إن للزامل القدرة على تصوير وبلورة المواقف بصورة واقعية مرتبطة مع واقع الميدان، بمواويل تصغي لها الآذان، وتتشبع بها الأذهان، فقد أصبح من أهم الوسائل لنقل وإيصال الرسائل الثقافية بعباراته الممزوجة بالآيات القرآنية والتوجيهات الربانية والعقيدة الإيمانية والحكمة اليمانية.

 ماذا أضاف لك الشعر؟
في الحقيقة أحس بأن الشعر وتعمقي فيه، ومن خلال الممارسة والمشاركات، قد فتح أمامي أبواباً كثيرة أستطيع من خلالها توسيع علاقاتي بالآخرين، وإيصال رسائلي. كما وسع من مداركي الفكرية والمعرفية.                        

 ماذا تعني لك قصيدة (مهزوم يا حلف الشياطين مهزوم)؟
قصيدة (مهزوم يا حلف الشياطين مهزوم) بصوت المبدع عبدالخالق النبهان، هي من أهم رسائلي التي تؤكد أن تحالف البغي لن ينال سوى الهزيمة والخسران مهما توالت قواه وطال تماديه وكثرت جرائمه، فهو مبني على الباطل، وسيبطله الله ويخذله. 

  أنت أحد أعلام القصيدة الشعبية، برأيك هل الزامل ترسخ في الواقع الشعري؟
نعم، لقد ترسخ الزامل في الواقع الشعري، ولم يعد يقتصر على المناسبات القبلية وغيرها كما كان سابقاً، بل لقد أصبح، وكما ذكرنا آنفاً، من أهم أنواع الشعر التي يتميز بها شعراء اليمن خصوصاً، ولكن لايعني ذلك أن الزامل قد يقضي على القصيدة، فما زال للقصيدة والأنشودة دورهما، وبإمكان الشاعر إيصال رسالته من خلال إلقاء قصيدته في المنابر الثقافية المتاحة للجميع، كالإذاعات والقنوات، والمشاركة في الفعاليات والمنتديات المتنوعة، وعبر وسائل الإعلام المتنوعة المقروءة والمرئية والمسموعة.

 هل يستطيع الزامل أن يخاطب العالم؟
نعم، يستطيع الزامل إيصال رسائل للعالم العربي فقط، ولكن ليس الزامل بدوره كافياً لمخاطبة العالم، فلا بد أن يكون للصحفي والكاتب والأديب والسياسيين والإعلاميين وغيرهم من أصحاب الكلمة، دورهم الأبرز، فليس كل العالم يجيد الشعر ويفهمه.                        

 هناك شعراء كتبوا الزامل لكنهم لم يحظوا بنصيبهم من الشهرة، برأيك لماذا؟
الكلمة القوية هي التي تفرض نفسها، ومن يسعى للشهرة قد لاينالها، باعتقادي أن الإخلاص والانطلاقة الصادقة هي التي تصنع لصاحبها الشهرة، والبعض قد لايحظى بنصيبه من الشهرة نتيجة قلة تحركاته أو ضعف شخصية، أو عدم القدرة على صناعة العلاقات والتواصل مع المنشدين والإعلاميين وغيرهم.
ونحن في إطار عمل منظم لوضع آلية عمل يتمكن من خلالها جميع الشعراء من الظهور والمشاركة وإيصال زواملهم، والتنسيق لهم مع المنشدين والفرق الإنشادية والمؤسسات الثقافية والإعلامية، وإشهارهم من خلال المشاركة في الفعاليات.. نتمنى أن يتحقق ذلك قريباً.

 برأيك هل سيستمر الزامل بهذا الزخم بعد انتهاء العدوان؟
سيبقى الزامل الجهادي مدوياً، بل وفي نطاق أوسع، فمسيرتنا مستمرة، ولن تتوقف.. ولكن إذا انتهى العدوان فلن يبقى الشعراء بهذه الكثافة، سيبقى فقط من يحملون القضية ويقدرون المسؤولية.                        

 أين تجد قصائدك أكثر بصوت المنشد عيسى الليث، أم بصوت المنشد النبهان؟
المنشد عيسى الليث يتمتع بموهبة عظيمة وتأييد إلهي، حنجرته الذهبية تنوع النغمات والنبرات الصوتية في الزامل الواحد، له أسلوبه الفريد في الإنشاد الذي لايستطيع تقليده الآخرون، وصوته الحماسي الذي يشعل الإحساس، ويثير المشاعر، وينعش النفوس، فالجميع يترقبه بلهفة، ويتابع كل جديد من إصداراته، هو يعتبر الصوت الحربي للمسيرة القرآنية، وله صداه الكبير في الداخل والخارج.
المنشد عبدالخالق النبهان الذي يتقن اللهجة البدوية السائدة في بلدان الجزيرة العربية، ولديه بحر زاخر من الألحان (زوامل وشيلات)، فهو بدوره منبر حر لإيصال الرسائل التي تعبر عن مدى صمود وإباء الشعب اليمني، والردود الشعرية الحاسمة على العدوان، وله صداه في الداخل والخارج.
علاقتي بكليهما جيدة، وزواملي الأكثر بصوت الليث. كلاهما مبدع، وأتمنى لهما المزيد من التألق والإبداع.                        

  هل تكتب القصيدة العاطفية؟
لا أكتب القصيدة العاطفية، لعدم الرغبة في هذا المجال. عاطفتي تنحني لحب الشعب والأمة الإسلامية، وتغزلي دائماً في حب الوطن، وقضية الأمة هي التي جعلتني شاعراً، لا أكتب عن نفسي، وإنما أتكلم باسم الأمة، وأعبر عن مظلومية شعب أنا واحد منه.

  ما هو الزامل الذي تردده دائماً؟
الزامل الذي أردده دائماً هو (رحال يا دنيا مع الله رحال).

  بماذا يحلم الشاعر عاقل بن صبر؟
أحلم بالنصر، وليس حلماً، وإنما هو واقع أمل ووعد رباني يتطلب العمل الجاد والتضحية في سبيل تحقيقه... كذلك أحلم بأن تتوحد كلمة الأمة على الحق.                        

 من هو الشاعر الذي ترى أن قصائده تشبه قصائدك؟
شاعر نهم عباد أبو حاتم، وهو أستاذي.                        

 كيف هي علاقتك بالشعراء؟
علاقتي بالشعراء علاقة جنود مجندين مع الله سبحانه وتعالى، في لواء واحد ومسار واحد، وتحت شعار واحد، هو شعار الجهاد، والسعي لتحقيق هدف واحد، وهو الانتصار لقضية الأمة ومظلومية الشعب وإعلاء كلمة الحق، ولن يكون ذلك إلا بالتكاتف والتآزر وتضافر الجهود.
بالتأكيد علاقتي بالشعراء أصحاب الكلمة والموقف والمسؤولية، علاقة جيدة، تبادل احترام وتواصل مستمر، ألتقي بهم في معظم الأوقات، يجمعنا ويوحدنا النهج والهدف.

 ما هو المجد الذي يحظى به الشاعر من الشعر؟
يحظى الشاعر بمجد شعبه، ويشمخ بشموخ موقفه، ويحس بالفخر والاعتزاز حينما يكون مرتبطاً بشعبه، حاملاً همومهم، قريباً منهم، يشمخ بشموخ شعب علت رايته في سماء الأمجاد والإباء. فما لشاعر تائه متخبط ضال من مجد، وإنما يخلد التاريخ أولئك العظماء الأحرار الذين وضعوا بصماتهم، ورسموا بشعرهم مساراً لأجيال من بعدهم... نعم سيخلدهم التاريخ في سطور المجد.

 كلمة أخيرة..
كلمة أخيرة أوجهها عبر صحيفتكم الموقرة:
ـ التحية والسلام للسيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي (سلام ربي عليه).
ـ التحية لأولئك الأبطال المجاهدين المرابطين في ميادين العز والكرامة.
ـ الدعوة للهبة الشعبية والالتفاف حول أعلام الهدى ومنهج الحق المسيرة القرآنية.
ـ دعوة من لازال لديهم الإدراك ألا يستمروا في تيههم وضلالهم، أتمنى أن يعودوا الى رشدهم ووعيهم، فلا تغرنهم الأطماع الواهية والدنيا الفانية والمواعيد الكاذبة الزائفة.
ـ أخيراً أقول لأبناء مأرب الأصالة والعراقة والتاريخ، اشمخوا بشموخ مجدكم ومجد آبائكم، واصحوا يا من لازلتم في غيكم. فخور بمواقف الأحرار من أبناء مأرب ربعي ولابتي، داعياً الجميع لتوحيد الصف والوقوف ضد العدوان.
والنصر بإذن الله قريب.. والله خيرالناصرين.