الميديـــا الغربيـــة تختزلـــه في الصـــورة النمطيـــة المبتذلـــة لعربـــان النفــــط
العربي.. قاتل.. شهواني.. وثري بغيض

تعرف الصورة النمطية حسب بعض المفكرين بأنها مجموعة من الأحكام والانطباعات والتصورات القديمة المتوارثة والجديدة المستحدثة الإيجابية منها والسلبية، التي يأخذها شخص أو جماعة أو مجتمع عن آخر، ويستخدمها منطلقاً وأساساً لتقييمه لهذا الشخص أو ذلك المجتمع، وتحديد موقفه وسلوكه إزاءه.. ويجمع الدارسون أن وراء هذه الصورة النمطية مجموعة من العوامل المؤثرة، من بينها المقررات التعليمية الغربية، الإعلام والسينما والكاريكاتير والتصرفات الخاطئة الصادرة عن بعض العرب السيئين، فضلاً عن المفاهيم النمطية المكونة عن العالم العربي والإسلامي.

كما أن الصور العامة للإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي، التي يتم عرضها عبر الفضائيات العابرة للقارات والكاسحة للأدمغة، والتي يتحكم فيه لوبي عنصري، تعكس كذلك حالة من سوء الفهم، وترسخ فكر الحقد والكراهية والجهل المركب، وهي لا تقل تشويهاً عن تلك التي يتم تمريرها عن طريق مناهج التعليم..
يقول (إرنست رينان): (إن الغربي في عنصره هو صاحب العمل، والشرقي في عنصره هو عامل)..‏ 
وهذه هي الثقافة التي تربى عليها الغرب، والتي تنمي قيمهم المعادية للعرب، وتعزز شعورهم بالاستخفاف بالعرب، كون ذهنية وإدارة الغرب تستهجن العرب، ولذلك فإن رحلة استنزاف خيرات العرب، ومحاولتهم ـ أي الغرب ـ تدمير الدول العربية، وجعلها في حالة يرثى لحالها، مستمرة، وهذا يزيد من قوة الغرب وسهولة تسلطه وقدرته على احتكار الأسواق والسيطرة على مقدرات العرب، وهذا كله، بالطبع، تجده يتحقق بما يدعيه الغرب بـ(الحرب على الإرهاب) و(الربيع العربي) الذي هو (ربيع غربي) تسعى فيه الدول الغربية لتحقيق أهدافها عبر المأجورين والخونة المتآمرين من كل أصقاع العالم‏.

صورة نمطية
وتعد السينما أيضاً وسيلة خطيرة لتمرير خطاب سلبي يمس بمضامين وفحوى الدين الإسلامي، إذ ما يتم تجسيده ونشره عبر أفلام هوليوود وغيرها تعرض العربي المسلم بشكل نمطي على أنه إرهابي وعدواني ومولع بالحرب، وأن العرب مجرمون وأقل إنسانية من الغربيين. كما أفادت بعض الإحصائيات التي أثبتت أن 95% من أفلام هوليوود غير موضوعية، وتقدم صورة سلبية عن المسلمين والعرب. ولعل المرأة في السينما الغربية تعتبر مادة دسمة لإنجاح الروايات والأفلام الرومانسية التي تظهر الشرق موطناً للفساد الأخلاقي بشتى صوره، وأن الرجل العربي شهواني وغير متحضر، ولا يرى في المرأة إلا الجسد.
في صياغة العقل الغربي والأمريكي خاصة، وصناعة نظرته للإسلام والعالم الإسلامي، يمكن تمييز الصورة النمطية التالية كما جاءت في تقرير (اللجنة العربية لمكافحة التمييز)، والذي قسمها إلى 7 فئات رئيسة:
1- الصورة النمطية العامة: وتصف العرب بـ(راكبي الجمال)، و(عبيد الرمال)، (البدو)، (الواحة)، (الصحراء)، (الحريم).
- ساحة تنافس لعيش الأبطال الغربيين، ولمغامراتهم العاطفية في: (ألف ليلة وليلة)، (الجن)، (البساط السحري)، (الأميرات).
- الإسلام: (سفاحون)، (إرهابيون)، (محاربون)، (متطرفون)، (مغتصبون)، (مضطهدون للمرأة)، (الجهاد)، (الحرب المقدسة)، (ذابحو أعناق).
- الفلسطينيون: (مفجرو طائرات)، (إرهابيون)، (يحاولون تدمير إسرائيل ورميها في البحر).
- العرب الصالحون: (شخصيات ثانوية دونية)، (سلبيون)، (شخصيات ثانوية بالنسبة للأبطال الغربيين).
- الرجل الخليجي: (شيخ بترول)، (ثري جدًّا)، (طماع)، (قذر)، (غير متعلم)، (فاسد)، (عنيف)، (يمارس الجنس مع النساء ويقوم بتصويرهن).
- المرأة العربية: (مضطهدة من الرجال العرب والمسلمين)، (حريم مترفات)، (راقصات عاريات)، (جميلات يقعن في حب البطل الغربي لينقذهن).
وبالمجمل كانت الصورة السائدة ليست جيدة عن العرب، فهم كما سبق إرهابيون وليسوا مقاومين للاستعمار الإسرائيلي، وأثرياء تافهون يركضون وراء الشقراوات، وغيرها من الأنماط السائدة في السينما الأمريكية والذهنية العالمية عن العرب.

حمى شاشة هوليوود السوداء
إذا أردنا أن نطلّ على السينما الأمريكية لنرى كيف تصوِّر العرب ثمّ المسلمين في أفلامها، فبإمكاننا قراءة كتاب (العرب الأشرار في السينما)، الذي ألفه الناقد السينمائي جاك شاهين الأمريكي ذو الأصل اللبناني.. قام جاك شاهين بدراسة أكثر من 1000 فيلم أمريكي على مدى القرن الماضي كله، ليخرج بنتائج مذهلة تريك كيف تنظر هوليوود إلى العرب عبر منظار ضيق وصغير. من 1000 فيلم لم يضع جاك شاهين على قائمة الأفلام الإيجابية عن العرب سوى 12 فيلمًا، من بينها فيلم (Three Kings) وفيلم (The 13th Warrior).
ومن هذا المنظور سنرى عدة صور نمطية للسينما الأمريكية التي تكرسها عن العرب، الأغلب منها سلبيّ والبعض القليل إيجابيّ. وخلال الحديث عن هذه الصور النمطية ستجد ترشيحات للكثير من الأفلام التي تدل على هذه الصور النمطية.

البدوي الشرير في الصحراء القاحلة
(لقد أتيتُ من بلاد،
من بلاد بعيدة جدًا
حيث تتجول قافلات الجمال
حيث يقطعون أذنك إن لم يعجبهم وجهك
هذا وحشي
لكن هذه هي بلادي) 
هذه هي الأغنية الافتتاحية لفيلم الرسوم المتحركة (Aladdin). ربما لا يبدو الأمر مقصُودًا، لكنَّها تظلّ صورة متمثلة في العقلية الغربية للعرب باعتبارهم بدوًا يعيشون في صحراء قاحلة، والأمير هو المتحكم فيهم.. فيلم (علاء الدين) إنتاج 1991، ربما تشعر أنّ التاريخ بعيد قليلًا، لكنَّك ستتعجب حين تعلم أنّ التاريخ البعيد كثيرًا يحمل نفس الصورة النمطية. في فيلم (The Arab) المنتج عام 1915، والذي يحكي قصة شاب يسرق القوافل بصورة دائمة، دون أن يستطيع أحد إيقافه، ستكتشف بعد ذلك أن هذا الشاب هو ابن زعيم القبيلة العربية, وفيلم (The Barbarian) المنتج عام 1933، يخبرك أنّ مرشد القافلة الذي يحاول دائمًا أن يتطفل على السيدة البيضاء الجميلة، هو أمير لإحدى القبائل العربية.
وهناك أيضاً الشيخ العربي الشهواني الذي يحب النساء الأوروبيات، وينفق أمواله، ويقوم بعمل مواقف لا أخلاقية وخبيثة للفوز بامراة أوروبية تنضمّ إلى نسائه الكثيرات.. هذه الصورة كانت موجودة منذ القدم في السينما الأمريكية، وتمّ تطويرها في ما بعد للشيخ الثري التافه (بعد اكتشاف النفط). يمكنك ملاحظة هذه الصورة النمطية بوضوح كامل في فيلم (The sheik) الذي أخرج للسينما عام 1921، وفيلم (The Son of the Sheik) الذي تم إنتاجه عام 1926.
ويصور العربي بأنه إنسانٌ سيئ وغبي، وليس صالحًا، ويمكن قتلهُ بسهولة, فالأمريكيون هم الأقوياء الذين يمتلكون التكنولوجيا والسلاح, أما العرب فلا. يمكنك أن تستوضح هذه الصورة من خلال فيلم (True Lies)، الذي يصور المقاومة الفلسطينية كمجموعة من الحمقى. الفيلم من أفلام الحركة مع بعض الكوميديا، ولكنه يخرج بصورة مفادها أنّ البطل الأمريكي (أرنولد شوارزنيجر) يستطيع القضاء على الحمقى العرب ببساطة لأنهم إرهابيون.
ويظهر فيلم (Rules of Engagement) (قواعد الاشتباك) الذي أنتج عام 2000م, العرب، كإرهابيين وغوغائيين، حتَّى الأطفال.. فالمحامي الأمريكي (الممثل تومي لي جونز) الذي أرسل للتحقيق حول (جريمة) ارتكبتها البحريَّة الأمريكية تجاه اليمنيين العُزَّل؛ يحاول أن يتعاطف مع القتلى النساء والأطفال والمشوهين، ولكنَّه يعثر في نهاية المطاف على أحد الشرائط المسجلة، والذي يقول فيه المتحدث إنه يجب أن نقتل الأمريكيين كلهم المدنيين والعسكريين.. هذه الصورة التي كانت تتحدث عن شيخ القبيلة الشبق صاحب الأفكار الخبيثة والمغتصب والسارق، تطورت للعربي الإرهابي الذي سيفجر العالم لأنه يكرهه.
آخر هذه الأفلام التي تؤكد هذه الصورة، فيلم (American Sniper) (2014) الذي يعتمد على كتاب الجُندي الأمريكي كريس كايل، الذي خدم في العراق، وقتل أكثر من 160 شخصًا، ووضعه هذا الرقم في مرتبة أحد أكثر القناصين فتكًا في التاريخ الأمريكي, الجندي يعتبر أن ضحاياه متوحشون، وأنه غير نادم على قتلهم, وأثار هذا الفيلم موجة من الاستياء حتى في الداخل الأمريكي، باعتباره فيلمًا يغير في الحقائق التاريخية الخاصة بحرب العراق، كما أنه يعزز من سياسات العنف تجاه العرب والمسلمين.

أثرياء تافهون وشهوانيون
بعد ثورة النفط في الخليج تحولت صُورة العربي الأمير الذي يسعى وراء الشقراوات الأوروبيات، إلى العربي التافه المثير للضحك، والثري ثراءً فاحشًا في آنٍ واحد, ويمكننا أن نلمس هذه الصورة في العديد من الأفلام, منها فيلم (Father of the Bride) الذي يحكي عن الثري العربي (الذي لا يترك زوجته تتحدث ويعاملها بسوء)، ويذهب لشراء البيت الذي يعجبه بأموال كثيرة للغاية وبطريقة مضحكة. والصورة تتكرر عن العربي الغني الشرير والتافه في فيلم (Cannonball Run II) الذي يصور الأمير بشكلٍ كوميدي، وفي فيلم (Protocol) (1984)، وحتى في بعض أفلام جيمس بوند، تجد فيلم (Never Say Never Again) (1983)، الذي يصور الشخص العربي كشهواني خسيس يركض وراء الشقراوات، ويحاول أن يوقعهنّ في حوزته.
ولمن يتابع سينما هوليوود، ويرى الأفلام التي تظهر فيها مشاهد للعرب والمسلمين وهم يرتدون العمائم وملابسهم متسخة ومنازلهم من سعف وطين ويسكنون في خيام، حتى في بلدان تعتبر تحت خدمة الكاوبوي الأمريكي وسطوة الصهيونية البغيضة، كإماراة قطر، التي لم تستثنها هوليوود، منذ 3 سنوات، من القبح, حيث ظهرت فيها مشاهد من فيلم (المتحولون) (Transformers)، عبر تصوير قرية في قطر كلها بيوت من سعف وطين ويرتدون ملابس رثة، وتظهر مشاهد فيه لفرقة عسكرية أمريكية يرافقها طفل قطري يرتدي عمامة وملابس متسخة.
كما تطورت كذلك صورة المرأة العربية التي غالبًا ما كانت تظهر كـ(حريم) لزعيم القبيلة أو للأمير أو للثري العربي، أو كراقصة من ضمن حاشيته.. وبدأت تظهر في الثمانينيات وما بعدها باعتبارها أيضًا تهديدًا إرهابيًا يمكنها أن تقتل وتفجر المدنيين ببساطة، يمكنك مشاهدة فيلم (Death Before Dishonor) لترى كيف تظهر المرأة العربية كقاتلة محترفة، وكذلك فيلم (Never Say Never Again) وفيلم (TheEnglish Patient).
كعربي أنتَ لستَ إنسانًا جيدًا أو صالحًا، ستصبح صالحًا فقط حين تصبح عميلًا لأمريكا (كأثرياء النفط) لتساعدها في القضاء على النظام الديكتاتوري الذي تعيشُ فيه أيضًا..هذا ما يقوله لك فيلم الحصار (The Siege).
فالصورة النمطية التي تتكرر كثيرًا في السينما الأمريكية هي صورة الفلسطينيين كإرهابيين فقط يحاولون دومًا قتل الإسرائيليين المضطهدين بعنفٍ شامل، وخير مثال فيلم (Cast a Giant Shadow) الذي يكرس هذه الصورة منذ زمن بعيد. في 2005 ظهر للوجود فيلم (Munish) الذي يحكي قصة اختطاف رياضيين إسرائيليين في ألمانيا من قبل فلسطينيين، حاول المخرج أن يقدم رؤية إنسانية للصراع، ما أدى إلى انتقاده بشدة، رغم أنه أحد المخرجين المتعاطفين مع إسرائيل.
بالمجمل كانت الصورة السائدة ليست جيدة عن العرب، فهم كما سبق إرهابيون وليسوا مقاومين للاستعمار الإسرائيلي، وأثرياء تافهون يركضون وراء الشقراوات الأوروبيات، وغيرها من الأنماط السائدة في السينما الأمريكية عن العرب.

رمال فضائح متحركة
عكست العديد من ردود الفعل غير المسؤولة والتصرفات الخاطئة من قبل بعض العرب، خصوصاً عرب النفط، للأسف، صورة سلبية عن الإسلام في عيون الغرب، لأن منهم من لا يفقه حقيقة الإسلام، كما أن بعض المنتسبين للعروبة والإسلام قد يكون همهم هو إرضاء الغرب، وإن كان ذلك على حساب تشويه صورة الدين، بإنتاج جماعات إرهابية كـ(داعش والقاعدة والإخوان المسلمين)، والتنكر للهوية عن طريق نشر أفكار مسمومة.
ولعبت الصورة السيئة التي قدمها الإنسان البدوي الذي أثري فجأة بسبب ظهور النفط في رمال صحراء الخليج، دوراً بارزاً في الذهنية العالمية عن الإنسان العربي, وكرس مشائخ وأمراء النفط هذا النموذج بكل قبح.. ما الذي يمكن أن يقال ونحن نسمع بشكل يومي عن فضائح مدوية لهؤلاء.. أمير يمارس الجنس الفموي، وآخر مع أحد عبيده، وأميرة قطرية مع 7 من الفتوات الإنجليز، وأمير يتاجر بالمخدرات، أو كيف يبدد هؤلاء ثروات شعوبهم بكل سفه وغباء..! مؤخراً أمير قطر يتبرع بملايين الدولارات لمعاقي إسرائيل، وقبله الأمير السعودي المدلل (عزوز) الذي تبرع قبل 10 سنوات بـ100 مليون دولار لحديقة حيوانات باريس, وكذلك تمزيق عمدة نيويورك للشيك الخيالي الذي تبرع به الدون جوان السعودي (الأمير الوليد بن طلال) لصالح ضحايا هجمات 11 سبتمبر، بعد يومين من وقوعها, وشراء محمد بن سلمان ليخت ملكي بـ500 مليون دولار، ورحلات والده (سندباد الزهايمر) إلى ريفيرا العراة في فرنسا وقصور طنجة في وقت تمر فيها المملكة التي يحكمها بانهيار اقتصادي مخيف, كما يمكننا أن نرى كيف وقفت الكثير من المنظمات الإنسانية في وجه الاستخدام البشع لأثرياء الخليج باستخدام الأطفال الفقراء في سباقات الهجن. الغرب يستغل غباء هؤلاء وهمجيتهم للإساءة للعرب والمسلمين، قصة الأمير الذي عرض على ممثلة ملايين الدولارات حتى تجلس معه لمدة ربع ساعة ، والاماراتية التي دفعت ملايين حتى تقابل اللاعب الأجنبي الذي تعشقه، والخليجي الذي دفع آلاف الدولارات ليفتح علبة خمر معتقة، والخليجي الثري الذي اشترى السروال الداخلي لحسناء التنس الروسية (ماريا شارابوفا) بـ5 ملايين دولار، ليذهب الخير للاعبة الروسية التي تبرعت بقيمته لصالح الأطفال المصابين بالسرطان، وذهب الشر (لأبي عقال) الذي صرح بعد شراء هذه القطعة بأنه متيم بالشقراء الروسية، ودفع ثمناً باهظاً لسروالها الداخلي، فقط ليشمه.. وفتاوى وتغريدات مشائخ الوهابية التي تبعث على الغثيان.. وما ذكرناه ليس إلا جزءاً مما يحدث من مخازٍ لاتعد ولا تحصى لهؤلاء الذين توارثوا عقدهم الجنسية من آبائهم المؤسسين.