ما إن يمرُّ يوم حتى نسمع، ونعايش أحداثاً عن (العين)، وإصابة (البعض) بها مباشرة، فالبعض بات يؤمن بها، وحقيقة ما تحدثه من أضرار قد تؤثر على حياة المعيون، والبعض الآخر لم يصدق أن العين تُصيب، ولم يقتنع بذلك.. وموضوع الحسد أو (العين)، موضوع شائك ومثير في الوقت ذاته، وتدور حوله الكثير من الأساطير التي تحولت إلى موروثات ثقافية لا تفرق بين (العين) و(الحسد) و(الغبطة) من الناحيتين الدينية والعلمية. فالمعاني هنا تتداخل عند الناس الذين يستخدمونها بنفس المعنى. ونبدأ بالغبطة، وهي شعور بنعمة (المغبوط) وتعظيمها، وتمني أن يكون للغابط المتنافس مثل هذه النعمة. وهذا المفهوم هو أقل المفاهيم ارتباطاً بلفظ الحسد، إلا أن لفظ الحسد قد يطلق عليه لغةً أو على سبيل المجاز، والحسد بهذا المعنى غير مذموم بل مطلوب في بعض الأحيان، لأنه نوع من المنافسة، خصوصاً وأنه لا يتمنى زوال النعمة من الآخر.. وأوضح الشرع بأدلة كثيرة من كتابه العزيز، ومن الأحاديث النبوية الشريفة، ومعظمها أكدت حقيقة الإصابة بالعين، وذكرت حلولاً لتفاديها سواء من (العائن) أو (المعيون).. الجديد في طرح (لا) لهذا الموضوع أن العلم الحديث أثبت حقيقة العين، وتم تفسيرها علمياً من خلال أدلة بحثية معاصرة..
الحسد لغةً
الحسد منْ حَسَدَه يَحْسدُه ويَحْسُدُه حَسَداً، وحَسَّدَه إذا تمنى أَن تتحول إليه نعمته، وزاد ابن الأَعرابي الحَسْدَلُ القُراد، ومنه أُخذ الحسد يقشر القلب كما تقشر القراد الجلد فتمتص دمه.
والنفس سواء يقال: أصابت فلاناً نفس أي: عين، والنافس: العائن. والغبطة: المَسَرَّةُ وقد أَغْبَطَ وغَبَطَ الرجلَ يَغْبطُه غَبْطاً وغبْطةً حسَدَه. والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ: الرَّغْبَةُ في الشَّيْء الانفراد به، وهو منَ الشَّيْء النَّفيس الجَيّد في نَوعه، وقولُه عَزّ وجلّ: @831;وَفي ذلكَ فَلْيَتَنَافَس المُتَنَافُسُونَ@830; أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ.
أما تعريف الحسد اصطلاحاً: هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها. وقيل: الحسد تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا، كما قيل: الحسد: إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير بتلك الحالة أو على مشاركته الحاسد فيها، وقد يطلق اسم الحسد على الغبطة مجازاً. وقيل أيضاً هو: المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيره، فمتى تعدى صار بغياً وظلماً يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومن نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس، فحد الحسد إذن: كراهة النعمة وحب وإرادة زوالها عن المنعم عليه.
أما العين: هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة. أو هي إصابة الأشياء وخاصة جسد الإنسان بعين الحاسد أو نظره، وهذا المفهوم شاع بين الناس باسم الحسد أيضاً، إذ يغلب على صاحب القدرة على الإصابة بالعين أن يكون حاسداً.

رأي العلماء
اتفق العلماء أن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، لأنه يكره نعمة الله على عبده ويحب زوالها، بينما الله يحب الإنعام على عباده بالنعم ويكره من يحب زوالها، وبالتالي فإن الحاسد مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته، ولذلك كان إبليس عدوه حقيقة لأن ذنبه كان عن كبر وحسد.
فالحاسد المبغض للنعمة على من أنعم الله عليه بها ظالم معتد، والكاره لتفضيله المحب لمماثلته منهي عن ذلك؛ إلا في ما يقربه إلى الله، فإذا أحب أن يعطى مثل ما أعطي مما يقربه إلى الله، فهذا لا بأس به، وإعراض قلبه عن هذا بحيث لا ينظر إلى حال الغير أفضل، ثم هذا الحسد إن عمل بموجبه صاحبه كان ظالماً معتدياً مستحقاً للعقوبة إلا أن يتوب، وكان المحسود مظلوماً مأموراً بالصبر والتقوى فيصبر على أذى الحاسد ويعفو ويصفح عنه كما قال تعالى: @831;وَدَّ كَثيرٌ مّنْ أَهْل الْكتَاب لَوْ يَرُدُّونَكُم مّن بَعْد إيمَانكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مّنْ عند أَنفُسهم مّن بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتيَ اللّهُ بأَمْره@830; [البقرة: 109) .
ما خلا جسد من حسد..!
تؤكد الأحاديث النبوية، وما جاء في الأثر، أن الإنسان بطبيعة الحال ذو نزعة تميل (للحسد)، والوحي جاء بما لا يقبل الشك أو التأويل بأن هناك حسداً وعيناً، وأنهما حق واقع لا يسبقهما شيء سوى القدر، ولا يردهما إلا الدعاء، وهي نصوص صحيحة صريحة من الكتاب والسنة، أكدتها المشاهدة وتقريرات النبوة، ولذلك فإنه كثيراً ما يطرق أسماعنا موضوع الحسد أو العين، أو أن فلاناً إنسان حسود أو عائن، أو أصابتني عين حاسد أو عائن، ولا نبالغ إذا قلنا إن هذا الموضوع يكاد يكون من الأمور التي لا تخفى على أحد؛ مع تفاوت في تقبله والأخذ بأسبابه بين الناس، (والحسد مرض من أمراض النفوس، وهو مرض غالبٌ فلا يخلص منه إلا القليل من الناس؛ ولهذا قيل: ما خلا جسد من حسد، لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه، وقال بعض السلف: الحسد أول ذنب عُصي الله به في السماء -يعني حسد إبليس لآدم عليه السلام- وأول ذنب عُصي الله به في الأرض - يعني حسد ابن آدم لأخيه حتى قتله).

قصص واقعية.. !
وللعين حكايا مؤلمة حدثت فعلاً لأصحابها اقتربت منهم (لا) وفتحوا لها قلوبهم المثخنة بالوجع، هؤلاء كنماذج لكثير من الذين أُصيبوا بالعين وعانوا منها.. بدأ محمد عاصم (رب أسرة): أؤمن جداً أن العين حق، فالقرآن أكد ذلك، والأحاديث النبوية أكدتها أيضاً، فقد نامت ابنتي ذات الثلاثة أعوام لا تعاني من شيئاً، واستيقظت الصباح وعينها اليمنى (حولاء).. هكذا حوَل مفاجئ دون أن تعاني شيئا، وعندما قلبنا الأمر تذكرت أحدهم حين رآها معي أثناء خروجي بها للبقالة، وهو يقول: أما هذه عيونها (مستوردة) تختلف عن أبنائك يا محمد.. والآن صرت أتردد بها كل 6 أشهر على مستشفى خاص بالعيون، حتى نخفف ما أصابها.
ندى (موظفة) تحكي عن قصة غريبة حدثت معها، حيث إنها كانت تنقل الماء من الخزان الأرضي إلى الدور الثالث حيث مطبخ المنزل، فرأتها إحداهن وهي تنقل الماء قالت لها: تنقلينه كأنكِ (عوامّة)، فسقطت أرضاً.. تواصل ندى: والآن أعاني من انزلاقٍ غضروفي أستخدم له العلاج الطبيعي ومساجاً، هروباً من إجراء عملية جراحية تكلف ما لا يقل عن مليون ونصف، ناهيك أنها غير مضمونة.. وختمت بغصة وألم: الله لا سامح من ينظر للآخرين نظرة خبيثة.

آيات ورد فيها لفظ الحسد والعين
ذكر القرآن الكريم الحسد في مواضع كثيرة، منها كنماذج على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: @831;أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ من فَضْله فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إبْرَاهيمَ الْكتَابَ وَالْحكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظيماً@830; [النساء: 54]، وقوله تعالى: @831;وَإن يَكَادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزْلقُونَكَ بأَبْصَارهمْ لَمَّا سَمعُوا الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إنَّهُ لَمَجْنُونٌ@830; [القلم: 51]، وقوله تعالى: @831;سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إذَا انطَلَقْتُمْ إلَى مَغَانمَ لتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبعْكُمْ يُريدُونَ أَن يُبَدّلُوا كَلَامَ اللَّه قُل لَّن تَتَّبعُونَا كَذَلكُمْ قَالَ اللَّهُ من قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إلَّا قَليلاً@830; [الفتح: 15]، وقوله تعالى: @831;وَمن شَرّ حَاسد إذَا حَسَدَ@830; [الفلق: 5].
يتضح من معاني تلك الآيات أن الحسد الوارد فيها يقصد به ذلك الخُلق السيئ بتمني زوال النعمة من المحسود دون القدرة على أن يكون للحسد قوة في ذاته تؤثر على المحسود وتصيبه بالضرر، إلا أن آية سورة الفلق ربما أوحت في ظاهرها أن الحسد شر يستعاذ بالله منه كما يستعاذ بالغاسق إذا وقب وبالنفاثات في العقد؛ إلا أن المدقق في الألفاظ يجد أن المستعاذ منه في الآية إنما هو الحاسد وليس الحسد، لأن الحاسد إذا حسد وامتلأ قلبه بالحقد وتمنى زوال النعمة من المحسود، قد يسعى في أذيته بنفسه فيضربه أو يحرق ماله أو يسرقه أو يقتله، فيكون هنا الحسد سبباً في ضرر غير مباشر يصدر عن الحاسد بشخصه وأفعاله المادية، لا مجرد أمنيته زوال النعمة.

الأحاديث التي ورد فيها الحسد والعين
تناولت السنة النبوية أحاديث كثيرة، وفي سياق الحديث أمور متنوعة ورد كل من الحسد والعين واضحين، وأطلق على كل منهما في لفظ مستقل منها: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار يقول لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل، ورجل آتاه الله مالاً ينفقه في حقه فيقول لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل). وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين).
مما تقدم نلحظ أن النصوص النبوية الشريفة أشارت إلى الحسد والعين، وبينت بأنهما حقيقة لا خيال، وأن العين حق؛ أي أن لها تأثيراً ملحوظاً، وأن الأذى الذي يصيب الشخص المضرور يتم بالمعاينة، وأنه لكي نخفف من أثرها بعد حدوثها فليغتسل العائن أو يتوضأ بالماء، ثم يغتسل المعين بذلك الماء.

تفسير علمي حديث يثبت وجودهما..!
كشف العلم الحديث والمعاصر عن حقيقة علمية تؤكد علاقة (العين والحسد)، بالجانب العلمي، وتوصل العلماء في شأنهما من مستجدات وحقائق قد تثري الموضوع، وتضيف لهما دعامة أخرى من دعائم التأييد والتأكيد.. يقول يوري خولودوف (وهو أخصائي وظائف الجهاز الفسيولوجي العصبي): تحيط بجسم الإنسان أنواع شتى من الإشعاع الكهرومغناطيسي، إلا أن الأثر الذي قد تتركه تلك الموجات النابضة على كيان الحيوانات ليس مفهوماً فهماً كافياً، وإلى جانب هذه التأثيرات الخارجية نجد أن الجسم يولّد مجالاته الكهرومغناطيسية الداخلية الخاصة به، ولا يصل علمنا إلا إلى القليل عن كيفية تفاعل هذه المجالات.. وقد بدأ العلماء يعيدون حساباتهم للتفهم الصحيح للعمليات الحيوية التي لم تكن الكيمياء وحدها كافية لتفسيرها، مثل انتقال النبضات العصبية بسرعة وتباين أشد بكثير من مجرد الانتقال من خلال الموصلات، ومثل انقباض العضلات وانقسام الخلية، وأخيراً عملية التفكير، لأنه وعند انقسام الخلية الحيوانية أمكن رصد انبعاث (فوتونات) من الضوء غير المرئي ومن الأشعة فوق البنفسجية، وكذلك أمكن رصد موجات فوق صوتية ترددها ما بين مليون و10 ملايين ذبذبة في الثانية، وكذلك أمكن رصد موجات فوق صوتية تصدر، وعندها تتغير الجزيئات البروتينية الكبيرة من شكلها بالضغط أو المط، كما لو كنت تطبق علبة من الصفيح.. كما ثبت أن وجود الإنسان في ظل الجاذبية الأرضية يجعل له تفكيره المتزن مع هذه الجاذبية، وعندما وضعوا رواد الفضاء في ظروف انعدام الجاذبية أمكن إحداث انتظام في أجهزتهم الحيوية، ولكن حدث خلل ملحوظ في طريقة ونشاط تفكيرهم.

فك الشفرة
تمكن العلماء أيضاً من الوصول إلى فك شفرة لتتابع الطاقة الصادرة من المخ لأجزاء من الجهاز العصبي تحركه بناء على معلومة لدى الشخص المختبر، يتحرك على أساسها، ثم تم قطع هذا الجزء تماماً وفصله عن منطقة أخذ المعلومات من المخ، وعرض هذا الجزء من الجهاز العصبي لنفس الشفرة من الطاقة التي تم التوصل إليها (والتي أمكن إحداثها بطريقة غير حيوية)، فأعطت نفس الاستجابة وكأنها صادرة عن نفس المخ من ذات مركز المعلومات.
وأثبت أرثر كوسلر أنه يمكن نقل المعلومات والصور عن طريق الجلد لو أمكن تحويلها إلى شفرة طاقة تنتقل في أطراف الأعصاب وتصل إلى المخ، حتى قال بيتر كابتسا: (إنني أقسّم الظواهر إلى ممكنة ومستحيلة، بل إلى مكتشفة وغير مكتشفة، ويجب ألا نقع في خطأ الاعتقاد القديم بأنه لن تكون هناك مكتشفات جديدة مستقبلاً).
وكانت هذه الظواهر - وغيرها الكثير- إرهاصة دعت بعض مراكز البحوث في العالم إلى تبني هذا الموضوع وتكثيف البحث حوله، وكان من رواد هذا المجال الدكتور هيروشي موتوياما (وهو عالم ياباني حصل على (ph.d) في علم وظائف الأعضاء وعلى (ph.d) في علم النفس، وهو مدير معهد علم النفس الديني بطوكيو)، الذي أجرى العديد من التجارب العلمية حول هذا الموضوع نشرت خلال السبعينيات من القرن الماضي، نلخصها في ما يلي: ميز هيروشي موتوياما بين الشخص العادي وشخص غير عادي سماه (Psi-ability) شخص له قدرة طاقية نفسية داخلية، فوجد أن الشخص ذا القدرة النفسية الداخلية يمكنه التحكم في بعض وظائف لاإرادية للجهاز العصبي، مثل سرعة ضربات القلب وسرعة التنفس، وبعضهم استطاع أن يوقف ضربات قلبه 5 ثوانٍ، ولاحظ أن هؤلاء الأشخاص النفسيين هم من ذوي الطبائع التأملية والرياضات العقلية النفسية، وأنهم منطوون على أنفسهم، وأنهم قليلو الاختلاط بالناس، قليلو الحركة الحياتية، منهمكون في التأمل العقلي النفسي وليس التأمل العقلي الرياضي أو العلمي أو الفني.. وتمكَّن هذا العالم من رصد وتسجيل بعض مؤشرات عن وظائف أعضاء هؤلاء الأشخاص، مقارنة بالأشخاص العاديين، حيث ظهر اختلاف في معدل تدفق البلازما وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد بين الشخص العادي والشخص ذي القدرة النفسية الداخلية، وتمكّن من ملاحظة ما يمكن أن ينتاب الشخص العادي من تأثير التركيز العقلي من الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية عليه؛ فوجد أن التركيز العقلي من الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية على شخص عادي يسبب له خللاً في المقاييس الثلاثة التي قاسها، وهي معدل تدفق البلازما وسرعة التنفس والمقاومة الجهدية الكهربية للجلد.
وقد استطاع أن يصمم أجهزة دقيقة لقياس الطاقة، فأثبت أن هناك انبعاثاً للطاقة من جسد الشخص ذي القدرة النفسية الداخلية، وهي التي تسبب التأثير على الشخص العادي، وأنها تنبعث من بؤر سماها (شاكرا-CHAKRA) توجد على امتداد الحبل الشوكي مع المحور الطولي للإنسان، وإن أشدها نشاطاً هي البؤرة الموجودة بين العينين، والتي تقابل تماماً الغدة النخامية فيه.

خلاصة ما توصل له موتوياما
توصل العالم هيروشي إلى حقائق قوية تثبت ما سبقه إليه الإعجاز العلمي قبل 1400 عام، منها: الأشخاص العاديون غير قادرين على بعث هذه الطاقة، الأشخاص المميزون يمكنهم إيقاظ الانبعاث عن طريق التركيز أو أثناء ما تنتابهم حالات نفسية غير مستقرة، أقوى النقاط المؤثرة في (الشاكرا) هي البؤرة التي على الجبهة بين العينين، التأثير على الأشخاص يظهر واضحاً.
إذن، هناك أفراد قلائل يتميزون بوجود بؤر نشطة لانبعاث الطاقة، فإذا صحب ذلك أن كان هؤلاء الأشخاص منطوين على أنفسهم كثيري التأمل في ما عند غيرهم من النعم، كثيري التألم النفسي على عدم وجود مثل هذه النعم لديهم، نشطت عندهم هذه البؤر، وخاصة بؤرة ما بين العينين، وأصبح الشخص من هؤلاء شخصاً نفسياً على حد تعبير هيروشي، أو شخصاً عائناً على حد تعبير الحديث النبوي الشريف؛ فإذا ما تحركت نفس هذا الشخص العائن تجاه شخص ذي نعمة، واستكثرها عليه، صدرت انبعاثات من الطاقة ذات شفرة خاصة من البؤرة بين العينين، وأثرت على الشخص المعين، فأفسدت الطاقة في جهازه العصبي أو غيره، فيصاحب ذلك خلل يؤدي إلى مرض أو ألم أو فساد أو ضعف أو غير ذلك، وهذا هو مفهوم العين تماماً كما صورها الحديث النبوي الشريف.

علاجهما..
تقول العرب: وداوها بالتي كانت هي الداءُ.. ولما كان أمر الحسد والعين أمراً معنوياً محضاً لا مدخل للماديات فيهما؛ فكان علاجهما من جنسهما؛ علاجاً معنوياً محضاً، فالأذكار والأدعية النبوية المأثورة الصحيحة لعلاج الحسد والعين، وقد أمر عليه الصلاة والسلام أن يستعيذ من شر كل حاسد إذا حسد فعابه أو سحره أو بغاه سوءاً، لأن الله عز وجل لم يخصص من قوله: @831;وَمن شَرّ حَاسد إذَا حَسَدَ@830; حاسداً دون حاسد، بل عم أمره إياه بالاستعاذة من شر كل حاسد، فذلك على عمومه، كما جاء في حديث الرسول الكريم: (واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود) .

منعطف أخير..
إذن، خبث النفس وحبها للشر وشحها بالخير، تجد المتصف بذلك شحيحاً بالفضائل بخيلاً بالنعم، وليست إليه فيمنع منها ولا بيده فيدفع عنها؛ لأنها مواهب قد منحها الله من شاء فيسخطه على الله عز وجلّ في قضائه ويحسد على ما منح من عطائه وإن كانت نعم الله عز وجلّ عنده أكثر ومنحه عليه أظهر، وإذا ذكر له اضطراب ونكبات تصيب الناس، وكذلك إدبارهم وفوت مقاصدهم وتنغيص عيشهم، استنار وجهه وفرح به وصار يبثّه، وربما أتى بإشاعة في صورة الترحم والتوجع، فهو أبداً يحب الإدبار لغيره ويبخل بنعمة الله على عباده كأن ما أعطاهم الله يؤخذ من ماله وخزانته، على أنه ليس بينه وبينهم عدواة، وهذا ليس له سبب إلا التعمق في الخبث والرذالة والنذالة والخساسة في الطبع اللئيم، ولذلك يعسر معالجة هذا السبب لأنه ظلوم جهول، وليس يشفي صدره ويزيل حزازة الحسد الكامن في قلبه إلا زوال النعمة، فحينئذ يتعذر الدواء أو يعزّ، ومن هذا قول بعضهم:
وكلٌ أداويه على قدر دائه
سوى حاسدي فهي التي لا أنالها
وكيف يداوي المرء حاسد نعمة
إذا كان لا يرضيه إلا زوالها