ناشطون أعلنوا رفضهم لدفن الإرياني في اليمن، وتم تشييعه في الخفاء
الإرياني مات وصالح غفر له


قالوا عن الإرياني:
سفير أمريكي سابق: الإرياني لا يرغب أن نفرّط باستخدامه.
 صالح: مهما كانت مواقفه الأخيرة تجاه العدوان إلا أن سجله النضالي يشفع له.
 الاشتراكي:الإرياني واحد من القلائل الذين جاد بهم الدهر من أجل اليمن.
أطلق أولاد الدكتور/ عبدالكريم الإرياني مناشدة لأطراف الصراع اليمنية لتمكينهم من دفن والدهم في العاصمة صنعاء، عملاً بوصيته التي طلب فيها أن يُدفن في اليمن، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعية.
حيث أبدى إعلاميون وناشطون على «فيسبوك» رفضهم واستنكارهم للسماح بدفن جثة الإرياني في اليمن، مطالبين بعدم دفنه في تراب الوطن الذي يحتضن عدداً من المناضلين والشهداء الذين طالهم القتل السعودي الأمريكي، والذي كان الإرياني يُمثل أحد الأذرع الرئيسية لمشروع الهيمنة السعوأمريكية.
ولأن الرأي العام اليمني ليس يقظاً، ولا يحاسب السياسيين أو يقيمهم بناءً على مواقفهم وأحاديثهم، وتغلب عليه العاطفة، فقد أظهر بعض مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) مشاعر تعاطف ولين إزاء خبر وفاة «الإرياني» في ألمانيا، وكان من ضمن المتعاطفين مع وفاة الإرياني ورافعي شعار: (اذكروا محاسن موتاكم) القيادي في أنصار الله حسين العزي حيث أورد في صفحته: «توفي الدكتور والسياسي الكبير/ عبدالكريم الإرياني وبهذه المناسبة أتقدم بخالص التعازي إلى شقيقه الدكتور مطهر الإرياني، وأولاده الثلاثة ذودان، ويزن، وحازم وكافة أسرته ومحبيه الذين - رغم حزنهم عليه إلا أنهم - لا يؤيدون العدوان». 
فيما ذهب رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح في تعزيته لأسرة الإرياني إلى وصفه بالأمين والمخلص لوطنه، وقال: «إنه ذهب إلى الرياض نتيجة ضغوطات عليه»، حد تعبيره مضيفاً: «أنه مهما كانت مواقفه الأخيرة تجاه العدوان إلا أن سجله النضالي يشفع له».
إثر ذلك قال الكاتب أنس القاضي: «إن صالح بعد احتراقه كورقة أمريكية سعودية في 2011 يُحاول أن يُعيد لنفسه مكانةبهذا الموقف الذي يدعي مناهضة العدوان اتساقاً مع مزاج الشعب، وبنفس الوقت يبكي لرحيل العملاء ويسبح بحمد الملك عبد الله ويجد المشكلة في سلمان، ولا ينظر لها كقضية تحرر وطني»، مضيفاً «إن قضية الدفاع عن الوطن هي قضية وطنية لا شخصية، والذي يدافع عن وطنه هو وطني قبل أي انتماء سياسي،وأعضاء المؤتمر كغيرهم وطنيون ولا يحتاجون لصالح ليكونوا وطنيين فهو لم يتمثل الوطنية يوماً».
إلى ذلك شارك رئيس مركزية الاشتراكي يحيى أبو أصبع في التشييع الذي تم بالخفاء خوفاً من الجماهير الرافضة لدفنه في اليمن، وقال الحزب الاشتراكي في بيان النعي «إن الفقيد عبد الكريم الإرياني واحد من القلائل الذين جاد بهم الدهر من أجل اليمن في ظروف شديدة التعقيد اتسمت بالمراوحة بين الاستقرار والصراع العنيف».
وفيما لم ترد أخبار رسمية عن الثورية العليا، ذكر عضو اللجنة الثورية العليا ورئيس تحضيرية حزب الأمة محمد مفتاح أنه تواصل مع رئيس اللجنة محمد علي الحوثي، ووجهالأخير بتسهيل عودة جثمان الإرياني إلى اليمن.
من جهته قال الكاتب الصحافي نبيل حيدر في صفحته على «فيسبوك»، رداً على من رفعوا شعار: (اذكروا محاسن موتاكم): «إن القرآن الكريم تحدث عن مساوئ الأمواتأقواماً و أفراداً، تحدث عن سلوكياتهم البشرية ذات النزعة التسلطية خاصة السلوكيات التي عُممت لا الخاصة بالفرد، وكل التاريخ المدون لدى الجماعات يتكلم عن مساوئ خصومه بل ويتعمق في خصوصياتهم و يُكذّب ويلفق».
وذكر حيدر أن الإرياني المتنفذ سابقاً والموالي للعدوان حالياً كان في أحسن حال عندما منع استيراد الفاكهة فزُرعت الفاكهة في الداخل، مقارناً ذلك بالإمام يحيى حينما منع الاستيراد وحقق الاكتفاء الذاتي بزراعة الحبوب. مبيناً أنه مثلما أنه لا داعي للحديث عن تمالؤ الإرياني مع السعودي على قتل الأطفال فلا داعي للحديث عن تمالؤ الإمام مع المجاعة التي ضربت بعض مناطق اليمن واحتفظ بالحبوب في مخازنها ولم يُخرجها للناس.
وأضاف قائلاً: «من عجائب الإخوان أن الإرياني كان عندهم «ماسوني» واليوم صار أحسن واحد.. الإخواني دائماً لا مشكلة له مع أي شخص طالما أنه في هذه اللحظة في نفس خط غاياته».
وفاة الإرياني ليست الأولى على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شاعت أخبار عن وفاته في 23 تشرين أول الماضي، غير أنه لم يتم تأكيد ذلك بإعلان رسمي، وتم تأكيد ذلك في الثامن من الشهر الجاري؛ حيث أوضحت أسرته أنه توفي في أحد مشافي مدينة فرانكفورت الألمانية، عقب إجراء عملية جراحية له، نتيجة تعرضه لجلطة دماغية في وقت سابق.
كان الإرياني رجلاً حاضراً على الدوام في المواقع الحكومية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي وترأس الحكومة مرتين في اليمن الشمالي، وشغل منصب وزير في عدد من الوزارات، وفي عام 2012 عينه هادي مستشاراً له، ونائباً لرئيس مؤتمر الحوار الوطني، ووقف في صفه وغادر البلاد، وشارك في مؤتمر الرياض، ولكثرة ارتباطه بقيادات الدولة ورؤسائها المتلاحقين، فقد اشتهر بمقولة يُكثر من ترديدها للرئيس: «كل شيء تمام يا فندم».
يذكر أن الإرياني هو مبتدع الجرعة السعرية، التي كان رفضها الشعار الأبرز لثورة 21 أيلول الشعبية، حيث اتخذ رفع أسعار المشتقات النفطية مخرجاً للعجز الذي تواجهه الميزانية العامة للدولة في 1998 عندما عُين رئيساً للوزراء بالوكالة عقب استقالة الدكتور فرج بن غانم وظل حتى 31 مارس عام 2001.
الإرياني «رجل أمريكا» حسبما يُعرّفه كثير من الناشطين والإعلاميين، ويحتفظ بعلاقة قديمة مع الولايات المتحدة الأمريكية تعود إلى عقدي السبعينات والستينات من القرن الماضي، إذ استطاعت الولايات المتحدة من خلاله معرفة ما يدور في قصر عمه القاضي عبدالرحمن رئيس المجلس الجمهوري، وقد كشف تقرير سري مسرّب مؤلف من ثمان صفحات صادر عن السفارة الأميركية في صنعاء عنمعلومات مهمة نقلها الدكتورعبدالكريم الإرياني ابن شقيق رئيس الجمهورية آنذاك، ومرسل للمقر الرئيسي في واشنطن، مع نسخة إلى السفارة الأميركية في جدة، يرجع تاريخ الوثيقة إلى 7 نوفمبر1973.
وأوضح التقرير المسرب أن الدكتور الإرياني كان مسموحاً له من قبل عمه القاضي عبدالرحمن الإرياني للقيام بدوره كقناة اتصال مع السفارة الأميركية لإيصال وتلقي رسائل معينة، لكنه تجاوز دور الرسول، وجاد بمعلومات وافرة تتضمن أدق تفاصيل وأسرار بيت الحكم في ذلك الوقت.
وذكر التقرير الذي حمل عنوان «حديث مع عبدالكريم الإرياني مدير منظمة التخطيط المركزي» على لسان السفير الأمريكي قوله: «إن الدكتور الإرياني من أكثر المسؤولين اليمنيين انشغالاً، فإننا لا نرغب أن نفرط في استخدام هذه القناة، كما أنه هو نفسه لا يرغب أن نفرّط في استخدامه»، ويعلق مترجم الوثيقة الصحافي اليمني المقيم في أمريكا منير الماوري أن المقصود هو الجهاز المركزي للتخطيط؛ حيث إن الجهاز لم يكن قد تحول إلى وزارة في ذلك الوقت، وبالتالي فإن الإرياني لم يكن وزيراً في الحكومة ولكنه كان يتردد على عمه كثيراً.
الدكتور عبدالكريم الإرياني حسبما ورد في سيرته الذاتية، وُلد في 20 فبراير 1935 في حصن إريان بمحافظة إب لعائلة امتهنت القضاء وهو ابن أخ الرئيس الثاني للجمهورية العربية اليمنية القاضي عبد الرحمن الإرياني، حصل على الشهادة الثانوية عام 1958من مصر ثم أكمل دراسته الجامعية في الولايات المتحدة فأكمل درجة البكالوريوس في الزراعة في جامعة تكساس ثم حضر الماجستير من جامعة جورجيا والدكتوراه من جامعة ييل بكونيتيكت عام 1968.