قراءة بصرية سمعية لــ فيديو «ولاية تعز»
أسمع بــ « المقاومة» ولا أرى غير «داعش»
إعادة إنتاج «الكساسبة» في «الجحملية»



لم يترك ما يسمى بتنظيم أنصار الشريعة ـ التابع لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ـ فرصة للذين يضللون العالم بعدم تواجده في تعز، إذ أعلن عن تواجده العلني وبسط نفوذه وانتشار عناصره وتصدره للقتال ضد الجيش واللجان الشعبية بتعز.
صفاقة غير معهودة من هذا الفصيل الإرهابي أثبتها بثه لتسجيل مرئي بعنوان «معركة الجحملية»، يعرض فيه التواجد اللافت للعناصر المسلحة الملثمة بالأزياء والشعارات الخاصة بالتنظيم، الأمر الذي يؤكد قطعاً دعم دول تحالف العدوان وتنظيم الإصلاح لهذا التنظيم الإرهابي، مما جعله يبث هذا الفيديو على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعية.
الإعلان المرئي الذي صوحب بأناشيد حماسية، كشف امتلاك عناصر التنظيم لأسلحة حديثة مختلفة أنواعها، وأجهزة اتصال عسكرية متطورة حصل عليها عناصره خلال عمليات الإنزال التي قامت بها قوات تحالف العدوان للمسلحين الموالين للرياض، الذين يطلقون على أنفسهم «المقاومة» في المناطق التي يسيطرون عليها.
إلى حدٍ كبير يشبه هذا الفيديو، ذلك الفيديو الذي بثه داعش لإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة في فبراير الماضي، من حيث التقنية وكادر الإنتاج الفني المجند في صفوف هذا التنظيم، حيث يقول فنيّو تصوير: «إنه في هذا الفيديو قد استخدم هاتف نقال تم تثبيته على رأس المصور الذي كان يحمل بيده سلاحه لإظهار المعركة كأنها معركة حقيقية, بطبيعة الحال الصوت في جميع لقطات المقطع استخدم فيه المايك العام عدا المقطع الذي يظهر فيه أحد أفرادهم بجواره مدفع هاون في فناء كبير يبدو أنه تم استخدام لاقط صوت لا سلكي  (nic mic) وتم معالجة الصوت في المونتاج لإظهار صوته واضحاً كأنه في غرفة تسجيل وليس على الهواء الطلق هذا من الناحية التقنية.
من خلال المقطع المصور حاول الإرهابيون إثبات بسط نفوذهم على مناطق عدة، وأن مراسلهم يتحرك بحرية في كل مكان، حيث نقل في بدايته مشاهد من الحوض وسوق الصميل ومستشفى الصفوة وحي ديلوكس وثعبات، وظهرت بعض المعارك في منطقة سوق الصميل ويبدو أنها معركة حقيقية بعكس معركة الجحملية التي تبدو أنها تمثيلية لكن بشكل عام جميع المعارك سواءً في الجحملية أو في سوق الصميل تقع فيما تسمى الجبهة الشرقية وهي المناطق التي يسيطر عليها المدعو أبو العباس من خلال كتائب تحمل اسمه «كتائب أبي العباس». 
توقيت بث هذا التسجيل المرئي يأتي بعد احتدام الصراع بين الفصائل اللا تناحرية، والتي يجتهد كلٌّ منها لإثبات فاعليته في تنفيذ مشروع العدوان الذي يمثل الممول الرسمي لهذه الجماعات الإرهابية، ويوفر لها الغطاء الجوي لتحركاتها العسكرية، حيث يبدو الغرض الرئيس لهذا الفيديو هو إثبات وجود القاعدة، وأنها لاعب رئيس ولا يمكن لمدّعي الحداثة إقصاؤها، بل أنها ستبلعهم جميعاً لتقيم ولايتها، وأن لا صوت يعلو فوق صوتها، حيث قد أعلنت تعز ولاية تابعة لها وتؤكد تحكمها بتعز من خلال هذا الفيديو.
إلى ذلك كان تنظيم القاعدة قد ظهر بشكل علني في المناطق الجنوبية التي شارك فيها جنباً إلى جنب مسانداً لجان عبد ربه منصور هادي، منضوياً تحت مسمى «المقاومة» منتصف أغسطس الماضي، عززت جبهتهم قوات عسكرية كبيرة للتحالف السعودي، معترفاً بصورة جلية وواضحة بخوضه لمختلف المعارك التي وقعت مؤخراً في لحج وعدن وأبين وشبوة وتعز... وغيرها. 
وقام التنظيم في وقتٍ سابق ببث تسجيل مصور للقيادي في تنظيم القاعدة جلال بلعيدي، يتحدث فيه عن «انتصارات المجاهدين» في مختلف المناطق وصولاً إلى جبهة تعز، تزامن ذلك مع انتشار تسجيلات صادمة في - حينها - بعمليات قتل وسحل وتمثيل بجثث أسرى بتهمة «الحوثية» في المدينة.

أحداث الفيديو

افتتح الفيديو بإبراز شعار أنصار الشريعة، تحته «مراسل أنصار الشريعة - تعز، معركة الجحملية - ولاية تعز» كأنه يريد إيصال رسالة مفادها أن تعز ليست إلا جزءاً من الكل الواقع تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية (داعش - القاعدة ومشتقاتها) في العراق وسوريا واليمن وسيناء مصر وغيرها من الدول العربية.
تلى ذلك بث مشاهد الخراب والدمار والضحايا التي ذيلها بتوضيح كتابي بأنها مشاهد من معاناة المسلمين في تعز، وضحايا قصف الحوثيين للأحياء السكنية، فيما كانت المداخلات التي هي عبارة عن لقاءات ميدانية تستنكر القتل والدمار وتدعو على من هو السبب في إحداث كل ذلك الخراب، وقد اعتدنا على مشاهدة تلك المشاهد في التقارير التي تبثها قنوات العدوان، إلا أن الفرق بسيط وهو الموسيقى الصوتية التي صاحبت مشاهد الفيديو وهي أناشيد تنظيم القاعدة.. على هذا النحو كانت الثلاث الدقائق الأولى.
في تمام الدقيقة الثالثة انتقلت أحداث المشهد مصحوبة بصوت إشهار السيف، وظهر أحدهم ملثماً يقول: «والله إننا سنظل درعاً لأهل السنة على طول الزمان»، وآخر «والله لنثأرن»، وبدأت مشاهد الفيديو في إثبات وجود عناصر تنظيم القاعدة وسلاحهم وشعاراتهم على الأسلحة وجدران الشوارع، أيضاً مجاميع من عناصر التنظيم وأجهزة التواصل العسكرية التي بحوزتهم، تبع ذلك مشهد لاشتباكات وسط الحارات وأصوات التكبير يرددها عناصرهم.
 الانتقالات بين المشاهد باللون الأسود وصوت إشهار السيوف، تلى ذلك جلسة لعناصرهم تم التوضيح عليها كتابياً أنها جلسة إنشادية بعد العودة من القتال، والتمويه على أوجه العناصر، ثم عاد إلى مشاهد القتال التي تخللتها مداخلة أحد العناصر يقول: إنه «خرج لنصرة دين الله».
ثم انتقل إلى مشاهد عناصره وقتالهم في الشوارع وأحياء الجحملية دون أن نلاحظ أن هناك اشتباكات بين طرفين، كأنها مسرحية لبطولاتهم الزائفة، إذ كانت فوهات بنادقهم مصوبة في اتجاه واحد ولم نرَ ردّاً في الجهة التي يطلقون عليها، الأمر الذي يؤكد بأن المنطقة واقعة تحت سيطرتهم، وأن الاشتباكات ليست في ذات المشهد، إذ حاولوا التأكيد بأن هناك اشتباكات فعلية بالتركيز على أن هناك قنبلة رُميت عليهم لكنها أظهرت إصابة أحدهم دون ان نسمع انفجار القنبلة، ثم إصابة المصور كما أوضح الفيديو، لكن التصوير لم ينقطع وآلة التصوير تظهر الإسفلت من أعلى ولم ترتطم بالأرض، ولم يحدث حتى ما يدل على الإصابة، لا صوت رصاص مخالف لما يطلقونه ولا حتى صوت المصاب.
بعدها بثت صور ضحايا لم يبذل المصور أدنى جهد لإثبات أنهم «حوثيون» ويرجح المشهد أنهم مواطنون مدنيون حيث لم يوجد ما يثبت أنهم مسلحون أو مقاتلون، وكانت أصوات المصورين تعبر عن ارتياحهم لذلك ويرددون: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم).
وانتقل الفيديو إلى بث صور تبادل عناصرهم التهاني بمناسبة عيد الأضحى كما جرى التوضيح كتابياً على تلك المشاهد، والنحر والطباخة.
أخيراً شاهدنا جماعة منهم ينشدون: «بالدوشكا والبيكا باننصر السنة» وأبرز المصور سلاحهم، وبعبارة: قادمون يا أقصى.. انتهى الفيديو بمدة (16:27) دقيقة.