من فصل الرؤوس عن الأجساد الى فصل الذكور عن الإناث 
عدن "المحررة" تعود إلى عصر الحريم



عدن المدينة التي كانت ملاذاً لكل الخائفين.. أصبحت خائفة من الموت القادم منها وإليها..! لم يعد وحده خطر الغزاة والطامعين هو مايهدد أمنها ويعكر صفو سكينتها - وإن كانت عين سخط الخارج عنها غير كليلة - ولكن  عين الداخل من أبناء جلدتها هي الآن من تبدي المساوئا.. ! 
لم تعد عدن كالماضي تحتضن صفوة الناس القادمين إليها أو صفوة الحاكمين منها كمدينة وعاصمة لكل تراب الجنوب..! سكانها ليس فيهم أي شيء من عدن..! ملامحهم لاتشي ولاتشبه ملامحها..! والقادمون إليها لايحملون في سلالهم ورداً لها .. ولا في جعابهم خبزاً لأهلها.. والحاكمون وما أكثرهم بلاسلطان ولادين هم العابثون بأمنها..! 
عدن عاصمة السلاطين وقبلة الطامعين والطامحين ومأوى وحاضنة اليسار واليمين والباحثين عن هوى الأفكار والأسحار .. لم تعد هي عدن.. ويومياتها تشبه يوميات امرأة عجوز تعيش  أواخر أيامها..!      
عدن لم يعد هواها كعدليٌ .. في الشيخ عثمان لم يعد صوت أمل كعدل ولاصوت بن سعد ولا المرشدي يطرب الباعة والمتجولين في شوارعها وأزقتها بعد أن تحولت إلى سوقٍ لتجارةِ الأسلحة، وبيع رشاشاتها المختلفة، وأخرست صوت أعيرتها النارية كل صوت.. وطغت أدخنة بارودها على عبق بخورها وأريج فُلها وبهاراتها التي كانت تَعبقُ بها جدران المدينة..! 
مآذن مساجدها وجوامعها وجماعاتها الاسلامية تدعو إلى الإسلام ولكن لا سلام يعم في المدينة..في ظل انتشار السلاح المخيف بين أيادي عابثة بالحياة وجماعات مخيفة ..! تحاول فتيات جميلات غير محجبات تجوب شوارع المدينة ومنتزهاتها بجمال بشرة وجوههن ناصعة البياض وهن يطفن فيها في غياب واضح لحركة مرتادي سواحل المدينة ومنتزهاتها، فتلاحقهن عيون المارة وتهديدات الجماعات، فينكفئن وراء جدران المدينة الحالكة السواد. 
في خور مكسر كما في المعلا أو في ساحل العشاق أو في الغدير لم تعد تسمع صوت أحمد قاسم ولا أنفاس لطفي، تتغنى بجمال الأماكن ولحظات العشق والعشاق ..ولاصدى الميسري ولا دحان يأتيك من أبين ولاحوطة لحج تتجاوب معك بألحانها القمندانية. 
في هذا الأسبوع صدر بيان مايسمى بالدولة الإسلامية  (ولاية عدن)،أعلن فيه: عزمه محاربة الاختلاط في جامعات عدن مشدداً على إلزام أعضاء هيئة التدريس والطلاب “أداء الصلاة في وقتها”.وقال التنظيم في بيانه إننا عازمون على أن نضرب بيد من حديد كل من يحاربون الله ورسوله بكافة أشكالهم ومظاهرهم، سواء لبس هؤلاء ثوب الفسق والفساد أو لبسوا زوراً وبهتانا ثوب الحياء والعفة، وهم حقيقة أهل الفسق والفجور”.
وأضاف البيان الذي حمل شعار التنظيم "الراية السوداء" إننا نعلن أن الشريعة هي الضابط الشرعي داخل الجامعة..وأي مظهر من مظاهر السعي في الأرض فساداً سيواجه منا بالصوارم”. كما شدد التنظيم على ضرورة فصل الذكور عن الإناث ومنع الاختلاط بينهم نهائياً، ومنع أي حفلات تقام داخل الجامعة يستخدم فيها الغناء أو أي مزمار من مزامير الشيطان”، حسب وصف البيان. كما أكد التنظيم  ضرورة إلزام جميع الأفراد من كوادر وطلاب بأداء الصلاة في وقتها حتى وإن صادف عارض”.
وكان عناصر من التنظيم اقتحموا الأسبوع الماضي كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن وهددوا هيئة التدريس فيها بالقتل مطالبين بفصل الذكور عن الإناث. وفي الثلث الأخير من شهر أكتوبر الماض اقتحمت جماعة مسلحة بقوة السلاح الحرم الجامعي في كلية العلوم الإدارية لإخراج الطالبات من قاعة المحاضرات بحجة منع الاختلاط وتحذيرهن بإقامة حدود الله عليهن في حال معاودتهن الى مقاعد الجامعة وسحبهن من بيوتهن بالقوة وإقامة حدود الله ليكن عبرة للآخرين.
 وفي تصريح لمسؤول أمني في عدن أكد: أن عناصر من “القاعدة” يعززون انتشارهم في أحياء المدينة، مشيراً إلى أن الراية السوداء للتنظيم ترفرف فوق مبنى الشرطة في التواهي، أحد أكبر أحياء عدن، فيما يقود رجال ملتحون سيارات رباعية الدفع تجوب المدينة، رافعةً هذه الراية  موضحاً؛ أن مسلحين متطرفين”ينشطون أيضاً في أحياء أخرى من عدن مثل كريتر وخورمكسر والبريقة حيث يتعاظم حضورهم يوماً بعد يوم”.وأعرب عن خشيته من أن “تصبح المدينة تحت سيطرة هؤلاء في شكل كامل، في ظل استمرارٍ غياب الدولة.       

تقويض حلم الحراك..! 
يحاول الحراك جاهداً استعادة حلمٍ مفقودٍ بفرض هيبة دولته المستباحة..فتذوب جهود عناصره بين ضعف الداعم المادي والداعم السياسي الدولي، وقوة الجماعات الإسلامية المسلحة الناشطة في الجنوب والمدعومة لتقويض مشروعه.
في مركز شرطة الشيخ عثمان، تداهم عناصرحراكية المركز وتخرج منه مجاميع إسلامية مسلحة كانت قد احتلته في محاولة من قيادة الحراك  لغياب الامن  وفرض حالة أمنية في المديرية.. وفي المساء تأتي مجاميع إسلامية أخرى أكثر تسليحاً وتقوض فكرتهم ..! المواطن الجنوبي الذي خرج في أكثر من مليونية في ساحات الجنوب مطالبا بالحرية والاستقلال واستعادة دولته أو ما يسميه فك الارتباط عن نظام سلطات صنعاء، يعيش الآن غياب الدولة  وغياب السلطة البديلة  وحالات الفوضى التي تسود كل مدينة وقرية من مدن الجنوب والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بدون إجابة هو من يحكم الجنوب ؟ وما مصدر سلطته إن وجد هذا الحاكم ؟؟ بين الجنوب المحرر والجنوب المدمر يعيش المواطن حالة ضياع لغياب الدولة ومسميات سلطات المجاميع  الجديدة الناشئة في مدن محافظاته .. في حضرموت بسط تنظيم القاعدة وما يسمى  أنصار الشريعة  نفوذهم وسيطرتهم على نطاق واسع من مساحة المحافظة وأجزاء محددة من محافظتي المهرة وشبوة المجاورتين لها وأشركوا في أمر إدارتها بشكل محدود وصوري سلطتي المجالس المحلية والأهلية  بينما تسيطر ألوية القوات المسلحة التابعة للمنطقة الأولى والثانية  الموالية لشرعية هادي بشكل صوري بحسب ما يراه مراقبون تلافياً لضربات طيران التحالف .