ميرديث ماكغرو
مجلة "بوليتيكو" الأميركية

إن صقور إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، الذين اتهموا ببدء الحروب اللانهائية، كانوا من بين الذين رقصوا فرحا واحتفلوا بما رأوا أنه انتصار عسكري للرئيس ترامب على إيران.
شبكات التلفزة أعادت صورا تعود إلى عام 2003، حينما انتشر مسؤولو إدارة جورج دبليو بوش على محطات التلفزة من أجل تبرير الحرب على العراق.
الوضع مختلف اليوم، فبدلا من تبرير الغزو الشامل على العراق كانوا يدافعون عن الغارة الجوية التي استهدفت قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، خارج مطار بغداد، وبدلا من الحديث عن ضرورة شن وزارة الدفاع الأميركية حربا ضد صدام حسين كانوا يتحدثون عن إمكانية تغيير النظام في إيران.
الرموز أنفسهم، الذين كثيرا ما انتقدهم ترامب لأنهم ورطوا أميركا في حرب لا نهائية، عادوا الآن للتصفيق للرئيس نفسه، وعبروا عن حماسهم للعملية العسكرية التي قتلت قائدا عسكريا، وقدموا النصائح إلى الإدارة من أجل مواصلة الضغط على إيران.
كان من بين هؤلاء بول وولفويتز "مهندس" حرب العراق، الذي قدم أفكاره عن الوجود العسكري الأميركي في العراق، ومارك ثيسن، كاتب خطابات وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، الذي ظهر على "فوكس نيوز" ووصف عمل ترامب بأنه "ريغاني النزعة" نسبة إلى رونالد ريغان، وظهر على شبكة "سي إن إن" وزير الأمن الداخلي في عهد بوش مايكل تشيرتوف.
إن توقيـــــــــت ظهورهم أعـــــــــاد الذكريات الماضية، وقال تيم سايل، الذي يدير برنامج العلاقات الدولية في جامعة تورنتو: "هذا مثير للقلق.. فحرب العراق مرتبطة -إن لم تكن مباشرة- بالأزمات في المنطقة الآن، وبالتالي فإن فكرة وجود أبطال تلك الحرب، وأؤلئك الذين لا يستطيعون العثور على حلول لتلك الحرب وهم يقدمون النصائح، هي أمر مثير للقلق".
وطوال الأسبوع، عندما واجه ترامب اتهامات بأنه اعتمد على معلومات أمنية ضعيفة لتبرير قتل الجنرال الإيراني، وجد في المجموعة السابقة من عهد بوش من يدافع عنه، وعندما قال الديمقراطيون إنه لا توجد معلومات كافية تظهر أن سليماني كان يخطط لهجمات وشيكة ضد المصالح الأميركية، كما زعم ترامب، حاول مساعدو الرئيس بوش تقديمها.
وقال المتحدث الإعلامي السابق في عهد بوش، آري فليتشر لقناة (فوكس نيوز): "لقد شاهدت بشكل مستمر الجانب المخيف من الحرب، حيث يستخدمون كلمة الحرب بطريقة عشوائية، والخيار الوحيد أمامهم هو دفع المال"، وأضاف: "لا يزال النظام الإيراني تهديدا، والردع والقوة هما أفضل طريقة لهزيمة التهديد".
وعلى صفحات "وول ستريت جورنال"، علق المسؤول الاستراتيجي لبوش، كارل روف، عما إذا كان الزمن "سيكافئ الديمقراطيين لشكهم في ترامب" في عام الانتخابات، وزعم روف على "فوكس نيوز" أن الهجوم "قد يساعد مجموعات انتخابية يمكن الاستفادة منها"، وانتقد الديمقراطيين لشكهم في الهجوم، وقال: "على الديمقراطيين إظهار أنهم يقفون مع الولايات المتحدة.. عوضا عن ذلك فهم يفركون أيديهم ويظهرون ضعفهم".
وأظهرت حملة ترامب الانتخابية أنها تعتقد أيضا بأن عملية قتل سليماني قد تساعده في الانتخابات، حيث أدخلت الاغتيال في دعايتها، بل إن مسؤولي إدارة ترامب قاموا بربط سليماني وبطريقة غامضة بهجمات 11 سبتمبر، كما فعلت إدارة بوش. فكما ربطت إدارة بوش نظام صدام حسين بتنظيم القاعدة، ربط نائب الرئيس مايك بنس سليماني بهجمات أيلول/ سبتمبر 2001، وكتب تغريدة، قال فيها إن سليماني ساعد في عمليات سرية لنقل 10 من 12 إرهابيا إلى أفغانستان، نفذوا هجمات أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة.
وكما واجه بوش انتقادات على تعليقاته، حيث توصلت هيئة تحقيق حكومية خاصة إلى عدم وجود علاقة تعاون بين العراق وتنظيم القاعدة، فإن بنس تعرض للشجب بسبب تغريدته، وقال مكتبه لاحقا إن بنس كان يشير إلى الخاطفين السعوديين الذين سافروا إلى أفغانستان عبر إيران.
إن التشابه يبدو غريبا لمن يرون في الأزمة الحالية نتاجا للأزمة السابقة. وقال توم ريكس الذي كان مراسل "واشنطن بوست" في العراق أثناء الغزو، ومؤلف كتاب (فياسكو: المغامرة العسكرية الأميركية في العراق): "لم أر شخصا بارزا لاحظ أن غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 جعل من الوضع الحالي محتوما".
وأضاف: "سلم الغزو الأميركي العراق إلى إيران، ولن تغير المناوشات الأخيرة هذا الوضع، بل قد تؤكده إذا تم طرد الأميركيين" من هناك.
وأكد ترامب وحلفاؤه أنهم لا يريدون أن يذهبوا إلى حرب مع إيران، إلا أن الغارة التي قتلت سليماني والنقاش حول ضرورتها ذكرا الناس بما حدث قبل 17 عاما.
ويقول السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، معلقا على الوجوه القديمة: "هي الوجوه ذاتها التي تصفق لتصعيد ترامب المتهور وغير المنطقي مع إيران، وهم أنفسهم الذين أخبرونا أن الديمقراطية ستزدهر في أنحاء الشرق الأوسط كله لو أتممنا الرحلة السهلة في العراق.. كانوا مخطئين آنذاك وهم مخطئون الآن".
عربي 21
الاثنين، 13 يناير