جيمس برورسون 
معهد "ذا ستريت" الأسترالي لتحليل السياسيات الاستراتيجية

مكنت الأسلحة والخبرات التي قدمتها الدول الغربية بعض أغنى دول العالم من جلب حرب آلية عالية المستوى إلى اليمن التي تعد واحدة من أفقر الأماكن على هذا الكوكب.
إن الغارات الجوية في اليمن التي تقودها السعودية والإمارات والقصف المدفعي قتلت أكثر من 12.000 مدني، وتفاقمت المجاعة وتفشت الأمراض التي أودت بحياة مئات الآلاف.
لقد حان الوقت للحكومات، التي توافق على تدفق الأسلحة والذخيرة إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لقبول نصيبها من المسؤولية عن المذبحة وإيقاف الضخ.
ويتألف التحالف حاليا من: السعودية والإمارات والسودان والبحرين والكويت ومصر والأردن. شاركت قطر حتى عام 2017، والمغرب حتى عام 2019. انسحبت الإمارات جزئيا من اليمن، رغم أنها لا تزال تدعم الحركات الانفصالية هناك.
بداية من عام 2015، مع تحول سياسي فاشل بعد انتفاضة الربيع العربي، ترك الصراع اليمن دولة منقسمة مع احتمال ضئيل لحكومة مستقرة. وفي أيلول/سبتمبر 2014، استغلت جماعة الحوثيين الشيعية -الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح- الفوضى السياسية للسيطرة على العاصمة وإسقاط الحكومة، وفر الرئيس عبدربه منصور هادي إلى المملكة العربية السعودية.
دخل التحالف الذي تقوده السعودية، بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، الصراع في مارس 2015 استجابة للمخاوف من أن إيران -أكبر مؤيدي الحوثيين والمنافس الإقليمي للسعودية- التي كانت ستحصل على موطئ قدم في اليمن. ومنذ ذلك الحين، عانت اليمن من الحرب الأهلية وانعدام الأمن الغذائي وارتفاع مستويات الفقر.
حذرت الأمم المتحدة من أن عدد القتلى قد يصل إلى 233,000 بحلول نهاية عام 2019 كنتيجة مباشرة للنزاع وعواقب من الدرجة الثانية. يحتاج ما يقرب من 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 28.7 مليون نسمة إلى المساعدات الإنسانية، ويعاني البلد من أسوأ تفش للكوليرا في التاريخ الحديث. ومع ذلك، تواصل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وأستراليا، من بين دول أخرى، بيع الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية.
تؤكد حكومات أستراليا وفرنسا والولايات المتحدة أن العمليات المشاركة في تقييم المبيعات العسكرية الأجنبية متوافقة مع الالتزامات الدولية. ومع ذلك، تُظهر وثيقة مسربة من دائرة الاستخبارات العسكرية الفرنسية أن الذخائر الغربية تُستخدم بانتظام في ضربات تستهدف المدنيين. قام التحالف بأكثر من 19.000 غارة جوية على اليمن منذ عام 2015، ويقدر أن ثلثها قد ضرب أهدافا مدنية أو غير عسكرية أو غير معروفة.
في الفترة ما بين عامي 2016 و2018، وقعت الولايات المتحدة صفقات أسلحة بقيمة تزيد عن 27 مليار دولار أمريكي مع السعودية، تشمل الأسلحة الصغيرة وأنظمة الصواريخ والمركبات القتالية والتدريب. وتستورد الإمارات حوالي ثلثي أسلحتها من الولايات المتحدة.
في فبراير 2019، وثقت منظمة "مواطنة" اليمنية لحقوق الإنسان، 25 غارة جوية غير قانونية للتحالف أسفرت عن مقتل ما يقرب من 1000 مدني باستخدام أسلحة أمريكية الصنع. اشترت السعودية من الولايات المتحدة أكثر من 420 دبابة من طراز "M1 Abrams" و400 مركبة من طراز "M2 Bradley" المقاتلة، وما يقرب من 600 مدفع "هاوترز" من طراز "M109" والكثير منها يستخدم في الصراع اليمني. وكشف تحقيق لشبكة "سي إن إن" أن السعودية والإمارات تقومان بنقل أسلحة أمريكية الصنع إلى المليشيات المحلية، وبعضها لها صلات بتنظيم القاعدة.
فرنسا أيضا استفادت من النزاع، فقد كانت ثاني أكبر مورد للأسلحة في الإمارات وثالث أكبر مورد للأسلحة في السعودية بين عامي 2014 و2018. وقد شملت مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى السعودية دبابات وأنظمة صاروخية موجهة بالليزر. يتم توفير هذه الأسلحة لحوالي 6500 جندي إماراتي منتشرين في اليمن والدول المجاورة.
ومنحت أستراليا 57 تصريحا لتصدير المعدات ذات الصلة العسكرية لإرسالها إلى السعودية والإمارات منذ عام 2016. ويشمل ذلك بيع 500 منظومة أسلحة عن بعد من صنع الشركة المصنعة الأسترالية "EOS" إلى السعودية. وفي حين صرح الرئيس التنفيذي للشركة بشكل قاطع أنه "لم يتم نشر أي منتج تابع للشركة أو استخدامه في اليمن"، إلا أنه يجب طرح السؤال التالي: كيف يمكن لأستراليا الاستمرار في بيع الأسلحة إلى دول متهمة بارتكاب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان؟
إن كلاً من فرنسا وأستراليا والمملكة المتحدة و100 دولة أخرى - على الرغم من أنها ليست الولايات المتحدة - موقعة على معاهدة التجارة العالمية لعام 2014، والتي يلتزم أعضاؤها بـ"مراقبة صادرات الأسلحة وضمان أن الأسلحة لا تستخدم في انتهاكات حقوق الإنسان".
يوضح تقرير الاستخبارات الفرنسية الذي تم تسريبه وحقق فيه صحفيون ومنظمات غير حكومية أن الأسلحة والذخائر التي قدمتها الدول الغربية تستخدم في اليمن وقد تم نشرها في عمليات تستهدف المدنيين وتم نقلها إلى أطراف ثالثة، وتم توظيفها في حالات أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان.
وقد بدأت بعض الدول في إنهاء مبيعات الأسلحة إلى التحالف السعودي. صدر قرار غير ملزم في البرلمان الأوروبي أواخر عام 2018 يدعو الدول الأعضاء إلى وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية. تم تبنيه أو اعتماده جزئيا من قبل عدة دول. في حزيران/يونيو، وجدت محكمة الاستئناف البريطانية أن استمرار بيع المعدات العسكرية إلى السعودية غير قانوني لأنه سيتم استخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي. وفي حزيران/يونيو، أيضا، أصدر الكونغرس الأمريكي قرارا بإنهاء صادرات الأسلحة إلى السعودية، لكنه لم يحصل على الأصوات اللازمة في مجلس الشيوخ لتجاوز حق النقض الذي مارسه الرئيس دونالد ترامب.
ويمكن أن يساعد حظر الأسلحة، الذي تقوده الأمم المتحدة، في إنهاء تدخل التحالف في اليمن. وقد كتب المحلل نيلسون أن حظر الأسلحة "لا يزال أحد أكثر التدابير فعالية للحفاظ على السلام والأمن أو استعادتهما".
ومن غير المرجح أن توافق الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة في مجلس الأمن على هذا الحظر. ومع ذلك، فإن الضغط المتزايد من دول الاتحاد الأوروبي والجمهور قد يجبرها على ذلك.
وزعمت سوزان هتشينسون مؤخرا أن هناك عيوبا كبيرة في نظام أستراليا متعدد الوكالات لصادرات الدفاع، ودعت إلى "إجراء تحقيق برلماني لتقييم التزاماتنا بموجب معاهدة تجارة الأسلحة وتدابير أخرى يمكن وينبغي اتخاذها. كانت الحكومة والمعارضة والبرلمان يلتزمون الهدوء في مواجهة الأدلة المتزايدة على ارتكاب جرائم حرب في اليمن. ونحن بحاجة إلى رؤية شفافية أكبر من الحكومة ومنظمة الدفاع لضمان عدم استخدام الأسلحة الأسترالية في اليمن".
في حين أن معاهدة تجارة الأسلحة التي أنشأتها الأمم المتحدة تتطلب من الدول الفردية مراقبة وتسجيل مبيعاتها من الأسلحة الأجنبية، إلا أن هذا الالتزام يتم تجاهله بوضوح من قبل العديد من موردي الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية.
ويمكن لأستراليا، بصفتها جهة فاعلة رئيسية في إنشاء المعاهدة، أن تدعم هيئة مراقبة الاستخدام النهائي متعددة الجنسيات لتحميل الدول المسؤولية عن التأثير الذي تحدثه مبيعات الأسلحة الأجنبية عندما تستخدم الأسلحة بشكل غير قانوني.
كدول تدعي الدفاع عن النظام العالمي القائم على القواعد وحقوق الإنسان، يتعين على أستراليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وقف صادرات الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية وتجويع الدول المتحاربة من الأسلحة والذخائر التي تستخدم لإطالة أمد الصراع المدمر في اليمن.


(*) منسق تطوير البرامج في المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية
10 نوفمبر 2019
الموقع بوست