رانـــدي نــورد - ترجمــة: «ميسلـون»

عملية "علم زائف" هي عمليةٌ سرِّيةٌ مصمَّمةٌ للقيام بخداع معيَّن بهدف إظهار حزب/ جماعة/ أمَّة معيَّنة مسؤولة عن بعض النشاطات، وإخفاء/ تمويه المسؤول الفعلي عنها.
بيروت (GPA) - خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ورد أن الرئيس اللبناني ميشيل عون تلقَّى وثيقة أمريكية "إسرائيلية" تتضمَّن تفاصيلَ خطط لخلق حرب أهلية في لبنان عبر عمليات علم زائف سرِّية وغزو "إسرائيليّ "محتمل.
على الرغم من أن مصدر المستند "إسرائيليٌّ"، وأن إنشاءه تمَّ بالشراكة مع واشنطن، لا أحد يعرف من قدَّمه إلى عون. قامت "الجديد" اللبنانية في البداية بعرض الوثيقة عبر قناتها التليفزيونية ومن خلال فيديو على موقعها على شبكة الإنترنت. "جيوبوليتيكس آليرت" ترجمت التقرير لهذا المقال.

"إسرائيل" والولايات المتحدة تحرِّضان على حرب أهلية في لبنان
تُفصِّل الوثيقة الخطط الأمريكية لشقِّ قوى الأمن الداخلي اللبناني، وهي مؤسسةٌ محليةٌ منفصلةٌ عن الجيش اللبناني. تتضمَّن الخطط قيام واشنطن باستثمار 200 مليون دولار في قوى الأمن الداخلي تحت ستار الحفاظ على السلام، ولكن بهدف سرِّيّ يتمثَّل بخلق صراع طائفيّ ضد حزب الله، مع تخصيص 2.5 مليون دولار لهذا الغرض.
تنص الوثيقة على أن الهدف النهائي هو زعزعة استقرار البلاد من خلال خلق حرب أهلية في لبنان "تساعد (إسرائيل) على الساحة الدولية". وتخطِّط الولايات المتحدة و"إسرائيل" لتحقيق ذلك من خلال دعم "القوى الديمقراطية"، الأمر الذي يتماثل بشكل ملحوظ مع الاستراتيجية المستخدمة في سوريا وليبيا وفنزويلا وأماكن أخرى.
وفقا للوثيقة، على الرغم من أنه "سيتمُّ إطلاق العنان كاملا لقوَّتنا النارية"، إلا أنهم، وبطريقة ما، لا يتوقعون وقوع أيِّ إصابات. ومع ذلك، فإنهم يتوقعون أن تؤدي الحرب الأهلية إلى "إطلاق طلبات" للتدخل من الجيش "الإسرائيلي"، والتي يجب على "إسرائيل" الموافقة عليها، فقط بعد تمنُّع شديد.
تقول الوثيقة إن "إسرائيل" أيضا ستلعب دورا مهمّا من خلال القيام بـ"عمليات علم زائف سرِّية" مع تطوُّر الصراع. ربما تشمل هذه العمليات هجمات كيميائية مماثلة للهجمات الكيميائية على المدنيين في سوريا أو حتى الهجمات المباشرة على المدنيين اللبنانيين أو "الإسرائيليين"، وذلك لإلقاء اللوم على حزب الله وتبرير التدخل الدولي.
تعترف الوثيقة بأن الولايات المتحدة و"إسرائيل" ستحتاجان إلى قدر غير مسبوق من المصداقية للعب هذه الورقة، كما تعترف بأن الجيش اللبناني قد يكون عقبة، على الأرجح بسبب تشكيلته المتنوعة (طائفيّا). كحزب سياسيّ شرعيّ مع أعضاء في جميع جوانب المجتمع اللبناني، إن حزب الله لديه بالفعل أعضاء وحلفاء داخل قوى الأمن الداخلي والجيش.

بومبيو يعقد اجتماعا مع مسؤولين لبنانيين
خلال اجتماعه بالرئيس اللبناني، ميشيل عون، قدَّم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إنذارا نهائيّا: احتواء حزب الله أو توقُّع عواقبَ غير مسبوقة.
بحسب مجلة "Foreign Policy"، أخبر بومبيو عون أنه إذا أخفق في إكمال المهمة المستحيلة المتمثلة بإزالة حزب الله من المؤسسات الحكومية وقمع أنشطته العسكرية، فينبغي أن يتوقع لبنان انقطاع المساعدات الأمريكية، وحتى عقوبات محتملة.
"سوف يتطلب الأمر شجاعة من الأمة اللبنانية لكي تقف في وجه إجرام حزب الله وإرهابه وتهديداته"، قال بومبيو.
في مأدبة عشاء، ذُكر أن بومبيو حذَّر المسؤولين اللبنانيين من أنهم هم أنفسهم أهداف محتملة للعقوبات، مثل أعضاء التيار الوطني الحر، حزب الرئيس عون، الذي يتلقى غالبية دعمه من المسيحيين اللبنانيين.
قد تستهدف العقوبات المحتملة أولا وزارة الصحة اللبنانية، التي يديرها حاليّا وزيرٌ لحزب الله. يعتمد المدنيون في جميع أنحاء لبنان على وزارة الصحة العاملة للحصول على الأدوية المدعومة والرعاية الطبية العامة، وبذلك تخلق تلك العقوبات معاناة هائلة لجميع سكان لبنان.
من غير المرجَّح أن تنجح الخطط الأمريكية للحرب الأهلية في لبنان كما فُصَّلت في الوثيقة. قوى الأمن الداخلي اللبناني ليست مجموعة متجانسة. يشغل أعضاءٌ من حزب الله ومن حلفائهم المسيحيين العديد من المناصب، ليس فقط في قوى الأمن الداخلي وحدها، ولكن في الجيش أيضا، وعدَّة فروع/ أجهزة للحكومة. كما يتطلب الدستور والنظام السياسي اللبناني أن تتمتع جميع الطوائف بتمثيل كاف في الحكومة. وعلى هذا النحو، قد تُركِّز الحرب الأهلية المفبركة المحتملة على إعادة كتابة الدستور اللبناني كأولوية قصوى.
ليس واضحا ما إذا كان موظفو بومبيو قد قدَّموا إلى عون هذه الوثيقة كتهديد قبل اجتماعهم. من الواضح، مع ذلك، أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" يخططون وراء أبواب مغلقة لإيجاد صراع طائفيّ في المجتمع اللبناني وعمليته السياسية الديمقراطية، على غرار الإجراءات التي تمَّت في سوريا وليبيا واليمن وفنزويلا وإيران...



2019.11.01
صحيفة ميسلون الإلكترونية
(*) نُشِرت الوثيقة على موقع Geopolitics Alert بتاريخ 5 نيسان/ أبريل 2019