الترجمة عن الألمانية: نشوان دماج/ لا ميديا -

فلوريان روتزر
لقاء مليارات، تعمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة سوية مع الحرس الوطني السعودي، الذي يفترض به حماية العائلة المالكة السعودية ويتم استخدامه في الحرب على اليمن.
تتعرض الولايات المتحدة وبريطانيا لانتقادات بسبب دعمهما للتحالف الذي تقوده السعودية، والذي يشن حربا على اليمن منذ عام 2015 وأدى إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم. لقد قُتل في الأعمال الحربية عشرات الآلاف من السكان معظمهم من المدنيين. 80 في المائة من اليمنيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و10 ملايين يعانون من المجاعة، و3 ملايين مشرد، تم تدمير الاقتصاد وكذلك الزراعة، وأكثر من 60 في المائة من السكان بلا عمل. وكلا البلدين يدعم السعودية بالأسلحة أيضا.
قبل وقت وجيز أصبح واضحا مدى قوة الروابط بين الحكومة البريطانية والمملكة السعودية. وهذا يتجاوز بكثير صادرات الأسلحة. ففي نهاية المطاف تم شراء بريطانيا بالمال السعودي من أجل حماية العائلة المالكة -وهي سلطة غير ديمقراطية على الإطلاق- وذلك عبر برنامج سري لا يفترض بالناخبين البريطانيين أن يكونوا على دراية به. 
في يونيو، أعلنت محكمة الاستئناف أن مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية غير قانونية، وأمرت بمراجعة صفقة الأسلحة البالغ قيمتها 4.7 مليار جنيه إسترليني. ويُتهَم أعضاء الحكومة بأنهم لا يضعون في الاعتبار ما إذا كانت الغارات الجوية السعودية على المدنيين في اليمن تنتهك اتفاقيات جنيف، ويوافقون على بيع الأسلحة دون أخذ المدنيين في الاعتبار. في مايو 2018، اعترف بوريس جونسون، وزير الخارجية حينها، بإرسال عدد غير محدد من الجنود البريطانيين إلى السعودية لتقديم «المعلومات والنصح والدعم»؛ وذلك لمواجهة تهديد صواريخ الحوثيين. كان المراد من ذلك -كما زُعِم- هو تخفيف العبء عن السعودية؛ المبرر التزلفي لإيجاد حل سياسي أكثر تقاربا. لكن يبدو أن الجنود البريطانيين، مثلهم مثل الأمريكيين، لم يكونوا قادرين على صد هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة.
لقد عُرف سهوا من خلال أحد الإعلانات الوظيفية أن الحكومة البريطانية تقوم، لقاء ميزانية قدرها مليارا جنيه إسترليني، بتدريب الحرس الوطني السعودي البالغ قوامه أكثر من 130،000 شخص -ويعرف أيضا بالجيش الأبيض- والذي لا يفترض به حماية الأسرة المالكة فحسب، باعتباره يشكل بالإضافة إلى الجيش أقوى ميليشيا خاصة، بل ويشارك بشكل فعال أيضا في الحرب على اليمن. كما يمكنه التدخل عسكريا في الداخل عند حدوث أي اضطرابات. لقد قام كل من مات كينارد ومارك كيرتس بدراسة ما عُرف عن برنامج وزارة الدفاع البريطانية هذا، القائم منذ عام 1978، وهو مشروع اتصالات الحرس الوطني السعودي (Sangcom) القائم منذ عام 1978.
يفترض أن يكون الغرض من البرنامج هو القيام، من خلال أموال تتدفق من السعودية إلى وزارة الدفاع البريطانية، بتزويد الحرس الوطني السعودي (SANG) بتقنية اتصالات. أما الميزانية وغيرها من التفاصيل فظلت الحكومة تحتفظ بها عن البرلمان والجمهور. وبعد 40 عاما، تم لأول مرة من خلال إعلان وظيفي -فقط للمتقدمين من الذكور- الكشف سهوا عن الميزانية: «يتولى فريق مشروع MOD SANGCOM في المملكة المتحدة مسؤولية تقديم برنامج بقيمة ملياري جنيه استرليني لتحديث شبكة اتصالات الحرس الوطني السعودي». من المتوقع أن ميزانية الـ2 مليار ستستمر لمدة 10 سنوات ابتداء من 2010، وهي أعلى بكثير من الاتفاقية السابقة البالغة 125 مليونا. تم طرح الإعلان الوظيفي في الشبكة، غير أن المسؤول المالي للبرنامج كتب على موقع (Linkedln) بأنه مسؤول عن ميزانية قدرها 1,6 مليار جنيه إسترليني.
إلى جانب المملكة المتحدة، يتم تدريب وتسليح الحرس الوطني السعودي (سانج) من قبل الجيش الأمريكي أيضا. منذ عام 2015، ووحدات من (سانج) مشاركة في الحرب على اليمن، وثمة لواءان جرى في العام 2018 تمركزهما على الحدود. كما أن العقيد كيفن لامبرت، مهندس البرنامج الأمريكي لتحديث (سانج)، الذي تم عبره إنفاق نحو 16 مليار دولار في شراء الأسلحة، قال بوضوح عند توليه منصبه العام الماضي إنه يقوم هو وفريقه بتدريب الحرس الوطني على «مهام قتالية على الحدود الجنوبية» -تمولها السعودية بطبيعة الحال كما في حالة بريطانيا: «يشارك سانج في المهام القتالية للتحالف الذي تقوده السعودية في صراع اليمن، مما يسهم في الاستقرار الإقليمي». هذا الاستقرار من خلال الحرب سوف «يحافظ على القدرات العسكرية للولايات المتحدة ويعزز من استعدادنا الاستراتيجي للقتال». وبالتالي هي مساعدة مباشرة للحرب على اليمن.
إن البرنامج السري (Sangcom) التابع لوزارة الدفاع البريطانية يوفر للحرس الوطني ليس فقط تقنية الاتصالات، بل ويقوم بتدريبه أيضا في التعامل مع ما يمكن أن يتجاوز التكنولوجيا البحتة، مثلما هو الحال أيضا مع الأميركيين. وبسبب هذه السرية، لا يُعرف في النهاية ما الذي يقوم به (Sangcom) حقا. حتى إن العديد من الاستفسارات البرلمانية لم تفضِ إلى نتيجة. بالإضافة إلى قواعده في السعودية، يتمركز (Sangcom) بالنسبة للجيش البريطاني في كورشام، ويلتشير، حيث توجد هناك أيضا وحدة الاتصالات المشتركة وفوج الإشارة العاشرة.
منذ عام 1994، والبرنامج السري (Sangcom) يدار، نيابة عن وزارة الدفاع، بواسطة شركة GPT Special Project Management Ltd، التابعة الآن لشركة (Airbus). غير أن (Airbus)، بعد مزاعم بالفساد، قامت نهاية العام بإغلاق شركة (GPT)، التي كانت منذ سنوات تحاول بملايين كثيرة من الرشاوى للسعوديين تمديد عقد (Sangcom). وبحسب بلاغ بالمخالفات، فإن ما يصل إلى 16 في المائة من الميزانية كان يتقرر تقديمها كرشوة. هكذا أعلن مكتب الاحتيال الخطير (SFO). ويفترض الآن بوزارة الدفاع البريطانية أن تسلم البرنامج إلى شركة الخدمات العسكرية الأمريكية (KBR). إن حل (GPZ) لديه ميزة أن شركة لم يعد لها وجود لا يمكن أن تكون عرضة للمساءلة.
تتخوف «الشفافية الدولية» و«أضواء على الفساد» من أن المدعي العام البريطاني جيفري كوكس يسعى إلى منع المزيد من التحقيقات. وكتبت المنظمتان رسالة مفتوحة بداية أكتوبر/ تشرين الأول، مفادها أن قضايا الأمن القومي لا ينبغي أن تلعب أي دور هنا. فأي عرقلة من شأنها أن تلحق ضررا كبيرا بسمعة بريطانيا وبمكافحة الفساد الدولية.
في مارس/ آذار، أجاب ستيوارت أندرو، سكرتير الدولة لشؤون الدفاع، على استفسار حول عدد الموظفين المدنيين والعسكريين في برنامج (Sangcom) في كل من المملكة المتحدة والسعودية بالقول إنهم 76، منهم 74 في السعودية. مع أن (GPT) وحدها، التي كانت هي المشرف الحصري على برنامج (Sangcom)، كان لديها في العام 2018 حوالى 535 موظفا. لقد قلص الوزراء البريطانيون أو قللوا من شأن الأرقام الحقيقية من خلال ذكر المستشارين العسكريين فقط، على الرغم من أن موظفي (GPT) وكذلك المستشارين العسكريين يعملون معا في السعودية. ومع انتقال الأمر إلى (KBR)، يبدو أن القوى العاملة في ازدياد. ومرة أخرى، كان إعلان وظيفي لأحد خبراء الأمن الإلكتروني في الرياض يكشف عن أن برنامج (Sangcom) سيكون لديه ما يصل إلى 800 موظف، 120 منهم سيكونون من شركة (KBR)، وأنه بالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك سلسلة توريد لـ25 منظمة.

الموقع: TELEPOLIS