ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

جوناثان فنتون-هارفي (*)
على الرغم من أن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات يقاتل من أجل استقلال جنوب اليمن، إلا أن طموحهم أيضاً إلى جانب الإمارات هو تعميق الانقسامات الخطيرة في المنطقة. 
إن ظهور المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن كقوة مهيمنة في الجنوب قد حول الديناميات السياسية للبلد. ويواجه هذا الفصيل معارضة ليس فقط من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بل من داخل الحركــــة الجنوبيـــــة نفسها. 

ظهر المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017، وأعلن في السنة التالية الاستقلال، وكان يعمل بجناحه العسكري الحزام الأمني وقوات النخبة في المحافظات الجنوبية التي تدعمها الإمارات كحضرموت وشبوة. وقد شكل برلماناً ووزراء بمناصب حكومية رسمية، وقدم نفسه كجهة فاعلة شرعية. 
عقب الوحدة بين الجنوب والشمال في 1990، شعر العديد من الناس في الجنوب -حيث تقع أكثر المصادر الطبيعية للبلد- بأن الوحدة قد تركتهم غير مستفيدين اقتصادياً وسياسياً، مما أدى إلى ظهور الحركة الجنوبية والجهود الانفصالية المتنوعة الأخرى في 2007. 
وعلى الرغم من أنه قدم نفسه كممثل شرعي لجنوب اليمن؛ إلا أن نبيل البكيري -وهو محلل مستقل في الشؤون اليمنية- قال لـ"المونيتور" إن الحزام الأمني تموله وتدربه الإمارات التي تسعى إلى دولة جنوبية مستقلة صديقة من أجل السيطرة على ميناء عدن. 
ويشارك المجلس كراهية الإمارات لحزب الإصلاح الإسلامي في اليمن. وقد استخدمت الإمارات الحزام الأمني لاحتلال الجنوب، وقد تحرك مؤخراً لاحتلال جزيرة سقطرى في 4 أكتوبر. 
أخبر فرناندو كارفاجال، وهو عضو سابق في فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "المونيتور" أنه "رغم بعض الانقسامات داخل التنظيم، لا توجد صراعات مفتوحة". وأضاف أن "القيادة حتى الآن قد قامت بعمل جيد بتوحيدها للعناصر السلفية والولاءات القبلية. إن المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني مترابطان، وضعف أحدهما يضعف الآخر سواء على الصعيد المادي أو في ما يتعلق بالدعم الشعبي". 
ورغم أن الفصائل التي تدعمها الإمارات قد حافظت على درجة من التماسك، إلا أن الحركات الجنوبية الأخرى تهدد أجنداتها بتشعب أهدافها. فالبعض يسعى للحكم الذاتي الكامل، بينما يدعم البعض الآخر المشروع الفيدرالي (الاتحادي) أو يعارض تمثيل المجلس الانتقالي للحركة الجنوبية. 
يقول البكيري: "إن الانقسامات هي من بين المكونات الجنوبية الأخرى للحركة كفصيل مجلس الحراك الثوري الذي يترأسه باعوم، وفصيل المجلس الوطني الجنوبي الذي يدعم المشروع الاتحادي لليمن، والمكونات الجنوبية الأخرى". 
منذ محاولة "الانتقالي" الانقلابية في عدن، في 10 أغسطس، هددت هذه الرؤى المختلفة للجنوب بإثارة الشجارات والصراع في حال اكتسب فيه "الانتقالي" المزيد من السيطرة على الجنوب. في 3 سبتمبر أعلن شيخ المهرة علي صالح الحريزي -الذي يعارض النفوذ السعودي والإماراتي- عن تشكيل مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي في المهرة رداً على الانقلاب. 
وأثارت عوامل خارجية انقسامات أكثر عبر المشهد السياسي الجنوبي. 
يقول كارفاجال: "المهرة هي التحدي الأكبر للمجلس الانتقالي الجنوبي بسبب الدور التي لعبته عُمان. القبائل المحلية لا تريد الدخول في صراعات؛ لذلك يحتفظون بتمثيل محدود داخل المجموعة المحلية للمجلس الانتقالي، بينما لاتزال تحافظ على علاقاتها مع عُمان". وأوضح أنهم يلعبون دوراً متوازناً بين كلا الطرفين، مع استخدام عُمان لنفوذها القوي بشكل تقليدي على النخب المهرية. 
وأضاف: "مع ذلك يجب على أجزاء من حراك أبين أن تتماشى مع المجلس الانتقالي، لأنهم لايزالون يأملون في هادي الذي ينتمي إلى محافظة أبين. ويمول هادي جزءاً من الحراك في شبوة عبر حلفائه الأقوى، وكذلك يتفادى احتكار "الانتقالي" للحراك في هذه المحافظة الغنية بالنفط". 
ترجع هذه الأجزاء من الحركة الجنوبية في أبين وشبوة المستقلة عن المجلس الانتقالي، إلى الحراك الأصلي المشكل عام 2007، وهذا دليل على أن الجماعة كانت غير قادرة على توحيد حركة الحراك الأوسع، حيث إن المجلس يحتوي على جزء فقط من الأعضاء الأصليين للحركة. 
وهنالك حالياً عشرات الحركات الجنوبية الأخرى التي تنشط خارج قيادة وسيطرة المجلس. ومع ذلك، وبسبب الدعم الإماراتي الواسع للمجلس ومليشياته الانفصالية، فلايزال هو الفصيل الجنوبي المهيمن. 
تأتي الدعوات عالية الصوت من أجل استقلال المحافظات الجنوبية، من داخل حضرموت، حيث تناضل النخب الحضرمية التي استبدلت بأولئك الذين يعملون مع الإمارات من أجل استعادة نفوذهم الذي خسروه. 
أخبر الباحث اليمني المستقل فؤاد راجح، "المونيتور" بأن الانقسامات وسط المحافظات الجنوبية قد تؤدي إلى المزيد من المطالبات بالاستقلال. 
قال راجح: "ستسعى حضرموت الغنية بالنفط، والتي تتمتع بمساحة برية تبلغ أكثر من 193، 000 كيلومتر مربع، إلى الحكم الذاتي". "كانت قيادتها تحذر المجلس من أية خطوات يقوم بها. ستنضم المهرة في أقصى الشرق وثاني أكبر محافظة في اليمن، إلى حضرموت، وتسعى جميعها إلى الاستقلال". 
وفي الوقت الذي ربما يكون فيه دعم شعبي للانفصال الجنوبي، أثارت علاقات الإمارات بالمجلس المزيد من المعارضة تجاههم. مع ذلك، وبدون دعم الإمارات المهم للحزام الأمني، من المحتمل جداً أنه سيسقط. 
قال البكيري: "هذه الانقسامات عادية وسط مساعي الإمارات إلى تعزيز فكرة التقسيم بالقوة لصالح طرف تدعمه، لكن هذا الأمر لا يوجد له شعبية كبيرة في الجنوب الذي يمثله المجلس". وأضاف أن محافظتي شبوة وأبين الغنيتين بالنفط، سوف تعارضان حكم المجلس الانتقالي. 
وقال راجح: "هذه الانقسامات تمثل ضربة للإمارات، التي تراقب الموانئ والجزر، وتسعى إلى تحقيق نصر من خلال الانفصال، وسط فشل التحالف الذي تقوده السعودية في هزيمة الحوثيين". 
وقال البكيري: "بشكل عام، الجنوب ليس كتلة واحدة يمكن أن يتم توجيهها بحسب رغبة ومصلحة أي حزب". 
وبوضوح تتطلع الجماعات المدعومة من الإمارات إلى فرض رغبتها بالقوة. أظهرت تقارير صدرت في 2017، وجود شبكة سجون يديرها الحزام الأمني من قبل المليشيات الجنوبية المدعومة من الإمارات، وتتهم بالتعذيب وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان. وقد نفذ هذا الفصيل-تحديداً نخبة شبوة –مجموعة من الاعتقالات التعسفية وحملات ترهيب، مسببة الخلافات مع الجماعات المحلية. 
وتظهر الغارات الجوية على القوات الحكومية في عدن، عقب استيلائهم على المدينة، بعد المحاولة الانقلابية للمجلس الانتقالي، في 10 أغسطس، أنهم يسعون للسيطرة هناك. 
أضاف البكيري: "لا تعرف الإمارات طبيعة المجتمع اليمني جيداً، وبالتالي هي تعمل بطريقة خاطئة. هذه الانقسامات هي نتيجة لمحاولة إماراتية لا تخدم اليمن ولا أمنه ولا استقلاله، وليست حتى في مصلحة الإمارات". 


"المونيتور"
14 أكتوبر 2019