ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

ريتشارد فايتز/ ذا ناشونال إنترست (*)
إذا حصلت كل من السعودية وقطر، أو أي دولة أخرى، على منظومة إس-400، فإن الولايات المتحدة ستحرمهم من أفضل التقنيات الدفاعية الأمريكية وستعيد نشر أي مقاتلة عسكرية أمريكية تتواجد هناك.
لقد اتخذ البنتاغون القرار الصائب بإرساله أربعة رادارات من نوع 360-درجة إي إن/إم بي كيو-64 سنتينيل لدعم القوة الجوية والدفاعات الصاروخية السعودية، إلى جانب نظام دفاع جوي  باتريوت آخر وإسناد القوات الأمريكية. ففي الشهر الماضي، تسببت ضربة مزدوجة بصاروخ وطائرات بلا طيار في سلسلة من الأضرار على معملين لتكرير النفط السعودي في "بقيق وخريص"، وكذلك أضرت بمصالح الأمن القومي الأمريكي الأوسع.

وأعلن الحوثيون -وهم مجموعة متمردة في دولة اليمن المجاورة- مسؤوليتهم عن ذلك القصف. مع ذلك، اتهمت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وحكومات أخرى إيران بتنفيذ هذا الهجوم نظراً إلى اتجاه الضربة من الشمال الغربي، والتي تفادت أنظمة الباتريوت المنتشر في الجنوب الشرقي بالقرب من المنشأتين، تصرف إيران العدواني المستمر في منطقة الخليج؛ حيث تشابه هذه الأنظمة الهجومية تلك المتواجدة في ترسانة إيران؛ بالإضافة إلى تعقيد ودقة الضربة.

ستساعد الرادارات الجديدة والباتريوت، إلى جانب تحضيرات وزارة الدفاع، لعمل إجراءات هجومية إضافية في الردع والتغلب على مثل تلك الهجمات الإيرانية المدمرة. كذلك ستقوم السعودية بمثل هذه الإجراءات كتخصيص المزيد من القدرات الدفاعية الجوية للمملكة لمكافحة تهديدات الضربات التي يتم إطلاقها من علو منخفض.

وهذه التوزيعات تتمتع بدعم كبير من عامة الأمريكيين. وينبغي عليهم أيضاً صرف السعوديين عن ابتلاع حبة السم التي يقدمها لهم بوتين بشرائهم نظام صاروخ أرض-جو الروسي "إس-400".

وبما أنه وجد فرصة في جني بعض الأموال وإضعاف مكانة الولايات المتحدة، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -خلال مقابلة مع الرئيسين الإيراني والتركي- أن تتبع السعودية نموذج هاتين الدولتين وتشتري أنظمة الدفاع الصاروخية والجوية الروسية. كما أن بلداناً أخرى من بينها قطر والهند والعراق تدرس شراء أجهزة الاعتراض الروسية أرض-جو المتطورة.

ويجب أن تتجنب البلدان هذا المسلك الخطر. فقد يكون اقتناء الأسلحة الروسية معاكساً لمصالحها الاقتصادية والدبلوماسية والدفاعية.
ويقوم المجمع الصناعي العسكري الروسي بتصميم الأنظمة المعلوماتية لهذه الأسلحة التي من المحتمل أنها لا تزال متاحة وتحت إشراف برامج التشفير الروسية. ولا يتوقع أن يتمكن المشترون من الوصول إلى شيفرات الأنظمة الإلكترونية والبيانات الداخلية لها مما يترك هوية الصديق أو العدو تحت سيطرة موسكو.

وسواء تم شراؤها من قبل السعودية أو قطر، يرجح أن هذه الدفاعات الجوية ستسقط الطائرات الحربية الأمريكية و"الإسرائيلية" أكثر من هذه التابعة لإيران لأنها يمكن أن تحدد الطائرات الأمريكية كهدف غير صديق. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تكون هذه الأنظمة عاجزة عن تمييز التهديدات الأساسية القادمة من إيران وسوريا، لأن كلا البلدين قد اشتريا بالفعل تقنية الدفاع الجوي الروسي وربما أصبحا تجيدان خداعها.

يصر البنتاغون على أن قدرات جمع المعلومات الاستخباراتية المعقدة لـ"إس-400" قد تعرض أنظمة الطيران الأمريكية للخطر في محيطها. عندما حصلت تركيا على أنظمة إس-400، قام البيت الأبيض على الفور بإلغاء التخطيطات لإعطاء حليف الناتو مقاتلة الـ"إف-35" الأمريكية الأولى.
إذا حصلت السعودية وقطر أو أي دولة أخرى على إس-400، فإن الولايات المتحدة ستحرمهم من أفضل تقنياتها الدفاعية الأمريكية وستعيد نشر أي مقاتلة عسكرية أمريكية تتواجد هناك. لدى السعودية ودول الخليج الأخرى حاجة ملحة إلى الحماية الأمريكية ولا تستطيع انتظار الحصول على الأجهزة الروسية المعقدة وتدريب قواتهم على استخدامها.

بالإضافة إلى حرمان أي دولة من الوصول إلى الأسلحة الأمريكية والتدريب والمزايا الأمنية الأخرى، تعرض عملية شراء الأسلحة الروسية أي دولة للمجازفة المالية الموجعة. إن قانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات يعاقب البلدان والشركات والأفراد المشتركين في "التعاملات الهامة" مع المجمع الصناعي العسكري الروسي. ويمكن أن تجرد العقوبة مشتري الأسلحة الروسية من ضمانات خدمة الدين وسند التأمين والخدمات المالية الأمريكية الأخرى.
إن التقنيات الدفاعية الروسية غير مكافئة لأنظمة الأسلحة الأمريكية التي تتفوق في ترسانات السعودية وقطر وبشكل تصاعدي في الهند. وأي بطاريات دفاع جوي روسي قائمة بذاتها يمكن أن تكون قد أضعفت القدرات لأنها تفتقر إلى قابلية التشغيل البيني المتوفر عند الأنظمة الغربية.
في واقع الأمر، ربما تكون أنظمة إس-400 الجديدة أقل من الفاعلية التي تم الترويج لها. قامت وكالة الأبحاث للدفاع السويدي بتقييم درجة فاعلية الأنظمة موضحة أنها فقط لا تتجاوز العشرين كيلومتراً ضد الصواريخ منخفضة التحليق كتلك التي هاجمت السعودية. وأكثر من ذلك، غالباً ما تكون الوعود الروسية بنقل التكنولوجيا مبالغاً بها.

وعلى الرغم من عدم وجود دليل ملموس على أن روسيا قد قادت الضربة الإيرانية لتبدأ بمبيعات الأسلحة الخاصة بها، إلا أن ممارسات موسكو خلال الحرب بين العراق وإيران والصراع بين أذربيجان وأرمينيا تظهر مدى قدرة روسيا على إدارة الخلافات من أجل بيع الأسلحة لأولئك الخصوم.
سيصبح المستبعدون من الولايات المتحدة والسعودية ودول الخليج الأخرى أكثر عرضة للإكراه الروسي نيابة عن إيران أو سوريا. إذا أرادت روسيا حقاً عمل مساهمة إيجابية للأمن الإقليمي، فستقوم موسكو بالوقوف ضد البرنامج الصاروخي الإيراني المزعزع للأمن، وضد إيصال الأسلحة إلى المجموعات الإرهابية.

يبين قرار البنتاغون الأخير كيف يستطيع شركاء وحلفاء أمريكا التعاون بشكل فعال لمكافحة تهديد صواريخ الكروز والطائرات بلا طيار المسلحة: تطوير أنظمة دفاع صاروخية وجوية مدمجة.
يمكن لنظام باتريوت أن يصبح أكثر تأثيراً ضد الضربات القادمة من علو منخفض من خلال نشر رادار متخصص شامل الاتجاهات، يستطيع مع بقية أجهزة الاعتراض تقديم دفاعات جوية مزدوجة متراكمة للسعودية والدول الأخرى.
يفترض بالولايات المتحدة -في الأثناء- القيام من جهتها بمتابعة تطوير الباتريوت والأجزاء الأخرى التي تحتاج إلى دفاع صاروخي متراكم وفعال.

12 أكتوبر 2019 
مجلة أمريكية تهتم بالشؤون الدولية