حاوره: طلال سفيان/ لا ميديا-

نجم ومشوار آخر نسطره في حديث الذكريات من خلال فارس جديد لعصر اختص بكرة القدم عندما كان هناك لاعبون حقيقيون أصحاب مواصفات خاصة.
ضيفنا أحد نجوم العصر الجميل لكرة القدم، الذي سطر الكثير على الملاعب بألوان فريقه شعب صنعاء.
الحوار مع هذا النجم اتسم بالصراحة والموضوعية، كشف لنا عن أهم محطات رحلته مع الساحرة المستديرة من ا?لف إلى الياء، وأستخرج من ذاكرته تفاصيل نجاحه وأحزانه، كاشفاً الكثير من ا?مور الهامة والمثيرة.

حكايتي مع الشعب
  كيف بدأت حكايتك مع كرة القدم؟
بنفس الكلام المعتاد لأي لاعب، بدأت من الحارة ثم المدرسة وحظيت بشهرة كبيرة في المدارس منها مدرستي هائل وابن ماجد، وفي المدرسة الأخيرة كان لدينا فريق قوي جداً وامتاز بنجومه كالكابتن عصام دريبان ووليد الهمداني، وعندما كنت في سن صغيرة أخدني مبارك مطران مشرف نادي شعب صنعاء، إلى نادي الشعب، وبدأت في التدرج بداية من فريق البراعم الذي كان قد تكون لأول مرة في النادي، وطبعاً ضممت العديد من أصدقائي في الحارة والمدرسة لفريق البراعم، وأصبحنا فريقاً واحداً وأحرزنا الكثير من البطولات في سن 15 و17 سنة، وقبل أن ألعب مع الشباب تم تصعيدي للفريق الأول وعمري 18 سنة عن طريق المدرب السوري سعيد فاكوش مدرب الفريق الأول حينها، والذي رأى فيَّ أشياء لم يكن أحد يراها، منها ذكائي في التمرير.
أكثر مدرب أدين له بالفضل هو الكابتن علي العبيدي، ولكن الأب الروحي هو المرحوم المدرب أنور غفوري الذي تعلمت منه الكثير وتأثرت كثيراً لرحيله عن الدنيا.
أنا في الأصل مهاجم وألعب خلف رأس الحربة، كما لعبت في خط الوسط ولعبت ظهيراً أيسر وقلب دفاع مع العديد من المدربين، وكان الكابتن أنور غفوري يعتمد عليَّ كلاعب ارتكاز.


"الثانوية العامة" حرمتني من المنتخب
  لماذا كنت بعيداً عن المنتخبات الوطنية؟
في البداية اختارني الألماني بيتر كلاوس للمنتخب الوطني للناشئين، وكانت أيامها تجرى اختبارات الثانوية العامة ورفض الأهل أن ألعب وأترك الاختبارات رغم أن العديد من اللاعبين ذهبوا للمنتخب ولم يسمح لهم بإعادة الاختبارات حتى ولو مادة، حصل مع اللاعب عمر عبدالحفيظ الذي تلاعب به وزير الشباب والرياضة ووزير التربية، وهذا أمر مؤسف في رياضتنا على عكس الآخرين، فمثلاً منتخب مصر ذهب للعب في الكونغو وسمح للاعبيه أن يجروا اختباراتهم هناك، كما أعطوهم 30 درجة زيادة في كل مادة كونهم في مهمة وطنية.

  لاعبون كبار عاصرتهم في مسيرتك؟
عاصرت أفضل اللاعبين عندما كانوا في آخر مشوارهم، منهم جمال حمدي من المجد، وخالد العرشي من الوحدة، وخالد الناظري من الزهرة، وفي فريقنا عاصرت لاعبين عظاماً كـ:عزيز الكميم وعوض عبود وفياض بغدادي ومحمود أبو غانم، ولعبت معهم موسماً.

المادة طغت على الولاء
  ما الفرق بين زمن جيل الفرسان والجيل الحالي؟
الفارق هو الحب والولاء، زمن كان الولاء للنادي والشعار ولم يكن موجوداً التفكير المادي كما هو حاصل الآن رغم أنه الكرة العربية لازالت تعيش على الفتات عكس الحالة المادية للكرة في بقية العالم، كما يتمثل الفارق بكون لاعبي زمان يدربون أنفسهم بدنياً في الملاعب والصالات، وكنت لا ترى لاعباً يدخن أو يتناول القات، أما لاعبو اليوم فيتهربون من أداء التداريب في الأندية ويتناولون القات ويدخنون الشيشة.

مشائخ حتى في الرياضة
  إلى أين اتجهت بوصلتك الكروية بعد ترك اللعب؟
حقيقة عندما كنت أصاب وأنا لاعب كنت أقوم بتدريب فرق ناشئي النادي ومنذ صغري، حتى إن معظم المدربين كانوا يقولون لي سوف تكون يوماً مدرباً كبيراً، لكن لم أحصل على التأهيل حتى أصبح مدرباً.

  لماذا؟
كل شيء موجود في اليمن، لكن له طرقه الملتوية حتى تتواجد فيها سواء في التدريب أو اللعب في المنتخبات، ولم يكن يعطى لذي حق حقه، وللأسف هذه الأساليب التي تمارس داخل الاتحاد والوزارة رفعت ناساً وأضاعت الكثير في المجال الإداري والفني، ولك أن تعرف أن نجوماً كثيرين من محافظات اليمن يخرج منهم فقط مدرب واحد يقود المنتخبات الوطنية! أو يقفون ضد نجم كجمال حمدي للترشح في الاتحاد مقابل أن يفوز الشيخ، ولو كان هناك إنصاف للنجوم لكان للكرة اليمنية شأن أكبر من دول الخليج، فاليمن منجم للمواهب والنجوم، وهناك من يريدها دولة مشائخ حتى في الرياضة.

الجائزة "ترمس ماء"
  أفضل مباراة لك؟
عندما كنا في تصفيات الصعود للدرجة الأولى كان هناك شركة تطرح جائزة لأفضل لاعب في المباراة، وكانت عبارة عن ترمس ماء، وحصلت على تلك الجائزة مرتين أمام شعب إب وجيل الحديدة، وكنت أتنافس على هذه الجائزة مع الكابتن محمد سالم الزريقي الذي حصل عليها أيضاً مرتين.

  وأسوأ مباراة؟
ضد نادي وحدة صنعاء عندما حاولت أن أراوغ لاعب الوحدة أكرم جحيش فخطف مني الكرة وسجل في شباكنا.. كانت مباراة مؤلمة بالنسبة لي.

  من كان أقوى منافس لكم؟
أكثر الفرق التي كان بيننا وبينهم تنافس هو أهلي صنعاء، كانت مبارياتنا معهم تتسم بالأحداث والجماهيرية وتسلط عليها الأضواء، وأذكر كيف قام لاعب فريقنا في أول مشاركة له أمام أهلي صنعاء بتسجيل هاتريك، وفي هذه المباراة توفي مشجع للأهلي بعد أن ضرب نفسه في الشبك الحديدي لملعب الظرافي.

رفضت عروضاً من أجل عيون الشعب
  خلال مسيرتك الكروية هل تلقيت عروضاً من أندية أخرى؟
في تلك الأيام كان هذا الأمر نادراً، وكان ولاء اللاعبين لأنديتهم، ونعم تلقيت عرضاً من نادي المجد عبر الكابتن جمال هبة عندما كنت بعمر الـ18، وأخبرني لماذا لا ألعب مع المجد، ورفضت هذا العرض كون المجد لم يكن بمستوى الشعب رغم أنه كان فريقاً يقدم كرة جميلة.

  ما الذي كان يميز شعب صنعاء؟
تميز الشعب بالبطولات وتميز بقوته الهجومية الضاربة ونجومه المرعبين كـ: عدنان قائد وعزيز الكميم والكابتن محمود وغيرهم، وكان الفريق الوحيد الذي يلعب بخطة 4-2-4 في عهد المدرب أنور غفوري، بينما بقية الفرق كانت تلعب بخطة 4-3-3، وكان الشعب فريقاً هحومياً بحتاً ويعتمد على عوض عبود وسنهوب في الوسط.

  لاعب تمنيت وجوده ضمن فريق الشعب؟
كنت معجباً بالكابتن عبدالله الصنعاني لاعب أهلي صنعاء، وكذلك الكابتن أنور عديني من أهلي الحديدة، والاثنان من أفضل لاعبي الوسط الذين رأيتهم في اليمن.

شربت الخل الأسود اشتهرت بمقالبك الظريفة..
صحيح كنت أكثر لاعب يعمل مقالب لزملائه، وفي أثناء إقامة فريقنا معسكراً في مدينة الحديدة، وبدافع الانتقام من مقالبي، كان زملائي بالفريق يعرفون مدى حبي لمشروب كندا دراي، فعملوا لي داخل القارورة الخل الأسود ووضعوها في الثلاجة وشربت ربعها، وكان موقفاً شبه قاتل لدرجة أني شعرت بأن عيوني ستخرج.

  هل تتابع المباريات؟
أتابعها على المستوى الخارجي، أشجع فريق ريال مدريد، وأعتبر الدوري الإنجليزي الأفضل عالمياً بكل تفاصيله.

  لماذا الإعراض عن المحليات؟
ليس دائماً أنت من يختار، فالجودة هي التي تعطيك دافع الحضور، وهنا في اليمن انعدم الأداء الراقي والمتميز، وحتى ما هي البطولة التي يمكن أن تحضرها، حالياً المباريات شبه ودية بمسمى تنشيطيات ولا توجد بها أية إثارة حتى يتابعها الجمهور.

مشكلة الكرة اليمنية إدارية
  أين تكمن مشكلة الكرة اليمنية؟
سوء الإدارة، وليس فقط على مستوى الكرة، بل على كل مناحي الحياة اليمنية، لقد أعطينا المشائخ قيادة الدفة، وكان الأولى أن يعطى الخبز لخبازه.

  لاعب من الجيل الحالي لفت نطرك؟
النجوم تأتي وتأفل، لا يمكن أن تقول عن لاعب إنه نجم وهو لازال في طور عامين من لعبه، مثلاً هناك من يقول الصاصي وهناك من يقول محمد فؤاد، وهي أسماء لا تدوم 6 أشهر، أعتقد لم يأت نجم حتى اليوم بعد علي النونو.

الظروف الراهنة لا تساعد الرياضة
  ماذا عن تواصلك مع شعب صنعاء؟
أتواصل دائماً مع زملائي بالشعب، ولعبت في دورة خلال شهر رمضان الفائت في النادي، وهناك جانب يجعلني أبتعد عن النادي، وهو المشاكل المفتعلة.

  تقصد المشاكل مع إدارة الشعب من قبل البعض؟
من حق الجمعية العمومية واللاعبين والجماهير الاعتراض على نوعية الإدارة وإقالتها، لكن في ظل أوضاع ومناخ وأجواء سليمة، وليس في ظل أوضاع مهترئة، أعتقد أننا نقول لأية إدارة شكراً لأنك مستمرة في ظل هذه الأوضاع، الفساد قديم ولم يولد اليوم، فما معنى أن نأتي للتكلم عن الفساد اليوم، ماذا سنضيف للرياضة إذا كانت منعدمة في الوزارة وصندوق النشء والاتحادات، وهل إذا أقلنا إدارة نادٍ ستنتعش الرياضة وسيكون هناك بطولات و.. و.. و.. النادي جزء من المنظومة الرياضية.. هذا كلام غير منطقي في ظل هذه الظروف.

  هل تشجع أبناءك على ممارسة الرياضة؟ وكيف تتمنى أن يكونوا؟
كل أب يتمنى أن يرى ابنه أفضل منه، وليس فقط صورة منه، وفي ظل هذه البيئة والظروف لا أرى أن يكون لهم طريق في كرة القدم إلا إذا تغير الوضع للأفضل، أتمنى لهم أن يتوفقوا بالشيء الذي يفضلونه، أحب أن أساعدهم في الأمور التي يودونها، فمثلاً أراد ابني حمزة (11 سنة) ممارسة الكاراتيه فساعدته وأعطيته المجال بلعب الكاراتيه، وابني صهيب (9 سنوات) يحب كرة القدم ومازال يتدرب معي ومع شقيقه.

  كلمة أخيرة كابتن جمال؟
أشكرك على جهودك وتعبك وحضورك لمنزلي، وأشكر صحيفة "لا" على تواصلها وإبرازها لذكريات نجوم الزمن الجميل، وأحب أن أقول للجمهور الرياضي في الوطن يؤسفني ما آلت إليه الرياضة في بلادنا على الرغم من أنها تستحق الأفضل، وأتمنى من القائمين على هذه البلاد مراعاة مصالح الناس، وأن يتنازلوا عن المطامع الشخصية والضيقة، كما أتمنى أن تنتهي هذه الحرب الملعونة، ويبدأ إعمار اليمن الأرض والإنسان.

بطاقـة نجــم
جمال محمد جابر الهمداني
- مواليد 3 نوفمبر 1971 - صنعاء
- متزوج ولديه ولدان وبنت
- ليسانس شريعة وقانون
- موظف بالهيئة العامة لاستكشاف النفط
- الرقم 10
وسط مهاجم