في هذا الأسبوع، قدّمت الأميرة "هيا"، الزوجة المنفصلة عن حاكم دبي، والأخت غير الشقيقة لملك الأردن، طلب الحماية في محكمة بلندن. وطلبت الأميرة "هيا"، التي فرت من الإمارات العربية المتحدة هربا من زوجها قبل بضعة أشهر، من المحكمة أن تمنحها حضانة طفلها وطفلتها اللذين فرا معها لإنقاذ الأخيرة من الزواج القسري، ولتحمي نفسها من العنف والمضايقة. ويأتي هرب الأميرة كحلقة في سلسلة هروب النساء العربيات الثريات من القصور والمنازل العربية الخليجية. وما يحدث في قضيتها قد يشكل سابقة لكيفية تعامل الغرب مع الهاربات الأخريات.
وتعد قضية الأميرة "هيا" ملفتة للنظر بشكل خاص، وكما كتبت "علا سالم"، وهي صحفية بريطانية مصرية، فإنها "كانت منذ فترة طويلة أكثر الأميرات شهرة وكانت معروفة على نطاق واسع بين زوجات حاكم دبي (الست). وغالبا ما كان يتم اختيارها من جانب زوجها لوظائف إقليمية ودولية، كما كانت تستقبل الشخصيات البارزة وتلقي الخطب، وكان كل ذلك غير عادي بالنسبة لزوجة حاكم في الخليج العربي".
وربما بسبب شهرتها، كما تفترض "علا"، استجاب زوجها لاختفائها عبر تحرك علني غير عادي؛ حيث نشر أحد أصدقائه قصيدة في وسائل التواصل الاجتماعي، يزعم أن حاكم دبي "محمد بن راشد آل مكتوم" هو من كتبها، تتهم امرأة ما بالكفر. وفصلت "علا" العاصفة الإعلامية التي رافقت هروب الأميرة "هيا"، والتي أظهرت "تباينا صارخا بين صورة دبي كمكان جذاب للأعمال التجارية الدولية، وواقعها كمكان غالبا ما تتعرض فيه المرأة لثقافة تمييزية ونظام قانوني ظالم.

ظاهرة فرار الأميرات
ولا تعد الأميرة "هيا" الوحيدة التي استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام مؤخراً؛ فقد فرت العديد من بنات العائلات المالكة في العالم العربي، بمن في ذلك الشيخة "لطيفة"، ابنة حاكم دبي نفسه، التي تركت رسالة فيديو تشرح محنتها قبل ركوب يخت فرنسي. وقد تم القبض عليها، وإعادتها قسرا إلى البلاد حيث تم وضعها قيد "الإقامة الجبرية العلاجية".
ورغم ما يبدو عليه الأمر من غرابة، ترى "علا سالم" أن متوالية فرار النساء الثريات في العالم العربي لا تعد أمرا مفاجئا. وتعاني معظم النساء في العالم العربي من الحرمان الاجتماعي. وعادة ما تفرض الأسر التقليدية قيودا صارمة على النساء؛ تشمل غرض الزواج من أفراد محددين، وتقليص الحرية التي يتمتعن بها خارج المنزل، وحظر الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والمنع من السفر والعمل والدراسة وحتى كشف الوجه. وبالنسبة للنساء الشهيرات، سواء كن من أفراد العائلات المالكة أو أي عائلات مرتبطة بالسياسة، يكون الأمر من نواح كثيرة أسوأ من ذلك.
وقد نُقل عن "هالة الدوسري"، الناشطة والباحثة السعودية البارزة، قولها: "بالنسبة إلى هؤلاء النساء، فإن هذه الحياة لا تطاق". وتوضح "علا" قائلة: "تحظى هؤلاء النساء بوسائل للعيش بطريقة مختلفة، ويتعرضن لنساء رفيعات المستوى من ثقافات أخرى. ومما يجعل الأمور أسوأ هو ذلك النفاق المتفشي، حيث تفضل العديد من العائلات العربية المتميزة أن تقدم نفسها للعالم الخارجي في صورة ليبرالية. فالأميرة لطيفة، على سبيل المثال، هي ابنة أحد أكثر الحكام العرب انفتاحا في الخليج العربي. لكن معاملته لبناته تتناقض مع تلك الصورة الدولية، ويرجع ذلك لأن حاكم دبي يرغب أيضا أن ينظر إليه رعاياه على أنه يتمسك بالقيم التقليدية".

ليست العائلات المالكة فقط
ولا تقتصر هذه الضغوط على العائلات الملكية بالطبع. وفي مايو/أيار، تحدثت الصحفية "لورا كاسينوف" مع امرأتين أخريين، وهما الأختان "وفاء" و"مها السبيعي"، حول هروبهما من العنف المنزلي في المملكة السعودية. ولقد تمكنت الأختان من الحصول على جوازات سفر في الرياض دون علم أسرتهما، وقامتا بشراء تذاكر الطائرة، وسافرتا من العاصمة السعودية إلى إسطنبول. وفي 1 أبريل/نيسان، في مطار الرياض، كسرتا بطاقات الهاتف الخاصة بهما لتجنب المراقبة. وتوضح "كاسينوف" أن هدفهما كان الوصول في النهاية إلى جورجيا، لأن المواطنين السعوديين لا يحتاجون إلى تأشيرات لدخولها.
ومن الصعب معرفة عدد النساء مثلهن، لكن "كاسينوف" تشير إلى أن "عدد طالبي اللجوء من السعودية قد تضاعف 3 مرات بين عامي 2012 و2017، ليصل إلى 800 حالة في جميع أنحاء العالم". وتختلف النظم القانونية في جميع أنحاء العالم حول ما إذا كان الاعتداء المنزلي يؤهل شخصا لطلب اللجوء. وكانت القضية قيد المراجعة بالفعل من قبل إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، "التي سعت إلى وقف تدفق طالبي اللجوء من أمريكا الوسطى. ومنذ عام 2014، بعد قضية تاريخية شملت امرأة "غواتيمالية" تم منحها حق اللجوء في الولايات المتحدة بعد فرارها من زوجها العنيف، أصبح العنف المنزلي معيارا مقبولا لوضع اللاجئ في الولايات المتحدة.
وفيما يتعلق بالسؤال الأهم حول لماذا يحدث كل هذا الآن، توفر الإصلاحات الأخيرة في المنطقة تفسيرا ما. وفي السعودية، حصلت النساء في الأعوام القليلة الماضية على الحق في قيادة السيارات، والوصول إلى الخدمات الحكومية دون إذن من ولي الأمر، في الوقت الذي شنت فيه السلطات حملة قاسية ضد القوى المحافظة. ونظرا لأن عمليات التحديث هذه تتم من أعلى إلى أسفل، وكثيرا ما تكون غير شعبية، يقع العبء الأكبر لإقناع المجتمع على عاتق النساء أنفسهن، وقد ثبت أن ذلك صعب للغاية.
المصدر: "فورين بوليسي"