ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين-

هيلين ديفيدسون وكريستوفر كناوس
أظهرت صور سرية أسلحة يتم شحنها إلى التحالف، رغم العقوبات المفروضة في المملكة المتحدة ومحاولة منعها من قبل الكونغرس الأمريكي.
في الأسبوع نفسه الذي أعلنت فيه محاكم المملكة المتحدة أن تصدير الأسلحة البريطانية إلى السعودية غير قانوني، غادرت سفينة ضخمة مشحونة بالأسلحة المتحكم بها عن بعد والمصنوعة في أستراليا مطار سيدني. 
تؤكد الصور الفوتوغرافية السرية -التي حصلت عليها "جارديان" الأسترالية- هوية المشترين، وهم حكومتا السعودية والإمارات، اللتان تشن قواتهما حالياً حرباً مدمرة في اليمن. وأيضاً كشفت بائعي ذلك العتاد الذي تفتخر وتتباهى الشركة المصنعة له بأنه يعزز "الميزة التدميرية الفتاكة" في القتال. 
الملصقات على الأسلحة المرسلة في يوليو إلى وزارة الداخلية السعودية، وتحديداً الإدارة العامة للأسلحة والمتفجرات، تحدد هوية البائع بأنه شركة "إي تي كي أليانس"، وهي شركة متخصصة في مجال الطيران والدفاع ومقرها في الولايات المتحدة تبيع المعدات التي تصنعها الشركة الأسترالية (إي أو إس) "إلكترو أوبتيكس سيستمز" (نظم بصرية إلكترونية). 
قامت شركة (إي أو إس) بنقل أنظمة الأسلحة إلى القيادة اللوجستية المشتركة للقوات الإماراتية المسلحة من مطار سيدني الدولي. 
تسمح محطة الأسلحة المتحكم بها عن بعد من طراز (آر 400 إس) للمدفعيات الصغيرة والمسدسات ومنصات إطلاق الصواريخ بحملها على مركبات خفيفة وعسكرية والتحكم بها عن بعد. 
وكان هنالك قلق كبير بشأن تصدير السلاح إلى تحالف الدول التي تشن الحرب في اليمن بقيادة السعودية. 
إن الحرب -التي بدأت في 2015- قد شردت أكثر من 3 ملايين شخص، وجلبت المجاعة والمرض على نطاق واسع، وسببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم. 
وكان قد تم اتهام السعودية وحلفائها بارتكاب جرائم حرب ومجازر عديدة، مثل حملات القصف العشوائي. 
في يونيو قدر عدد الأشخاص الذين قتلوا جراء الصراع بحوالي 100 ألف شخص، بينهم حوالي 11 ألفاً و700 تقريباً قتلوا في 4 آلاف و500 حادث تم فيه استهداف المدنيين بشكل مباشر. 
وفي مقابلة مع مجلة "تقنية الدفاع" في 2018، قال المدير التنفيذي لـ(إي. أو. إس)، بن غريني، إن محطات الأسلحة المتحكم بها عن بعد كانت "لعبة تغيير تواكب وتتغلب على التهديدات الحالية". 
وأضافت: "إن هذه التقنية المبتكرة تسمح للمرة الأولى لأنظمة مدفعيات 30ملم بالانتشار بدقة لا مثيل لها على المركبات الخفيفة، مما يعزز الميزة التدميرية بشكل خطير، وكذلك الحماية دون المساس بالتنقل وبأقل الخسائر". 
كان قد تم الكشف عن صفقة (إي أو إس) المربحة لنقل الأسلحة إلى الخارج من قبل إذاعة (إي بي سي) الأسترالية في السنة الماضية. ولم تؤكد الشركة هوية مشتريها، لكنها قالت إنه لم يتم نشر أي من منتجاتها في اليمن. 
وبعد تحول (إي أو إس) إلى صراع اليمن الذي بات جلياً للعامة، أصبحت هيئة التقاعد الأسترالية مفصولة من الشركة وبدأت عمليات البيع في أوائل مارس وتنتهي في الشهر الماضي. 
وفي رسالة موجهة إلى نائب حزب الخضر الأسترالي، دافيد شوبريدج، قال رئيس الشركة الاستثمارية (آي إف إم) وشركة الصناعة الخارقة غريغ كومبيت، إن المنظمة لن تعلق على الشركات الفردية، لكنها لاحظت "وقف" الاستثمار. 
قال كومبيت في الرسالة: "إن (آي إف إم) تستثمر في مجموعة من فئات الأصول وقطاعات الصناعة، وتدرك أن استثماراتنا قد تتعرض بشكل أساسي لمجموعة من عوامل الخطورة البيئية والاجتماعية والحوكمة. ولضمان أولوية النظر في هذه المسائل قبل الاستثمار، يملك مستثمرو (آي إف إم) مقاربة قوية لدمج عوامل الخطورة الثلاثة في عملية صنع القرار الاستثماري لدينا". 
قال كومبيت إن الصناعة الدفاعية في أستراليا والولايات المتحدة كانت "صارمة للغاية"، وكانت هذه الصناعة جزءاً مهماً من اقتصاد أستراليا. 
في الشهر الفائت وجدت محكمة الاستئناف التابعة للمملكة المتحدة أن الحكومة البريطانية فشلت في تقييم خطر سوء الاستخدام بشكل خاص، وبالتالي لم تحقق أي تقييم لأي نموذج سابق للانتهاكات التي يرتكبها التحالف بقيادة السعودية عند الموافقة على الصادرات. 
تدافع أستراليا عن صادراتها بشكل مشابه، حيث يتم تقديم كل طلب ترخيص للتحقق من مخاطر الاستخدام النهائي الـــذي قد يخرق قوانين حقـــوق الإنسان والالتزامات الدولية الأخرى. 
كــــــــــــــان الكونغرس الأمريكي منذ عدة أشهر في وقت سابق من هذا العام يحاول حظر بيع الأسلحة العسكرية للسعودية والإمارات، لاسيما بسبب قلقه من وقوع ضحايا مدنيين في اليمن. وفي مايو أعاق دونالد ترامب ذلك الحظر ليبدأ من جديد تمرير المبيعات. 
قال زعيم حزب الخضر الأسترالي، ريتشارد دي ناتالي، إنه في الوقت الذي كانت فيه بلدان أخرى تبيع الأسلحة إلى السعودية "تواصل أستراليا الاستفادة من الحرب على البلدين، بينما تبقى صامتة ومتجاهلة عمداً للمكان الذي تنتهي فيه أسلحتنا". 
وأضاف: "حان الوقت لإنهاء تجارة سلاحنا مع منتهكي حقوق الإنسان، وإنهاء الخطط الفاحشة لحكومتنا لجعل أستراليا تاجر سلاح عالمياً". 
كان توم هاملتون، نائب القائم بأعمال نائب وزير السياسة الاستراتيجية بوزارة الدفاع ومجموعة المخابرات، يخبر مجلس الشيوخ مراراً وتكراراً بأن جلسة ترخيص التصدير لن يتم الموافقة عليها إذا كانت الأسلحة ستستخدم في اليمن. 
وقال: "إذا قدرنا أنهم سوف أو على وشك انتهاك حقوق الإنسان، فلن نمنحهم الترخيص"، على الرغم من أن الحكومة الأسترالية اعترفت بأنها لا تقوم بفحص المنتج حين يغادر فيها البلد. 
ويدير صادرات السلاح من أستراليا فرع مراقبة الصادرات الدفاعية لوزارة الدفاع. 
وخول مسؤولون في وزارة الدفاع الأسترالية الشركات الأسترالية تقديم صادراتها، إلا أن إلغاءها حق للوزير فقط. 
وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع إن الصادرات كانت تخضع لعملية تقييم خطر صارمة تختبر التزامات أستراليا الدولية وفي السياسة الخارجية وحقوق الإنسان والأمن القومي والأمن الإقليمي. وقالت وزارة الدفاع إنها تشاورت حول صادرات السلاح ونظرت بعناية فيما إذا كان هناك خطر "التحويل". 
وقالت: "كجزء من هذه العملية، تقوم وزارة الدفاع بتقييم طلبات التصدير لتحديد ما إذا كان سيضر بالأمن أو بالدفاع أو بعلاقات أستراليا الدولية. هذا التقييم يشمل النظر فيما إذا كان هناك خطر من أن يتم استخدام القطع المصدرة في ارتكاب أو تسهيل سلسلة من انتهاكات القانون الدولي الإنساني. وكجزء من هذه الاعتبارات يمكن أن تشترط الوزارة أن يتعهد المستخدم النهائي بعدم نقل أو استخدام السلع أو التكنولوجيا لأغراض أخرى غير الغرض الأصلي المعلن عنه دون موافقة الدفاع". 
قالت وزارة الدفاع إنها تستطيع إبطال التراخيص أو التقرب من الحكومة الأجنبية إذا تم تحويل الأسلحة عن غرض استخدامها الأصلي. 
تم تعديل مستندات حرية المعلومات التي صدرت في العام الماضي على نطاق واسع، لكنها كشفت عن نقاشات داخلية مطولة حول طلب شركة لتصدير أنظمة الأسلحة المتحكم بها عن بعد. واقترحت وزارة الدفاع الموافقة، لأن من "غير المحتمل أن يتم استخدامها في انتهاك قانون حقوق الإنسان أو القانون الدولي". 
يتم تقييم الطلبات وفقاً لخمسة معايير: الالتزامات الدولية، حقوق الإنسان، الأمن القومي، الأمن الإقليمي، والسياسة الخارجية. 
ولغة المعايير ليست صريحة، حيث إن ثلاثة من تلك المعايير تدعو إلى التفكير في ما إذا كانت الأسلحة ستستخدم بطريقة تخالف الالتزامات. 
ووحدها معايير حقوق الإنسان والسياسة الخارجية تدعو إلى تجنب مخاطر واضحة قابلة للتحديد. 
قال تحالف مراقبة الأسلحة الأسترالي المشكل حديثاً، وهو مجموعة من جماعات المجتمع المدني، إن الصور أظهرت "مجموعة كاملة من التساؤلات" حول ما تم فعله بالأسلحة الأسترالية وأي الانضباطات أو التوازنات التي تم تعيينها لتجنب استخدامها في انتهاكات حقوق الإنسان. تقول كيلي ترانتر، وهي محامية تعمل مع هذا التحالف، إن انعدام الضمانات حول أن الأسلحة لن تستخدم في انتهاكات القانون الإنساني أمر "غير مقبول". 
قالت ترانتر: "يجب أن يعرف الأستراليون لمن ترسل حكومتهم الأسلحة، وكيف يتم استخدام هذه الأسلحة، وينبغي أيضاً أن يكون لديهم الضمانات الملموسة أن هذه الأسلحة لن تستخدم لارتكاب أو تسهيل انتهاكات القانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان". 
وقالت إن قرار محكمة المملكة المتحدة وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية أظهر أيضاً "احتمالية" أن أستراليا كانت أيضاً تفشل في بذل الجهود لمعرفة أين يتم استخدام أسلحتها في نهاية المطاف. 
قال رئيس ائتلاف رقابة الأسلحة وناشط حملة إنقاذ الطفولة إن أستراليا لا يمكن أن تغض الطرف بعد اليوم عن الدور الذي تلعبه الأسلحة الأجنبية في الحرب التي في اليمن. 
وقال: "إنه أمر لا يمكن تصوره، أن الصادرات الدفاعية الأسترالية الصنع يمكن أن تساهم في تفاقم الانتهاكات في الحرب في اليمن، والتي خلفت أكثر من 22 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية للعيش، بينما حوالي 85 ألف طفل ماتوا من آثار الحرب بما فيها المجاعة". 

 • تم التواصل مع (إي أو إس) ووزارة الدفاع الأسترالية للتعليق على هذا الموضوع. 
"ذا جارديان"، 25 يوليو 2019