علي نعمان المقطري / لا ميديا -

منذ مطلع العام الحالي تجري تطورات متسارعة على جبهات العدوان وفي مؤخراته وقواعده، كنتيجة من نتائج هزائمه المتوالية في جميع الجبهات المشتعلة، وعلى الخصوص جبهة الساحل الغربي وجبهة الضالع وجبهات الحدود الشمالية الملتهبة.

نتائج وتداعيات انكسارات الحديدة والساحل الغربي
أدت انكسارات العدو في الساحل الغربي والحديدة، التي توالت لأكثر من عامين متواليين، إلى قلب ميزان الحرب العسكرية رأسا على عقب، حتى أضحى الهم الأول للعدوان في الساحل الغربي هو تحقيق التراجع الآمن إلى الخلف ووقف إطلاق النار، لإنقاذ القوات العدوانية المطوقة حول الحديدة وتراجعها إلى مناطق آمنة.
وجاء اتفاق ستوكهولم ديسمبر 2018 ليعكس توازن الوضع العسكري القائم لصالح الجيش واللجان الشعبية، واضطر العدوان إلى قبول الاتفاق. وقد شكل الاتفاق صدمة سياسية جديدة للعدوان، بعد أن فشل في محاولة تفسير نصوصه بشكل متعسف ومزور بتعاون من المشرف السابق لتنفيذ الاتفاق. وكانت الصدمة أكبر عندما اضطر غريفتث إلى الالتزام بقواعد المهنية والاعتراف ببطلان محاولات الالتفاف على الاتفاق حول الحديدة.
عانى مرتزقة الإمارات الانفصاليون الصدمة الأكبر، بسبب ما قدموه من ضحايا خلال الثلاثة الأعوام المتوالية، حيث تحمَّلوا -هم وليس هادي وقواته- أعباء المعارك لقاء وعود موهومة بتسليم الجنوب لهم لقمة سائغة يأكلونها تمهيدا لسلخه نهائيا عن الهوية اليمنية. فقد أرادوا احتلال الساحل الغربي واستخدامه كورقة مقايضة تفاوضية لإجبار اليمن على القبول بسلخ الجنوب مقابل إعادة مهينة للحديدة بدون باب المندب وجزيرة ميون، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي سفنهم، ونتائج المعارك قد أتت بالمرارة والخسارة والخذلان وعشرات الآلاف من القتلى والمصابين وتدمير آلاف العربات والمدرعات والدبابات والمدافع. هكذا تكرست حالة الهجوم اليمني الكبير المضاد، وحالة التراجع الاستراتيجي للعدوان على الساحل، مما جعله أمام انهيار عام، واضطره ذلك إلى المناورات السياسية وتقديم التنازلات وعقد جولة من المشاورات في السويد والحديث عن السلام. وقد أراد العدو من ذلك أن يكسب الوقت والمزيد منه لإعادة تنظيم قواته وتعويض معداته ومداواة معنوياته وتجييش المزيد من مرتزقة الجنوب والجنجويد السودانيين.

أسياد الحروب البرية والجوية والبحرية
بعد كسرها السيادة البرية لقوى العدوان، كسرت قوات الجيش واللجان سيادتهم الجوية والبحرية، وذلك من خلال استمرار التطوير والتصنيع الاستراتيجيين للمزيج من الصواريخ كـمَّاً ونوعاً، والطائرات المسيّرة، حتى صار للجيش اليمني ولجانه الشعبية المهاب ما يعرف بالسلاح الجوي والسلاح الصاروخي عن حق وليس مبالغة إعلامية، فقد أثبت في الميدان أنه يشكل تهديداً خطيراً وفعلياً للطيران العدواني بأنواعه، وقد اعترف العدو الأمريكي مراراً من خلال متحدثيه بالتهديد المتنامي للطيران العدواني مثلما هو تهديد لبحرية العدوان أيضاً.

يدٌ تقاتل ويدٌ تصنع وتطوِّر
هذه التحولات حققتها وحدة التصنيع العسكرية اليمنية خلال الأعوام الماضية أثناء الصراع والحرب. وعندما لم يستخلص العدو الدروس جيداً خلال المشاورات وبعدها، قررت قوات الجيش واللجان وقيادتها الثورية أن تُذيق العدو شيئاً من مراراته، حيث شنَّت مجموعة من الضربات الصاروخية والطيرانية المسيَّرة على أهداف منتخبة بدقَّة، واكبتها بيانات وتصريحات سياسية تولاها ممثل الوفد الوطني ومتحدث القوات المسلحة وقيادات أخرى، تبين الجوهر الأساسي للضربات وتشرح رسالتها وفحواها وأهدافها، وتساعد العدو على أن يفهم ويدرك المقاصد الاستراتيجية والسياسية التي أراد أن تصل إليه وإلى قواعده، وأن توضع في السياق المناسب للأحداث، وبهذا نقلت قوات الجيش واللجان الشعبية المعركة من الأرض إلى الجو والفضاء والبحار، التي كانت حكرا على العدو وحده.
ويمكن التذكير بأهم الضربات الصاروخية والمسيّرة الجديدة التي شهدتها فقط الأشهر الأخيرة من العام الحالي.
ضربة العند المزلزلة التي دمرت العديد من أبرز القيادات العسكرية للمرتزقة خلال حفل كانت تقيمه قيادة العدو في القاعدة المحصنة، ضرب مقر قيادة العدوان الإماراتي في البريقة في عدن، ضرب قاعدة عباس البحرية في لحج، استهداف ميناء جيزان، استهداف مطارات خميس مشيط أهم القواعد العسكرية للعدوان، استهداف مطارات الرياض وأبوظبي، استهداف المنشآت النفطية في ينبع والبقيق والظهران والطائف، وإسقاط عدد من الطائرات العدوانية المسيّرة والتجسسية والقتالية في عدد من الجبهات وآخرها أسقطت قبل أيام فوق ميناء الحديدة.
أهم التطورات الصاروخية والمسيَّرات تمت خلال العام الخامس ومع نهاية العام الرابع للعدوان وفق ما أكدته قيادة الثورة وسمَّته "عام الصواريخ".
كما أشار الأخ وزير الدفاع أكثر من مرة إلى أن الجيش اليمني قد شارف على إنجاز سلاح صاروخي يقضي على قدرة العدو في السيطرة على المجال الجوي والبحري، وهو يعني ما يقوله تماماً، ونفهم الآن أنه يقصد صواريخ من أنواع مختلفة مضادة للطائرات والسفن وبمديات مختلفة.
أراد العدو أن تكون الحرب كارثة على اليمنيين، فصارت بفضل من الله نعمة وحسنة ووسيلة وفرصة لاقتحام مجالات التقدم والتطور وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتحرر والاستقلال والسيادة.

إسبات الباتريوت.. لمن تُقرع الأجراس؟
تكرار الضربات للمطارات السعودية الحربية المغزى الأهم منها تثبيت المعادلات الجديدة التي فرضها التطور الاستراتيجي اليمني الذي تحاول الأوساط العدوانية تجاهله كأنه لم يكن، وإن حدث فهي صدفة ساعدت اليمنيين أو سحر لم يفهم كنهه بعد.
والحقيقة التي تحاول قيادة العدوان الهروب منها هي أن لا الصواريخ ولا الباتريوتات الأحدث في العالم قادرة على حماية أجوائهم من صواريخنا وطيراننا المسيَّر، مهما حاولوا شراء آخر التقنيات، فليس هناك من علاج لهم إلا الخضوع للقانون والمنطق. والحقيقة أن تكرار الضربات خلال ساعات ولنفس المطار والموقع قول صريح وإنذار بليغ بعبارات واضحة جلية موجهة للشعب العربي في الجزيرة العربية المخطوفة والمحتلة أن بني سعود وبني يهود لا يمكنهم توفير الأمن والسلم ماداموا يعتدون علينا، وأنه صار بإمكاننا استهداف المناطق التي نحددها مهما كانت درجات تسليحها، وأن على الشعب العربي صاحب المال والمصير هناك أن يُسمع صوته لحكامه المجرمين، وأننا لن يطول صبرنا على إغلاق مطاراتنا وقتل شعبنا المدني المسالم من قبل صواريخ بني سلول وعيال زايد وطائرات بني يهود، وأن القانون والمنطق يمنحنا الحق في قصف ما يقابل كل مرفق وكل نقطة وكل عمارة ومعمل ومدرسة ومستشفى ومنشأة قُصفت في بلادنا، فهي أهداف مشروعة وفقا لمبدأ السن بالسن والعين بالعين والجروح قصاص والبادئ أظلم، فالأيام دول والتغيير والتبديل سنة الله في الكون، ومعاقبة المجرمين حتما آتية مهما طال الزمن. ما نقوله هنا هو قول المؤمن القوي القادر، لا قول اليائس الضعيف الذليل المرتهن. اللهم إنا أنذرنا وبلغنا، اللهم فاشهد عليهم وعلينا وأنت خير الشاهدين وخير الحاكمين العادلين.