شايف العين / لا ميديا-

يعاني الوطن ومؤسساته في مناطق السيطرة الوطنية من أزمة اقتصادية خانقة بفعل الحصار الذي فرضه تحالف العدوان الأمريكي السعودي منذ أكثر من 4 أعوام، لاسيما المناطق غير الخاضعة لسيطرته.
وتمتد هذه المعاناة لتشمل كل جهة ومؤسسة اتخذت موقف المناهضة للعدوان ومرتزقته، واصطفت بجانب الوطن وشعبه، أبرزها وسائل الإعلام الوطنية التي تبذل جهدها الأكبر بأقل الإمكانات لمواجهة ترسانة العدو الإعلامية الضخمة والهائلة. 
فوسائل الإعلام الوطنية تفتقر إلى الدعم المالي كون العدو ومرتزقته يشنون حرباً اقتصادية بكافة الوسائل، ولعل من الركائز الأساسية والهامة التي تقوم عليها وسيلة إعلامية ما، هي الإعلانات، خصوصاً إن كانت تلفزيونية.
الغريب في الأمر أن هذه الركيزة حاضرة في وسائل الإعلام الموالية للعدوان، وغائبة عن التي تقع في الطرف المقابل المناهض له، ومن السهل ملاحظة هذه المفارقة.
وما يبعث على الامتعاظ هو أن الإعلانات التي تعج بها شاشات فضائيات المرتزقة الموالية للعدوان، تتبع شركات ومؤسسات ومصارف تقع مقرات عملها الرئيسية في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، وتكسب أموالها من المواطنين في تلك المحافظات، لتظهر صورة جديدة من صور الارتزاق والخيانة. 
ويمثل شهر رمضان من كل عام موسماً ربحياً لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة في العالم العربي، بما تتحصل عليه من مبالغ مالية باهظة من قبل الشركات المعلنة والراعية للبرامج والمسلسلات.
وفي ما يخص الفضائيات والصحف اليمنية فقد انقسمت الى قسمين؛ الأول لم تشهد مسلسلاتها وبرامجها ورسائلها أية رعاية أو دعم إعلاني، وتتمثل في القنوات والصحف الرافضة للعدوان والمناهضة له، والثاني اكتظت بالإعلانات والشركات الراعية، وتتمثل في القنوات الموالية للعدوان والتابعة لمرتزقته.
رصدت صحيفة "لا" بعض القنوات والصحف التابعة للمرتزقة، وظهرت فيها شركات معلنة وراعية لمسلسلاتها وبرامجها ورسائلها التي تخدم العدوان بشكل مباشر وغير مباشر، ومنها قناة "يمن شباب" وقناة "سهيل" وصحيفة "عدن الغد". 
ومن المعلنين في هذه الوسائل الذين تم رصدهم وبعضهم لازالت تظهر إعلاناته إلى الآن، شركة "شفاكو" للصناعات الدوائية، ومقرها الرئيسي يقع في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، وكذلك وكلاء منتجات خارجية كحفاظات الأطفال "كونفي" وإعلاناتها في قناة "سهيل".
وفي قناة "يمن شباب" يعد مصرف الكريمي من أبرز المعلنين الذين ظهروا على شاشتها في شهر رمضان، وأبرز الرعاة لمسلسلاتها وبرامجها، كذلك مطاعم ريماس بلازا وبعض المستشفيات في محافظة إب كانوا من ضمن الرعاة.
أما صحيفة "عدن الغد" فتمتلئ بإعلانات لشركات تجارية ومستشفيات تقع في المناطق المحتلة، وأخرى مراكزها الرئيسية في صنعاء، كشركة NTM للاتصالات ومعهد أميديست للغات. 
في المقابل، خلت البرامج والمسلسلات التي عرضت في القنوات الوطنية من أي إعلانات لتلك الشركات أو رعاية، حيث قدمت رسالتها المواجهة للعدوان بالاعتماد على أقل الموازنات، وكذلك تخلو الصحف الصادرة في مناطق السيطرة الوطنية من إعلانات لتلك الشركات الآنف ذكرها. 
واعتبر محللون الشركات والكيانات التجارية التي تتهافت للإعلان في فضائيات المرتزقة، مساهمة في تمويل الرسائل التي تقدمها تلك الوسائل، وتخدم العدوان ومشاريعه. مؤكدين أنه لا يمكن وضع مبررات لتلك الشركات، ولا يخلو حالها من أمرين، الأول أن ملاكها من قيادات المرتزقة أو على شراكة معهم، والثاني أنها لا تريد تصنيفها مع القوى الوطنية، والسبب أنها ترى مصالحها مع الطرف غير الوطني الموالي لتحالف العدوان. 
ومن اللافت أن فضائيات المرتزقة تحظى بموازنات هائلة ودعم مالي من تحالف العدوان، وليست بحاجة الى معلنين أو رعاة، كونها لا تعيش الظروف الصعبة التي تعيشها وسائل الإعلام الوطنية.
يقول الصحفي زيد الغرسي إن قيام التجار بالإعلان في قنوات المرتزقة لا يخلو من أمرين: الأول أنها فرضت عليهم فرضاً من قبل ما تسمى الشرعية، بحكم أن منتجاتهم وبضائعهم تدخل من المنافذ التي تتحكم بها دول العدوان، وبالتالي ليس لهم سوى الخضوع لهذه الضغوط، والثاني وكما يعرف الجميع فإن أغلب التجار والشركات والمؤسسات تابعة لكبار قيادات المرتزقة، وبالتالي فطبيعي أن يعلنوا في قنواتهم لدعمها، وهذا هو الأقرب بالنسبة لي.
ويستنكر الكثيرون إقدام شركات ومؤسسات تجارية ومصرفية تعمل في صنعاء ومناطق سيطرة الجيش واللجان، وتحصل على أموالها من المواطنين في هذه المحافظات، على تمويل إعلام المرتزقة عبر الإعلان فيها ورعاية خططها البرامجية، في الوقت الذي لا تقدم فيه أي تمويل يذكر لوسائل الإعلام الوطنية. 
ويرى الغرسي أن سببين رئيسيين يقفان وراء عدم إعلان تلك الشركات والكيانات التجارية في وسائل الإعلام الوطني، الأول يتمثل في عدم تحرك هذه الوسائل لتنشيط إيراداتها المالية من الإعلانات، وخاصة القنوات الرسمية التي لا تستطيع التحرك إلا عبر المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، وهذه المؤسسة جامدة في هذا الموضوع، والسبب الثاني أن أولئك التجار لا يرغبون ولا يريدون الإعلان في القنوات الوطنية حفاظاً على مصالحهم مع تحالف العدوان وحكومة مرتزقته. منوهاً إلى نقطة مهمة بحسب رأيه وهي ملاحظة أن إعلانات المؤسسات الرسمية كانت مخصصة لوسائل إعلام المؤتمر فقط، ومحظورة على بقية الوسائل، لأنها محسوبة على أنصار الله أو غيرهم من الأطراف الوطنية، خاصة وأن أغلب قيادات تلك المؤسسات من المؤتمر ولازالوا يتعاملون بنظرة الحزبية وليس بنظرة الدولة.
ويتساءل الوسط الإعلامي الوطني عن سبب تقاعس المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ في وضع حد للمهزلة التي تقوم بها بعض الكيانات التجارية من داخل عاصمة الصمود، برعاية وتمويل فضائيات إعلام المرتزقة.