تقـريـر: مارش الحسام / لا ميديا -

لم يجد عدد من الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج، مخرجاً آخر سوى الموت، إما بمشنقة نصبوها لأنفسهم، أو بقذف أجسادهم من برج سكني شاهق، ربما آخرون سيفضلون تجرع السم بدلًا من تجرع المهانة في بلاد الغربة.
تكررت حوادث انتحار الطلاب اليمنيين في أكثر من دولة، منها الهند وألمانيا والجزائر وماليزيا، وذلك نتيجة للأوضاع المأساوية والظروف الصعبة والمعاناة الإنسانية التي يتعرضون لها نتيجة لانقطاع المنح المالية وتأخرها بصفة مستمرة لأشهر، بجانب حالات الفساد الدبلوماسي الكبير في سفارات اليمن بالخارج التي تخلت عنهم في أحلك الظروف، وهو ما حول حياتهم الى جحيم، أثر على نفسيتهم وتحصيلهم العلمي، ودفع البعض للانتحار.  

السفارة القاتلة
أثارت حادثة انتحار الطالب اليمني المبتعث للدراسة في الهند محمد عثمان علي دجيرة (24 عاماً)، سخطاً شعبياً واسعاً في الشارع اليمني وعلى منصات التواصل الاجتماعي، التي تناولت مأساة الشاب العشريني الذي يدرس إدارة أعمال بالجامعة العثمانية بمدينة حيدر أباد الهندية، والذي أقدم على الانتحار شنقاً في شقته بمنطقة أندرا براديش بولاية حيدر أباد، نهاية مايو الماضي.
الشاب دجيرة الذي ضاقت به السبل بعد انقطاع مستحقاته المالية التي لم يتسلمها منذ عدة شهور، وبعد أن وجد نفسه مطلوباً أمنياً وملاحقاً من قبل الشرطة بسبب انتهاء إقامته، وبعد أن تخلت عنه سفارة بلاده التي لجأ إليها مستغيثاً، صار المستقبل الذي ينشده يتلاشى إلى سراب، ومصيره هو الذهاب إلى السجن بدلاً من الجامعة، أما إذا حالفه الحظ في سجنه في أحسن الظروف، فإن مصيره الترحيل إلى بلاده دون إكمال تحصيله العلمي.
وقد تداول ناشطون، صوراً لرسائل من الطالب دجيرة للسفير اليمني لدى الهند عبدالملك الإرياني، والقنصل محمد الشرعبي، عبر تطبيق «واتساب»، ناشدهما فيها حل قضيته، غير أنه لم يتم الرد عليه، وتم تجاهل كل توسلاته ورسائله. ووجه الطلاب اليمنيون في الهند أصابع الاتهام بقتل دجيرة إلى السفارة.

 مسلسل الانتحار
تعتبر حادثة انتحار دجيرة هي ثالث حالة مأساوية لطالب يمني في الهند، حيث سبق أن عُثر على جثة طالب الدراسات العليا موسى الوجيه مقتولاً، في أكتوبر 2016، قرب العمارة التي يقع فيها مسكنه بمدينة جايبور بولاية راجستان الهندية، في ظروف غامضة.
وفي الهند أيضاً، أقدم طالب الدراسات العليا خالد محمد عثمان نايف، على الانتحار شنقاً في مسكنه الواقع بولاية شينتور الهندية، في فبراير 2018، بعد أن بات عاجزاً عن تحمل الظروف المعيشية بسبب انقطاع مستحقاته المالية لأكثر من عام. 
ولنفس الأسباب، ولكن في دولة أخرى، وهي ماليزيا، أقدم الطالب اليمني إبراهيم صلاح صالح العيسائي الذي يدرس في جامعة «آبت» الماليزية، على الانتحار، وذلك بإلقاء نفسه من أعلى برج سكني، وذلك في مطلع شهر فبراير 2019م.
وأفادت التحريات الماليزية بأن الضحية يعاني من ظروف مادية صعبة، وأنه غافل زملاءه في السكن، وألقى بنفسه من الطابق العشرين.
وتعد هذه الحادثة هي الثانية التي يقدم فيها طالب يمني على الانتحار في ماليزيا خلال أقل من عام، ففي منتصف مايو من العام 2016م أقدم طالب يمني يدعى هزام الرداعي على الانتحار، وذلك بإلقاء نفسه من الطابق العاشر من برج سكني في العاصمة كوالالمبور.

انتحار 2 في الجزائر
عقب أسبوع من انتحار الطالب إبراهيم العيسائي في ماليزيا، أقدم طالب يمني آخر على الانتحار، وبنفس الطريقة، ولكن في الجزائر، ففي شهر فبراير من العام 2017م انتحر الطالب اليمني محمد الذمراني (21 عاماً) بعد أن رمى نفسه من الطابق الثالث لمبنى السكن الجامعي التابع لجامعة قسنطينة في الجزائر، بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها نتيجة تأخر صرف مستحقاته المالية.
وسبق أن شهدت الجزائر حادثة انتحار لطالب يمني في العام نفسه، ولنفس الأسباب، حيث أقدم الطالب أحمد مثنى على الانتحار شنقاً، في مارس 2017م.

يترك رسالة قبل انتحاره 
هشام العامري الطالب في جامعة " HTW berlin" الألمانية، اختار شهر أغسطس 2017م موعداً للانتحار، والمكان مقر سكنه بمدينة برلين، بسبب وضعه المالي وعجزه عن دفع تكاليف الدراسة. وقال مصدر في الجالية اليمنية ببرلين، إن الطالب العامري أقدم على الانتحار في سكنه بعد تركه رسالة بأنه سينتحر.

نقل البنك
وأما انتشار ظاهرة انتحار الطلاب اليمنيين في الخارج مؤخراً، فإن الكثير من المحللين يرون أن السبب الرئيسي لها يكمن في نقل البنك المركزي الى عدن، وقيام حكومة المرتزقة بقطع مستحقاتهم المالية لأشهر، وهو ما اعتبره كثيرون قتلًا عمدًا بحق الطلاب اليمنيين.

فساد السفارات
كما أن حالات الفساد الكبير في سفارات اليمن، فاقمت من معاناة الطلاب اليمنيين في الخارج، الذين يواجهون عدداً من المشاكل في بلدان المهجر، أبرزها يتعلق بتجديد الإقامة، في ظل تقاعس السفارات والقنصليات اليمنية، عن حل مشاكلهم التي يواجهونها مع الأمن ومكاتب الهجرة والإقامة في تلك الدول.

أنتم السابقون ونحن اللاحقون
وإذا كان عدد من الطلاب اليمنيين قد أقدموا على الانتحار في بلدان مختلفة، فإن أغلب الطلاب اليمنيين في دول الابتعاث مستمرون في اعتصاماتهم، كما هو حاصل في ألمانيا وروسيا وماليزيا والمغرب وبولندا وبقية البلدان الأخرى، والتي تشهد احتجاجات للطلاب اليمنيين واعتصامات في السفارات اليمنية في تلك الدول، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة، والإسراع بسداد أقساط الدراسة إلى الجامعات التي يدرسون فيها، حتى لا يكون مصيرهم نفس مصير من سبقوهم.

9 آلاف طالب في 38 بلداً
يبلغ عدد الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج، أكثر من 9 آلاف طالب وطالبة، موزعين على 38 بلداً حول العالم، بحسب المنسقية الإعلامية لرابطة الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج.