شايف العين / لا ميديا-

استخدم تحالف العدوان الأمريكي السعودي كل ما هو متاح أمامه لسفك دم أبناء الشعب اليمني وتجويعهم عبر آلات الحرب العسكرية والاقتصادية، مرتكباً بذلك مجازر غير إنسانية خلفت مأساة إنسانية وصفت بالأسوأ على الإطلاق.
في المقابل استطاع أبطال الجيش واللجان الشعبية الصمود عسكرياً أمام هذا التحالف الكوني، وتجاوزوا ذلك إلى إلحاق هزيمة فادحة به، ما اضطره إلى الدفع بورقته الاقتصادية وشن حرب قذرة استهدفت الاقتصاد الوطني، فسيطر على الثروات ودمر البنى التحتية والانتاجية ونقل البنك وحارب العملة لعلمه أن الأنظمة السابقة التي اندرجت تحت مظلة وصايته لم تصنع درعاً اقتصادية للبلد كما صنعتها لنفسها.
ومن أوجه الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان، جعل اليمن بشكل عام ومناطق سيطرة القوى الوطنية بالخصوص سوقاً استهلاكية لمنتجاته بأنواعها، مستفيداً من عدة عوامل جعلته يجني جزءاً من تمويل حربه من هذه الورقة.


استغلال السيطرة على المنافذ لاحتكار السوق
استغلت السعودية والإمارات الشريكتان في تحالف العدوان سيطرتهما على كافة المنافذ، لاسيما البرية، في حصر اليمن كسوق لمنتجاتهما فقط وبعض منتجات الدول المشاركة معهما في العدوان.
وأتت هذه الخطوة بعد تدمير كافة المصانع الإنتاجية في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية، ومنع سلع البلدان غير المشاركة في العدوان من دخول اليمن، حرصاً من الدولتين المعاديتين على ضمان عدم وجود بدائل للسلع التي تصدرانها إلى السوق المحلية.
محمد يحيى عبدالكريم، وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع الخدمات في حكومة الإنقاذ الوطني، يؤكد محاصرة السعودية والإمارات للسلع الواردة من البلدان الرافضة للعدوان، أمثال سوريا وإيران، عند المنافذ، ومنعها من الدخول، ولا تسمح سوى لمنتجاتها ومنتجات الدول المشاركة معها في العدوان أمثال السودان.
وأشار وكيل قطاع الخدمات في حديثه للصحيفة إلى أن تحالف العدوان حظر أكثر من 400 سلعة من دخول السوق المحلية، أغلبها أدوية ومعدات طبية، جاعلاً إياها سوقاً فقط لمنتجاته التي تعد من الكماليات لا الأساسيات. 
المحلل الاقتصادي رشيد الحداد يقول في حديثه لـ"لا": "حولت دول التحالف السوق اليمني إلى سوق استهلاكي لصادراتها من السلع والمنتجات، وذلك بعد أن استهدفت المصانع اليمنية، وشددت القيود على دخول معظم المواد الأولية الأساسية للتصنيع". 

قرابة مليار دولار قيمة السلع السعودية والإماراتية في السوق المحلي
تتركز الكثافة السكانية في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية، وهذا جعلها أكثر استهلاكية من المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال ومرتزقته، وبالتالي هدفاً لحرب العدوان الاقتصادية.
وبحسب تقارير منظمة التجارة العالمية ومعلومات حصلت عليها الصحيفة من مصادر خاصة بوزارة الصناعة والتجارة، بلغ إجمالي واردات السوق المحلية من البضائع السعودية والإماراتية 825 مليون دولار خلال عام 2017.
وحصلت المنتجات السعودية على النصيب الأكبر والمتمثل في 423 مليون دولار لـ185 سلعة ومنتجاً توزعت بين مواد غذائية ومواد بناء وسباكة وقطع غيار السيارات والمواد القرطاسية بأنواعها، وغيرها الكثير من الصادرات الى السوق اليمنية.
أما المنتجات الإماراتية فبلغ إجمالي استيرادها في ذات العام 402 مليون دولار لحوالي 490 صنفاً من المنتجات توزعت بين المواد الغذائية بأنواعها والفواكه والمنظفات ومواد السيراميك والملابس والجلديات وإطارات السيارات والنصيب الأكبر لمواد المشتقات النفطية. 
ويبلغ عدد التجار الوكلاء الذين يستوردون تلك البضائع من 4 إلى 5 فقط، وفق حديث وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع الخدمات.

سحب العملة الصعبة الهدف من وراء المخطط
يسعى العدو السعودي والإماراتي من وراء هذه الورقة إلى تحقيق مكاسب كبيرة بضرب الاقتصاد الوطني في مقتل. ويرى رشيد الحداد أن مساعي كلا الدولتين لإغراق السوق المحلي بالسلع والمنتجات الخاصة بهما، الهدف منها سحب العملة الصعبة من جانب وتسويق منتجاتهما من جانب آخر. 
وبالنظر إلى مبلغ البضائع المستوردة قبل عامين، وهي الإحصائية الأخيرة التي توفرت لدينا، فتحالف العدوان السعودي والإماراتي سحب قرابة مليار دولار من العملة الصعبة من السوق المحلية والجزء الأكبر منها كان من مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية كونها الأكثر كثافة سكانية. 
ويضيف خبراء اقتصاديون أن السعودية والإمارات تريدان تغطية جزء من تكاليف العدوان على اليمن من خلال نهب ثرواته النفطية، والجزء الآخر من خلال احتكاره كسوق لمنتجاتهما التي رفعتا من مستوى تصديرها إليه. 

لا حلول سوى إيجاد البدائل
يصعب الجزم بوجود حلول اقتصادية لمعضلة البضائع السعودية والإماراتية التي تكتظ بها الأسواق في العاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرة القوى الوطنية، بسبب تدمير العدوان كافة مصانع الغذاء واستمرار الحصار المفروض على البلاد براً وبحراً وجواً. 
رشيد الحداد يتحدث عن الموضوع بقوله: "استخدام هذه الورقة في سياق الحرب الاقتصادية أصبح التعاطي معها غير متاح لانعدام وجود البدائل حالياً، كانت هناك مطالب منذ 4 سنوات بوقف صادرات الرياض وأبوظبي إلى السوق المحلية، وبعد دراسة استدعت الضرورة العدول عن أي قرارات تمنع دخول تلك السلع للسوق المحلي". 
وينوه إلى وجود سببين دفعا القيادة للعدول عن منع بضائع الرياض وأبوظبي من الدخول؛ الأول يتمثل في أن منافذ دخول تلك البضائع خارج سيطرة صنعاء، والثاني هو عدم وجود بدائل حالياً في ظل تحكم التحالف بالمنافذ وربط ملف الاستيراد عبر لجنة اقتصادية في عدن تتبع قوى الاحتلال ومرتزقتها.
وكيل وزارة الصناعة والتجارة محمد يحيى عبدالكريم، يتفق مع ما قاله الحداد بخصوص عدم القدرة على منع دخول البضائع السعودية والإماراتية، غير أنه كشف أن حكومة الإنقاذ اتجهت عام 2017 إلى مقاطعة غير معلنة لتلك البضائع، كما أنها اتخذت حزمة من الإجراءات المستمرة في تصعيدها كرفع التسعيرة الجمركية على تلك البضائع للضغط على الناس للعزوف عن شرائها والاتجاه نحو المنتج الوطني ولو لم يفِ بالغرض.
كما أكد الوكيل تشجيع الحكومة ودعمها للابتكارات والمبدعين الذين أوجدوا بعض البدائل ويواصلون عملهم بجهد، وتدعو من لديه فكرة أو بديل لتقديمها إلى الوزارة لمناقشتها ودعمها بهدف التنفيذ. 
بعض المراقبين يرى أن الحل يكمن في الاتجاه نحو صناعة بدائل في الداخل كالصناعات الغذائية الخفيفة وما أمكن، ومحاولة استيراد المشتقات النفطية من سلطنة عُمان كونها غير شريكة في تحالف العدوان الأمريكي السعودي على الوطن.