ترجمة خاصة لـ موقع لا ميديا: محمد زبيبة

أليكس كين  
وصلت بريانكا موتابارثي، الباحثة في منظمة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش)، إلى سوق في مديرية مستبأ اليمنية في 28 مارس 2016، لترى حفراً كبيرة ومباني مدمرة وحطاماً وقطعاً من الملابس وأشلاء بشرية صغيرة. لقد قصفت طائرة حربية السوق, قبل أسبوع، بصاروخين موجهين. وبحسب تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" فإن الصاروخين سقطا حوالى ظهر 15 مارس، وأسفر عنه مقتل 97 مدنياً، بينهم 25 طفلاً.
وقال محمد يحيى، منظف السوق، لـ"هيومن رايتس ووتش": "شعرنا في الضربة الأولى أن العالم قد امتلأ بالدماء... لقد تناثر جميع الناس هناك إلى أشلاء، وكانت أطرافهم منتشرة في كل مكان". لقد أصيب محمد بشظية من الصاروخ الثاني، أثناء اندفاعه نحو المكان لإسعاف الجرحى: "لم يكن قد مضى أكثر من خمس دقائق بين الضربة الأولى والثانية. لقد كان الناس يُخرجون المصابين، وأصابت الضربة الجرحى وقتلتهم. وكنت أسمع طائرة تحوم فوقنا".
وتقوم السعودية، واحدة من أغنى دول العالم، بقصف اليمن، خامس أفقر دولة في العالم، منذ عام 2015 – بدعم من الولايات المتحدة. ومهمتهم هي الإطاحة بالحوثيين، وهي حركة سياسية مسلحة أطاحت بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حليف السعودية، في فبراير 2015. فقد خشيت السعودية (ملكية سنية مع أقلية شيعية مضطهدة) من أن تمثل الحركة الحوثية في اليمن (الزيود، طائفة شيعية) ذراعاً لخصمها الإقليمي، إيران، في محاولة لفرض قوة في حدودها الجنوبية. وفي حين أن الحوثيين لم يكونوا يوماً تحت سيطرة إيران إلا أنها تزودهم بالسلاح.
وقد وضعت الولايات المتحدة بإدارة الرئيس باراك أوباما، والآن إدارة الرئيس دونالد ترامب، وضعت قوتها العسكرية وراء التحالف الذي تقوده السعودية، ملوحة بحرب دون تصريح الكونجرس. ولقد دمرت تلك الحرب البنية التحتية لليمن، ودمرت وتضررت أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن، وقتلت أكثر من 8,350 مدنياً، وجرحت 9,500 آخرين، وتسببت بنزوح 3.3 مليون شخص، وأحدثت كارثة إنسانية تهدد حاليا حياة الملايين مع انتشار الكوليرا والمجاعة عبر البلاد.. مع ذلك فقد ازداد ثراء تجار الأسلحة في الولايات المتحدة. فبعد توثيق شظايا القنابل بواسطة "هيومن رايتس ووتش" وصحفيين بمساعدة أهالي القرية، توصل خبير ذخائر لدى "هيومن رايتس ووتش" إلى أن القنابل كانت من نوع (MK-84s) التي تزن 2,000 رطل (حوالى 910 كيلوجرامات)، من صناعة شركة "جنرال ديناميكس" التي يقع مقرها في فولز تشيرش في ولاية فرجينيا، وهي سادس أعلى شركات تصنيع الأسلحة ربحاً في العالم. واستخدمت إحدى القنابل مجموعة من أجهزة التوجيه عبر الأقمار الصناعية من شركة "بوينج" التي تتخذ من شيكاغو مقراً لها، وهي ثاني أكبر شركة أسلحة في العالم. وكان للقنبلة الأخرى نظام التوجيه "بيفواي" (رصف الطريق)، وهو نظام تنتجه شركتان، الأولى شركة "ريثيون" من مدينة وولثام (ماساتشوستس)، ثالث أكبر شركة أسلحة في العالم، والأخرى "لوكهيد مارتن" من مدينة بيثيسدا (ماريلاند)، أكبر شركة مقاولة للأسلحة في العالم. ووجدت "إن ذيس تايمز" في تحليل لها أنه وفي العقد الماضي مررت وزارة الخارجية عقوداً عسكرية سعودية بما لا يقل عن 30,1 مليار دولار، كلها مع هذه الشركات الأربع.
لقد كانت الحرب في اليمن مربحة بشكل خاص لـ"جنرال ديناميكس" و"بوينج" "وريثيون"، والتي تلقت مئات ملايين الدولارات، من صفقات أسلحة سعودية. وأكدت الشركات الثلاث الأعمال التجارية مع السعودية في تقاريرها للمساهمين في الشركة. ومنذ اندلاع الحرب في مارس 2015، ارتفع سعر السهم في "جنرال ديناميكس" من حوالى 135 دولارًا إلى 169 دولارًا للسهم، وارتفع في "رايثيون" من حوالى 108 دولارات إلى أكثر من 180 دولارًا، أما "بوينغ" فقد ارتفع من حوالى 150 دولارًا إلى 360 دولاراً.
ورفضت شركة "لوكهيد مارتن" التعليق على هذه القصة. وقال متحدث باسم شركة "بوينج": "إن الشركة تتبع توجيهات من حكومة الولايات المتحدة"، في حين كان رد شركة "ريثيون": "ستحتاجون الاتصال بالحكومة الأمريكية". أما شركة "جنرال ديناميكس" فلم ترد على الاستفسارات. كذلك رفضت وزارة الخارجية التعليق.. إن متعاقدي الأسلحة على حق في نقطة واحدة: إنهم يعملون جنبًا إلى جنب مع وزارة الخارجية. فالقانون يلزم مكتب الشؤون السياسية العسكرية بالوزارة بالموافقة على أي مبيعات أسلحة من قبل الشركات الأمريكية للحكومات الأجنبية. لكنه يحظر المبيعات إلى الدول التي تقتل المدنيين بشكل عشوائي، وهذا ما قام به التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن بقصفه مستبأ والعديد من الحالات الموثقة. لكن إنهاء المبيعات للسعودية سيفقد صناعة الأسلحة الأمريكية أكبر زبون عالمي لها، وسيتعين على الكونغرس، إن أراد إنهاءها، أن يقف أمام صناعة تغرق حملات انتخابات المشرعين من كلا الطرفين بملايين الدولارات.
...يتبع.

 صحيفة "إن ذيس تايمز"  
 20 مايو 2015