ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين -

مايكل بيرلي
لقد رسم سفاح السعودية البربري قاتل جمال خاشقجي -الكاتب المعارض الذي تم خنقه ثم تقطيعه إلى قطع صغيرة في قنصلية بلاده في تركيا- وصمة عار بحق لم يسبق لها مثيل في العالم.
لا تزال الأعمال العسكرية التي تقوم بها المملكة في جارتها اليمن، تثير كماً بسيطاً من السخط والانتقادات، برغم موجة الموت التي تكتسح البلاد والدمار والمجاعة التي تسببت فيها.
وتقدير الكارثة التي تبتلع اليمن حالياً لا يمكن أن يكون مبالغاً فيه على الإطلاق.
فقد قتل 60.000 شخص جراء المعارك العنيفة بين قوات الحكومة المدعومة من السعودية والإمارات، والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وقد نزح 3 ملايين يمني داخل البلاد، وثلاثة أرباع منهم ممن ينتمون إلى فئة الشباب يعتمدون على المساعدات الدولية.
وإذا لم تصلهم تلك المساعدات فسوف يموتون، بسبب أن النظام الأولي للرعاية الصحية في هذه الدولة قد انهار فعلاً.
كما أن لبريطانيا دوراً كبيراً في ذلك الدمار الهائل.
فنحن نقوم بتزويد الطرف السعودي بالطائرات والقنابل والمستشارين العسكريين والقوات الخاصة. وهذا أمر آخر نفضل تجاهله.
لقد بدأت الحرب بفضل رجل مصاب بجنون العظمة -ولي العهد الأمير محمد بن سلمان القائد السعودي المستبد الذي لاقى لوماً على نطاق واسع لأمره بقتل خاشقجي.
وهو بكل تأكيد حليف فريد من نوعه للغرب.
ولأنه كان حريصاً على ترك بصمة له، اعتقد محمد بن سلمان بأنه ربما يتمكن من تحقيق نصر دعائي من خلال قمع الشيعة الحوثيين الذين طردوا حليفه الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ومع ذلك لم يتحقق هذا النصر بهذه السهولة التي كان يعتقدها، بالرغم من أن السعودية تتحكم برابع أضخم ميزانية دفاع في العالم، والتي تبلغ 62 مليار جنيه استرليني.
وفي واقع الأمر، إن السعوديين عديمو الفائدة على ساحات القتال، وهذا ما يوضح سبب استجلاب قوات من باكستان والسودان، وكذلك مرتزقة من كولومبيا والولايات المتحدة.
وهذا ما يوضح أيضاً سبب اعتمادهم بشكل أساسي على شن حملات قصف وحشية بالقنابل باستخدام مقاتلات تورنيدو وتايفون وإف-15 التي تزودهم بها الولايات المتحدة وبريطانيا.
ولا تستطيع طائرات تورنيدو وتايفون التحليق بدون مشاركتنا؛ حيث أن أنظمة «بي إيه إي» التي مقرها في بريطانيا، تقوم بتشغيل ما يقارب 6000 عامل في المملكة، بينما يحصل الأمريكان مقابل تزويدهم المقاتلات السعودية بالوقود جواً على 331 مليون دولار عند عودتهم في نهاية العام.
وتأتي القنابل التي تسقطها تلك الطائرات من «بي إيه إي»، وبذلك تكون قد أسهمت في توفير مبيعات أسلحة إضافية بقيمة 3.8 مليار جنيه إسترليني من المملكة المتحدة إلى السعودية منذ بدء الحرب.
وتقوم بريطانيا أيضاً بتقديم المزيد من النصائح أو الاستشارات العسكرية المباشرة، حيث يتسلم ضباط سلاح الجو الملكي البريطاني في خلية التخطيط المشترك، مركز إدارة العمليات الجوية، ويساعدون في اختيار الأهداف المناسبة في اليمن.
وهم يزعمون أن وجود خبراتهم تلك يساعد في تجنب إيقاع إصابات جانبية، أي ما يقصد به الضحايا من المدنيين.
لكنهم لم يتجنبوا ذلك في تاريخ 9 أغسطس 2018، عندما أصابت قنبلة حافلة مدرسية في سوق مكتظة بالناس في ضحيان، وأوقعت ما لا يقل عن 40 طفلاً، العديد منهم تحت سن الـ10.
وفي إجمالي لعدد الغارات الجوية التي بلغت 18.500 غارة جوية منذ بدء الحرب، قصف التحالف السعودي المدعوم من بريطانيا والولايات المتحدة، المصانع والمستشفيات والمدارس بشكل عشوائي. ولا أشك أن بعض هذه الغارات الجوية هي جرائم حرب.
أعرب كل من وزيري الخارجية بوريس جونسون وجيريمي هانت، عن أسفهما للكارثة الإنسانية في اليمن، وحقيقةً أن المملكة المتحدة قد قامت بمنح مبلغ 200 مليون جنيه استرليني للمساعدات العاجلة.
وفي الأثناء، يحاول دبلوماسي بريطاني يدعى مارتن غريفيثس، هو المبعوث الرئيسي للأمم المتحدة إلى اليمن، أن يتوسط في تسوية سلام بين الأطراف المتحاربة.
ومع ذلك، تفيد الحقائق المالية المرة بالتالي: أن ثلثي صادرات السلاح البريطاني تذهب إلى الشرق الأوسط العربي، ونصيب الأسد يباع إلى السعودية.
ومن جهة تعتبر هذه المبيعات مهمة لاقتصادنا، ما يعني غض الطرف عن المستبدين السعوديين ونظرائهم في دبي وأبوظبي.
لقد اتخذت ألمانيا القرار الصحيح بمنعها بيع الأسلحة لأي طرف من أطراف الحرب في اليمن، ولا يبدو أن بريطانيا ستحذو حذوها، على الرغم من أن لجنتين تم اختيارهما من قبل مجلس العموم طالبتا الحكومة بفرض حظر للسلاح.
إن الوضع في اليمن مؤسف، وكونها أفقر دولة في الشرق الأوسط، تواجه اليمن حالياً جفافاً متكرراً.
فعاصمتها صنعاء سوف ينفد منها الماء بعد 5 أعوام لاحقة، وهي العاصمة الوحيدة في العالم التي تواجه مثل هذا الخطر الوجودي.
وتوضح الأخبار حول نشاط القوات الخاصة البريطانية في اليمن مع نظرائهم الفرنسيين والأمريكيين، مدى تورطنا العميق في خلق هذه الكارثة، وهذا عار علينا كدولة.
ويُزعم أن قواتنا الخاصة تتواجد هناك لتأمين المناطق وحمايتها من أجل تقديم المساعدات، لكن هذا ليس إلا تغطية لأفعالهم المشينة.
واليمن غير آمنة بالتحديد بسبب الكم الهائل من القنابل المتساقطة عليها، والتي تزود بها بريطانيا الطيارين السعوديين والإماراتيين.
وليست المشكلة أن سياسة الحكومة البريطانية تجاه اليمن منافقة فحسب، بل هي أيضاً سياسة لا يمكن إلغاؤها، وتعتبر وصمة عار على جبين الأمة.

صحيفة ديلي ميل 
الأحد 24 مارس 2019