ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين-

تعتبر الحرب المستمرة منذ 4 أعوام في اليمن طائر القطرس الغالي بالنسبة للسعودية. والمملكة غارقة في مستنقع يضر بسمعة البلاد. والحرب الآن تجعل الكونغرس الأمريكي ووسائل الإعلام ينفرون من القيادة السعودية، وتأتي بعواقب وخيمة محتملة على مستقبل العلاقات الأمريكية السعودية على المدى الطويل. 
تدخلت السعودية في الصراع بين الإدارة المنتخبة للرئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيين قبل أربع سنوات من هذا الشهر. ولم تتغير خطوط المعركة كثيراً في السنوات الثلاث الأخيرة بعد سيطرة التحالف بقيادة السعودية على معظم جنوب اليمن. وعلى الرغم من التقنية الكبيرة التي تفردوا بها في الجو، والمليارات التي ينفقونها على جيوشهم، لم يتمكن السعوديون وحلفاؤهم من طرد المتمردين من معاقلهم في الشمال أو حتى التقدم إلى صنعاء. وسلاح الجو الملكي السعودي متهم بالقصف المتكرر لأهداف مدنية وجرائم حرب. 
وفي أجزاء من الجنوب، سيطر السعوديون سيطرة قوية إلى حد ما، كما هو الحال في محافظة المهرة على طول الحدود العُمانية، حيث يشاع أنهم يفكرون في بناء خط أنابيب للنفط إلى المحيط الهندي. ولقد جلب السعوديون هناك رجال الدين الوهابيين. وفي مناطق أخرى، مثل عدن، اتخذ السعوديون مقعداً خلفياً وراء أبوظبي، التي بنت شبكة من الميليشيات المحلية أكثر ولاءً لها من الولاء لهادي. 
ويعيش هادي في الوقت الحالي وضعاً صحياً سيئاً ويقضي معظم وقته في الرياض وينظر إليه من قبل الكثيرين على أنه غير مؤثر. ولا تمارس حكومة هادي سوى تأثير ضئيل على الأرض، وتحديداً في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف. 
في ديسمبر الماضي، تفاوضت الأمم المتحدة حول اتفاق في ستوكهولم لمحاولة بدء عملية لتهدئة الحرب، بدءاً بوقف إطلاق النار في ميناء الحديدة الشمالي. ويعد الميناء المدخل الرئيسي لـ70 % من المواد الغذائية والأدوية للبلد. 
ووفقاً للأمم المتحدة، يحتاج 80 % من سكان اليمن البالغ عددهم 24 مليون نسمة إلى المساعدة الإنسانية، و10 ملايين منهم على حافة المجاعة. بموجب اتفاق ستوكهولم، كان وقف إطلاق النار في الحديدة يفيد بانسحاب الحوثيين من الميناء. وكان هذا الاتفاق غامضاً ومبهماً بشأن من سيتولى المسؤولية. ولا تزال الأمم المتحدة تضغط من أجل الانسحاب، بدءاً من اثنين من الموانئ الصغيرة القريبة. 
إلا أن الحوثيين لم يتزحزحوا شبراً واحداً. وتقول قيادتهم إنهم لن يسلموا الموانئ لتكون تحت سيطرة التحالف. وبدلاً من ذلك، كرر الحوثيون تهديدهم بمهاجمة الرياض وأبوظبي بالصواريخ. وقد قدم الإيرانيون التكنولوجيا لصواريخ الحوثيين. بالإضافة إلى الصواريخ بعيدة المدى، يطلق الحوثيون صواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون وطائرات بدون طيار عبر الحدود السعودية. وقالت الرياض هذا الأسبوع إن أكثر من 70 ألف قذيفة ضربت المملكة في السنوات الأربع الماضية. 
صور الحوثيون أنفسهم على أنهم المدافعون عن الحقوق الوطنية اليمنية ضد التدخل الأجنبي بقيادة السعودية العدو القديم، والذي استحوذ على أجزاء من الأراضي اليمنية منذ الثلاثينيات. ولقد أثبت السعوديون عدم كفاءتهم في حرب الدعاية كما هم غير أكفاء في ساحة المعركة. 
لكن يملك السعوديون دعماً أمريكياً -على الأقل- من إدارة دونالد ترامب. لقد وقف البيت الأبيض وراء حرب السعوديين وخاصة قائدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. على الرغم من التقارير التي تفيد بأنه كان يستخدم فرقة ناجحة لتصفية أعدائه لسنوات، بما في ذلك جمال خاشقجي، فإن إدارة ترامب هي التي تقف وراء ولي العهد، حيث تقدم الإدارة دعماً دبلوماسياً مهماً له، والأهم من ذلك، الإمداد الكبير بقطع الغيار والذخيرة والتكنولوجيا للقوات الجوية السعودية. 
واشتدت خطابات وسائل الإعلام الأمريكية والكثير من أعضاء الكونغرس على المملكة وولي عهدها. وكان من بين أقسى النقاد السعوديين عضوتا مجلس الشيوخ من المسلمين الجدد: رشيدة طالب وإلهان عمر، اللتان تعرضتا لهجوم حاد من قبل الإعلام السعودي. ووصفت عمر الحرب السعودية بأنها "جريمة ضد الإنسانية" وقالت إنه يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن المشاركة في جرائم الحرب. وينوي الكونغرس تمرير تشريع يقلص الدعم الأمريكي للحرب السعودية، بيد أنه يفتقر إلى الأصوات الكافية لتجاوز حق النقض (الذي سيستخدمه ترامب). ومع ذلك، فإن رمزية "التل" (التل أو هِل بالإنجليزية كناية عن الكونغرس الأمريكي) المعارضة للحرب كبيرة وينبغي أن تكون بمثابة دعوة للاستيقاظ في الرياض. 
وكما ذكرت "المونيتور"، فإن المزيد من الديمقراطيين يخرجون أيضاً بغرض الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران إذا فازوا في عام 2020. وسيكون ذلك توبيخاً عنيفاً للسعوديين. وكان ولي العهد قد جعل من معارضة سياسات إيران في المنطقة حجر الزاوية الأساس للسياسة الخارجية السعودية بالتنسيق الوثيق مع إدارة ترامب. 
لقد سعى السعوديون بشكل تقليدي إلى ضمان دعم الحزبين لعلاقاتهم مع واشنطن وتشجيع وسائل الإعلام الودية. حتى في الأيام التي تلت هجمات 11 سبتمبر، عمل السعوديون على الحفاظ على العلاقات مع كل من الديمقراطيين والجمهوريين. 
والمسار الحكيم هو أن يضغط السعوديون من جانب واحد لإنهاء الحرب في اليمن وتخفيف الأزمة الإنسانية بسرعة. 
لا يستطيع ولي العهد إزالة وصمة قتل خاشقجي على الإطلاق، لكن يمكنه اتخاذ خطوات لإلغاء الحرب بشكل كبير. إن الوقف التام للغارات الجوية، أو حتى وقف إطلاق النار التام من جانب واحد دون شروط من شأنه أن يساعد في عزل الحوثيين وتخفيف الضغط على "التل" وربما يبدأ في تغيير صورة المملكة. إلا أنها قد لا تحصل على مساعدة الإدارة. 


(*) بروس ريدل كاتب عمود في جريدة "نبض الخليج" في "المونيتور". وهو مدير مشروع الاستخبارات في معهد بروكينغز. وأحدث مؤلفاته كتاب بعنوان "الملوك والرؤساء: المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة منذ روزفلت". 
موقع "المونيتور" الإخباري، 21 مارس 2019.