توماس بروستر
في يوم الجمعة، أقدم رجل على قتل 49 شخصاً في كرايستشيرش، نيوزيلندا. حيث قام باستهداف المسلمين في مسجدين في المدينة في ما اعتبر هجوماً إرهابياً، وشكل أحد أعمال العنف المريعة التي لم تشهد الدولة لها مثيلاً. 
قبل وقت قصير من الهجوم، في ما يبدو أنه منشورات لمطلق النار المزعوم، كان قد تمت مشاركة بث مباشر لعملية القتل على القناة الثامنة. ولاحقاً حاولت قنوات مواقع التواصل الاجتماعي جاهدة لإزالة تلك النسخ من ذلك البث، بينما انتشر "بيانه" المكون من 74 صفحة أيضاً من القناة الثامنة من خلال "إعجابات" مشتركي فيسبوك وتويتر.. عرفت القناة الثامنة منذ زمن طويل كملاذ للمتطرفين والفكر اليميني المتطرف، وكنسخة أكثر ذكاءً من القناة الرابعة الجامحة الموجودة سابقاً، أثارت الساحة الجدلية لهذه القناة الثامنة الجدل في الماضي. وعلى سبيل المثال، في عام 2015 بدأ مستخدمو موقع هامش حملة لمقاطعة حرب النجوم لوجود قادة سود ونساء فيها. وفي نفس العام ظهرت الصور الإباحية للأطفال على القناة الثامنة، مما دفع موقع جوجل إلى إزالتها. ولازالت القنوات التي يبدو أنها تروج لمواد متعلقة بانتهاك الطفولة، حاضرة على الموقع اليوم. 
إذا كان إرهابي نيوزيلاندا قد تأسس بالفعل في القناة الثامنة، وإذا كان هناك فعلاً هذه الوفرة من المواد المروعة في بيان هذا الإرهابي، إذن ما الذي يجب فعله لمكافحة التطرف والأنشطة الخارجة عن القانون الموجودة على الموقع؟ هل يجب إزالتها نهائياً؟

كلاود فلير: لا يوجد موقف من القناة الثامنة
شركة واحدة ساعدت في إبقاء الموقع آمناً وسهل الدخول، هي البنية الأساسية لشبكة الإنترنت والأمن في الولايات المتحدة الأمريكية "كلاود فلير". تجعل تقنياتها مواقع الويب تعمل بشكل أسرع، وتقوم بحمايتها من هجمات رفض الخدمة الموزعة، حيث تغمر خوادم الويب بالحركة. وقد التزمت كلاود فلير بسياستها المتمثلة في السماح لأي شخص كان بالاستمتاع بخدماتها بغض النظر عن مدى تطرف الموقع. وقد تم انتقادها مراراً وتكراراً بسبب نهجها ذي "المحتوى المحايد". في ديسمبر تعرضت لإطلاق النار بسبب حمايتها لمواقع الويب التابعة للجماعات المصنفة كتنظيمات إرهابية، بما فيها تنظيمي "الشباب المجاهدين" و"طالبان". 
لكن الرئيس التنفيذي لشركة كلاود فلير، ماتيو برينس، وضع استثناءً واحداً: خلال أعمال الشغب في العام 2017 التي حدثت في تشارلوتس فيل، تم التخلص من ستورمر ديلي بعد ادعائها أن كلاود فلير قد شاركت بشكل سري أيديولوجيتها النازية الجديدة المتطرفة. 
أما القناة الثامنة فلن يتم إنذارها بحذف الموقع حتى إذا كان من السهل اليوم العثور على مستخدمين يحرضون على العنف أو روابط تشجع على استغلال الطفل. دافعت أليسا ستارزاك، مديرة سياسة كلاود فلير، عن إجراءات الخدمات في شركتها، قائلة بأن رفع الدعم عن القناة الثامنة لن يمحوها من الإنترنت. وأوضحت ستارزاك لـ"فوربس" أن هذا مثل قطع مزود بالكهرباء عن إرهابي أو منعه من شراء مواد من البقالة، فقطع كلاود فلير للقناة لن يؤثر سوى بشيء بسيط للتعامل مع المشكلة. 
وأضافت: "إنهم مديرو موقع الويب من يتواجدون لإزالة ذاك المحتوى، وليس كلاود فلير". وأوضحت: "نحن لسنا إلا فيديكس إنترنت (نقل فيدرالي سريع)، وهي شركة للشحن والخدمات اللوجستية والبريد السريع، نوصل الرسائل ولا نطلع على محتوى الصناديق". . إذا سحبت كلاود فلير القابس بالفعل، سيكون من السهل معرفة الجهة المضيفة للموقع، ومن منطلق كونه أكثر سهولة للحكومات بأن تطالب بانسحاب المضيف من الموقع. كما سيكون من الأسهل أيضاً على أي شخص يرغب في مخالفة القانون وتنفيذ هجوم رفض الخدمات الموزعة، أن يوقف المنتدى في وضع عدم الاتصال. 
حاولت "فوربس" الاتصال بمؤسس القناة الثامنة وبمدرائها، لكن لم تحصل على أية استجابة. 
إذن ماذا يجب أن نعمل بشأن القناة الثامنة؟
يقوم باتريك بوغ، وهو محلل الأمن المادي في فلاش بوينت، بتحليل مواقع مثل القناة الثامنة، حيث تبرز مواضيع التطرف. يقول بوغ إن قوانين حرية التعبير تمنع تدخل الحكومة، لكن المنصات التي يمكن الوصول إليها بسهولة ليست مقيدة. ولهذا السبب يمكنهم المساعدة في دفع المتطرفين تحت الأرض عن طريق إزالة محتوياتهم وتجريدهم من الاستضافة الموثوقة من الناحية التكنولوجية. 
بوغ أخبر "فوربس": "رغم أن هذا قد يجعل من الصعب على المحققين اكتشافه، إلا أنه سيجعل من الصعب أيضاً أن يجدوا أشخاصاً عرضة للتأثر بالأصولية والتطرف". وأضاف: "النقاش حول "خونة" و"غزاة" والحاجة إلى فعل شيء في الحياة الواقعية، هي كلمات السر للمحققين الذين يحاولون إيجاد إبرة معينة، وليس في كومة قش، ولكن في كومة من الإبر". 
وبخصوص ما يجب فعله في المواقع الهامشية التي تحرض على الرؤية المتطرفة، لم يكن لدى ستارزاك من كلاود فلير أية إجابات على ذلك، أضافت: ما هو مطلوب الآن هو دفعة كبيرة في السياسة العامة، حيث يسمح لاعبون من بين الحكومات الوطنية والشركات الخاصة لمثل تلك المواقع أن تتواجد. 
وحتى الآن لم يعطِ أي واحد إجابة مناسبة للسؤال الصعب: كيف يمكنك تنظيف الإنترنت من الكلمات الخطيرة التي تشجع على أفعال الشيطان؟
*  فوربس (شركة نشر ووسائل إعلام أمريكية) الجمعة 15 مارس 2019